غدًا الخميس، تستعد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، لحسم مصير سعر الفائدة، في ثاني اجتماع للجنة للعام الحالي 2023، بعد أن سجلت معدلات التضخم رقمًا قياسيًا مقارنة بالسنوات الأخيرة.
وفي اجتماعه الأخير في 2 فبراير/ شباط الماضي، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة، على الرغم من توقعات المحللين، حينها، بزيادة قدرها 150 نقطة أساس، باعتبار أن الزيادة في أسعار الفائدة التي تم فرضها خلال 2022 قد تساعد في تقليص التضخم، الذي ارتفع منذ نهاية العام الماضي.
وبعد ارتفاع معدلات التضخم خلال فبراير/ شباط الماضي إلى مستويات قياسية واستمرار ارتفاع أسعار مختلف السلع والمنتجات بالسوق، تباينت الآراء بشأن السيناريوهات المتوقعة حول قرار لجنة السياسات النقدية غدًا الخميس. وكيف تؤثر معدلات التضخم وارتفاع أسعار الوقود على قرار الفائدة؟.
ضغوط تضخمية
في 10 مارس/ آذار الجاري، كشف البنك المركزي المصري أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل 40.3% في فبراير/شباط 2023، مقابل 31.2% في يناير/كانون الثاني من نفس العام، وهو أعلى مستوى له في خمس سنوات ونصف مضت. ووفق بيانات رسمية، فإن أهم أسباب الارتفاع تعود إلى زيادة أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 9.2%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 29.7%، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 19.5%..
وشرحت مصادر مصرفية تأثير ارتفاع التضخم على قرارات السياسة النقدية، موضحة أن الفترة الماضية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا على مستوى التضخم بالسوق والذي أثر بدوره على سوق العرض والطلب بشأن السلع وإحداث تأثيرات سلبية بالسوق لابد من مواجهتها برفع الفائدة.
لفتت المصادر إلى أن رفع الفائدة بات ضروريًا للسيطرة على الضغوط التضخمية، وللاتساق مع تحقيق هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وأنه يتم استخدام أدوات السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم، والحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب.
تشير المصادر إلى أن الموجة التضخمية تأتي في ظل التراجعات المستمرة التي تطارد الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي منذ العام الماضي وحتى الآن. وسعيًا إلى أسعار صرف عادلة للدولار، تدخل البنك المركزي المصري عدة مرات وقرر تحريك الفائدة لوقف صعود التضخم، وخلال أقل من عام قفز سعر صرف الدولار الأمريكي إلى مستوى تجاوز الـ 31 جنيه في الوقت الحالي.
ارتفاع جديد أم تثبيت؟
وتباينت توقعات المحللين حول اتجاه البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة، فيرى البعض أن المركزي المصري سيواصل رفع أسعار الفائدة عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية غدًا الخميس، في حين يتوقع محللون اتخاذ قرار بالتثبيت.
الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، يقول إن الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي قد يشهد قرارًا برفع أسعار الفائدة في حدود 2% وذلك وفقًا لمعطيات السوق الداخلية المتعلقة بارتفاع التضخم المحلي واستمرار ارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصري.
ويضيف شوقي، لـ “مصر 360″، أن رفع الفائدة قد يكون جيدا للسيطرة على ارتفاع سعر الدولار في السوق المصرفية. كما أن سعر الدولار يتم تقييمه واعتماده في كثير من عمليات الاستيراد على سعر يصل لـ 36 دولارًا.. “وده سعر أعلى بكتير من الموجود في البنوك”. وبالتالي، تحريك الدولار قد يكون ضروريًا للقضاء على هذه الفجوة.
ويلفت الخبير المصرفي إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار حدوث ارتفاع تدريجي في معدلات التضخم على مدى الأشهر المقبلة، ثم بعد ذلك ستبدأ في الانحسار ما يعني أن مستويات التضخم ستجعل المركزي مضطرًا إلى رفع الفائدة الفترة القادمة.
ويضيف أن التضخم ناتج حاليًا عن زيادة أسعار السلع والخدمات مع ضعف نسبي في الإقبال على شراء المستلزمات والسلع ما يؤثر بشكل كبير على عمليات السحب الشهري على المنتجات “ارتفاع الأسعار بيخلق حالة من الركود وده هيأثر على التضخم والمركزي ممكن يشوف إن أحد حلول الفترة دي هو تحريك الفائدة”.
ويقول إن تلك المؤشرات ستدفع البنك المركزي إلى اتخاذ قرار آخر برفع الفائدة في السوق بداية من الخميس المقبل، تأثرًا بمعطيات السوق سواء الداخلية أو الخارجية.
