ربما كانت خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني” (JCPOA) ليست على جدول الأعمال في الوقت الحالي”، كما يُشير البيت الأبيض. لكن، زيارة هيثم بن طارق سلطان عُمان للعاصمة الإيرانية طهران في نهاية مايو/ أيار الماضي، تلفت إلى أن الدبلوماسية الأمريكية- الإيرانية ربما تتواصل بشكل غير مباشر من خلال وسطاء موثوق بهم.
قبلها، ووفق موقع أكسيوس/ Axios -القريب من أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية- هذا الأسبوع، فإن منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت ماكجورك، كان في سلطنة عُمان يوم 8 مايو/ أيار، لإجراء مناقشات مع مضيفيه بشأن إيران.
وفي تحليل نشره المونيتور/ Al Monitor، فإنه في حين لم تتحدث الولايات المتحدة وإيران بشكل مباشر، اعتمدا على الاتحاد الأوروبي وسلطنة عُمان وغيرهما للعمل من خلال ما قد يكون ممكنًا في غياب خطة العمل الشاملة المشتركة.
يقول التحليل: من المتوقع أن تتضمن الحزمة المراوغة حتى الآن -والمعروفة باسم “الأقل مقابل الأقل”- شكلاً من أشكال تخفيف العقوبات.
يوضح: السلطان العُماني هيثم بن طارق آل سعيد هو شريك ومحاور موثوق به. وقيّم من قبل كل من واشنطن وطهران. أثارت الزيارة التي قام بها الأسبوع الماضي، بما في ذلك اجتماعه مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في 29 مايو/ أيار، تكهنات بأنه “قد يكون هناك المزيد من الضغط على الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية”، بحسب علي هاشم الصحفي المتخصص في الشؤون الإيرانية.
ويلفت التحليل إلى أن السلطنة الهادئة التي تحظى باحترام الجميع، قد لعبت بالفعل دوراً فعالاً في الدبلوماسية الأمريكية والإقليمية مع إيران. بما في ذلك إطلاق سراح وتبادل المعتقلين الغربيين هناك “بعد زيارة السلطان هيثم، أطلقت إيران سراح دنماركي واثنين من النمساويين بعد وساطة من مسقط”. ويأتي إطلاق سراحهم في أعقاب إطلاق سراح مواطن بلجيكي واثنين من الفرنسيين في مايو/ أيار.
اقرأ أيضا: الخروج من “المنطقة الرمادية”.. الردع النووي وتغيير الاتجاهات العسكرية الإيرانية
ينقل التحليل عن عدد من خبراء الشأن الإيراني رؤيتهم بأن أي تقدم في “الاتصالات” الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية يعتمد في نهاية المطاف على عودة المواطنين الأمريكيين الثلاثة المحتجزين هناك: سياماك نمازي، عماد الشرقي ومراد طهباز.
وينقل عن هاشم قوله: “كانت جميع الأطراف هادئة بشكل خاص بشأن ما قد يحدث أو لا يحدث”.
ويلفت إلى أنه يبدو أن الدبلوماسية الشخصية للسلطان هيثم في إيران ترفع مستوى المشاركة في مجموعة من القضايا. حيث ناقش مع المرشد الأعلى خامنئي تحسن العلاقات بين إيران والسعودية ومصر. وربما -على الأرجح- قد يكونا ناقشا ملف الولايات المتحدة أيضا، وفق توقعات المونيتور.
إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
تشير أحدث التقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى ما يمكن أن يكون نهج إيران بعد خطة العمل الشاملة المشتركة فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
وبينما من المفترض أن يجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا الغد 5 يونيو/ حزيران، فوفقًا للتقديرات السرية التي تم تعميمها على الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 27% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
والآن يمكن أن يكون لدى طهران وقود كافٍ لصنع سلاح نووي في غضون أسبوعين أو أقل، وفقًا لتقارير وول ستريت جورنال.
وبخلاف ذلك، تفهم إيران بشكل جيد الخط الأحمر الأمريكي بشأن توسيع التخصيب بما يتجاوز 60% إلى 90%، أو درجة تصنيع الأسلحة، لتجنب عقوبات الأمم المتحدة المفاجئة أو ما هو أسوأ.
في غضون ذلك، تعلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الملفات القديمة المختصة بالأسئلة ذات الصلة بالأنشطة النووية غير المعلنة. ووافقت إيران على إعادة تركيب الكاميرات ومعدات المراقبة في المنشآت الرئيسية.
يقول مارك فيتزباتريك، الزميل المشارك للاستراتيجية والتكنولوجيا ومراقبة الأسلحة في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية: إن قدرة إيران على إنتاج خمسة أسلحة نووية في مثل هذا الوقت القصير أمر مقلق.
ويشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران “قد تكون مستعدة للعمل ضمن قيود التزامها كعضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في غياب خطة العمل الشاملة المشتركة”، على افتراض أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تواصل العمل نحو إغلاق ملفات الحماية المتبقية.
