تَسَوَّلَ:
استعطى، طلب الحَسَنة.”لم يَجِدْ عملًا فأَخَذَ يَتَسوَّلُ”
تَسَوُّل:
استعطاء وشِحاذة. “عاش من التَّسَوُّل”
تَسَوُّل:
اِسْتِجداء، اِسْتِعطاء، شِحاذة
التسول -لغة- ممارسة مناشدة الآخرين وهي تستند إلى أسس ثلاثة: الاستجداء وفيه معنى نفسي وقيمي يقوم على المذلة والمهانة، وطلب العطاء أو الحسنة، والشحاذة وهي سلوك عملي من القائم بالتسول.
اقرأ أيضا.. كيف تصنع دولة تدمن الاقتراض في عشر خطوات؟
أما مقومات التسول فهي أمران: العيش عليه ومنه، وشرطه ألا تجد عملا أو تمتنع عنه؛ فتعيش منها.
هذا في حق الأفراد والمجموعات، وهو قد ينطبق على الدولة من وجوه أخرى أهمها:
1- تعاظم تأثير سوق الائتمان الدولي على السياسة المحلية، وهنا فالصدمات التي يتعرض لها سوق رأس المالي العالمي ستترك أثرها على الدولة المتسولة.
2- استمرار القيادة السياسية مرهون باستمرار قدرتها على الاقتراض الخارجي، فإذا انكسرت هذه الحلقة أو تعرضت لصعوبات كبيرة؛ فاستمرار القيادة في موقعها سيكون على المحك.
سيكون القادة القادرون على تأمين المزيد من الموارد، خاصة الموارد التي لا تملكها المجموعات المحلية، في وضع تفاوضي أكثر فائدة لهم -هكذا أكدت الدراسات.
3- شهية شرهة للاقتراض وطلب المعونات من الخارج من كل أنواع المقرضين ومقدمي المعونة: دول ومؤسسات مالية دولية أو إقليمية، بالاضافة للقطاع الخاص، وهذا يعني الاعتماد بشكل متصاعد على الائتمان الخارجي بما يجعل البقاء الاقتصادي للدولة رهنا بالقدرة على الاقتراض الخارجي واستمرار المعونات.
4- ارتفاع نصيب الفرد من الديون -محلية وخارجية، مع زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع خدمته في الموازنة العامة.
5- عجز دائم ومستمر وهيكلي في الموازنة يتم تمويله بالاقتراض والمعونات وخاصة الخارجي منه.
6- التوريق المالي للأصول العامة؛ بمعنى إدخال تشريعات وبناء هياكل مؤسسية -مثل الصناديق الخاصة- تسمح لمقدمي الخدمات والمرافق المملوكين للدولة – بما في ذلك الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات والطرق والمواني ومترو الأنفاق والقطارات والصحة والتعليم والإسكان – بتحويل إيراداتهم المستقبلية وتداولها للبيع إلى المستثمرين.
7- الإنفاق على الكماليات وليس الضرورات الاساسية لعدد أكبر من السكان؛ فالكماليات هي التي تمتص الجزء الأكبر من الإيرادات المتاحة. لدفع ثمن هذا الإسراف؛ فالحكومة تضغط على المواطنين من خلال التخفيضات في دعم المستهلك والحماية الاجتماعية، والضرائب التنازلية، وزيادة رسوم الخدمات “العامة”.
الدولة المتسولة -إذن- هي التي يعتمد اقتصادها واستمرار قيادتها على الدعم الأجنبي وخاصة من القروض والمعونات.
القروض.. قرار سياسي
غلب على نقاشنا العام النظر إلى تفاقم مشكلة الديون والاقتراض الخارجي من مدخل اقتصادي، وإن توفر هذا النقاش فقد كان منظوره ضيق مثل: التأثير على الإرادة الوطنية أو استحضار خبرات من التاريخ لمعالجة واقع اختلفت معطياته وتغيرت فواعله.
