يسجل كتاب «مهندسو الجهاد: العلاقة بين التطرف العنيف والتعليم»، ملاحظة غريبة، وهي كثرة أعداد المهندسين المنضمين تحت لواء الجماعات المتطرفة، من خلال بحث علاقة تخصص «الهندسة» بالانضمام للجماعات سواء في البلدان الإسلامية أو الغرب، لوضع تفسير منطقي لما يمكن تسميته «ظاهرة تطرف المهندسين».
sss
«مهندسو الجهاد».. لماذا ينضم صفوة المتعلمين للجماعات المتطرفة؟
يقول مؤلفا الكتاب دييجو جامبيتا، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأوروبية بمدينة فلورنسا، وستيفن هيرتوج، الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية،إن ثمة مؤشرات قوية على وجود «علاقة من نوع ما» بين التطرف ودراسة الهندسة بشكل خاص، وهي العلاقة التي لا تقتصر على الوقت الراهن فحسب، ويُلاحظ هذا العدد الكبير من المهندسين بين صفوف تنظيم «داعش»، ولكن الأمر يمتد إلى عقود مضت.
اقرأ الكتاب الأول: الإرهاب والتطرف في أوروبا.. الأسباب والمعالجات
ويضرب المؤلفان في الكتاب الصادر مارس عام 2016، أمثلة عديدة على تلك العلاقة الغامضة بين الهندسة والتطرف، منها أن من بين مُنفذي هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة التسعة عشر، كان هناك ثمانية مهندسين.
“وقادالمهندس شكري مصطفى، مجموعة متطرفة تسمى «جماعة التكفير والهجرة» في مصر، خلال سبعينيات القرن الماضي”.
ويعتمد الكتاب بشكل أساسي على دراسة أجراها المؤلفان بشأن «العلاقة بين التطرف والتعليم» وخاصةً تخصص الهندسة، على عينة مكونة من 497 شخصًا من المنتمين للجماعات المتطرفة، فضلًا عن مسح شامل لكافة الصحف العربية الصادرة خلال الفترة من 2004 إلى 2010
ويعتمد الكتاب أيضًا على ما جاء فيما يسمى وثيقة «تحصين العقل»، الصادرة عن المجلس الثقافي البريطاني عام 2007، والتي جاء فيها أن «الارتباط بين التخصصات العلمية والطريق للتطرف ظل لغزًا شغل الكثيرون خاصةً أن ما يقرب من نصف الإرهابيين «48%» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تعليم عالٍ، 44% منهم درس الهندسة».
اقرأ الكتاب الثاني:«حقول الدم: الدين وتاريخ العنف».. هل اخترعت أوروبا الإرهاب؟
وأظهرت الدراسة التي أجراها المؤلفان، اعتمادًا على بيانات للمؤهلات العلمية لـ 335 شخصًا من إجمالي عينة الدراسة، غالبيتهم أكملوا تعليمهم العالي وعددهم يصل لـ231 شخصًا، منهم 93 شخصًا تخصصوا في الهندسة، بينما 38 شخصا تخصصوا في الدراسات الإسلامية، 21 شخصا تخصصوا في الطب و12 في الاقتصاد، و8 في الرياضيات والعلوم، و5 في القانون، والبقيّة من تخصصات أخرى.
اقرأ الكتاب الثالث: المال الأسود: التاريخ الخفي لأثرياء دعموا صعود اليمين المتطرف
وينوه الكتاب إلى أن العلاقة بين التطرف ودراسة الهندسة ظهرت في الغرب كذلك، حيث تم اختيار عينة من (344) من المتطرفين «الجهاديين» الذين ولدوا ونشأوا في الولايات المتحدة، ثم المملكة المتحدة، وإسبانيا، وفرنسا، على الترتيب كأكثر الدول التي تُمثَّل فيها هذه العينة، وتورطوا في أعمال متطرفة. وكشفت النتائج التي عرضتها الدراسة أن من بين الـ93 مهندسا الذين اعتنقوا التطرف، منهم 38 قيادات في الجماعات المتطرفة أي بنسبة 41% من المهندسين الذين شملتهم الدراسة.
اقرأ الكتاب الرابع: دراسة أممية: الفقر سبب التطرف في أفريقيا.. لا الإسلام
ويرجع الكاتبان ذلك إلى «حالة الإحباط» الفردي أو الجماعي التي يُمنى بها خريجو كليات الهندسة في كثير من الدول الإسلامية، حيث إن المهندس في معظم الدول يبدأ مشواره – قبل الدراسة- بطموحات وآمال كبار، بسبب الهالة الضخمة التي تحيط بمجال الهندسة، واعتبار المهندسين ضمن الصفوة الاجتماعية، ثم يصطدم بواقع مرير، فلا يجد وظيفة مناسبة ولا يتاح له المجال للتطوير، وذلك بسبب فشل بعض الدول في التنمية الاقتصادية، وعدم توفر فرص لأولئك المهندسين إلا في خارج دولهم.
اقرأ الكتاب الخامس: الجهاد الفرنسي: الضواحي، سوريا، باريس، السجون
ويشير المؤلفان إلى أن اجتماع هذين العاملين (الطموح ثم الصدمة) قد يكون أحد شرارات التطرف. لا يجد هؤلاء الخريجون فرصة لتحقيق أحلامهم في الحصول على وظائف جيدة، أي أن تتابع عاملي «الطموح والصدمة» قد يؤدي إلى انتشار التطرف الراديكالي لدى خريجي تخصص الهندسة، الذين يفضل بعضهم أن يكونوا أداة للهدم، بدل أن يكونوا أداة بناء.
اقرأ الكتاب السادس: «السلطة السوداء: الدولة الإسلامية واستراتيجيو الإرهاب»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: «مهندسو الجهاد: العلاقة بين التطرف العنيف والتعليم»
المؤلف: دييجو جامبيتا، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأوروبية بمدينة فلورنسا.
ستيفن هيرتوج، الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.