رغم العقوبات الغربية بسبب العملية العسكرية التي تشنها روسيا على أوكرانيا، والتي دخلت عامها الثاني، تسعى مصر وروسيا إلى اتخاذ تدابير لتعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التجارة الثنائية، وخلق فرص أعمال مربحة للبلدين.

ومع تصاعد العقوبات الغربية على موسكو، تبحث الشركات الروسية عن أسواق بديلة في إفريقيا، بما في ذلك مصر. حيث أعطت القاهرة رخصة لتشغيل 34 شركة روسية الشهر الماضي، لتصدير منتجات المأكولات البحرية إلى البلاد.

الجنيه المصري والروبل الروسي

يشير تحليل مختصر للمونيتور/ Al Monitor، إلى أن القاهرة تسعى لتوفير مواد غذائية بأسعار معقولة وسط ضغوط  نقص العملة الصعبة. لذلك، بدأت مصر في استيراد زيت الطهي الروسي، وهو أرخص من الزيوت الإندونيسية والماليزية.

وفي محاولة لتسهيل مثل هذه المعاملات، أدرج بنك روسيا الجنيه المصري في يناير من بين العملات التسع التي يضمنها في نشرات أسعار الصرف الرسمية.

اقرأ أيضا: بايدن يحشد في وارسو وبوتين يحتمي بموسكو

مكاسب مشتركة

خلال السنوات الخمس الماضية، بلغ إجمالي التجارة بين مصر وروسيا 17.8 مليار دولار وفقًا للبنك المركزي المصري. ارتفعت الصادرات المصرية إلى روسيا بنسبة 21% إلى 544.1 مليون دولار في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، ارتفاعًا من 449.4 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2021، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أيضا، كانت روسيا خامس أكبر مصدر لمصر، في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بقيمة 3.7 مليار دولار، وفقًا للجهاز.

بالإضافة إلى الحبوب، تشمل واردات مصر من روسيا أيضًا الحديد والصلب والنحاس والخشب والوقود والآلات والمعدات الكهربائية والقاطرات وعربات الشحن ومعدات السكك الحديدية. وتشمل واردات روسيا من مصر الفواكه والخضروات والبلاستيك والصابون والملح والكبريت والأسمنت.

ينقل التحليل عن خبراء قولهم إن التجارة بين روسيا ومصر بالروبل والجنيه المصري “مكسب لكلا البلدين، بالنظر إلى العقوبات الغربية على موسكو، وأزمة الدولار في مصر”.

وينقل عن أندري سومين، خبير الأسواق المالية في روسيا، قوله إن كلا البلدين يواجهان صعوبات في الوصول إلى الصفقات وتسويتها بالدولار. لذلك “أحد الحلول الممكنة هو التجارة في العملات الوطنية”.

في 31 يناير/ كانون الثاني، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن واردات القمح هي “حجر الزاوية في العلاقة بين القاهرة وموسكو”. وأن أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان هي أكبر مستورد للحبوب في العالم. وقال شكري إن التجارة بين البلدين بلغت ستة مليارات دولار في عام 2022.

لذلك، يقول سومين إن التداول بالعملات الوطنية سيكون أسهل بالنسبة للتسعير المحلي وحساب العقود بالروبل والجنيه المصري.

يضيف: هذا سيسمح بتحويل الأموال بسرعة، وبدون عمولات. كما أوضح أنه “لن تكون هناك ضوابط وقيود إضافية على عمليات تحويل العملات من طرف ثالث”.

الحاجة إلى التطوير

رغم إشارة سومين إلى أن التجارة بين روسيا ومصر بالعملات الوطنية “لديها إمكانات عالية، ولكنها تحتاج إلى بنية تحتية وتطوير مناسبين لدعم مثل هذا التغيير”. لكنه يُشير إلى أن هناك عددًا من السلبيات “هناك الحاجة إلى شبكة من حسابات المراسلين للأنظمة المصرفية في كلا البلدين”.

وقال: التجارة بين روسيا ومصر غير متوازنة. 5 مليارات دولار لروسيا، مقابل 1 مليار دولار لمصر في 2022″. موضحًا أن الخلل يؤثر على صرف الروبل  مقابل الجنيه ومستويات السيولة في السوق.

وأضاف سومين أنه لتعويض الخلل، يمكن تحويل الزيادة في التجارة إلى عملات صعبة أخرى، أو تحويلها نحو أسواق رأس المال، أو الاحتياطيات.

ومع ذلك، فإن أدوات السوق المالية بالروبل والجنيه بحاجة إلى التطوير لتحقيق هذه الغاية.

يضيف المحلل الروسي: لا تزال مثل هذه الأدوات قيد التطوير، مما قد يؤثر على استعداد الشركات الكبرى والبنوك للمخاطرة في هذه السوق حتى الآن. موضحا أنه “يتم تداول معظم السلع الرئيسية، مثل النفط والقمح، في البورصات بأسعار الدولار الأمريكي. لذلك، ترتبط معظم عقود هذه السلع بأسعار الدولار”.

وأوضح أن “التعاقد بعملات أخرى غير الدولار يؤدي إلى مخاطر العملة”.

مسؤولية الدولة عن تأمين الحق في الغذاء (وكالات)
استيراد السلع الرخيصة من روسيا سيجعل المنتجات البديلة وخاصة المواد الغذائية متاحة في السوق المحلية

اقرأ أيضا: تزايد النفوذ البحري للصين في الشرق الأوسط.. على واشنطن الاستعداد للمزيد

محاربة التضخم

يرى محللون إن استخدام الروبل في عمليات تجارية، سيعزز جانب العرض، مستشهدين بمنتجات روسية أرخص. وينقل التحليل عن الخبيرة الاقتصادية المقيمة في القاهرة، حنان رمسيس، قولها إن الخطوة ستخفض الأسعار وتساعد على مواجهة التضخم.

وأضافت: إن استيراد السلع الرخيصة من روسيا سيجعل المنتجات البديلة، وخاصة المواد الغذائية، متاحة في السوق المحلية. قد يحارب ذلك جشع التجار هنا. مثل هذه الخطوة ستعزز المنافسة، مما سيساعد على خفض الأسعار.

وأوضحت رمسيس أن الزيادات الأخيرة في الأسعار في السوق المحلية هي نتيجة المضاربة على السلع.

وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ مؤشر أسعار المستهلك في البلاد 25.8% في يناير/ كانون الثاني، مقارنة  بارتفاع 21.3% في الشهر السابق.

ولفتت إلى أن استخدام الروبل للتسوية بعيدًا عن العملة الأمريكية سيساعد في تخفيف الضغط على الطلب على الدولار في مصر. وقالت إن هذا أفضل للتجارة الدولية لمصر.

وأوضحت أن روسيا تسعى لزيادة تجارتها الخارجية مع الصين والدول العربية وإفريقيا في ظل العقوبات الغربية. وأضافت “مصر قد تصبح بوابة روسيا إلى الأسواق الإفريقية على المدى الطويل”.