ندرت الكتابات التي تعالج العلاقة بين الديون والاقتراض الخارجي وبين قضايا السياسة مثل: استمرار القيادة السياسية -خاصة في ظل تآكل إمكانية الاقتراض أو ارتفاع تكلفته، وطبيعة تحالف أو ائتلاف الحكم الذي يساندها، بالإضافة إلى تأثيره على المواطنين؛ ليس من جهة عبء الاقتراض والتضخم فقط، ولكن من زاوية تساويهم في الاستفادة من عوائد هذا الاقتراض ومدى تأثر الاستقرار السياسي بالقدرة على سداد القروض. هناك تأثير إضافي يتعلق بالاضطرابات السياسية المحتملة التي تنجم عن مشكلات حركة رأس المال العالمية.
وتشير بعض الدراسات إلى تأثير الديون الخارجية على الانخراط في الحروب وبناء السلم العالمي؛ إذ كلما انخفضت تكلفة الاقتراض، كلما شجع ذلك القادة على التورط في الحروب.
قرار الديون والقروض الخارجية -في الأول والأخير- قرار سياسي له تداعيات اقتصادية وأمنية إقليمية، وتختلف تأثيراته في نظام ديموقراطي عن غير الديموقراطي؛ والذي تتسم به جل دول المنطقة. الدين الحكومي يخلق رابحين وخاسرين ونتيجة لذلك، فإن قضايا الديون هي قضايا سياسية مثيرة للجدل.
نؤكد أن الدور الذي لعبته السياسة في تراكم الديون الخارجية لم يحظ باهتمام كبير، برغم تضاعف إجمالي الدين الخارجي للمنطقة خلال 10 سنوات، حيث ارتفع من 17% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي في عام 2010 إلى 33.5% سنة 2019. ارتفع رصيد الدين الخارجي إلى أكثر من 38% من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي سنة 2020.
ارتفعت خدمة الدين الخارجي العمومي بشكل مستمر، لا سيما خلال فترة الجائحة. يتم تخفيض الميزانيات الاجتماعية الضئيلة أصلا بشكل متزايد لضمان سداد الديون. أبانت الجائحة عن الانخفاض الهائل في خدمات الصحة العمومية. تتجاوز خدمة الدين بكثير ميزانية الصحة العمومية في المغرب (9 مرات) ومصر (7 مرات) وتونس (4 مرات). في سنة 2019، خصصت مصر 6٪ من إيراداتها الحكومية للإنفاق على الصحة، بينما تمتص خدمة الدين الخارجي ما يقرب من 20٪. ونفس الأمر بالنسبة لتونس: 14٪ للصحة مقابل 26٪ لخدمة الدين.
مزيد من القروض = استمرار القيادة
إن القادة لديهم حوافز لاستخدام الائتمان لتأمين بقائهم السياسي من خلال تخصيص السلع والخدمات العامة لفئات محددة. ومع ذلك، لا يتم توزيع فوائد الاقتراض بالتساوي بين المواطنين.
يحد استخدام السلع العامة للاحتفاظ بالمنصب بين الديمقراطيات من المنفعة السياسية للائتمان مقارنة بالمزايا التي يحصل عليها القادة غير الديمقراطيين من استخدام هذه الأموال لشراء موارد يتم توزيعا على الخاصة للحفاظ على السلطة.
عندما يؤدي خفض التصنيف الائتماني أو ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى الحد من قدرة الدول على الوصول إلى رأس مال إضافي، فإن قادة الدول غير الديمقراطية يجدون صعوبة أكبر في ردع المنافسين السياسيين والحفاظ على مناصبهم.
تجادل كتابات الاقتصاد السياسي الدولي بأن تخفيض التصنيف الائتماني -على وجه التحديد- والوصول المقيد أو الأكثر تكلفة للائتمان الناتج عن زيادة مخاطر التخلف عن السداد – يفرض عواقب سياسية أكبر على القادة غير الديمقراطيين.
في حين أن الدول غير الديمقراطية قد تستخدم استراتيجيات إيرادات بديلة إلى جانب الائتمان (مثل الضرائب والرسوم والجبايات) للمساعدة في الحفاظ على السلطة، لكن هذه البدائل تأتي بعواقب سياسية سلبية على القادة؛ إذ قد تزيد من احتمالية عزلهم من مناصبهم.
