في مطلع يونيو/ حزيران، عقد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى/ TWI، منتدى سياسي افتراضي مع ثلاثة من الخبراء، هم مارتن وار، وأوستن دكتور، وديفورا مارجولين. لمناقشة وضع شائك متمثل في أسر وأطفال المقاتلين الأجانب، الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ثم قتل عائلهم أو بقي رهن الاعتقال. وكيفية دمج هؤلاء في أوطانهم الأصلية، بعيدا عن حياة المخيمات.
يرأس وار خلية اتصالات مكافحة داعش في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية. دكتور هو، مدير مبادرات أبحاث مكافحة الإرهاب في المركز الوطني للابتكار والتكنولوجيا والتعليم، لمكافحة الإرهاب /NCITE، وأستاذ مساعد في العلوم السياسية بجامعة نبراسكا في أوماها. كما شارك مع مارجولين، وهي زميلة بلومنشتاين- روزنبلوم في معهد واشنطن وأستاذ مساعد في جامعة جورج تاون، في تأليف دراسة “إعادة دمج عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب: إطار أفضل الممارسات للولايات المتحدة “.
مارتن وار: حل المعسكرات يجب أن يكون من أولويات التحالف
أشار رئيس خلية اتصالات مكافحة داعش البريطاني، إلى أنه لا يزال العديد من النساء والأطفال المنتمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية/ISIS، في معسكرات تديرها قوات سوريا الديمقراطية /SDF، والوحدات العسكرية الدولية في شمال شرق سوريا، ويعد حل أوضاعهم من أولويات التحالف.
يقول: على الرغم من هزيمة التنظيم على الصعيد الإقليمي، إلا إنه لا يزال يتمتع بدرجة من التأثير الأيديولوجي والقدرات العملياتية داخل هذه المعسكرات. حيث يستخدمها كأداة للتطرف والتجنيد والدعم.
وشدد وار على، أن الأطفال معرضون بشكل خاص لجهود التطرف هذه. ويرجع ذلك -جزئيا- إلى أنهم لا يتلقون تعليمًا مناسبًا في كثير من الحالات “بل، ومن المحتمل أن يكون معلموهم الرئيسيين منتسبين إلى تنظيم الدولة الإسلامية”.
بالإضافة إلى المخاوف الأمنية، يواجه سكان المخيم ظروفا إنسانية سيئة للغاية “ولمعالجة هذه المشاكل، تحتاج السلطات إلى تقليص حجم المخيمات بأكبر قدر ممكن، وبأسرع وقت ممكن. سيساعد هذا أيضا في احتواء تهديد داعش -عسكريا ونفسيا- على المدى الطويل”.
في أواخر عام 2022، جمع التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، ممثلين سياسيين وعسكريين وإنسانيين وحكوميين وغير حكوميين رئيسيين في العاصمة الأردنية عمان، لمناقشة جهود إعادة هؤلاء إلى الوطن لأول مرة. إن تكرار هذا النوع من الاجتماعات واسعة النطاق والموجهة أمر ضروري؛ لدفع عملية العودة إلى أوطانهم.
منذ ذلك اللقاء، حققت جهود الإعادة إلى الوطن من مخيم الهول السوري بعض النجاح.
من المقرر، أن ينخفض عدد سكان المخيم هذا الأسبوع إلى أقل من 50000 للمرة الأولى منذ مارس/ آذار 2019، عندما فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر جزء من أراضيه في الباجوز.
وأكد وار، أن التحالف سيواصل التركيز على هذه القضية في اجتماعه الوزاري الوشيك في الرياض، والسعي للحصول على المزيد من الأموال المخصصة؛ لمساعدة المقيمين داخل المخيمات، وإعادتهم إلى الوطن، ودعم المجتمعات التي سيعودون إليها داخل سوريا وخارجها.
