وصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، هذا الأسبوع، في إطار جهود الإدارة الأمريكية لحل مشكلة “سد النهضة”.
حيث دخلت مصر وإثيوبيا والسودان مؤخرا في مفاوضات مستمرة، حول الخلافات المتعلقة بملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير على نهر النيل، بوساطة أمريكية، في الوقت الذي يلعب فيه الاتحاد الأفريقي دورا هامشيا.
فبالإضافة إلى دعم المفاوضات وتنفيذ اتفاق ممكن، هناك دروس مهمة حول كيفية إدارة النزاعات البحرية والمياه العذبة، يمكن للاتحاد الأفريقي الاستفادة منها في المستقبل، بحسب تقرير نشره موقع معهد الدراسات الأمنية.
sss
عقدت الأطراف المعنية أكثر من ثماني جولات من المفاوضات خلال شهرين، بمشاركة الولايات المتحدة والبنك الدولي، على الرغم من إحراز بعض التقدم، إلا أنه لم يتم توقيع اتفاقية نهائية، حيث لا تزال الخلافات الرئيسية قائمة حول الجدول الزمني لملء الخزان، وإجراءات التخفيف الواجب اتخاذها في حالة الجفاف.
روسيا هي الآخرى سهلت عقد اجتماعات بين مصر وإثيوبيا في سوتشي على هامش القمة الروسية الإفريقية في أكتوبر 2019، واتفق الزعماء على استئناف المفاوضات، كما عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساعدته، لكن البلدين استقروا على وساطة الولايات المتحدة والبنك الدولي.
منذ نوفمبر الماضي، تم عقد خمس جولات من المفاوضات الفنية وأكثر من ثلاث جولات من الاجتماعات على المستوى الوزاري، وعلى الرغم من حضور مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة والبنك الدولي بوصفهم “مراقبين”، يؤكد البعض أن دورهم يركز على توفير مسارات عمل بديلة للأزمة.
ومع ذلك، لم يظهر الاتحاد الإفريقي بشكل كبير في مفاوضات “سد النهضة”، حيث أصبحت الجهات الفاعلة غير الأفريقية جزءا من الحل.
صمت الاتحاد الأفريقي بشأن هذه القضية، كان واضحا بشكل خاص عندما تصاعد التوتر بين مصر وإثيوبيا، بعد أن تبادل البلدان تصريحات استفزازية بما في ذلك تهديدات باستخدام التدابير العسكرية لحل النزاع، ردا على ذلك، أعرب البرلمان العربي عن قلقه وقدم الدعم لمصر والسودان.
طوال كل هذا، لم يصدر الاتحاد الأفريقي بيانا واحدا، في مارس 2019، شجع مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي الدول الأعضاء على إيجاد حلول سلمية، لكن المجلس فشل منذ ذلك الحين في مناقشة النزاع.
أندروز عطا أسامواه: الاتحاد الأفريقي ليس لديه تاريخ في التعبير عن نفسه بشأن القضايا الحساسة
قد يظهر هذا عدم وجود نية لدى الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء فيه على حل النزاعات، لكن قد يكون للاتحاد الأفريقي أسباب أخرى لصمته.
حيث يقول الباحث في معهد الدراسات الأمنية أندروز عطا أسامواه، إن الاتحاد الأفريقي ليس لديه تاريخ في التعبير عن نفسه بشأن القضايا الحساسة.
وحول دور مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي يضيف أسامواه، أن الدول غالبا ما تمتنع عن وضع مواضيع حساسة على جدول أعمال المجلس، مشيرا إلى أن أي “خطوة خاطئة” قد تؤثر على حياد وقبول الاتحاد الأفريقي في أذهان بعض الدول الأعضاء.
سبب آخر لتراجع دور الاتحاد الإفريقي في الأزمة، هو أنه من المحتمل أن المجلس ليس لديه الرغبة في الانخراط في تسوية نزاعات حساسة بين دولتين عضوين مؤثرين، بحسب دبلوماسي أفريقي رفض الكشف عن هويته، والذي أضاف أن الاتحاد الأفريقي قد يفتقر إلى القدرة على التوسط في مثل هذه المشكلة المعقدة والتقنية.
إلا أن التقرير يرى أن الاتحاد الأفريقي لديه الوسائل لدعم حل مثل هذه النزاعات، فمن الممكن أن يدعم عملية التفاوض من البداية وكذلك التطبيق الودي للاتفاقية التي تظهر.
ويؤكد معهد الدراسات الأمنية، أن إعادة النظر في كيفية التعامل مع هذه المفاوضات يمكن أن يساعد الاتحاد الأفريقي في حل النزاعات البحرية وقضايا المياه المماثلة في المستقبل.
معهد الدراسات الأمنية:الاتحاد الأفريقي لديه الوسائل لدعم حل مثل هذه النزاعات
في الوقت نفسه يمكن لرؤساء مفوضية الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأفريقي استخدام مواقفهم لدعم المفاوضات، حيث طلب رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد، مؤخرا من الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوسا، رئيس الاتحاد الإفريقي عام 2020، التوسط في نزاعاتها مع مصر، وهو ما يعتبره المعهد خطوة نحو الحلول المحلية.
لضمان عدم تهميشه في العمليات المستقبلية التي تشمل الدول الأعضاء، يجب على الاتحاد الإفريقي التفكير في مدى وتوقيت ردود الفعل على مفاوضات سد النهضة.
وقد لا يكون الاتحاد الإفريقي اللاعب الرئيسي في المفاوضات، لكن وجوده مهم لضمان القيادة الأفريقية في تعزيز السلام والأمن في القارة.