ترتفع يومًا بعد يوم أسهم “جو بايدن”، مرشح الحزب الديمقراطي، للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، المقرر إجراؤها في الثالث من نوفمبر القادم، يخسر منافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب أسهمًا جديدة كل يوم في بورصة الانتخابات، حيث يفعل وباء كورونا المتفشي في البلاد على نطاق واسع فعله السياسي، ويُعلي من حظوظ “الديمقراطيين” على حساب الحزب “الجمهوري”، حزب الرئيس، بسبب اتهام إدارة ترامب بالتراخي في التعاطي مع الجائحة، فضلًا عن التدهور الحاصل في الاقتصاد الأمريكي، والذي يشبهه بعض المراقبين بـ “الكساد العظيم” في ثلاثينيات القرن الماضي.
sss
وبدأت سياسات الإدارة الأمريكية في التعاطي مع الفيروس تلقي بظلالها على السباق الانتخابي التشريعي، وأعرب عدد من مرشحي الحزب “الجمهوري” عن تخوفهم من أن يؤدي تأخر إدارة ترامب في مواجهة الجائحة، إلى خساراتهم مقاعدهم في الانتخابات المقبلة، ويتخوف هؤلاء من أن يؤدي تعامل الرئيس وتصريحاته الاستفزازية حيال الفيروس، إلى خسارة “الجمهوريين” أغلبيتهم الحالية في مجلس الشيوخ.
اقرأ أيضًا: إخوان أمريكا يتحالفون مع تركيا وإيران ضد ترامب.. اتحاد الإخوة الأعداء
وأظهرت استطلاعات الرأي أن الناخبين بدأوا بالفعل في دعم المرشحين الديمقراطيين، حتى في الولايات المؤيدة تقليديا للجمهوريين، وكان آخرها استطلاع أجرته ثلاث جامعات أمريكية كبرى هي «هارفارد» و«نورث إيسترن» و«روتغرز»، في الولايات الخمسين.
وكتب دونالد ترامب سلسلة تغريدات عبر تويتر “هذا استطلاع كاذب كما حصل في 2016 (وأسوأ بعد)”.
وانشق عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن الإدارة مؤخرًا، وانتقدوا ردها فيما يتعلق بنقص الفحوص المخبرية للكشف عن الفيروس، حيث قال السيناتور الجمهوري البارز لامار ألكسندر: «نحن لسنا مستعدين بالمستوى المطلوب»، فيما قال السيناتور الديمقراطي ميت رومني: «هناك بطء في إجراء الفحوص، وهذا أمر واضح. هذه مشكلة ضخمة، وكان يجب أن نتوقع حدوثها في وقت مبكر».
خطاب إلى الأمة
في منتصف أبريل الماضي، أعلن الرئيس السابق باراك أوباما عن دعمه بايدن، نائبه السابق، عبر مقطع فيديو نشره على موقع “تويتر” مدته 12 دقيقة و21 ثانية، وحقق المقطع 5.4 مليون مشاهدة داخل الولايات المتحدة خلال ساعات. وتضاعفت أهمية فيديو أوباما كخطاب “موجه إلى الأمة”، كونه لمسة خطابية رئاسية تقدم الراحة لملايين الأميركيين المتأثرين بفيروس كورونا.
قال الرئيس السابق: “أعتقد أن جو (بادين) يمتلك الصفات التي نحتاج إليها الآن”، مشيدًا بمثابرته وشغفه، ومعتبر أنه سيكون مرشحًا أفضل بعد معركة الانتخابات التمهيدية والمجالس الانتخابية.
باراك أوباما: أعتقد أن جو (بادين) يمتلك الصفات التي نحتاج إليها الآن
وشكّل دعم أوباما الذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الديمقراطيين، دفعة قوية لـ”بايدن”، الذي بات يتعين عليه لم شمل الحزب الديمقراطي، بعد انسحاب خصمه برني ساندرز من المنافسة للإطاحة بدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وظل بايدن على مدار ثمانية أعوام، بمثابة “الذراع اليمنى” لباراك أوباما في البيت الأبيض (2009 – 2017)، بعد أن شغل منصب نائب الرئيس خلال هذه الفترة، ودأب “أوباما” على التذكير خلال حملته الانتخابية بالعلاقات الطيبة بينهما، وهي نقطة قوة أساسية لاستمالة الناخبين الديمقراطيين، وكسب دعم الرأي العام الأمريكي الذي يعرب عن سخطه من عدم نجاعة التدابير الصحية والاقتصادية التي اتخذتها إدارة ترامب، حيال أزمة وباء كورونا، واستخفت هذه الإدارة بمستويات الفقر التي وصل إليها ملايين الأمريكيين.