حتى لو تمكنت الحكومة من الحصول على الائتمان، فإن تكاليف الاقتراض المرتفعة يمكن أن تسحب المزيد من الإيرادات الحكومية نحو مدفوعات الفائدة وبعيدًا عن سياسات البقاء السياسية الفعالة.
تعتبر تصنيفات وكالات الائتمان السيادي تقييمًا مباشرًا لاحتمالية الدولة للوفاء بالتزاماتها المالية، وبالتالي توفر مقياسًا للوصول إلى الائتمان والتكاليف بالنسبة للدول. يجب أن يؤدي التصنيف الائتماني المنخفض إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض أو حتى القيود الكاملة على الائتمان.
التغيير السلبي في التصنيف الائتماني يزيد من احتمالية فقدان القادة غير الديمقراطيين مناصبهم، ولكن ليس له تأثير يذكر على فترة الزعماء الديمقراطيين.
تؤكد هذه الدراسات أن تخفيض التصنيف الائتماني -والعواقب السلبية المرتبطة به- يؤثر على بقاء القادة غير الديمقراطيين أكثر من القادة الديمقراطيين، كما أن معدلات الاقتراض المرتفعة قد تقلل من فعالية استخدام الائتمان لبقاء القيادة، وفي نفس الوقت فإن الاقتراض المكلف يكون أكثر فعالية من عدم توفر الائتمان على الإطلاق.
إن تشديد سوق الائتمان العالمي من شأنه أن يزيد من صعوبة حصول الأنظمة على الائتمان بشروط مواتية. وفي حين تركز معظم تحليلات أزمة الديون المتوقع أن تتفاقم العام القادم -كما نص تقرير البنك الدولي الصادر منتصف الشهر الماضي- على الديناميكيات السياسية للديون في الديمقراطيات، تشير نتائج كثير من الدراسات إلى أن الدول غير الديمقراطية تواجه أيضًا عواقب سياسية كبيرة. على وجه التحديد، يجب أن تجعل ندرة الائتمان تغيير القيادة أكثر ترجيحًا في الأنظمة غير الديمقراطية.
تشير ثلاثة عوامل إلى أن الائتمان أكثر أهمية للنظم غير الديمقراطية، بالنسبة لبقاء القيادة مقارنة بالنظم الديمقراطية:
1- تمنع القيود المؤسسية الديمقراطية -من برلمانات وصحافة حرة ومجتمع مدني- القادة من إساءة استخدام الوصول إلى الائتمان السيادي لأغراض البقاء السياسي الشخصي.
2- يحصل القادة الديمقراطيون على فائدة أقل للبقاء السياسي من الائتمان بسبب حوافزهم لتخصيص المنافع العامة على أكبر قدر من الناخبين لضمان انتخابهم وأحزابهم مرة أخرى. على العكس من ذلك، من المرجح أن يستخدم القادة غير الديمقراطيين الائتمان لتخصيص سلع خاصة مركزة لتعزيز الدعم السياسي من تحالفهم الضيق.
3- إن معدلات الاقتراض المنخفضة للسياسيين في الأنظمة الديمقراطية تقيد استخدام الائتمان لأغراض البقاء السياسي قصير الأجل.
الخلاصة:
1- في حين أن القادة الديمقراطيين قد يكونون أكثر حساسية لتفضيلات ناخبيهم الذين يدفعون الضرائب، فإنهم أقل ميلًا إلى إساءة استخدام الأموال المقترضة لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل، كما إن القادة غير الديمقراطيين هم أكثر عرضة للبقاء على قيد الحياة بجدارة ائتمانية أفضل، في حين أن بقاء القيادة الديمقراطية لا يتأثر كثيرًا بالجدارة الائتمانية السيادية.
2- القادة غير الديمقراطيين الذين ليس لديهم إمكانية الحصول على الائتمان سيواجهون صعوبة أكبر في التمسك بمناصبهم من القادة غير الديمقراطيين الذين لديهم إمكانية الحصول على الائتمان. سيكون بقاء القيادة غير الديمقراطية أكثر حساسية للتغيرات في الوصول إلى الائتمان وتكاليفه.
