انهار بنك سيليكون فالي، وهو إلى جانب تصنيفه في المركز السابع عشر بين البنوك الأمريكية من حيث حجم الميزانية العمومية، يُعتمد عليه ويعتبر واجهة ومؤشرا لاستثمارات تضخ في الشركات التكنولوجية الناشئة.

بعد أزمة البنك المدفوعة بقرارات الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة، وتراجع بيئة الاستثمار وسحب العملاء، والمستثمرين لودائع ضخمة، حجزت السلطات التنفيذية على البنك، وبذلك تشكل الأزمة المالية أزمات أخرى تتعلق بالإقراض في مجال التقنية والتكنولوجيا، وما يترتب عليه من أنشطة الشركات العاملة في هذا القطاع.

في مقال How Silicon Valley Bank collapsed/ Fortune يحلل تريستان بوف المحرر الاقتصادي في fortune.  تتابع مراحل الأزمة وأسبابها وأيضا التبعات المحتملة.

يقول بوف: إن ما حدث يعد أكبر فشل مؤسسي مالي تواجهه السلطات منذ الأزمة المالية لعام 2008 كما أحدث انهيار البنك مخاوف بين المستثمرين الذين تعرضوا للصدمة بعد انهيار البنك فجأة،أو كما قال الكاتب: في طرف عين.

ويعتبر انهيار البنك الذي يملك أصولا تقدر 209 مليارات و 175 من الودائع ثاني أكبر فشل في القطاع المصرفي في الولايات المتحدة.، وهو ما أثار ذعراً واسع النطاق في أوساط المستثمرين في قطاع التقنية، والشركات الريادية الناشئة.

يحاول المودعون من وادي السيليكون وغيرهم من العاملين في قطاع التقنية والتكنولوجيا فهم ما حدث، وتحاصرهم أسئلة حول استعادة أموالهم.

كيف انهار البنك؟

يشير الكاتب إلى أن طريقة انهيار البنك الذي يمول التكنولوجيا الحديثة، كانت تقليدية، يقول: انهار البنك بذات الطريقة التي حدثت من قبل خلال أزمة 2008 وضربت القطاع المصرف، وأيضا تتشابه مع انهيار العملات المشفرة العام الماضي.

مع تصاعد المخاوف بشأن ملاءة المقرضين في وقت سابق من هذا الأسبوع تحولت موجة من محاولات السحب إلى تسونامي، مما أدى إلى خروج البنك عن نطاق السيطرة.

كشف البنك فجأة، أنه باع 21 مليار دولار من الاستثمارات، مما أدى إلى خسارة بنحو 1.8 مليار دولار، ثم أعلن البنك: أنه كان يجري بيع أسهم بقيمة 2.25 مليار دولار في محاولة لـدعـم موارده المالية.

كما أعلن الرئيس التنفيذي للبنك جريج بيكر: سعيه لاقتراض 15 مليار دولار أكثر مما كان مخططا له في الأصل.، ارجع رئيس البنك الأزمة بتأثر سلبي نتج من زيادة الفائدة وحالات الحرق النقدي بين شركات التكنولوجيا، وضغوط السوق الأخرى، هذا بالإضافة إلى بيئة اقتصادية سلبية.

تأثير سعر الفائدة.

رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة ثماني مرات في العام الماضي، ذلك مع توقعات برفعه مجدد، كما خفضت حملة التشديد قيمة السندات، التي يستثمر فيها البنك في عمليات الإقراض للشركات الناشئة، ومنها شركات وادى السليكون والشركات الناشئة،

يشير الكاتب: أن نهاية عصر “المال السهل” لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تركت آثار سيئة للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا وللسندات التي يحتفظ بها هذا البنك الذي يركز على الشركات الناشئة.

سحب الودائع

مع زيادة الفائدة والظروف الاقتصادية غير المواتية، انكشف المركز المالي غير المتماسك للبنك، وقال بيكر: في رسالة لكبار العملاء إن جولات الاقتراض ستساعد في تعويض الخسائر الناجمة عن مبيعات سنداته، وأصر بيكر على أن البنك لا يزال قادراً على النجاة.

لكن بعد فترة وجيزة من إفصاح بنك سيليكون فالي بدأ العملاء، والمستثمرون في ماراثون سحب ودائعهم وأصولهم من البنك بأسرع ما يمكن.