يقول التحليل: من المرجح أن يتم استخدام المخزونات كورقة مساومة -وحتى كرادع- في انتظار نوع من التفاهم مع الولايات المتحدة حول أي شيء يتضح أنه “أقل مقابل أقل”.
رسالة إسرائيل الواضحة إلى إيران
شعرت إسرائيل بالقلق من تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمالات دبلوماسية القنوات الخلفية بين الولايات المتحدة وإيران. حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “لديّ رسالة واضحة جدًا لإيران وللمجتمع الدولي. ستفعل إسرائيل كل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية”.
في هذه الأثناء، قام حزب الله باستعراض غير مسبوق للقوة في منتصف شهر مايو/ أيار، في جنوب لبنان والذي يأتي على خلفية التهديدات الإسرائيلية المتزايدة ضد إيران، وتجدد التلميحات عن الاستعدادات لهجوم عسكري إسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية.
ويلفت التحليل إلى أنه “على الرغم من المخاوف الإسرائيلية، يبدو التنسيق الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن إيران جيدا كما كان دائما”.
فبينما أمضى قائد القيادة المركزية الأمريكية/ CETCOM الجنرال مايكل كوريلا -الذي يشرف على جميع القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة- ثلاثة أيام في إسرائيل الأسبوع الماضي. كان كبار مسئولي الأمن القومي الإسرائيلي، رئيس الشاباك “جهاز الأمن العام الإسرائيلي” رونين بار، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنجبي، جميعا في واشنطن هذا الأسبوع لمناقشة وضع إيران وقضايا أخرى مع نظرائهم الأمريكيين.
يقول: لقد ألقى القادة الإسرائيليون بشهادة أمام الكونجرس في 23 مارس/ آذار مع رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، بأن إيران يمكن أن تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لأربع أو خمس قنابل نووية في أقل من أسبوعين. وهو تقييم تعرفه المخابرات الإسرائيلية جيدا.
لكن، ما أذهل مؤسسة الدفاع الإسرائيلية هو ادعاء ميلي أنه “بمجرد أن تنتج إيران ما يكفي من اليورانيوم العسكري، يمكنها تجميع سلاح نووي في غضون عدة أشهر أخرى”.
“قد يكون رد الفعل الإسرائيلي والجدول الزمني مبالغة”، وفقًا لعلي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية. مبررا بأن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يشير إلى أي تحول مهم في قدرة إيران، أو أنها قررت السعي للحصول على سلاح.
يقول: إنهم يريدون القضاء على أي مبادرة دبلوماسية في مهدها قبل أن تتمكن من المضي قدما.
اقرأ أيضا: أكثر من مجرد تطبيع.. الدافع الحقيقي وراء صفقة إيران مع السعودية
عدم اليقين في الخليج
يؤكد التحليل أنه لا تزال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع تنحية خطة العمل الشاملة المشتركة جانبًا، تفضل اتباع نهج دبلوماسي تجاه إيران يعطي الأولوية لخفض التصعيد ووقف الصراع في كل من المنطقة وملفاتها النووية.
يقول: على الرغم من أن الولايات المتحدة عززت موقفها الرادع الشامل، ودعمت المبادرات الإقليمية لنزع فتيل التوترات مع إيران -بما في ذلك الاتفاق السعودي/ الإيراني لاستئناف العلاقات في مارس/ آذار- إلا أن عواصم الخليج غير مرتاحة بشأن ما يعتبرونه “عدم وضوح بشأن السياسة الأمريكية في العراق والمنطقة”، خاصة بعد أن استولت إيران على ناقلتي نفط في 27 إبريل/ نيسان و3 مايو/ أيار.
لهذا، قالت وزارة الخارجية الإماراتية، في 31 مايو/ أيار، إنها سحبت مشاركتها من تحالف القوات البحرية المشتركة (CMF)، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تتلق إخطارًا رسميًا بذلك الانسحاب.
ويوضح التحليل أنه “قد لا تمانع إدارة بايدن في الضغط الإسرائيلي والتهديد باستخدام القوة لإبقاء إيران تحت السيطرة، حتى تصل إلى نوع من التفاهم الدبلوماسي مع طهران”.
وأضاف: في الوقت الحالي، قد يكون ترتيب “الأقل مقابل الأقل” هو الاحتمال الأكثر واقعية، بالنظر إلى الرياح السياسية المعاكسة في كل من واشنطن وطهران، وبعض القلق بشأن النوايا الأمريكية والإيرانية في المنطقة.
وبدوره، أوضح مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية أن الرئيس الأمريكي في مرحلة انتخابية، وأنواع تخفيف العقوبات التي تسعى إيران إلى تحقيقها لن تجتاز الكونجرس “وبالتالي، فإن الفجوة بين إيران والولايات المتحدة قد لا يمكن ردمها على المدى القصير”.
يقول فايز: إيران، أيضا، قد تفضل إبقاء التوترات منخفضة، مع استمرارها في التصالح مع الاقتصاد المتعثر والتداعيات السياسية والاجتماعية للاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول. إن هذه أفضل نتيجة ممكنة في الوقت الحالي. قد تكون “تفاهما” لمنع الأشياء من الغليان.