في الأسبوع الماضي، مع إحراق الأحياء السكنية في العاصمة الهندية وأودت أحداث العنف الطائفية بحياة أكثر من 40 شخصا، معظمهم من المسلمين، وجاء رد الحكومة الهندية أن أحداث العنف تلك كانت عفوية.
وخرج رئيس الوزراء الهندي بعد أيام من الصمت ليرجو من “أخواته وإخوته في دلهي الحفاظ على السلام”.

sss

ناريندرا مودي الذي يتهمه منتقدوه بأنه قد صعب من التوصل للسلم في شبه القارة الهندية، خاض السباق على رئاسة الوزراء لأول مرة في الهند، الديمقراطية الأكبر في العالم، بأجندة إصلاح اقتصادي شعارها “معا لأجل الجميع، التنمية للجميع”. 

وإبان تلك الحملة في 2014، قدم مودي نفسه زعيما قوميا قويا، ومصلحا اقتصاديا، محاولا التقليل من أهمية الجذور التاريخية في القومية الهندوسية وعداء المسلمين في حزبه “بهاراتيا جاناتا”. 

ولكن في الأسبوع الماضي شهدت العاصمة إحراق لأحياء سكنية وأودت أحداث العنف الطائفية بحياة أكثر من 40 شخصا، معظمهم من المسلمين، وسريعا ما جاء رد الحكومة الهندية أن أحداث العنف تلك كانت عفوية. 

وقالت ميناكشي جانجولي مديرة منطقة جنوب أسيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش: “إن مؤيدي الحكومة يشعرون أنه يمكنهم ارتكاب كل الجرائم، لأنهم يشعرون بأن لديهم حماية سياسية”. 

مضيفة أن مودي وحزبه “قد سمحوا بتفشي ثقافة الكراهية والتعصب”.

بداية تصاعد العنف الطائفي 

خرجت العام الماضي حشود قالت أنها كانت تقوم بحماية الأبقار، الحيوان المقدس في الهندوسية، وقاموا بقتل العشرات، معظمهم من المسلمين وطبقة المنبوذين، طبقة اجتماعية فقيرة ومنبوذة لدى الهندوس ويبلغ عددهم نحو 200 مليون شخص ويدينون بالعديد من الديانات الكبرى والمحلية في الهند. في دلالة على أن الفجوة لم تتسع بين الهندوس والمسلمين فحسب، بل بين الأغنياء والفقراء كذلك.

ويرى كثيرون أن حكومة مودي تحتاج لتلك التوترات لتشتيت الانتباه عن اخفاقاتها الاقتصادية كما قال لـ نيويورك تايمز مستشار الأمن القومي الهندي السابق شيفشانكار مينون.

حيث وصلت البطالة في الهند إلى أعلى معدلاتها خلال 45 عاما، بحسب تقرير حكومي مسرب، بينما كان وعد مودي في 2014 بخلق 10 ملايين فرصة عمل. وتراجع نمو القطاع الزراعي من 4.2% في الفترة 2009-2014 إلى 2.5% فقط في السنوات الخمس الماضية. وتباطأ النمو إلى أدنى مستوى له خلال ما يناهز العقد. 

السياسات التي أدت إلى تفجر الوضع

المعتدلين الهنديين كانوا قد سئموا الفساد في الحكومات السابقة، التي كان يقودها حزب الكونجرس الهندي المنافس، الذي كان يقوده غاندي وقاد الهند للاستقلال عن بريطانيا، وصوتوا لصالح مودي أملا في أن يقوم بالتغيير. وكانت لغة مودي شبه خالية من شعارات القومية الهندوسية

ولكن قام مودي بعيين متشددين هندوس في مواقع عليا في الحكومة. كما تغيرت أسماء أماكن، وهمشت مساهمات المسلمين في تاريخ البلاد، وتم تصوير الفترة القديمة للهند على أنها فترة الازدهار، ما بدأ حديثا في عصر النهضة الهندية، وإحياء الثقافة الهندوسية، وتم تغيير المناهج التعليمية، التي تجاهلت مثلا فترة سلطنة المغول الهندية المسلمة والتي كانت أسست مناخا ثقافيا وتشريعيا علمانيا، والتي بنى في عصرها قصر تاج محل، أحد رموز الإسهام الثقافي للمسلمين في تاريخ الهند. 

ففي 2017، طبعت مناهج تعليمية جديدة في ولاية راجستان والتي تروج للبرنامج السياسي والفكري للحزب الحاكم، وأعادت صياغة سردية حركة استقلال الهند السلمية كحركة عنيفة كان يسيطر على قيادتها زعماء قوميون هندوس، وأشيد فيها بسياسات ناريندرا مودي. واختصر أحد كتب التاريخ أكثر من خمسة قرون لمجموعة مختلفة من الحكام المسلمين واصفة لها أنها كانت “فترة صراعات”.

“بلغة مجردة، هم الآن ما يمكننا أن نطلق عليه فاشيون طائفيون”، كما يقول أديتيا موخيرجي، المؤرخ المتقاعد، في إشارة إلى الحلفاء السياسيين لمودي. قائلا إن الزعيم الهندي نهرو، أول رئيس وزراء، قد تنبأ بأنه إن أصبحت هناك فاشية في الهند فإنها ستكون في شكل طائفية هندوسية.