تميزت جغرافيا مصر بسواحلها الطويلة والتي تبلغ 2936 كم، منها 995 كيلومترًا تطل علي البحر الأبيض المتوسط، و1941 كيلومترًا تطل علي البحر الأحمر، بالإضافة إلى 13 بحيرة مائية طبيعية، أضيف إليها أكبر بحيرة صناعية في العالم وهي بحيرة ناصر بعد بناء السد العالي، ورغم وفرة المساحات المائية والتي تؤهل مصر لتكون أحد كبار مُنتجي الأسماك في العالم، فإن جزء كبير من احتياجات مصر للأسماك كان يتم استيراده حتي تحقق الاكتفاء الذاتي من الأسماك هذا العام.
إنتاج واستهلاك مصر من الأسماك
بلغ إنتاج مصر من الأسماك 1.8 مليون طن في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 2 مليون طن هذا العام، بعد أن كان 250 ألف طن فقط في بداية الثمانينات، ليكون قطاع إنتاج الأسماك هو الأعلى نموًا في مصر، حيث تضاعف 8 مرات في أقل من 40 عامًا، بينما يبلغ الاستهلاك 2 مليون طن بمعدل 20 كيلوجرام للفرد، وبهذا تصل مصر إلى الاكتفاء الذاتي من الأسماك خلال العام الحالي، وتبدأ في التصدير بعد استكمال مشروعات الاستزراع السمكي الجديدة خلال هذا العام.
وتُنتج المزارع السمكية 80% من إنتاج مصر للأسماك، بإجمالي 1.6 مليون طن سنويًا، حيث تحتل مصر المركز السادس عالميًا في حجم إنتاج المزارع السمكية، وتنتج بحيرات مصر المالحة والعذبة نسبة 10% من الإنتاج، بينما تساهم المصايد في البحرين الأبيض والأحمر بنسبة 6% فقط من إنتاج الأسماك، ونهر النيل وحقول الأرز بنسبة 4% من الإنتاج.
أنواع الأسماك في مصر
تُهيمن أسماك البوري والبلطي علي النسبة الأكبر من استهلاك الأسماك في مصر، وتحتل مصر المركز الأول عالميًا في إنتاج البوري، والثالثة عالميًا في انتاج البُلطي تلك السمكة الشهيرة في مصر والتي انتقلت منها إلى أغلب دول العالم، والقاروص الذي تصدره مصر إلى أوروبا حيث يمتاز بانخفاض نسبة الدهون به مع ارتفاع نسبة البروتين إلى 20%، كما بدأت مصر في تصدير الجمبري والاستاكوزا إلى السوق العالمي هذا العام.
كيف حققت مصر طفرة الإنتاج السمكي
دخلت المزارع السمكية مصر مع بداية الثمانينات من القرن الماضي، وكان إنتاج مصر وقتها يبلغ 250 ألف طن فقط، بدأت المزارع في نهر النيل وانتقلت منه إلى البحيرات الشمالية لمصر علي البحر الأبيض المتوسط، قبل أن تمنع الحكومة الاستزراع في النيل حفاظًا عليه من التلوث، غير أن الطفرة الحقيقية بدأت منذ خمس سنوات مع دخول الدولة لتنظيم وتطوير قطاع الاستزراع السمكي، والبدء في عدد من المشروعات الكبرى للنهوض به واستخدام أحدث التقنيات العالمية في هذا المجال، حيث استطاعت مصر تقديم منتج صالح للمنافسة في الأسواق العالمية.
وتُعد مشروعات الاستزراع السمكي صناعة واعدة في مصر، حيث تتميز بعائد استثماري مرتفع، كما أنها يمكن أن تبدأ بوحدات صغيرة واستثمار محدود ثم يمول المشروع نفسه من العائد، وهو ما شجع الكثير من صغار المستثمرين للعمل به، صاحب ذلك التوسع في مشاريع التفريخ للزريعة اللازمة للمزارع السمكية وكذلك صناعة الاعلاف.
ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ إنتاج مصر من الأسماك 1.5 مليون طن عام 2015 بلغت قيمتها 23 مليار جنيه، وارتفع خلال عام 2016 الي 1.7 مليون طن بقيمة 32 مليار جنيه، وبلغ 1.8 مليون طن عام 2017 بزيادة سنوية 6.8% بفضل الاستثمارات الجديدة في المزارع السمكية، مرتفعًا وفقًا لبيانات وزارة التخطيط إلى 1.9 مليون طن في 2018، و2 مليون طن العام الماضي، وتساهم المزارع السمكية بنسبة 80% من مجمل الإنتاج.
محاور تطوير القطاع والنهوض به
بدأت الطفرة الكبرى في قطاع الاستزراع السمكي بعد افتتاح قناة السويس الجديدة، حيث نفذت الدولة عدد من المشروعات في هذا المجال ضمن خطة تنمية محور قناة السويس شملت المزارع السمكية المتطورة وتطوير عدد من موانئ الصيد.
