لعل المانع خير، فقد توقفت فجأة قوائم العفو الرئاسي والتي كنا نشتكي بطء عملها وقلة الأعداد المفرج عنها مقارنة بالمحبوسين سابقا والمحبوسين لاحقا، ومن خرجوا في إطار الإصلاح ولم ينعموا كثيرا به، ورجعوا للخلف لزنزاناتهم.
اقرأ أيضا.. إلى الحركة المدنية: نشاطركم الحوار
هل اكتفى النظام بمن خرجوا من السجون؟ أم أجل قطار الإصلاح لمرحلة أخرى؟ أم أن المشهد أصعب من أن يفكروا في آلاف قابعين في السجون بسبب آرائهم، نعم فقط أرائهم فلم يقترفوا عنفا ولم يشاركوا ولم ينضموا لأي جماعات إرهابية وهمية أو حقيقة.
رغم الأزمة الاقتصادية وسعر الجنيه مقابل الدولار وارتفاع الأسعار وصندوق قناة السويس والفاتورة الإلكترونية وأزمة أصحاب العمل الحر، وما إلى ذلك من أخبار وقرارات وقوانيين، لكن لم ولن ننسى أننا كنا جزء من حملات الإفراج عن السياسيين والآن يجب أن نكون صوتا لمن لم تشملهم قرارات العفو أو حتى لم تتضمنهم قوائم العفو.
كل المؤشرات تقول إن الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه سيستمر لفترة من الزمن، وأنه ليس هناك عصا موسى التي ستشق الأرض لتطرح بحرا. فمعنى ذلك أننا لا يجب أن نغوص في مشكلة الاقتصاد وننسى السياسة أو أن لا يكون هذا نهجا يريد البعض أن ينتهجه. الإصلاح السياسي ليس طريقا معزولا أو بعيدا عن الإصلاح الاقتصادي. فلا يجب أن نعلق تجاهلا عن إكمال مسيرة الإفراجات بمقولة: “هو إحنا في أيه ولا في أيه”.
شاركت خلال الأيام الماضية في جلسات تشاورية حول عمل لجنة حقوق الإنسان والحريات في الحوار الوطني وما يجب أن تشمله اللجنة من ملفات وما يجب أن ينتج عن اللجنة من أوراق. وتعامل الجميع بروح تعاونية وقدموا الجهد المطلوب سواء من أحزاب أو مراكز حقوقية أو نشطاء أو شخصيات عامة مؤيدون أو معارضون. هذا من طرفنا أيها السادة نؤدي ما يجب علينا فعله في قطار الإصلاح. نقدم الأوراق والاقتراحات ونتبادل الآراء من أجل دفع ملف حقوق الإنسان والحريات في مصر إلى الطريق الصحيح. فماذا أنتم فاعلون؟ فنحن للأسف لا نملك سلطة أنتم السلطة وأوقفتم استخدامها في طريق إصلاح الأخطاء وإنهاء الخصومة وأغفلتم شعار “الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية” الذي رفعه رئيس الدولة في أحد خطبه.
وقف قوائم العفو والإفراج عن نشطاء الرأي، مؤشر خطير لا ينم عن نية الدولة في إقامة حوار وطني جاد ينتج عنه توصيات تنفيذية وتشريعية يجب أن تنفذ بأقصى سرعة. هل الإفصاح عن نيتنا في المشاركة في الحوار الوطني رغم استمرار حبس أصدقائنا لم تكف للإفراج عنهم هم من لا نعرفهم بشكل شخصي؟ هل تعلمون أن من أهم أسباب مشاركتنا هو الإفراج عن كل نشطاء الرأي المحبوسين احتياطيا والمحكومين وإنهاء القبض على أي مواطن مصري بسبب رأيه؟ هل تعلمون أن الأهم من إجراء الحوار نفسه هو اعتماد آلية الحوار بدلا من القبض الممنهج أو العشوائي؟
لا أتحدث الآن عن رفع الحجب عن المواقع أو إنهاء قوائم المنع من السفر والتحفظ على الأموال. سأعتبرها ملفات ستناقش خلال الحوار الوطني. وتوصيات ستخرج بها جلسات الحوار وسنطالب بتنفيذها بشكل فوري بعد انتهاء الحوار الوطني بجدول زمني واضح.
سأركز فقط على حرية المحبوسين وأناشد كل من لديه سلطة الإفراج عن معتقلي الرأي فيجوز أن يبدأ الحوار الفعلي خلال أيام أو أسابيع قليلة. أتمنى أن لا يبدأ الحوار الوطني دون الإفراج عن نشطاء الرأي ووضع خطة زمنية واضحة تنتهي قبل رمضان المقبل بأن لا يكون في مصر سجين رأي واحد، أعلم أنها خطة طموحة ولكنها مقياس ومعيار لجدية نية الإصلاح وفتح صفحة جديدة. لا أضع هذا شرطا للحوار ولكن شرطا لنجاح وتيرة الإصلاح السياسي، إذا كنتم تبغونه إصلاحا. فلن تعبر مصر أزمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون حريات وفتح مجال عام حقيقي وإقامة دولة العدل أساسا للملك.