مساء أمس الثلاثاء، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليُخبّر مواطنيه أن ما أسماه الحرب المتوقعة مع حركة الجهاد الإسلامي في غزة قد تستمر عدة أيام وتمتد إلى أكثر من ساحة.
يأتي القتال الجديد بعد أن انتظرت إسرائيل أسبوعا حتى تتاح الفرصة العملياتية لضرب قيادة الحركة في غزة، منذ أن أطلقت الجماعة المدعومة من إيران أكثر من 100 قذيفة باتجاه إسرائيل في 2 مايو/ أيار، ردا على مقتل المعتقل الفلسطيني المضرب عن الطعام خضر عدنان.
في تحليله المنشور في المونيتور/ Al Monitor، يشير الصحفي الإسرائيلي بن شاميت، إلى أنه “بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، شنت عشرات الطائرات الإسرائيلية -المأهولة وغير المأهولة- هجمات مفاجئة متزامنة على ثلاث شقق في قطاع غزة بعد الساعة الثانية صباحًا بقليل”.
وأضاف شاميت: أسفر الهجوم عن مقتل خليل البهتيني وطارق عز الدين وجهاد الغنام، وهم ثلاثة من كبار قادة حركة الجهاد، الذين تلومهم إسرائيل على تنظيم هجمات ضد أهداف إسرائيلية من غزة والضفة الغربية.
بعد أقل من دقيقة من إطلاق الصواريخ الموجهة على أهدافها، تلقت مراكز السيطرة التابعة لجهاز الأمن العام “الشاباك” والجيش الإسرائيلي، تأكيدًا بالضربات.
ولفت إلى أنه “على الرغم من المزاعم الإسرائيلية بأنها تصرفت بدقة جراحية، فقد قُتل ما لا يقل عن 10 غير مقاتلين، من بينهم نساء وأطفال. بما في ذلك أفراد عائلات القادة الذين تم اغتيالهم”.
اقرأ أيضا: حرب مفتوحة بين نتنياهو وبن جفير بسبب التصعيد في غزة
توقعات ردود الأفعال
أوضح تحليل بن شاميت أن نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت “وافقا على هذه الاغتيالات قبل أسبوع، من دون عقد أو إخبار مجلس الوزراء الأمني. فقط، اجتمع الوزراء بعد الواقعة في مساء 9 مايو/ أيار لتلقي المستجدات ومناقشة مختلف السيناريوهات. بما في ذلك احتمال انضمام حماس إلى الجهاد الإسلامي للرد على الاغتيالات.
بعد اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد مساء الثلاثاء، أصدر نتنياهو بيانًا عاما: “أقول لأعداء إسرائيل، أي تصعيد من جانبكم سيقابل برد ساحق من جانبنا”.
وقال جالانت في بيان إن “أهداف العملية تحققت. تم القضاء على قيادة الجهاد الإسلامي في غزة “. وحذر من انتقام محتمل ضد أهداف إسرائيلية “قريبة وبعيدة”.
أيضا، قال مدير الشاباك، رونين بار -الذي انضم إلى نتنياهو وجالانت في إصدار بيانات عامة- إن الجهاد الإسلامي خطط لبدء تصنيع صواريخ في بلدة جنين بالضفة الغربية، والتي كان من الممكن أن تصل إلى بلدة العفولة الإسرائيلية القريبة. والواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وزعم مدير الشاباك أن المسؤول عن هذا المشروع هو جهاد الغنام، أحد الثلاثة الذين قتلتهم إسرائيل.
وبينما تصاعدت التوترات طوال اليوم توقعا لهجمات صاروخية أو أعمال انتقامية أخرى من غزة. تم إجلاء الآلاف من سكان البلدات والقرى الإسرائيلية على الحدود مع غزة إلى مواقع أكثر أمانًا استجابة لتحذيرات الجيش، وأغلقت الطرق بالقرب من السياج الحدودي، وتوقفت خدمة القطارات.
وفيما لم تتضح طبيعة ومدى الانتقام المتوقع. حذّر نتنياهو من أنه قد ينطوي على هجمات من جهات أخرى، بما في ذلك لبنان، مرددًا تحذيرًا صدر مؤخرًا عن المخابرات العسكرية، والتي -مع ذلك- صنفت احتمالات مثل هذا السيناريو على أنها ليست عالية جدًا.
القلق من حماس
تعكس العملية الإسرائيلية، التي تحمل الاسم الرمزي “درع وسهم/ Shield and Arrow”، قرار حكومة نتنياهو باستئناف سياسة الاغتيالات المستهدفة لكبار المقاومين الفلسطينيين.
في أغسطس/ آب 2022، أطلقت حكومة يائير لبيد عملية “الفجر الصادق”، التي تشبه كثيراً العملية الحالية، وخلالها -أيضا- قتلت ثلاثة من قادة الجهاد الإسلامي. ولأن حماس لم تنضم إلى الرد الانتقامي لحليفها في ذلك الوقت، فقد انتهت العملية في غضون يومين، وفق زعم شاميت.
