تبحث مصر عن آفاق تمويل جديدة بانضمامها لمؤسسة التمويل الإفريقية التي استثمرت أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي في مشاريع البنية التحتية في 35 دولة إفريقية خلال العام الحالي.

وتراهن مصر على المنظمة -التي تضم في عضويتها 27 دولة إفريقية- لجذب استثمارات منها في مجالات متنوعة. خاصة الطاقة والنقل والصناعات الثقيلة والغاز الطبيعي والاتصالات.

ويبلغ رأسمال المؤسسة نحو 6.1 مليار دولار ومحفظة الاستثمارات التي تقوم بها في الدول الإفريقية التي تناهز 7.2 مليار دولار في قطاعات الطاقة والنقل والصناعات الثقيلة والبترول والغاز الطبيعي والاتصالات.

ويقع المقر الرئيسي للمؤسسة بلاجوس في نيجيريا. لكن بصفتها مؤسسة مالية إنمائية متعددة الأطراف تتمتع بوضع “فوق وطني”. إذ لا تخضع للتشريعات المحلية للدول الأعضاء فيها. ولكنها تخضع للقانون الدولي والاتفاقيات المطبقة على المؤسسات المماثلة بشكل عام.

أن تأتي متأخرا

تأخرت مصر كثيرًا في الانضمام لمؤسسة التمويل الإفريقية التي تأسست عام 2007
تأخرت مصر كثيرًا في الانضمام لمؤسسة التمويل الإفريقية التي تأسست عام 2007

تأخرت مصر كثيرًا في الانضمام للمنظمة التي تم تدشينها عام 2007 ككيان مالي إنمائي متعدد الأطراف. وبموجب اتفاق بين الدول الأفريقية ذات السيادة. وتتمثل مهمتها في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الصناعية للبلدان الإفريقية. مع توفير عائد تنافسي على الاستثمار لمساهميها.

حتى مارس 2021 لم تقدم المؤسسة تمويلا لمصر سوى بقيمة 100 مليون دولار للهيئة العامة للبترول. و25 مليون دولار لإحدى الشركات الخاصة بقطاع البتروكيماويات. وحينها لم تكن القاهرة عضوة بالمؤسسة أو حتى مساهمة فيها.

لكن “وزارة الاستثمار” (قبل إلغائها) وقعت في 2018 اتفاقية مع المؤسسة بموجبها تختار  100 شركة من رواد الأعمال الواعدين من جميع أنحاء إفريقيا لربطهم بكبار رجال الأعمال والمستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية وصانعي القرار وذلك خلال مؤتمر القمة الإفريقية الذي تم تنظيمه في العام ذاته.

وسيلة جديدة

بحسب اقتصاديين فإن حصول مصر على عضوية المؤسسة يساعدها في تسريع دخولها لأسواق التمويلات السيادية بأسعار فائدة تنافسية “أرخص”. بجانب أرقام أعلى من حيث حصيلة الاستثمار سواء المباشر أو غير المباشر.

وتسير المشروعات المصرية حاليًا في نفس المجالات التي تنشط فيها منظمة التمويل الإفريقية التي مولت أكثر من 2000 ميجاوات من قدرات توليد الطاقة بالقارة. بالإضافة لامتلاكها مشروعات للطاقة بقدرات إجمالية تصل إلى 485 ميجاوات. بينها 135 ميجاوات من الطاقة المتجددة.

في يوليو/تموز الماضي دخلت شركة “إنفينيتي” المصرية ومؤسسة التمويل الإفريقية في شراكة للاستحواذ على شركة محفظة مشروعات “ليكيلا باور”. التي تتضمن عددًا من مشروعات طاقة الرياح التي تصل إجمالي قدراتها لأكثر من 1 جيجاوات وتوجد أغلبها في جنوب إفريقيا ومصر والسنغال. كما تتضمن أيضًا 1.8 جيجاوات من المشروعات الجديدة التي ما زالت قيد التطوير والتي يُتوقع إتمام الإغلاق المالي لمعظمها في المستقبل القريب.

يقول سامح شنودة -الرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار بمؤسسة التمويل الإفريقية- إن المؤسسة ترى إمكانات كبيرة بقطاعات الطاقة المتجددة والنقل والخدمات اللوجستية والنفط والغاز بمصر. خاصة في ظل وجود خطة لتطوير مشاريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقدرة إجمالية تبلغ 3170 ميجاوات.

تمويل إفريقي للمتجددة

خطة الحكومة المصرية للطاقة المتجددة للأعوام 2015-2023 تشمل مشاريع بقدرة 3.2 جيجاوات
خطة الحكومة المصرية للطاقة المتجددة للأعوام 2015-2023 تشمل مشاريع بقدرة 3.2 جيجاوات

تشمل خطة الحكومة المصرية للطاقة المتجددة للأعوام 2015-2023 مشاريع حكومية بقدرة 3.2 جيجاوات. وتشمل 1.25 جيجاوات بموجب امتيازات بنظام البناء والامتلاك والتشغيل. و920 ميجاوات ضمن مشروعات بنظام المنتج المستقل للطاقة.

