تذخر سجلات المنظمات والحركات الحقوقية في مصر، بوقائع تعذيب مختلفة، مورس فيها جميع صنوف التعذيب داخل أقسام الشرطة والسجون العامة، إلا أن مرات قليلة منها التي وصلت ساحات المحاكم وشهدت إدانة الضباط بأحكام قضائية نهائية.
sss
ويحيي العالم اليوم الجمعة، اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب 2020 تحت شعار “التعذيب: جريمة ضد الإنسانية”، حيث يهدف التعذيب إلى إفناء شخصية الضحية وإنكار الكرامة لدى الكائن البشري، ويستهدف التعذيب تدمير الفرد على المستويين الجسدي والنفسي، وفي كثير من الأحيان لايترك هذا الفعل آثارًا جسدية، إلا أن الفرد يصبح بروح منكسرة تحمل ندبات عميقة وعديدة يصعب علاجها والشفاء منها رغم مرور الوقت.
“يرصد “مصر 360” أبرز القضايا التي شهدت إدانة ضباط في قضايا تعذيب على مدار الـ15 عاما الماضية، خاصة أنها الفترة التي شهدت نشاطًا ملحوظًا للجمعيات الحقوقية في مصر، في أعقاب زيادة الانتهاكات في عهد وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي.
عماد الكبير.. سائق يفتح الطريق أمام المحاكمات
تعد قضية السائق عماد الكبير واحدة من أشهر قضايا التعذيب في تاريخ مصر الحديث، إذ تعد من الوقائع النادرة التي يدان فيها ضابط على فعل التعذيب، ففي 5 نوفمبر 2007 قضت محكمة جنايات الجيزة بحبس كل من ضابط الشرطة إسلام نبيه، وأمين الشرطة رضا فتحي السيد، لمدة ثلاث سنوات، لإدانتهما بتعذيب السائق عماد الكبير قبل حوالي عامين، وانتهاكه جنسيا.
وواجه الضابط ومساعدة اتهامات بارتكاب جريمة هتك عرض عماد الكبير بإدخال عصا في دبره وتصوير الواقعة في قسم شرطة بولاق الدكرور، وحكم بثلاث سنوات سجناً مع الشغل لكل منهما بعد ثبوت صحة الأدلة والشهادات التي قدمها دفاع عماد الكبير.
خالد سعيد.. قضية تعذيب أطاحت بنظام
تحولت قصة مقتل الشاب السكندري خالد سعيد على يد الشرطة في يونيو 2010 إلى رمزية لثورة 25 يناير، إذ تسبب مقتله في اندلاع احتجاجات مستمرة بالمدينة الساحلية ومحيط وزارة الداخلية، قادت المصريين فيما بعد إلى الميادين في 25 يناير من عام 2011.
ولقي “سعيد” مصرعه في السادس من يونيو عام 2010 في مدينة الإسكندرية بعد تعرضه للضرب المبرح من قبل الشرطة لرفضه أن يتم تفتيشه من قبل أفراد من الشرطة كانوا يرتدون الزي المدني داخل مقهى إنترنت، الذين ادعوا أنه كان يحمل لفافة بانجو.
واستمرت قضية “سعيد” في المحاكم سنوات، حتى أصدرت المحكمة حكمها بسجن اثنين من أفراد الشرطة 10 سنوات لإدانتهما بقتل الشاب.
وكان المتهمان محمود صلاح محمود وعوض إسماعيل سليمان حكم عليهما بالسجن لمدة 7 سنوات، لكنهما استأنفا الحكم، ثم أطلق سراحهما لانتهاء فترة الاحتجاز الوقائي.
اقرأ أيضا:
سيد بلال.. ضحية الاعتقال العشوائي
دفع الشاب السلفي سيد بلال ثمن الاعتقالات العشوائية والتطبيق القاسي لقانون الطوارئ، السمة الأساسية لداخلية حبيب العادلي في هذه الفترة، فقضي نحبه على يد ضابط أمن الدولة أسامة محمد عبدالمنعم الكنيسي داخل قسم الشرطة، بعد وصلة تعذيب إثر اتهامه بصحبة 5 آخرين بتفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية.
وقضت محكمة الجنايات في 16 أبريل 2012 حبس الكنيسي 15 سنة بعد إعادة محاكمته لحصوله على حكم المؤبد غيابيًا، وفي في مارس 2016 خففت محكمة جنايات الإسكندرية حكما بحبس ضابط أمن الدولة السابق أسامة محمد عبد المنعم الكنيسي إلى ثلاث سنوات مع الشغل، بتهمة قتل سيد بلال.
ووجهت المحكمة للمتهم اتهامات القتل الخطأ، والقبض على بلال دون وجه حق، وتعذيب خمسة من زملائه على خلفية التحقيقات معهم في أحداث تفجيرات كنيسة القديسين التي وقعت ليلة احتفالات رأس السنة 2011.
عفروتو.. ضحية المقطم
في نوفمبر 2018، قضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار جعفر نجم الدين، بالسجن 3 سنوات لمعاون مباحث قسم المقطم، و6 أشهر لأمين الشرطة بتهمة ضرب “محمد عبد الحكيم ” وشهرته “عفروتو” حتى الموت داخل حجز قسم شرطة المقطم.
وكانت نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية بجنوب القاهرة، قد أحالت معاون مباحث قسم المقطم وأمين شرطة، محبوسين، إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، ووجهت لهم النيابة العامة تهمة ضرب أفضى إلى موت واحتجاز شخص دون وجه حق.
وجاء قرار النيابة العامة عقب تسلم تقرير الطب الشرعي بالواقعة، والذي كشف عن وجود كسر بالضلع الأيسر للمجني عليه مما نتج عنه تهتك للطحال ونزيف شديد بالبطن.
مجدي مكين.. ضحية الأميرية
حظت قضية مقتل وتعذيب المواطن المسيحي مجدي مكين داخل قسم شرطة الأميرية بمتابعة إعلامية وحقوقية واسعة، بسبب العمل الوحشي الذي تعرض له من عنف أفضى إلى الموت.
وفي أكتوبر الماضي، قررت النيابة العامة المصرية إحالة 10 رجال شرطة، أحدهم ضابط، إلى محكمة الجنايات، بتهمة تعذيب مواطن حتى الموت.
وبعد الاطلاع على تقارير الطب الشرعي وكاميرات المراقبة، أسندت النيابة إلى رجال الشرطة تهم الضرب المفضي إلى الموت، والإضرار العمدي بجهة العمل، والتزوير في محررات رسمية، واستعمال القسوة مع رجلين احتجزا مع القتيل مجدي مكين.
وفي يناير الماضي، قررت محكمة جنايات القاهرة التنحي عن نظر محاكمة ضابط و9 أمناء شرطة لاتهامهم بقتل مكين، لاستشعارها الحرج، وأحالت القضية لمحكمة الاستئناف لتحديد دائرة أخرى لنظرها.