فيما كانت أسرته تستعد لاستقباله من السجن خلال أيام، ليقضي معهم شهر رمضان، وفق الوعود التي تؤكد أسرته حصولها عليها من أكثر من جهة بالإفراج عنه. فوجئت أسرة الناشط محمد عادل بإحالته لقضية جديدة، تحمل تهم مكررة، بنشر أخبار كاذبة. لتبدأ معاناة رحلة سجن جديدة.
وحددت الدائرة 27 التابعة لمحكمة استئناف المنصورة، جلسة 1 أبريل/ نيسان القادم لمحاكمة عادل، الناشط والقيادي بحركة 6 أبريل، في قضية جديدة تحمل رقم 2981 لسنة 2023 جنح أجا-الدقهلية.
قضية جديدة تُضاف إلى القضايا التي يحاكم فيها عادل، في وقت يدور فيه الحديث عن “انفراجة” في ملف المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، بالتوازي مع الحديث عن “الحوار الوطني” الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل/نيسان من العام الماضي.
يواجه عادل مهندس الكمبيوتر الشاب -مواليد 1988- السجن في قضية تلو الأخرى طوال عقد من الزمن، والقضية الجديدة محالة من محضر قضية سابقة تحمل رقم 5606 لسنة 2018، وكان قضى على ذمتها فترة سجن احتياطي، سنتين و7 أشهر، قبل إخلاء سبيله بكفالة 10 آلاف جنيه فى 27 يناير 2020.
اقرأ أيضا: السجون والإرهاب والفساد والأقليات.. ماذا حدث في الاستعراض الأممي لتقرير حقوق الإنسان بمصر؟
ولد عادل بمحافظة الدقهلية، وحصل على بكالوريوس نظم المعلومات، وعمل مبرمجا قبل تخرجه، وضمن ظاهرة التدوين، دشن عادل مدونته “العميد ميت” في عام 2006. واهتم بشكل خاص بالقضية الفلسطينية، واستقلال القضاء المصري، وأشاد بحكم وقف تصدير الغاز لإسرائيل.
رحلة السجن
بدأت رحلة ملاحقات عادل، الذي عمل مبرمجًا وصحفيًا إلكترونيًا عام 2006. عندما احتجز لأول مرة لمدة شهرين في سجن طرة، وهو في الـ 17 من عمره. ثم أعيد القبض عليه في 2008 بتهمة نشر وإشاعة أخبار كاذبة، وقضى بالسجن بضعة أشهر قبل إخلاء سبيله.
وبعد ثورة يناير 2011، وتحديدًا في عام 2013، ألقي القبض على “عادل” و”أحمد ماهر” القياديين بحركة 6 أبريل، وكان ثالثهما الناشط والصحفي “أحمد دومة”، وحكم عليهم بعقوبة سجن ثلاث سنوات، و3 أخريات مراقبة، وغرامة 50 ألف جنيه.
قضى السنوات الثلاث سجينًا، ثم بدأ سنوات المراقبة. وقبل أن تنتهي، فوجئ عادل بالقبض عليه مجددا في 18 يونيو/ حزيران 2018 أثناء استعداده لمغادرة قسم شرطة أجا في السادسة صباحا، بعد انتهاء مراقبته اليومية. حيث تم حبسه أكثر من عامين على ذمة القضية رقم 5606 لسنة 2018 إداري أجا -الدقهلية بتهمة نشر أخبار كاذبة، قبل إخلاء سبيله بضمان مالي قدره 10 آلاف جنيه.
اليوم، يعيش عادل داخل السجن رهن الحبس الاحتياطي على ذمة القضية الثانية رقم 4118 لسنة 2018 إداري شربين- الدقهلية، التي تحمل الاتهامات نفسها التي أخلي سيبله على ذمتها في القضية الأولى. وعلى الرغم من حصوله على قرار إخلاء سبيل على ذمتها، عادت النيابة لتستأنف على القرار، ليتم تأييد استئنافها واستمرار حبسه.
عملية إعادة تدوير عادل على ذمة قضية جديدة حولت أحلام زوجته |رفيدة حمدي| إلى سراب، يتخلله بعض التماسك والصمود ووقت مستقطع في الزيارات قصيرة المدة التي تطولها من وقت لآخر. وذلك بعد ارتباط محمد ورفيدة بعقد قرانهما داخل الحبس الاحتياطي عام 2020.
في آخر زيارة جمعت رفيدة بعادل، وكانت بعد يوم من تدويره على ذمة القضية الجديدة، قالت له:” رغم ما حدث بالأمس، لكني أشعر أنك ستخرج قريبا”. لكن عادل أجابها يائسا: “لا.. هو فقط أثر الصدمة”. وكأنه يدرك أن هناك خصومة تدفع لوجوده في السجن الاحتياطي، عبر اتهامه في قضايا متلاحقة.
تقول رفيدة لـ “مصر 360: بالفعل لا أعرف ما الذي حدث لنا زلا زلت لا أستطيع استيعابه. وأحلامنا التي أصبحت أرضا جدباء. بعد انتظار خمس سنوات، سوف يتعين علينا أن نقطع رحلة السجن من بدايتها مرة أخرى”.
تضيف:” كتير نعجز عن إدخال بعض المستلزمات لعادل. وسابقًا، أبلغت برفض دخول كتب دراسية، ومرات أخرى مُنِع دخول الطعام”.
أزمة “التدوير” الأخيرة
في حالة تعرض محمد لصدور حكم ضده بعد الإحالة الأخيرة، فإن الأمل في خروجه يتضاءل. لأنه في حال صدور حكم ضده، يعني أن مدة الحبس الاحتياطي لن تكفي إجمالي الأحكام. وبالتالي، يستمر حبسه لعدد من السنوات.
بمعنى آخر، مدة الحبس الاحتياطي التي قضاها -حتى اليوم- ستكون موزعة على عدد من الأحكام القضائية في قضايا مختلفة.
مضايقات الإخوان
يقضى محمد فترة عقوبته بسجن جمصة، حيث تم إيداعه مع مجموعة من عناصر الإخوان المسلمين لمضايقته والضغط عليه، بسبب كثرة المناوشات بينهم.
تروى رفيدة لـ “مصر 360″ عن العديد من المضايقات التي تتعرض لها أسرته أثناء الزيارة، ومنعه من العديد من الحقوق، منها منع وصول الكتب الدراسية إليه، وبعض الأدوات مثل سخان كهربائى (كاتيل)، وتعمد السماح بالزيارة وسط المسجونين الجنائيين.
تقول:” هناك كتب دراسية دخلت يوم 5 فبراير/شباط الماضي، حتى اليوم لم تصل لمحمد. وعندما نسأل ضابط المباحث يجيب بأنها مع الأمن الوطني”.
وعود بالإفراج
أكدت رفيدة أنها حصلت على وعود كثيرة من كل الجهات، بالإفراج عن عادل قبل شهر رمضان، تقول: أنا صدقت فعلا، صدقت من كثرة الكلام المؤكد من أكثر من جهة ومن أكثر من شخص. واليوم فوجئنا بالإحالة التي كنا كنا معتقدين في البداية إنها تحقيق نيابة.”