وقال: منذ عام 2022، تم إعادة 4200 عراقي من الهول، باستثناء 500-600 كان من المقرر إعادتهم في وقت لاحق من هذا الأسبوع. كما نجحت السلطات في بغداد إلى حد كبير في تحقيق هدفيها الرئيسيين: إعادة 150 أسرة شهريًا من الهول إلى مخيم جدة 1 في العراق، وتمكين عدد مماثل من العائلات من مغادرة جدة 1 والعودة إلى مجتمعاتهم الأصلية.
وأضاف: دعم التحالف والأمم المتحدة ومختلف المنظمات غير الحكومية هذه الحركة. في سوريا، تمت إعادة دمج 1400 من السكان في المجتمعات في الشمال الشرقي منذ بداية عام 2022، بما في ذلك 219 في منبج في 29 مايو/ أيار.
وفيما يتعلق برعايا الدول الثالثة/TCNs، تمت إعادة ما يقرب من 1000 شخص إلى بلادهم منذ عام 2022، وقد زاد هذا المعدل في عام 2023.
وتابع وار: يعتقد التحالف أن التواصل الاستراتيجي، يمكن أن يساعد في تحسين الظروف الإنسانية والأمنية في المخيمات، مع زيادة تدفق السوريين والعراقيين الذين عادوا بنجاح إلى مجتمعاتهم. يعتبر المعيار الأخير حاسمًا؛ لأن هؤلاء الأفراد غالبًا ما يواجهون مشاكل في القبول والأمن والوظائف والوصول إلى الموارد عند عودتهم.
وأكد، أن التواصل يمكن أن يساعد أيضا في تحسين سمعة المخيمات وسكانها، وزيادة عدد الإدانات ضد العائدين من داعش الذين يستحقون المحاكمة، وردع الأفراد الذين قد لا يزالون يدعمون التنظيم، وإعطاء صوت لضحايا داعش.
أوستن دكتور: لا يزال هناك الكثير من العمل
يلفت مدير مبادرات أبحاث مكافحة الإرهاب، إلى أن الولايات المتحدة وشركاءها، جعلوا إعادة عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب /FTF، من أولويات سياستهم.
يقول: في واشنطن، هناك إجماع عام من الحزبين على أن هذا الجهد يجب أن يتم على وجه السرعة. وهناك ما يبرر التفاؤل الحذر، حيث بدأت جهود الإعادة إلى البلدان الأصلية على نطاق واسع وعبر التحالف.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
قال: أعادت الولايات المتحدة نسبة صغيرة نسبيًا من الرعايا الأجانب المحتجزين -39 أمريكيا منهم 15 بالغا و24 قاصرا- ومن المرجح، أن المزيد من الأمريكيين لا يزالون محتجزين في شمال شرق سوريا، حيث إن العدد الإجمالي غير معروف علنا.
وأوضح، أنه للإجابة على الأسئلة الهامة حول إعادة عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى الوطن وإعادة دمجهم، قامت مديرية العلوم والتكنولوجيا بوزارة الأمن الداخلي؛ بتمويل برنامج مدته سنتان، يهدف إلى تحديد أفضل الممارسات لمثل هذه البرامج.
وأكد: يعد الإطار المنهجي القائم على الأدلة أمرا بالغ الأهمية. ليس فقط لتسهيل إعادة الإدماج الشامل والمستدام، ولكن -أيضا- لمساعدة صانعي السياسات والممارسين على تقليل مخاطر البرامج.
وتشمل الأمثلة الرئيسية لأفضل الممارسات توسيع نطاق سياسات إعادة الإدماج حول الملف الشخصي الخاص بالعائدين في كل بلد. وتصميم إدارة حالات العائدين على المستوى الفردي، مع الحفاظ على المبادئ الاستراتيجية المشتركة، وتسهيل التنسيق الوثيق بين الممارسين وشركاء القطاع الخاص على المستوى الفيدرالي، والمحلي، والمستويات القبلية.
وأوضح أنه، “يمكن أن تساعد أفضل الممارسات المستندة إلى الأدلة في ضمان أن سياسات وممارسات العودة إلى الوطن تتجنب المزالق الشائعة”.
