في ظل انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية المناخ Cop 27، والتي تستمر بمدينة شرم الشيخ حتى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. شارك خبراء المناخ في معهد كارنيجي قراءاتهم الموصى بها حول أزمة الاحتباس الحراري، حيث اقترحوا خمسة كتب، تناولت الأزمة بأبعادها وتداعياتها المختلفة.
تتناول المؤلفات الخمسة عدة قضايا، منها تضاؤل الموارد، والتحولات السكانية الهائلة، والكوارث الطبيعية. حيث يمكن لأي من العواقب المتوقعة لتغير المناخ التفاقم سريعا. وكذلك توضيح أن الأرض دخلت عصرًا جديدًا هو “الأنثروبوسين”، والذي يكون فيه للبشر أقوى تأثير على البيئة العالمية.
أيضا، صارت “حروب المناخ “جريئة، لا تتزعزع، وتستند إلى أبحاث مكثفة. وتعتبر دليلًا أساسيًا لمستقبل كوكبنا. مع توضيح أنه “ما لم تنتقل البشرية بسرعة إلى الطاقة المتجددة، فقد يكون الوقت قد فات لوقف الضرر البيئي الذي لا يمكن إصلاحه”.
وبينما جمع أحد المؤلفين جهود كل إدارة أمريكية وكونجرس، لإخفاء أو التقليل من أهمية أو إنكار الأدلة العلمية المتزايدة على حقيقة وتأثيرات كارثة المناخ، مع مضاعفة إدمان الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري. يشير آخر إلى أن “التنصل من هذه المسئولية لا يترك للجيل القادم سوى عبء أثقل، قد يجدون أنه من المستحيل تحمله”.
حروب المناخ: الكفاح من أجل البقاء مع ارتفاع درجة حرارة العالم
مؤلف الكتاب جوين داير عمل كصحفي مستقل وكاتب عمود ومؤلف ومذيع ومحاضر في الشؤون الدولية لأكثر من 20 عامًا. خدم داير في القوات البحرية الكندية والبريطانية والأمريكية. حاصل على درجة الدكتوراه في دراسات الحرب من جامعة لندن، وتنشر 175 صحيفة في حوالي 45 دولة عموده الذي ينشر مرتين أسبوعيا عن الشؤون الدولية ويتم ترجمته إلى أكثر من 12 لغة.
يتناول الكتاب تضاؤل الموارد، والتحولات السكانية الهائلة، والكوارث الطبيعية. حيث يمكن لأي من العواقب المتوقعة لتغير المناخ -كما يجادل جوين داير- أن تدفع العالم نحو الفوضى والصراع.
يرى المؤلف أن حروب المناخ “جريئة، لا تتزعزع، وتستند إلى أبحاث مكثفة”. وتعتبر حروب المناخ دليلًا أساسيًا لمستقبل كوكبنا، يكشف بشكل مؤثر إلى أي مدى يمكن للقوى العالمية أن تذهب لضمان بقائها في بيئة معادية بشكل متزايد.
توصف قراءة هذا الكتاب بأنها “قراءة آسرة ومرعبة إلى حد ما”. فبينما يميل المؤلف إلى التشاؤم، أجرى بحثًا مكثفًا للتنبؤ بالصراعات التي يمكن أن تندلع في مختلف النقاط الساخنة. وفق جوستين دارجين، وهو باحث غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي. الذي
يقول: يتمتع الكتاب بدرجة عالية من المقروئية، وحتى اليوم هو أحد الكتب القليلة -التي اكتشفتها- التي تأخذ تقييمًا ثابتًا للاستجابات العسكرية المحتملة لتغير المناخ، غالبًا في شكل سردي. كما تفترض العديد من الدراسات أن بعض الدوافع الرئيسية لضغوط الربيع العربي قد عجلت بتغير المناخ.
التسارع العظيم
يرشح نوا جوردون، زميل برنامج أوروبا بالمعهد، هذا الكتاب الذي ألفه كلا من جي آر ماكنيل، وبيتر إنجلك. والذي يشير إلى أنه قد يكون من المفيد التفكير في تغير المناخ كواحد من مجموعة من المشاكل البيئية التي يسببها مليارات البشر. الذين يبنون المنازل، ويحرقون الوقود، ويزرعون الطعام على كوكب محدود.