الاقتراض وبناء الولاء
يستخدم القادة الإيرادات الحكومية لتخصيص السلع العامة أو الخاصة للاحتفاظ بولاء التحالف الفائز.
للحفاظ على الولاء، يحاول القادة زيادة الاختلافات في المنفعة بين أعضاء التحالف وغير أعضاء التحالف. سيظل أعضاء التحالف الفائزون مخلصين لشاغل الوظيفة إذا كان العضو يتوقع فائدة أكبر كعضو في الائتلاف أكثر من كونه غير عضو، ونظرًا لأن أعضاء التحالف وغير الأعضاء يمكنهم الوصول إلى السلع العامة، فإن توقع تخصيص السلع لفئة يؤثر على الولاء أكثر من توقع السلع العامة.
في أنظمة التحالف الصغيرة والضيقة، يجب أن يحصل أعضاء التحالف على مزايا أكثر من تخصيص السلع الخاصة من غير الأعضاء، وفي هذه الأنظمة -أيضا- يكون احتمال الاستبعاد من منافع تخصيص السلع الخاصة مرتفعًا مثل الحرمان من المناصب أو التعاقدات الحكومية أو المزايا، ويترجم الولاء الأقل لأعضاء التحالف إلى تكاليف أعلى للحفاظ على الأعضاء في الائتلاف.
هذا في الأنظمة غير الديموقراطية؛ أما في الديموقراطيات فإن القادة يجبرون على الاعتماد بشكل أكبر على السلع العامة الأرخص نسبيًا نظرًا لحجم التحالف الفائز الأكبر وتكلفة الولاء الأعلى لكل عضو، وعادة لا تؤثر التغييرات في الوصول إلى الائتمان على ولاء أعضاء التحالف الديمقراطي الفائز بقدر ما تؤثر على ولاء أعضاء التحالف الفائزين غير الديمقراطيين.
تراكم الأنظمة الاستبدادية نسبة أكبر من الديون الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالديمقراطيات، لأنها في الغالب ما تستخدمها لبناء الولاءات، وقد تدفع سياسة الديون الي التغيير أو عدم الاستقرار السياسي.
تلفت نظرنا بعض الدراسات إلى تأثير التغيير غير النظامي -أي عبر الانقلابات أو الثورات- على الالتزام بدفع ديون النظام السابق. تشير هذه الدراسات إلى: “إذا كان النظام السابق غير قادر على الحفاظ على السلطة في ظل سياسة ديون الوضع الراهن، فإن القادة الجدد لديهم حوافز لتغيير سياسة الديون من خلال التخلف عن السداد”. على سبيل المثال، تخلف أول نظام ما بعد الجيش في الأرجنتين في عام 1984 عن سداد الديون المحلية للأرجنتين ورفض سياسات توسع ديون النظام السابق، حيث كانت مصممة لدعم البيروقراطية العسكرية.
القائد الذي يصل إلى السلطة من خلال وسائل غير نظامية لديه دافع كبير للانفصال عن النظام السابق. سيؤثر هذا الحافز على قرارات القائد بشأن مجموعة من السياسات، لكن الديون السيادية هي سياسة بارزة بشكل خاص للقائد الجديد. يمكن للقادة الجدد الادعاء بأن التزامات الديون الحالية، لا سيما للمقرضين الخارجيين، تفتقر إلى الشرعية لأنها تقوض الصحة الاقتصادية للدولة.
في النظم غير الديموقراطية يتم عزل الأداء السياسي للقائد عن استمراره، ويرتبط ذلك بعوامل أخرى أهمها استمرار تأييد تحالف الحكم القائم، بالإضافة إلى الدعم الخارجي الذي من أشكاله استمرار إتاحة الأموال لهولاء القادة.