ووضعت الحكومة استراتيجية للتوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر. الذي أصبح أحد المكونات الرئيسية ضمن استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035. والتي تستهدف زيادة قدرات الطاقة المتجددة المولدة لنحو 42% بحلول عام 2035. وجذب الاستثمارات من خلال هذا القطاع الحيوي ودفع جهود العمل المناخي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.

بحسب شنودة فإن مؤسسة التمويل الإفريقية تستهدف أصولا رئيسية في قطاع البنية التحتية من خلال الاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص. إلى جانب إعطاء الأولوية للأنشطة ذات القيمة المضافة الأعلى ودعم الكيانات الاستراتيجية المملوكة للدولة.

منذ تأسيس تلك المنظمة وضعت هدفا لتكون المطور الرئيسي والأكثر رعاية للبنية التحتية الإفريقية والموارد الطبيعية والأصول الصناعية. كما خصصت برامج وأدوات للدين وحقوق الملكية بجانب الاستشارات المالية والفنية.

تركز المنظمة على خمسة قطاعات أساسية هي الطاقة والموارد الطبيعية (النفط والغاز والتعدين) والصناعات الثقيلة والنقل والبنية التحتية للاتصالات. قبل أن تعمل في الفترة الأخيرة على زيادة تطوير البنية التحتية والتصنيع الموجه للتصدير.

تستهدف المنظمة أيضًا مشروعات تطوير البنية التحتية في مصر والمشاركة في خطوط السكك الحديدية. وناقشت بالفعل مع وزارات مصرية المشاركة في مشاريع النقل الضخمة مثل قطار المونوريل أو القطار السريع.

تنفذ مصر حاليًا ست مشروعات فى النقل صديقة للبيئة هي: “قطار المونوريل والقطار الكهربائي السريع والقطار الخفيف والخط الثالث لمترو الأنفاق والأتوبيس الترددي”. وذلك ضمن خطة وزارة النقل للارتقاء بوسائل النقل الجماعي الأخضر المستدام صديق البيئة.

الاستثمار والبورصة

يقول المحلل المالي محمد كمال إن مصر تتوجه في السنوات الأخيرة نحو التعاون مع إفريقيا على مختلف الأصعدة وكثفت تعاونها مع مؤسسات مثل بنك التنمية الإفريقي. خاصة أن تلك الكيانات لديها هي الأخرى رغبة في الدخول بمشروعات تنموية بالقارة.

ومن المتوقع أن تكون أسهم وسندات الشركات المصرية أيضًا أحد المجالات الجاذبة للاستثمار خلال الفترة المقبلة. خاصة مع سعي الحكومة للإسراع ببرنامج طرح الشركات المملوكة لها بالبورصة خلال الفترة المقبلة.

أسهم وسندات الشركات الحكومية ستكون جاذبة للاستثمار في ظل الإسراع ببرنامج طرحها بالبورصة
أسهم وسندات الشركات الحكومية ستكون جاذبة للاستثمار في ظل الإسراع ببرنامج طرحها بالبورصة

ويضيف “كمال” أن انضمام مؤسسة التمويل الإفريقية سينعكس إيجابيا على برنامج الطروحات الحكومية في البورصة. المقرر استئنافه في الربع الأول من العام المقبل. إذ يعمل على تنويع فرص دخول الاستثمار الأجنبي وضخ سيولة في الشركات وخبرات فنية أيضًا.

وأسست مؤسسة التمويل الإفريقية شركة تابعة مملوكة بالكامل لها باسم “إيه إف سي” في موريشيوس عام 2013. كأداة استثمارية بغرض الاحتفاظ باستثمارات في الأسهم أو الحصول على حصص في المشروعات أو الشركات العاملة في القطاعات المستهدفة في مرحلة التطوير أو التوسعات.

وأشار “كمال” أيضًا إلى أن انضمام مصر للمؤسسة جاء في وقت ملائم في ظل سعي الحكومة حاليا لتعزيز الاقتصاد والتخارج من عدة أنشطة مع فتح بعضها أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي بشكل كامل.

وتعاني الحكومة المصرية فجوة في التمويل الخارجي تبلغ 16 مليار دولار على مدار نحو 4 سنوات. لكنها توقعت تقليصها وتأمين أموال كافية لتغطية احتياجاتها بالكامل بعد إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. والذي يتوقع وصوله الشهر المقبل. ما قد يشجع المستثمرين في الخارج على ضخ استثمارات جديدة في البلاد.