أثار قانون صدر في المغرب، متعلق باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومنصات البث المفتوح والشبكات المماثلة، حالة من الجدل بين أوساط السياسيين والنشطاء، بسب ما تضمنه من عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية، مع تجريمه ولأول مرة لدعوات مقاطعة المنتجات والبضائع، أو التشكيك في جودتها أو سلامتها، وكذا الدعوة لسحب الأموال من مؤسسات الائتمان.
sss
- ومنذ إعلان الحكومة المغربية المصادقة في 19 مارس الماضي، على مشروع القانون رقم 22.20، الذي قدمه وزير العدل؛ ويشهد الشارع المغربي، حالة من الغضب، إلى درجة وصف القانون بأنه “تكميم لأفواه المغاربة”.
وفقا لما أعلنه، مسئولون رسميون فإن الحكومة المغربية قررت، أمس الجمعة، إدخال تعديلات وصفتها بـ”المهمة” على مشروع القانون المتعلق بتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح، المصادق عليه من طرفها في المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 مارس الماضي، والذي خلف غضبًا عارمًا وسط المغاربة، وسط أنباء عن اتجاه الحكومة إلى تأجيل إحالة مشروع القانون على المصادقة البرلمانية، رغم إعلان ذلك من قبل وزير العدل محمد بنعبد القادر في وقت سابق.
الغرامة والحبس
وتنص المادة الـ14 من مشروع القانون المذكور على أن كل من قام عمدًا بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات والبضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك، عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح، يعاقَب بالحبس من 6 أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50000 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
سقطت مع ضحايا الوباء.. حرية المعلومات تنازع”الموت ” في أوروبا
العقوبة نفسها ستطال أيضا، حسب ما جاء في المادة الـ 15 من نص المشروع، من قام عمدا بحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها؛ بينما يعاقَب من بث محتوى إلكترونيا يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدًا وخطرًا على الصحة العامة والأمن البيئي، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20 ألف درهم.
وأطلق نشطاء حملة لرفض القانون وأكدت العريضة المعنونة بـ “قانون 22.20 لن يمر” بأن مشروع القانون يشكل خطورة واضحة على منظومة حقوق الإنسان وعلى حق التعبير كما تتوخى ذلك الوثيقة الدستورية ويتنافى مع المرجعيات الحقوقية الدولية التي صادق عليها المغرب.
العريضة اعتبرت أن ما يتضمنه المشروع من قواعد قانونية فضفاضة يترتب عن خرقها جزاءات حبسية مشددة وغرامات مالية ثقيلة، منبهة من استغلال الحكومة لظروف غير عادية لتمرير قانون ضار بالحقوق الفردية والجماعية وماس بسيادة القانون ودولة المؤسسات.
ملاحظات
وأعلن المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أنه تدارس كلا من عملية نشر ومضمون القانون رقم 20-22 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، والذي صادقت عليه الحكومة في اجتماعها بتاريخ 19 مارس 2020، وخلص إلى تسجيل عدة ملاحظات ومواقف مرتبطة بالموضوع، من أبرزها استغرابه للطريقة التي سربت بها مسودة المشروع، ثم بعد ذلك المشروع نفسه بعد المصادق عليه.
وانتقدت المنظمة في بيان لها، عدم مراعاة الحكومة لظروف اشتغال مجلسي النواب والمستشارين الصعبة حيث تم تقليص الحضور في اجتماعاتهما إلى أدنى تمثيلية؛ وغياب أي استعجال بخصوص المصادقة على مثل هذه القوانين في الوقت الراهن.
وفقا للمنظمة فإن القانون الجنائي بنص على تجريم نفس الأفعال المنصوص عليها في مشروع القانون رقم 20-22، كما أن القضاء أصدر أحكامًا بخصوصها (لقد وقفت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عند العشرات منها في تقريرها السنوي لسنة 2019 الذي ستصدره في الأيام القليلة القادمة).
3 معايير دولية حقوقية للأمم المتحدة في مكافحة “كورونا”
ولاحظت المنظمة أن الحكومة المغربية لم تستوعب دعوات ونداءات المسؤولات والمسؤولين الأمميين بخصوص حقوق الإنسان في ظل محاربة الجائحة حيث جعل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجلس حقوق الإنسان بجنيف هذه الحقوق في قلب تلك المحاربة، كما دعا المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات عند إصداره للمبادئ التوجيهية العشر لمواجهة الجائحة في 14 إبريل الماضي، الى أهمية التدفق الحر للمعلومات وتجنب القوانين التي تجرم “الأخبار الزائفة” بما في ذلك تلك التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، رغم تحذير الأمين العام للأمم المتحدة من خطورة المعلومات المضللة بشأن انتشار الفيروس .
وطالب المكتب التنفيذي للمنظمة بضرورة اخضاع أي مشروع قانون للتشاور العمومي بمشاركة المنظمات الحقوقية وأصحاب المصلحة إذا كان مرتبطا بحقوق الإنسان؛ وإحالة هذه المشاريع على المجلس الوطني لحقوق الإنسان قصد ابداء الرأي؛ وضرورة احترام التزامات المغرب الدولية والمقتضيات الدستورية المرتبطة بحقوق الإنسان؛ ورفضه التام لجميع المقتضيات التي تمس بحرية الرأي والتعبير سحب المشروع إلى أن تستوفى جميع الشروط السابق.