يرى المحلل السياسي الجزائري ضيف حمزة ضيف، أن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي الجائحة، تقلل من فرص نجاح “ترامب” في الانتخابات المقبلة، وترفع من حظوظ المرشح الديمقراطي “بايدن”، مشيرًا إلى أن الفيروس يلقي بظلاله الثقيلة على الولايات المتحدة، فقد قاربت نسبة المسرّحين من العمل 10% من حجم القوّة العاملة في البلاد، ومن المتوقع أن تصل إلى 20% خلال الأسابيع القادمة، ما يشي بوضعٍ داخلي صعبٍ واحتقانٍ أهلي متوقع.
ويشير “ضيف” إلى ما عمق جراح الأزمة السياسية الاقتصادية الأمريكية أكثر، هو أن دونالد ترامب ماطل 70 يومًا من تاريخ تلقيه بيانات تفيد بخطورة الوضع وبين الشروع في خطة عاجلة لتقليص الخسائر الناجمة عن انتشار الجائحة، فمنذ عام 1936 لم يحدث هذا النوع الحاد من “التخبط العام” في كل الولايات الأمريكية.
ويرى المراقبون أن بايدن بات الآن يستمد قوته داخليًا من عدة عوامل، في صدارتها الانكشاف السياسي الخطير، الذي يعاني منه ترامب جرّاء مضاعفات تفشي وباء كورونا، ومعاناة الولايات المتحدة من تفاقم عدد الإصابات ونسب الوفيات.
يُضاف إلى ذلك، برأي المراقبين، عدم امتلاك ترامب أي تصور أو خطة مستقبلية لمواجهة التداعيات المحتملة لتصاعد ضحايا الوباء إلى أرقام قياسية، وهو ما بدأ يحدث بالفعل، باستثناء فرض الإغلاق العام ثم التراجع عنه تحت الضغوط الاقتصادية، في حين تمكن بايدن من التخطيط لكل ما ينجم عن هذا الوباء مستقبلًا.
لماذا يدعم “الإخوان” بايدن؟
شكّل مجيء ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض عام 2016، مأزقًا حقيقيًا لجماعات الإسلام السياسي في العالم العربي عمومًا، ولجماعة “الإخوان” بشكل خاص، حيث اعتبر ترامب الذي أيدته تنظيمات اليمين المتطرف، دائمًا، أن جماعات “الإسلام السياسي” وعلى رأسها “الإخوان”، ساعدت في نشر الفوضى والإرهاب وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بدعمها ومساندتها لإسقاط أنظمة الحكم في بعض دول هذه المنطقة، وما رافق ذلك من صعود وتنامي لنشاط الجماعات المتشددة مثل “القاعدة وداعش” في الشرق الأوسط والعالم أجمع.
ويعتبر بعض المحللين أن العلاقات الاستراتيجية والعسكرية شديدة الأهمية للولايات المتحدة، مع أهم طرفين داعمين للإخوان المسلمين إقليميًا، وهما تركيا العضو في حلف “الناتو”، وقطر التي تستضيف على أراضيها القيادة المركزية الأمريكية، والتي تعد أهم ذراع عسكري للولايات المتحدة في المنطقة، ربما شكلت عقبة مهمة أمام قدرة ترامب على المضي في خطته المعلنة لتصنيف “الإخوان” كتنظيم إرهابي دولي.
«ميدل إيست آي»: جماعة “إيمجايج Emgage”، المحسوبة على “الإخوان” في الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت رسميًا عن تأييدها حملة بايدن
وكشف موقع «ميدل إيست آي»، في تقريرٍ للكاتب الصحفي علي حرب، عن أن جماعة متطرفة محسوبة على “الإخوان” في الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت رسميًا عن تأييدها حملة بايدن. وذكر التقرير أن جماعة “إيمجايج Emgage“، التي تصنف نفسها على أنها تضم أكبر لجنة عمل انتخابية مسلمة في الولايات المتحدة، وهي جماعة متهمة بتلقي تمويلات مالية كبيرة من الملياردير الأمريكي اليهودي الشهير جورج سوروس، ولها علاقات وثيقة بـ “الإخوان” أعلنت عن تأييدها بايدن بسبب إعلان التزامه بإلغاء “حظر السفر” الذي فرضه الرئيس دونالد ترامب على المسلمين، ولمّ شمل العائلات التي فرقتها إدارته من خلال إصلاح نظام الهجرة في البلاد.
جماعة “إيمجايج” أصبحت مؤسسة رسمية لمؤتمرات الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، والتي تم الكشف عنها في السابق على أنها جزء من شبكة الإخوان، على الرغم من أنها تدعي أنها لم تعد مرتبطة بالجماعة، إلى جانب إعلان تأييدها المنظمات الإرهابية الأخرى.
وتم تقديم “إيمجايج” لأول مرة في مؤتمر ISNA لعام 2018 برعاية لجنة “تنظيم المشاركة في عصر الكراهية”، واجتذب المؤتمر الكثير من السياسيين الأمريكيين، بمن فيهم المرشح الديمقراطي المنسحب للانتخابات التمهيدية، بيرني ساندرز، والمرشحة الرئاسية السابقة جوليان كاسترو، والنائبة في الكونجرس رشيدة طالب.