في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلنت شركة الجرافات البحرية الإماراتية فوزها بعقد مشروع أعمال جرف في قناة السويس. وبحسب إفصاح للشركة مقدم لسوق أبوظبي للأوراق المالية، فإن قيمة الصفقة تبلغ نحو مليار درهم “نحو 272.3 مليون دولار”. نفس الشركة سبق أن قادت تحالفا للشركات العالمية الذي فاز بمناقصة إنجاز مشروع توسعة قناة السويس، بتكلفة 1.5 مليار دولار.
اقرأ أيضا.. كيف تدخل البنك المركزي لإنقاذ الجنيه أمام الدولار؟
هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها شركة إماراتية للسوق المصرية، حيث تصل استثمارات الشركات الإماراتية في مصر أكثر من 20 مليار دولار، ومتوقع زيادتها إلى قرابة 35 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
ومن المعلوم أن كل الشركات الإماراتية تقوم بتحويل أرباح استثماراتها مقومة بالدولار في مصر إلى الإمارات. ويمثل الاستثمار في مصر نسبة ضخمة من الاستثمارات الإماراتية بالخارج، فيما بلغ عدد الشركات الإماراتية المستَثمِرة في مصر 1500 شركة.
وتخطّت عمليات تحويل أرباح الشركات والمستثمرين الأجانب من مصر خلال الفترة بين 2010/ 2011 إلى 2019/ 2020 ما يقترب من 60 مليار دولار، وذلك وفقًا لتقارير البنك المركزي وتقارير صحفية.
أكبر 10 شركات إماراتية في مصر
من بين 1500 شركة إماراتية في مصر، جمعنا أكبر 10 شركات تعمل في مصر والتي يصل حجم استثماراتها لنحو 60 مليار درهم ” 321 مليار جنيه” وأغلب تلك الشركات تعمل في السوق العقاري المصري.
وتستحوذ شركة إعمار العقارية على الحصة الأكبر منها، عبر ذراعها”إعمار مصر للتنمية” بقيمة استثمارات 37.5 مليار درهم “303.4 مليار جنيه”. وتنفذ شركة إعمار مصر عدداً من أبرز المشروعات العقارية في مصر، وتمتلك أربعة مشروعات، أبرزها مشروع مراسي في الساحل الشمالي لمصر، بقيمة استثمارية تصل إلى 22.5 مليار جنيه، على مساحة 6.5 ملايين متر مربع، “أب تاون كايرو” بقيمة استثمارية تبلغ 13.5 مليار جنيه على مساحة 4.5 ملايين متر مربع، وميفيدا بقيمة استثمارية تصل إلى 17.5 مليار جنيه على مساحة 3.8 ملايين متر مربع، وبوابة القاهرة، قيد التخطيط.
وفي المرتبة الثانية، شركة “إمكان مصر” بقيمة 9 مليارات درهم “نحو 72.8 مليار جنيه”، ثم شركة “ماجد الفطيم” بقيمة 5.25 مليارات درهم “42.5 مليار جنيه”، وبعدها شركة “القمزي” بقيمة 3.75 مليارات درهم “30.3 مليار جنيه”، ثم شركتا “ريبورتاج”، و”سكاي أبوظبي” للاستثمار والتطوير العقاري 2.25 مليار درهم “18.2 مليار جنيه”.
وتضم القائمة شركة الدار العقارية التي تستثمر بقيمة 1.14 مليار درهم “9.2 مليار جنيه”، ثم شركة التزام بقيمة 375 مليون درهم “3.1 مليار جنيه”، ثم صندوق شيميرا بقيمة 337 مليون درهم “2.7 مليار جنيه”، وأخيراً شركة العروبة بقيمة 225 مليون درهم “1.8 مليار جنيه”.