يوفر الاقتراض السيادي، لا سيما من الأسواق الخارجية، للقادة إمكانية الوصول إلى رأس المال الأجنبي الذي يساعد على تسهيل سلوك البحث عن الريع لصالح أعضاء التحالف الفائزين. على سبيل المثال، يتيح الوصول إلى رأس المال الأجنبي للحكومة التحكم بشكل أفضل في أسعار الصرف في السوق السوداء، بالإضافة إلى ذلك، يسمح رأس المال الأجنبي للحكومة بشراء المزيد من السلع الفاخرة المستوردة، والتي يمكن توزيعها على ولاء التحالف الحائز على المكافآت، ومن المرجح أن ترتبط أنظمة التحالف الصغيرة الضيقة بالفساد، واختلاس أموال.
هناك أمثلة عديدة توضح هذا المنطق المالي مثل نظام ماركوس في الفلبين، والأنظمة العسكرية في أمريكا اللاتينية في السبعينيات، ودوفالييه في هايتي، ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. في كل هذه الأنظمة، خصص القادة الموارد للجماعات المفضلة مقابل الدعم السياسي أو الولاء. وبالمثل، ستستخدم هذه الأنظمة نفوذها ومواردها لقمع أعضاء مجموعة التحالف المضاد، أو على الأقل؛ ضمان أن هذه المجموعات لا تتمتع بفوائد سياسات التوزيع الحكومية.
تعمق الانتخابات الصورية هذا المنحي، لأنها تسمح بتخصيص الموارد المالية للداعمين، كما يمكن للقادة غير الديمقراطيين استخدام الائتمان لإنشاء فرص البحث عن الريع لتحالفهم الفائز.
الخلاصة:
1- تفضل السياسة المالية للديكتاتوريين مجموعات النخبة الصغيرة والضيقة، وتهمل المستقبل أكثر من الأنظمة الديمقراطية، لذلك سيكونون أكثر استعدادًا لاستخدام الائتمان كعائدات استقرار النظام لأنها تحذف الالتزامات المستقبلية.
2- يمكن أن تساعد “الموارد المجانية” القادة في الحفاظ على سلطتهم من خلال ترسيخ ولاء تحالف دعم الزعيم أو شراء الولاء الجديد لجماعات المعارضة بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه الموارد لقمع جماعات المعارضة أو التهديد بقمع المعارضين المحتملين.
وفي النهاية، تساعد مصادر الدخل “الحرة” سياسيا القادة على عزل أنفسهم عن تقديم تنازلات للجماعات المحلية.
القروض تنتج خاسرين وفائزين
إن قرارات سداد الديون تكافئ المكونات التي تمتلك إما ديونًا حكومية أو نوعًا آخر من الأصول الحساسة لأسعار الفائدة المحلية.
في الوقت نفسه، من أجل سداد الديون، يجب على الحكومة إيجاد مصادر جديدة للإيرادات (عادة في شكل ضرائب) أو تحويل النفقات الحكومية (عادة بعيدًا عن الإنفاق الاجتماعي).
وكقاعدة عامة: الحكام الذين لا يتعين عليهم الاعتماد على مواطنيهم للحصول على إيرادات ضريبية أو موارد اقتصادية أخرى لديهم يد أكثر حرية في سن السياسة -وهذا ما يوفره الاقتراض الخارجي، فبمجرد حصول الدول على الائتمان، فإنه يوفر مزايا سياسية واقتصادية على حد سواء.
من الناحية الاقتصادية؛ يوفر الائتمان تأثيرًا ميسرًا للضرائب، ويعزز استقرار الاقتصاد الكلي، ويقلل عمومًا العبء الضريبي قصير الأجل على المجتمع، والأهم من ذلك بالنسبة للقادة فهناك فوائد سياسية من الاقتراض. يزداد الموقف التفاوضي المحلي للحكام مع تناقص اعتمادهم الاقتصادي على الناخبين في المدى القصير.
يؤذي كل من التخلف عن السداد والسداد الكثيرين داخل المجتمع، على الرغم من أن التأثير الكلي يختلف عبر المجتمع، ولكن من الملاحظ في هذا الصدد أن الاقتراض يكتسب قوة دفع ذاتية تتأتي من وجود أصحاب مصالح تقف وراءه وتضمن استمراره.