أيضًا، يرى هاني جنينة المحلل الاقتصادي، أن الفترة القادمة ستشهد بدء الاستحقاق الخاص بعائد شهادات الـ 18% التي سبق وتم طرحها العام الماضي وبالتالي لابد من مواجهة السيولة المتوقعة بطرح شهادات إدخار للحفاظ على السوق. خاصة وأن العائد على أذون الخزانة ارتفع الفترة الماضية رغم قرارات المركزي السابقة بتثبيت الفائدة منذ بداية العام الجاري.
وأضاف جنينة لـ مصر 360 أن البنك المركزي قد يلجأ في اجتماع الخميس إلى إجراء تحريك على مستوى أسعار الفائدة بما يصل إلى حوالي 3% للسيطرة على التضخم ولخفض معدلاته السنوية خاصة بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على اتباع سياسات حاسمة لتقليص معدلات التضخم خلال 2023.
في المقابل، يرى اقتصاديون أن تثبيت الفائدة قد يكون أكثر ملائمة لوضع السوق في الفترة الراهنة بسبب موجة الارتفاعات في الأسعار خلال الأشهر الماضية، والتي أثرت على معدلات الشراء في السوق خاصة قبل شهر رمضان.
وقال رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة، إن تثبيت أسعار الفائدة بات هو الأنسب بالنسبة لحالة السوق. فارتفاع معدلات التضخم خلال فبراير الماضي لن يُجدي معها تحريك الفائدة وبالتالي قد تتأثر السوق سلبًا بأي تحريك جديد في الفائدة.
لابد من وضع حالة السوق في الاعتبار قبل القرار القادم، إلى جانب دراسة مدى قدرة السوق على استيعاب أي تحريك جديد في الفائدة أم لا. فزيادة الضغط على سعر الصرف سينعكس سلبًا على التضخم الفترة القادمة.
أسعار الوقود والفيدرالي ترجح التحريك
ويمثل قرار الفيدرالي الأمريكي الأخير برفع سعر الفائدة ضغوطًا جديدة على البنك المركزي المصري تدفعه لرفع أسعار الفائدة. لتجنب هروب الاستثمارات الأجنبية. وخاصة الاستثمار في أدوات الدين وأذون الخزانة التى تطرحها وزارة المالية. في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لجذب المزيد من الاستثمارات، ضمن خطة طموحة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة.
وشدد أحمد شوقي الخبير المصرفي، على تأثير المؤشرات الخارجية وعلى رأسها قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على القرار المنتظر للمركزي المصري الخميس.
لفت شوقي إلى أن الاتجاه الحالي يشير إلى احتمالية قيام الفيدرالي الأمريكي بإقرار رفع آخر للفائدة خلال الفترة القادمة، ومن ثم سيتعين على المركزي المصري رفع الفائدة أيضًا لتجنب حدوث فجوة في السوق المصرية. موضحًا أن المركزي سيتجه أيضًا إلى رفع الفائدة 2% لكبح جماح التضخم من جهة والحفاظ على استثمارات المتعاملين الأجانب في أدوات الدين.
وقال رمضان أبو العلا خبير الطاقة، إن قرار لجنة تسعير الوقود الفترة الماضية من شأنه أن يؤدي إلى تحريك على مستوى الأسعار وبالتبعية رفع التضخم في السوق.
تابع في تصريح خاص، أن البنك المركزي يلجأ في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات بتحريك أسعار الفائدة بالسوق للسيطرة على تبعات زيادة أسعار الوقود وذلك كإجراء احترازي لمنع تفاقم التضخم.
وسابقًا، أعلنت وزارة البترول تحريك أسعار البنزين بواقع 75 قرشا للتر بنزين 80 و95، وارتفاع سعر لتر البنزين 92 بقيمة جنيه، وزيادة غاز تموين السيارات ليصبح 4.50 جنيه / متر.
ماذا يعني رفع الفائدة؟
رفع الفائدة يعني أن سعر الفائدة سيرتفع على الإقراض. فإذا كان العميل يرغب الآن في الحصول على قرض، فهذا يعني أن سعر الفائدة سيرتفع على القرض الذي يرغب في الحصول عليه.
ومع ذلك، فإن هذا الإجراء لا ينطبق على العملاء الذين حصلوا على قروض من قبل ويسددون حاليًا أقساط عليه. وفي حال كان العميل سبق وحصل على قرض بفائدة متغيرة -أي مرتبطة بسعر الفائدة المقررة من البنك المركزي- فهذا يعني أن سعر الفائدة سيرتفع.