اشتراطات القانون لتحويل الأرباح
وينص قانون الاستثمار المصري رقم 72 لسنة 2017، على حق الشركات والمستثمرين الأجانب في تحويل أرباحهم إلى الخارج، فضلاً عن سماحه بإتاحة جميع عمليات التحويل النقدي المتصل بالاستثمار الأجنبي بحرية وبدون إبطاء إلى أراضيها وخارجها، بعملة قابلة للتحويل الحر كما تسمح الدولة بتحويل العملة المحلية إلى عملة قابلة للاستخدام بحرية دون تأخير.
حق للشركات الأجنبية
من جهته، يعلق الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بأن القانون يُتيح لأي شركة أجنبية إمكانية تحويل أرباحها إلى الخارج، لكن هناك بعض الدول التي تُلزم بعض الشركات الأجنبية بتخصيص نسبة من أرباحها لإعادة استثمارها في داخل الدولة.
ويقول لـ”مصر 360″ إن أغلب القوانين تسمح للمستثمرين والشركات الأجنبية بإمكانية تحويل أرباحها إلى دولهم الأصلية، ما دامت حققت أرباح وباعت إنتاجها بالعملة الوطنية للدولة التي تستثمر فيها، مضيفًا أن البنك المركزي المصري يضمن تحويل أرباح الشركات بعد تقديمها قوائمها المالية في نهاية العام المالي.
ويُوضح عبده، أن العرف والقانون الدولي والقوانين المحلية للدول تنص على حق المستثمر الأجنبي في تحويل أرباحه بنفس ذات العملة التي استثمر بها في مصر، وبالتالي فما دامت الشركات الإماراتية استثمرت في مصر بالدولار، فيحق لها الحصول على تحويل أرباحها بالدولار.
ويُشير رئيس المنتدى المصري للدراسات إلى أنه لا يمكن وضع عراقيل أمام عملية تحويل الأرباح المالية للشركات الأجنبية إلى بلدانها، ولا يمكن أيضًا تحويل تلك الأرباح بالعملة المحلية “بالجنيه المصري”، بسبب فقدان قيمته أمام عملات تلك الدول المستثمرة في مصر.
من جهته، يطالب الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، بأن تُصدِر مصر قانونا يُحظر من خلاله تحويل نسبة 50% من أرباح الشركات الأجنبية إلى الخارج، وذلك من خلال خلق حوافز للمستثمرين الأجانب لإعادة استثمار أرباحها مرة أخرى في مصر.
ويُضيف لـ”مصر 360″، أن عملية تحجيم تحويل أرباح الشركات الأجنبية سيمنع تسرب العملة الأجنبية إلى الخارج، لافتًا إلى أن وضع ضوابط أمام عملية الاستثمار لن تُشكل عائقا، خاصة أن هناك تراجعا في حجم الاستثمارات المباشرة في مصر خلال السنوات الأخيرة.
ويعتقد فهمي، أن الإمارات تستغل الأزمة الاقتصادية في مصر وشح الدولار في شراء المزيد من الأصول والشركات المصرية الرابحة، كما تستغل وضعها أكثر من 5 مليار دولار كوديعة في البنك المركزي والتي تُشكل نحو 15% من احتياطي مصر الدولاري.
وبحسب البنك المركزي المصري، بلغت قيمة الودائع الخليجية 28 مليار دولار، وفقًا لتقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي، وذلك من إجمالي 33.5 مليار دولار هو إجمالي احتياطي الدولاري.
ويرى فهمي، أن الاستثمارات الإماراتية في الشركات مهمة، كونها ستسهم في حل أزمة الضغوط المالية التي تتعرض لها مصر حاليًا بسبب نقص السيولة الدولارية وتراجع صافي الأصول الأجنبية في البنوك المصرية.
وكان صافي الأصول الأجنبية تراجع في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وسجل عجزًا بنحو 22 مليار دولار، وفقًا لتقرير البنك المركزي.
الخلاصة، فإن تحويل أرباح الشركات الإماراتية من مصر إلى الخارج يُشكل عبئًا على الاقتصاد المصري الذي يعاني أصلاً شحا ونقصا وندرة في الدولار.