يلفت المؤلفان إلى أن الأرض دخلت عصرًا جديدًا هو “الأنثروبوسين”، والذي يكون فيه للبشر أقوى تأثير على البيئة العالمية. منذ منتصف القرن العشرين، دفعت الوتيرة المتسارعة لاستخدام الطاقة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنمو السكاني الكوكب إلى تجربة ضخمة غير منضبطة. يشرح “التسارع العظيم” أسبابه وعواقبه، ويسلط الضوء على دور أنظمة الطاقة، فضلاً عن الاتجاهات في تغير المناخ، والتوسع الحضري، وحماية البيئة.
يلفت الكتاب إلى أنه “أكثر من أي عامل آخر، كان الاعتماد البشري على الوقود الأحفوري هو الذي افتتح الأنثروبوسين”.
يقول: قبل عام 1700، كان الناس يستخدمون القليل من الوقود الأحفوري. ولكن على مدى المائتي عام التالية، أصبح الفحم أهم مصدر للطاقة. عندما دخل النفط الصورة، سرعان ما شكل الفحم والنفط 75% من استخدام الطاقة البشرية. وقد سمح هذا بمزيد من النشاط الاقتصادي، وأنتج مستوى معيشيًا أعلى مما كان يعرفه الناس في أي وقت مضى، ولكنه خلق المزيد من الاضطرابات البيئية.
وتمثل الفترة من عام 1945 حتى الوقت الحاضر أكثر الفترات شذوذًا في تاريخ علاقة البشرية بالمحيط الحيوي. ثلاثة أرباع البشر ساهموا في تراكم الغلاف الجوي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية من ثاني أكسيد الكربون، وتضاعف عدد الأشخاص على الأرض ثلاث مرات تقريبًا.
وأضاف: حتى الآن، قام البشر بتغيير النظم الكيميائية الحيوية للكوكب بشكل كبير دون إدارتها بوعي. إذا حاولنا التحكم في هذه الأنظمة من خلال الهندسة الجيولوجية، فسنبدأ مرحلة أخرى من الأنثروبوسين. لا أحد يستطيع الجزم بما قد تقود إليه.
الجيل المحوري
يلفت دان بير، نائب الرئيس الأول لأبحاث السياسات ومدير برنامج أوروبا بكارنيجي إلى أن الأجيال السابقة لم تدرك تمامًا مخاطر حرق الوقود الأحفوري وتأثيرات أفعالنا على كوكبنا. ولكن لدينا اليوم مجموعة كبيرة من الأبحاث التي تترافق مع القوة -والمسئولية- لإنقاذ كوكبنا وسكانه.
لذلك، يشير مؤلف الكتاب هنري شو، إلى أن البلدان المتقدمة -ورثة مزايا الوقود الأحفوري ومسئولياته- كادت تكسر ظهر البعير الذي يضرب به المثل “وبالتالي عليها التزام بإبعادنا عن شفا الكارثة”. ولكن هل يمكنها التصرف في الوقت المناسب للتخفيف من أسوأ آثار الاحتباس الحراري؟
الكتاب هو خلاصة الاستنتاجات العلمية والتفكير الأخلاقي من منظّر العلاقات الدولية البارز، الذي سبق أن كتب عن أخلاقيات التعذيب والأسلحة النووية. الذي يؤكد أنه “على الرغم من الاعتراف الدولي المتزايد بالكارثة التي تتكشف، تستمر انبعاثات الكربون العالمية في الارتفاع، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2019”.
وأوضح أنه “ما لم تنتقل البشرية بسرعة إلى الطاقة المتجددة، فقد يكون الوقت قد فات لوقف الضرر البيئي الذي لا يمكن إصلاحه”.
أسس شو حجته في تحليل فلسفي صارم للآثار الأخلاقية لتغير المناخ. على عكس الأجيال السابقة، التي لم تفهم تمامًا خطر احتراق الكربون، لدينا المعرفة لفهم مستويات ثاني أكسيد الكربون المتزايدة والتحكم فيها. وعلى عكس الأجيال القادمة، لا يزال لدينا الوقت للتخفيف من أسوأ آثار الاحتباس الحراري.
يقول: هذا الجيل لديه القوة، وبالتالي المسئولية، لإنقاذ الكوكب. إن التنصل من هذه المسؤولية لا يترك للجيل القادم سوى عبء أثقل، قد يجدون أنه من المستحيل تحمله.