تراجع أنشطة الشركات الناشئة

كان قطاع التكنولوجيا متوترا بشكل غير معهود لعدة أشهر، حيث ضربت بيئة السوق السلبية شركات التكنولوجيا بشدة، مما أدى إلى خفض قيمة الأسهم هذا بجانب تدابير خفض التكاليف على نطاق واسع.

كان العديد من المستثمرين أيضا، على حافة الهاوية بعد انهيار بنك سيلفرغيت في كاليفورنيا مؤخرا، وهو واحد من أهم البنوك المقرضة للشركات المشفرة.

حاول بيكر رئيس البنك، وقف تمدد الأزمة وسحب الودائع، حث المستثمرون على البقاء هادئين، مردداً رسالة الغرق “ادعمنا كما دعمناك خلال الأوقات الصعبة” ، لكن بدا جلياً أن الأوان قد فات. وقد حصل الأمر المكروه بالفعل إذ انتشرت أخبار أزمة البنك مما ساهم في تضخيم الخوف، وتفاقم عمليات البيع، وسحب الودائع، والأصول خاصة مع نصح شركات المحافظ بسحب أموالها وأصولها.

كان المستثمرون لا يزالون متأكدين من أن بنك سيليكون فالي يمكن أن يبقى على قيد الحياة، نظرا لأهميته للصناعة واقتصاد التكنولوجيا بشكل عام.

إخفاق محاولات استبعاد الفشل

قال أحد مستثمري رأس المال: في إشارة إلى اعتقاد عام بأن بعض البنوك راسخة القواعد، بحيث لا يمكن تصور انهيارها لا يمكن– إنه أكبر من أن يفشل ”.

حتى المستشارين الماليين اعتبروا مؤخراً بنك سيليكون فالي استثمارا ذكيا، بما في ذلك جيم كرامر من CNBC الذي وضع الشهر الماضي الشركة الأم للبنك كواحدة من أفضل 10 أسهم له للشراء على مؤشر ستاندرد آند بورز 500.

بينما كتب مستثمر صندوق التحوط الملياردير بيل أكمان، أنه ينبغي للحكومة أن تنظر في التدخل لإنقاذ بنك سيليكون فالي. بعد أيام محدودة أعلنت الشركة الأم :لشركة بنك سيليكون فالي سعيها لبيع البنك بعد فشلها في العثور على أي رأس مال في اللحظة الأخيرة لدعمه.

مصادرة البنك والحجز على أصوله

رغم محاولات البيع لإنقاذ البنك، استمرت عمليات السحب بوتيرة حادة، ومع عدم تقدم أي مشتري  جاد لشراء البنك، ومعها اتخذت السلطات الفيدرالية قرار بمصادرة البنك وأصوله.

اليوم يواجه البنك أزمة، الودائع أقل من حد الهيئة التنظيمية القابل للتأمين البالغ 000،250 دولارا، وسيتعين على العملاء الذين لديهم ودائع أعلى من الحد القابل للتأمين، الانتظار ومعرفة ما يتم بيع أصول البنك في نهاية المطاف؛ لتحديد المبلغ الذي يمكنهم استعادته من ودائعهم..

تبعات متعددة لانهيار البنك

لا يعرف متى يمكن حصول العملاء على تعويض؟ وما هي الأموال المتاحة؟

لا يزال البحث عن المشتري على قدم وساق، والهدف هو إبرام صفقة إنقاذ، إما لجميع أصول البنك أو بعضها، وفقا لما ذكره بلومبرج بعد الاستيلاء على البنك من قبل السلطات الفيدرالية.

وقال المحللون: من جي بي مورغان إن انهيار بنك سيليكون فالي سيكون له تأثير كبير على البنوك الأخرى. حيث تواجه العديد منها وخاصة الصغيرة قضايا مماثلة.

ويتوقع مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، استمرار المخاوف، يضرب الكاتب أمثلة على الترقب، والخوف في سوق المال، يقول: شهدت أسهم بعض البنوك الصغيرة والإقليمية بما في ذلك فيرست ريبوبليك وبنك باك ويست بانكورب انخفاضا كبيرا بعد كارثة بنك سيليكون وارتفعت عمليات البيع في بنوك أخرى.