يقول: السؤال الآن هو ما إذا كانت حماس ستبقى على الحياد مرة أخرى هذه المرة، أم تستسلم لضغوط إيرانية قوية للانضمام إلى الجهاد انتقاما، مستخدمة قدراتها وترساناتها الأكثر اتساعًا.
يضيف: من المتوقع أن يؤدي تدخل حماس إلى إطالة جولة العنف الحالية على مدى عدة أيام على الأقل. فهل زعيم حماس في غزة يحيى السنوار على استعداد للمخاطرة بكل المكاسب الاقتصادية التي حققها خلال العامين الماضيين بإطلاق النار على إسرائيل من أجل احتضان تضامن المنظمات الرافضة المدعومة من إيران؟
ويضيف الصحفي الإسرائيلي أن الحكومة العبرية نقلت رسائل متكررة طوال اليوم إلى حماس، مفادها أنها غير معنية بإلحاق الأذى بالمنظمة.
ومع ذلك، أوضحت إسرائيل لحماس أنها إذا انضمت إلى القتال، فسيتم وضع قادتها على قائمة إسرائيل المستهدفة، ولن يتمتعوا بعد الآن بالحصانة النسبية التي يتمتعون بها حتى الآن.
كما حذرت إسرائيل من إلغاء التصاريح الممنوحة لـ 17000 من سكان غزة للعمل في إسرائيل.
وفي مساء الثلاثاء، تم إرسال عضو مجلس الوزراء يسرائيل كاتس إلى استوديوهات التلفزيون لتأكيد الرسالة، معلنا أنه “إذا كان على حماس مواجهة إسرائيل، سيكون يحيى السنوار الهدف التالي”.
اقرأ أيضا: هل تضطر إسرائيل إلى تغيير معادلة الردع مع حزب الله؟
ضعف الردع الإسرائيلي
فاجأت اغتيالات الثلاثاء الكثيرين. لم يتم إبلاغ معظم وزراء الحكومة مسبقًا، ولا سيما وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، الذي قاطع حزبه اليهودي القومي المتطرف جلسات الحكومة والكنيست هذا الأسبوع، احتجاجًا على “عدم استجابة” إسرائيل للهجمات الصاروخية الأسبوع الماضي.
وينقل الصحفي الإسرائيلي عن مصدر رفيع في الليكود حديث لموقع “المونيتور” -اكثر شريطة عدم الكشف عن هويته- ذكر فيه أن “نتنياهو ليس بحاجة إلى حكومته. هناك في الغالب أشخاص عديمي الخبرة، مثل وزير الإسكان الأرثوذكسي المتشدد يتسحاق جولدكنوبف، أو أشخاص غير مسؤولين مثل بن جفير، الذين يسربون كل شيء لوسائل الإعلام”.
وأضاف: من الجيد أن القرارات اتخذت في منتدى أكثر حميمية.
كما قال مصدر أمني إسرائيلي رفيع للمونيتور إن العملية “أثبتت لأعداء إسرائيل أنهم أخطأوا في تقدير الاعتقاد بأن قدرة الردع الإسرائيلية قد تضررت، بسبب الاضطرابات الداخلية التي تعصف بالبلاد بسبب الإصلاح القضائي المخطط، الذي أضعف المحاكم الإسرائيلية.
وأضاف: “في أوقات الطوارئ، يقف الجميع. حتى الليلة الماضية – كان المئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو نشطين، سواء في الطائرات نفسها أو على الأرض”. في إشارة إلى التحذيرات التي أطلقها طيارو القوات الجوية الإسرائيلية في وقت سابق من هذا العام بأنهم لن يحضروا في الخدمة الاحتياطية إذا تم تنفيذ الإصلاح القضائي.
من ناحية أخرى، قال أحد قادة الاحتجاج على الإصلاح الحكومي للمونيتور -شريطة عدم الكشف عن هويته- إن “الهجوم على غزة يوضح مرة أخرى مدى أهمية أن تظل إسرائيل ديمقراطية قوية ذات قضاء مستقل وذي مصداقية”.
وأضاف أنه “قُتل نساء وأطفال في هذا الهجوم، ولا أحد في إسرائيل سعيد بذلك”. مشيرا إلى أن جميع تصرفات الجيش الإسرائيلي يتم فحصها من قبل السلطات القانونية الإسرائيلية وفقًا لقوانين الحرب، وإذا لزم الأمر، من قبل المدعي العام.
وأكد: إذا تم تبني الاصلاح القضائي فستفقد اسرائيل مصداقيتها في حماية الجيش الاسرائيلي وضباطه ومقاتليه قانونيا. واليوم أكثر من أي وقت مضى يتضح لنا مدى أهمية عدم حدوث ذلك.