التعويضات
مع احتداد أزمات المناخ، بدأت البلدان من باكستان إلى بربادوس، التي تعرضت مؤخرًا للكوارث الشديدة الناجمة عن الاضطرابات المناخية، في المطالبة بالتعويض عن الأضرار. وصار المدافعون عن “الخسائر والأضرار”، يجادلون بأن “الملوثين يجب أن يدفعوا”، أكثر صخبًا في قمم المناخ العالمية.
يشار هنا أن قمة المناخ في شرم الشيخ نجحت في أول أيامها أمس الأحد أن تدرج في جدول أعمالها مسألة التعويضات.
في الكتاب الذي ألفه أوليفيم تايوي، وترشحه زينب عثمان، وهي زميل أول ومدير برنامج إفريقيا بمعهد كارنيجي. يقدم تايوي منظورًا مستبقًا ومحفزًا للتفكير حول موضوع إعادة النظر في التعويضات المناخية.
حيث يقدم عالم الأخلاقيات وأستاذ الفلسفة بجامعة جورجتاون قضية مختلفة للتعويضات. قضية متجذرة في مستقبل يعالج قضية تغير المناخ بشكل مباشر، مع العدالة التوزيعية في جوهرها.
تقول عثمان: تجادل وجهة نظره البناءة في أنه يجب النظر إلى التعويضات على أنها مشروع تفكير تقدمي منخرط في بناء نظام اجتماعي أفضل. وأن تكاليف إنشاء عالم أكثر إنصافًا، يجب أن توزع بشكل أكبر على أولئك الذين ورثوا المسئوليات الأخلاقية لمظالم الماضي.
في الكتاب، يربط تايوي تعويضات العبودية والاستعمار بأزمة المناخ، ويقدم حجة فلسفية مقنعة لتعويضات العبودية. كما يدمج التاريخ العالمي للظلم العنصري في إطار فلسفي للاستعمار والعنصرية.
هذا الرأي، الذي يسميه “وجهة النظر البناءة للتعويضات”، له جذور عميقة ومدهشة في فكر المفكرين السياسيين السود، مثل جيمس بالدوين، ومارتن لوثر كينج جونيور، ونكيتشي، وكذلك الفلاسفة السياسيون السائدون مثل جون راولز، وتشارلز ميلز، وإليزابيث أندرسون.
تواطؤ الإدارات والكونجرس
وفق ستيوارت باتريك، زميل أول ومدير برنامج النظام العالمي والمؤسسات في كارنيجي. يوثق هذا الكتاب “المفصل والمدمّر”، حسب وصفه، جهود كل إدارة أمريكية وكونجرس، خلال عهود الرؤساء من نيكسون إلى ترامب، لإخفاء أو التقليل من أهمية أو إنكار الأدلة العلمية المتزايدة على حقيقة وتأثيرات كارثة المناخ، مع مضاعفة إدمان الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري.
في عام 2015، رفعت مجموعة من 21 شابًا دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية في قضية ضد الولايات المتحدة لانتهاك حقوقهم الدستورية من خلال الترويج لكارثة المناخ وبالتالي حرمانهم من الحياة والحرية والممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة والحماية المتساوية للقانون.
لقد عرفوا أنهم يقدمون أدلة تدعم ادعاءات الأطفال، ويقدمون وصفًا مدمرًا ومقنعًا لدور الحكومة الفيدرالية في إحداث أزمة المناخ اليوم.
جمع مؤلف الكتاب، جيمس جوستاف سبيث، الذي ترأس مجلس البيت الأبيض لجودة البيئة في عهد الرئيس الأمريكي كارتر، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سنوات الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. هذا الكم الهائل من الأدلة نيابة عن هذه المجموعة من نشطاء المناخ الشباب، الذين رفعوا دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة في محكمة اتحادية لانتهاكها الدستور، وحقوق الأجيال القادمة.
ويشير المؤلف، الذي تم اختياره من قبل المدعين كواحد من 21 خبيرًا بارزًا في قضية المناخ الخاصة بهم، إلى أن تصرفات الحكومة تشكل “أكبر تقصير في المسئولية المدنية في تاريخ الجمهورية”. ويحلل كيف استمرت الإدارات من كارتر إلى ترامب -على الرغم من وجود معلومات حول أزمة المناخ الوشيكة والعلاقة بالوقود الأحفوري- في استمرار الدعم العدواني لنظام الطاقة القائم على الوقود.