مشروعات المزارع السمكية الكبرى
بركة غليون
مشروع ضخم بتكلفة 1.7 مليار جنيه علي مساحة 13 ألف فدان ويستهدف تنمية محفظة كفر الشيخ بكاملها، ونفذ منه المرحلة الاولي علي مساحة 4 آلاف فدان بإنشاء 1359 حوض للأسماك بطاقة إنتاجية 3000 طن سمك للحوض الواحد كل 18 شهر، و2000 طن جمبري للحوض كل عام، بالإضافة إلى محطة إنتاج الزريعة، واستكمال البنية الأساسية للمشروع بالكامل، وبدأ طرح إنتاجها في الأسواق المحلية والباقي يتم تصديره.
المرحلة الثانية علي مساحة 9 آلاف فدان وتشمل أحواض أخرى للاستزراع السمكي ومصنعًا لإنتاج مسحوق السمك ومحطة معالجة للمياه المستخدمة ومصنع لشكائر الاعلاف.
مزرعة شرق بورسعيد
يضم المشروع المُقام علي مساحة 20 ألف فدان 5906 حوض سمكي منها بحيرة حرة للصيد علي مساحة 10 آلاف فدان، يتضمن 3 محطات رفع لمياه البحر لتغذية الأسماك، و3 محطات لرفع مياه الصرف، ويوفر المشروع 10 آلاف فرصة عمل، بتكلفة 650 مليون جنيه.
يتضمن المشروع حوض للسفن بطول 112 متر وعرض 85 متر، لاستيعاب 6 سفن في نفس الوقت، ومصنعًا للثلج ومخازن للأعلاف، وصالات لفرز الأسماك وتعليبها، بالإضافة إلى منطقة سكنية كاملة للعاملين بالمشروع.
مزرعة شرق قناة السويس
شرق قناة السويس في مدينة القنطرة شرق، على مساحة 7500 فدان ويشمل 4000 حوض للاستزراع السمكي ويوفر 10 آلاف فرصة عمل، وافتتحت المرحلة الأولي منه عام 2016 علي مساحة 1900 فدان، وتضمنت كامل البنية الأساسية للمشروع، وانتهت المرحلة الثانية منه في 2017 علي مساحة 2900 فدان وتضمنت اشناء 1600 حوض استزراع سمكي ومصنع للاعلاف بطاقة 150 الف طن، بالإضافة الي مفرخو للزريعة بطاقة 800 مليون زريعة سمكية و500 مليون زريعة جمبري، بالإضافة الي مصنع فرز ومصنع لتعبئة وتغليف الأسماك، بينما اشتملت المرحلة الثالثة والتي تم افتتاحها عام 2018 علي 1400 حوض جديد، مع الوحدات السكنية للعاملين بالمشروع.
تطوير عدد من مواني الصيد البحرية
ميناء الطور البحري
وتشمل موانئ الطور بتكلفة 140 مليون جنيه بإنشاء رصيف بحري جديد بطول 140 متر مع رفع كفاءة الرصيف القائم بطول 60 متر وغاطس 6 متر لخدمة مراكب الصيد الحديثة والمتطورة، وزيادة مساحة الميناء إلى 55 ألف متر مربع، وانشاء مصنع لفرز وتعبئة الأسماك، مع مصنع للثلج.
ميناء شلاتين للصيد
تطوير ميناء شلاتين لتصبح مساحته 150 ألف متر مربع، بتكلفة 150 مليون جنيه، ويستكمل في العام القادم 2021، ويشمل أرصفة بحرية لسفن الصيد الكبيرة، ومخازن للتبريد ومصنع لفرز وتعليب الأسماك مع مصنع للثلج، مع تطوير البنية التحتية لتحويله إلى ميناء عملاق للصيد البحري.
ميناء أبو رماد للصيد
تم تطوير الميناء بزيادة مساحته إلى 70 ألف متر مربع بتكلفة 120 مليون جنيه، وتشمل رصيف بحري بطول 120 متر وغاطس 6 متر يستوعب 600 مركب صيد صغير الحجم، ويتضمن ورش صيانة للمراكب، ومصنع للثلج، ومصنع لفرز وتعليب الأسماك.
تطوير وتنظيف البحيرات
يتبقى في خطة الدولة للنهوض الكامل بصناعة صيد وتربية الأسماك خطة طموحة لاستعادة البحيرات المصرية الشاسعة مثل بحيرة المنزلة والتي انخفضت مساحتها بسبب التعديات والردم من 750 ألف فدان إلى 150 ألف فقط، وبحيرة البرلس والتي تم إزالة تعديات عليها بمساحة 6500 فدان، مع تنظيف البحيرات من الحشائش والنباتات غير المرغوبة والتي تُغطي أجزاءً كبيرة منها، وإنشاء بنية أساسية للصيد الحر والاستزراع السمكي بها، مع ما يلزمها من خدمات لوجستية لفرز وتعبئة الأسماك لتتحول مصر إلى أحد مصدري السمك خلال السنوات المقبلة، خاصة مع ميزتها التنافسية بالقرب من أسواق استهلاك السمك الكبيرة في العالم والتي تتركز في القارة الأوروبية، وبعد منافسيها الآسيويين عن السوق.