الفائدة المرتفعة تفشل في دعم عملات الدول النامية
لم يسهم رفع معدلات الفائدة في الاقتصاديات النامية فى مواجهة مشكلة الدولرة التي تعاني منها، وكذلك اخفقت في رفع قيمة عملتها عن طرق خلق زيادة في الطلب عليها، وإعادة وضعها على خريطة جذب الأموال الساخنة.
من المفترض، أن تسهم أسعار الفائدة المرتفعة في تقليل المضاربة على الدولار، وهي لجوء المواطنين لاقتناء العملة الأمريكية بدلاً من عملتهم الوطنية، للحفاظ على مدخراتهم من التضخم، أو تحقيق مكاسب من الزيادة المتوقعة، وتحفيز المستثمرين الأجانب، خاصة الأموال الساخنة للعودة لشراء الأذون والسندات.
تراجعت غالبية عملات الأسواق الناشئة مع عزوف المتداولين عن شراء الأصول ذات المخاطر، ليهبط مؤشر مورجان ستانلي بنسبة 0.91%، ليستقر عند أدنى مستوى له منذ فبراير 2023، وذلك رغم رفع الفائدة في غالبيتها لمستويات قياسية
رفع الفائدة يفشل في دعم العملات الوطنية
الخميس الماضي، قرر البنك المركزي التركي مضاعفة الفائدة الليرة من 8.5 % إلى 15%، وهو أمر من المفترض أن يجذب الأموال الساخنة للبلاد ويزيد الطلب على عملتها، لكن ذلك لم يحدث بل على العكس تراجعت العملة من 18.6 إلى 24.89 دولار.
الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني
بلغت خسائر الليرة منذ بداية العام أكثر من 19٪، بعدما توقفت السلطات النقدية عن دعمها في أسواق الصرف الأجنبي، بعد استخدام عشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات للحفاظ عليها ثابتة.
في شهر مايو، كان أداء البيزو الأرجنتيني الأسوأ، إذ هبط بنسبة 7.03%، مع تدهور التوقعات بشأن النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم، لكلا البلدين بشكل حاد.
الأرجنتين، رفعت سعر الفائدة إلى 81٪، وهو أعلى مستوى شهري خلال عقدين، في جولة جديدة من التشديد النقدي من قبل البنك المركزي الأرجنتيني، الذي يكافح ارتفاع الأسعار، وتضاؤل احتياطيات العملات الأجنبية، بعدما سجل التضخم مستوى يدو في فلك الـ100%.
يواجه البنك المركزي الأرجنتيني، حاليًا، مخاوف من الانهيار بعدما أنفقت الدولة الواقعة بأمريكا الجنوبية بالفعل جميع احتياطاتها الدولية السائلة، بالإضافة إلى ما يقدر بمليار دولار أخرى، ما زاد من مخاطر انهيار العملة مع مواجهة الأمة لجفاف تاريخي وركود وشيك.
مستويات قياسية للفائدة في الدول النامية
في باكستان، رفع البنك المركزي سعر الفائدة خلال اجتماع طارئ بواقع 100 نقطة أساس إلى 22% بسبب زيادة مخاطر التضخم التي أعقبت الإعلان عن الميزانية مؤخراً، إضافة إلى قرار رفع القيود على الواردات، ومن أجل استكمال برنامج صندوق النقد الدولي قيد المفاوضات حالياً، إلا أنها زادت من المخاطر الصعودية لتوقعات التضخم”.
يبلغ سعر الدولار الأمريكي 296.5 روبية، ويحاول البنك المركزي ضبطه عبر الفائدة والسماح للمتعاملين بشراء الدولار من سوق الانتربنك لتسوية المعاملات العابرة للحدود والتي تتم ببطاقات الائتمان.
رغم إعلان البنك المركزي لجنوب إفريقيا في 26 مايو رفع سعر الفائدة القياسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 8.25٪، في ثالث رفع لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي لجنوب إفريقيا منذ 2023. أفريقيا، تراجع الراند لأدنى مستوى على الإطلاق، ليبلغ مستوى 19.75 راند للدولار الواحد.
الفائدة المرتفعة لا تحل مشكلات الاقتصاد
تبني البنك المركزي المصري سياسة نقدية متشددة منذ مارس 2022 ليرفع الفائدة بمقدار 10٪، وسمح للجنيه بفقدان نصف قيمته بعد ثلاثة تخفيضات، من أجل الوصول لسعر صرف مرن.
كان من المفترض أن تجذب الفائدة المرتفعة الأموال الساخنة التي خرجت في أعقاب الحرب الروسية بإجمالي 23 مليار دولار، وتحسن وضع الجنيه، لكن الجنيه ظل عند مستوى 30.9 جنيه في السوق الرسمية.
اتجاهات غربية معاكسة
الاقتصادات الناشئة تسقط
في المقابل، ترتفع العملات الأجنبية مع توقعات الفائدة، مثل الدولار الذي ارتفع مع توقعات بنك “مورجان ستانلي” استمرار الدولار الأمريكي في الارتفاع بنسبة 5% بحلول نهاية العام الجاري، مع إبقاء محافظي البنوك المركزية على الفائدة المرتفعة لمعالجة التضخم.
كما ارتفع اليورو بالسوق الأوروبية مقابل سلة من العملات العالمية، استناداً على التوقعات القوية حول قيام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة الأوروبية خلال الاجتماعين المقبلين.
يقول محمد الدشناوي، الخبير المالي، إن واقع الاقتصادي الأمريكي، حاليا، يحتاج إلى تفسير، رغم أنه يزيد الاقتراض لكن قيمة الدولار ترتفع في المقابل.
يضيف أنه رغم الدين الكبير لأمريكا والفائدة المرتفعة، إلا أن الاقتصادات الناشئة هي التي تسقط من التضخم المفرط، فالعجز الامريكي لم يعرقل توليد الوظائف، إلا أنه أظهر بوادر ركود في الصين، وهي ظواهر تحتاج لتفسير.
ولفت إلى أن الدين الأمريكي يتجاوز مستوي 32 تريليون بزيادة 572 مليار دولار منها زيادة 476 مليار دولار سندات قابلة للتداول، واذا واصل الفيدرالي بالتوسع في السندات القابلة للتداول عبر المزادات سيجعل سوق السندات قنبلة موقوتة.