إن وجود نخبة مالية متطورة ومؤثرة تحفز المصالح المالية الشخصية، وتصبح تفضيلات هذه النخب هو تجنب تخفيض التصنيف الائتماني.
على سبيل المثال، يفسر وجود النخب المالية في بريطانيا لعدة قرون الالتزام البريطاني بالجدارة الائتمانية. لدى النخب البريطانية التي لها صلات بالسوق المالية حوافز للضغط على القادة البريطانيين للوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالديون.
سوف تقترض الأنظمة الأوتوقراطية أكثر من المقرضين الأجانب وتستثمر أقل من هذه الأموال في المنافع العامة مقارنة بالأنظمة الديمقراطية. وبالتالي، من المرجح أن تضع الأنظمة الاستبدادية أعباء أجنبية كبيرة أكثر من الديمقراطيات.
تعلمنا تجارب الاقتراض الخارجي عددا من الدروس المهمة خاصة بالنسبة للنظم غير الديموقراطية:
1- وجد أن الأنظمة الاستبدادية تفرض ضرائب أكثر وتستثمر أقل من الديمقراطيات. عندما تقترض الحكومة اليوم، فإنها تلزم نفسها بجمع العائدات من خلال الضرائب في وقت لاحق. ومن ثم، فإن قرار الحكومة بالاقتراض اليوم هو قرار بفرض ضريبة على الدخل المستقبلي.
2- نظرًا لأن القادة الاستبداديين لم يكونوا مقيدين من قبل الناخبين، فإنهم يمكن أن يتحملوا بسهولة أكبر معارضة عامة للتكلفة قصيرة المدى للإصلاح الاقتصادي. ومن ثم، يجب على الأنظمة الاستبدادية تنفيذ الإصلاحات بسهولة أكبر من العناصر الديمقراطية. بمجرد دخول الحكام المستبدين في برامج التكيف، لن يكون لديهم حافز كبير لتنفيذ برامج التثبيت والتعديل الهيكلي.
3- الحكومات التي تتحصل على الإعفاء من الديون لن تخصص تلقائيًا الموارد المحررة للبرنامج للمشاريع التي تعزز الرفاهية الاجتماعية.
4- القيادات التي تتولي مناصبها حديثا إذا رأت أن هناك احتمالية عالية للإطاحة من مناصبهم، فقد يعطون الأولوية للأهداف قصيرة الأجل بدلاً من الهدف طويل الأجل المتمثل في الحفاظ على الجدارة الائتمانية.
هذا الخوف من الإطاحة السياسية يمكن أن يمنح هؤلاء القادة آفاقًا زمنية قصيرة للغاية.
5- العوامل السياسية مهمة بشكل خاص لأنها تحدد كيف يوازن القادة بين سداد الديون والأولويات الأخرى.
يمكن للحكومات، إذا اختارت، تقديم تضحيات للوفاء على الأقل بجزء من التزاماتها الخارجية. يمكنهم خفض الإنفاق العام، وزيادة الضرائب على المواطنين، وبيع الأصول المملوكة للدولة، والاستيلاء على النقد الأجنبي من المصدرين من القطاع الخاص.
تمتلك الدول الوسائل لسداد الديون، لكن القادة قد يجدون هذه الوسائل غير مستساغة سياسيا، لكن سداد الديون السيادية هو دائمًا قرار سياسي.
6- في حين أن الأهمية السياسية للائتمان للقادة غير الديمقراطيين تجعلهم أكثر استعدادًا للاقتراض بتكاليف أعلى، فإن مدفوعات الفائدة المرتفعة تسحب الموارد المالية بعيدًا عن السياسات التي يمكن أن تساعد القادة على البقاء في السلطة.
7- قد يزيد المستثمرون من تكاليف الاقتراض (أي أسعار الفائدة وشروطه) إذا أساءت الحكومات استخدام الائتمان، مما يحد من الفوائد طويلة الأجل للائتمان. على المدى الطويل، عندما تصبح التزامات الدين مستحقة، سيواجه القادة ضغوطًا إضافية من جانبهم إذا كان على الحكومة زيادة الضرائب للوفاء بالتزامات الديون.