وأضاف: تتعلق إعادة الإدماج بشكل أساسي بالعلاقة بين العائدين ومجتمعاتهم الأصلية. إنها مجموعة من العمليات المنسقة ذات هدفين رئيسيين: مساعدة العائدين على تحقيق شعور بالانتماء في مجتمعاتهم، مع الحد بشكل كبير من خطر عودتهم إلى التطرف العنيف.
ديفورا مارجولين: يجب معالجة مجموعة واسعة من الفجوات المعرفية والتحيزات
أوضحت الأستاذ في جامعة جورج تاون، أن التحيزات المتعلقة بالعمر والجنس، تشكل مفاهيم الاحتجاز، والإعادة إلى الوطن، والمساءلة، وإعادة الإدماج. وبالتالي، يكون لها تأثير هائل على السياسات تجاه عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب التابعين للتنظيم.
تقول: نجح المجتمع الدولي في محاربة تمرد داعش منذ هزيمة التنظيم على الأرض. لكن السلطات كافحت للتوصل إلى توافق في الآراء، بشأن أدوات وسياسات إعادة عائلات مقاتليه إلى أوطانهم، والمساءلة، وإعادة الإدماج.
وأكدت، أن فكرة إعادة الأسر إلى بلادها “اكتسبت زخما في الآونة الأخيرة. كما يتضح من الزيادة الطفيفة هذا العام في العائدين من العراقيين ومن مواطني الدول الثالثة، وكذلك إعادة الاندماج السوري من مخيم الهول.
ومع ذلك، والحديث لمارجولين، لا يزال عدد كبير من مواطني الدول الثالثة والعراقيين والسوريين، محتجزين في شمال شرق سوريا -ومعظمهم من النساء والقصر- لذلك، يجب على سياسة الإعادة بذل المزيد من الجهود؛ لتنفيذ المقاربات القائمة على النوع الاجتماعي والعمر.
ولتحقيق هذه الغاية، تحتاج المناقشات حول برامج المساءلة، وإعادة الإدماج لمواطني الدول الثالثة إلى معالجة مجموعة واسعة من الفجوات المعرفية والتحيزات. من التعرض للعنف، والتدريب على الأسلحة، إلى تأثير الأدوار والتوقعات الجنسانية.
تقول: يمكن رؤية درجة معينة من التحيز في الطريقة التي يشير بها المسؤولون إلى هؤلاء الأفراد، على أنهم “عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب”، وهو مصطلح يركز النقاش حول المقاتلين والمنتسبين إليهم. وفي بعض الأحيان يقلل من الدور الذي يلعبه أولئك الذين يدعمون ويسهلون أعمال العنف والتطرف بطرق أخرى.
لذلك، فإن إنشاء نهج استراتيجي واستباقي للعودة إلى الوطن، يأخذ مثل هذه التحيزات في الاعتبار، يحدد برنامج أبحاث الأمن الداخلي أفضل الممارسات في ثلاثة مجالات رئيسية: صياغة استراتيجية اتصالات واضحة، واستراتيجية لحشد الدعم المدني، توفير الرعاية الواعية بالصدمات لعائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب، ودمج آليات التقييم في البرامج والسياسات.
تؤكد مارجولين، أن الوضع الحالي للمعتقلين في شمال شرق سوريا محفوف بالمخاطر “وهناك عوامل معينة يمكن أن تزيد الوضع سوءًا: استمرار تهديدات داعش ضد المعسكرات والسجون، خطر حدوث المزيد من الكوارث الطبيعية مثل زلزال فبراير/ شباط في سوريا وتركيا.
أيضا، هناك احتمال استمرار التدخل التركي عبر الحدود، المستقبل المجهول لقوات سوريا الديمقراطية، والجهود الإقليمية الأخيرة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد.
للتخفيف من هذه المخاطر تشير إلى، أنه يجب على السلطات مواصلة الحديث حول تنفيذ برامج الإعادة إلى الأوطان الأصلية في الوقت المناسب.