خلال الآونة الأخيرة، واجه اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي بعضًا من عدم اليقين، بعدما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن سعر الصرف أصبح “أمنًا قوميًا”، وأنه لا يمكن للحكومة الاقتراب منه، إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
وأضاف السيسي: -الذي يُتوقع أن يخوض الانتخابات الرئاسية بعد أشهر قليلة- أن مصر “تتحلى بالمرونة في سعر الصرف، وعندما يؤثر سعر الصرف على حياة المصريين؛ لا يمكن للحكومة تجاهله.. لا نستطيع حتى لو كان هذا يتعارض مع… انتبهوا، وإلا سيقودكم ذلك إلى أزمة لا يمكن تصورها”.
أتت تلك التصريحات في ظل إرجاء الصندوق المراجعة الأولى؛ لعدم تنفيذ البلاد -المتعطشة للسيولة الدولارية- الطلبات التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، وكان أهمها سعر الصرف المرن، وتنفيذ برنامج لبيع شركات مملوكة للدولة.
وبذلك، تعقّد المشهد بصورة أكبر، وأُربك سوق السندات الدولية المصرية، كما الحال بالنسبة للمضاربين على العملة باستخدام عقود الجنيه المصري غير القابلة للتسليم، وفق ما ذكرته “الشرق بلومبرج“.
بينما عقَّبت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، بأن استخدام احتياطي النقد الأجنبي في دعم سعر الجنيه بمثابة “صب الماء في وعاء به ثقوب”، وأن وجود أكثر من سعر صرف واحد للعملات الأجنبية؛ يستنزف احتياطات الدولة من العملة الصعبة، ويفاقم الأزمة الاقتصادية.
ودعت مديرة الصندوق الحكومة إلى دعم تنافسية الاقتصاد المصري، عن طريق تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية، ورفع الاحتياطي الأجنبي من خلال برنامج الطروحات، وسعر صرف مرن، ودعم الفئات الأفقر والمتضررة بشكل أوسع.
وفي هذا الإطار، توقع محللون تأجيل إجراء المراجعة الأولى؛ للتقييم لحين قيام الحكومة بإجراء الإصلاحات اللازمة، مما سيعيق الحكومة من الحصول على الدفعة الثانية من القرض، والبالغة 354 مليون دولار. فيما تنبأ آخرون، أن الحكومة قد تلغي الاتفاق مع الصندوق أو تؤجله.
لكن الاتفاق بين مصر وصندوق النقد من المرجح، أن يستمر رغم العقبات، وقد يٌبدي الأخير مرونة في بعض الشروط من أجل الحفاظ على الاتفاق الذي يحتاجه كلا الطرفين، ولا يستطيع التراجع عنه نظرًا؛ للآثار المكُلفة حال حدوث ذلك.
تطبيق بعض الشروط وليس كلها
في يناير/كانون الثاني 2023، تعهدت الحكومة في استجابة لشروط الصندوق، بتقليص قبضة الدولة على الاقتصاد، واستهدافها خصخصة حصص من الأصول العامة بقيمة ملياري دولار قبل نهاية يونيو/حزيران 2023، إلا أنها لم تُتَمِّم سوى جزء ضئيل منها، بسبب تعثر المفاوضات مع المشترين الخليجيين، إثر خلافات على تقييم الأصول.
وكان أحد مبررات بيع الأصول هو استخدام عوائدها؛ لسد الفجوة الدولارية المتزايدة، والتي قد تخفِّف من الضغط على تخفيض قيمة العملة، إلا أن الصفقات التي حُسِمت بالفعل تمت بالجنيه المصري –وفق ما يشير مركز حلول للسياسات البديلة– كشركة باكين، والتي بيعت حصة تقدر بـ 80% منها بـ 770.5 مليون جنيه، تلتها صفقة طرح 9.5% من المصرية للاتصالات، مقابل 3.7 مليارات جنيه.
وفي الحادي عشر من يوليو/تموز الجاري، أعلن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، أن حكومته أنجزت بيع حصص في شركات حكومية بقيمة 1.9 مليار دولار، لافتًا إلى أن مصر تستهدف زيادة إيراداتها الدولارية؛ لتصل إلى 191 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2026، وهي تصل إلى 70 مليار دولار حاليًا.
وأضاف مدبولي، أن الحصيلة الدولارية من الصفقات المنجزة بلغت 1.65 مليار دولار، بالإضافة إلى مبلغ بالجنيه المصري يعادل 250 مليون دولار، مشيرًا إلى وجود مفاوضات؛ لاستقطاب أكثر من مليار دولار آخر من صفقات محتملة “قريبًا جدًا”.
وفي تفاصيل هذه الصفقات المنجزة، قالت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، إنها شملت بيع حصة 37% في 7 فنادق إلى شركة “أيكون للاستثمارات” التابعة لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى مع شريك أجنبي، عبر زيادة رأس المال.
كما تم بيع حصص تراوحت بين 25% إلى 30% من 3 شركات، هي “إيلاب” و”الحفر المصرية” و”إيثيدكو”، إلى “شركة أبي ظبي التنموية” بقيمة إجمالية بلغت 800 مليون دولار. وبيعت حصة تمثل 31% من شركة حديد “عز الدخيلة” بقيمة 241 مليون دولار.
ويعتبر بعض المحللين، أن التعجيل باتفاقيات بيع أصول، قد تجعل مراجعة صندوق النقد تتم في غضون شهرين.
أما فيما يخص مرونة سعر الصرف، وهو الشرط الذي يتمسك به الصندوق من أجل الموافقة على الشريحة الثانية من القرض، يتفق عدد من المختصين على أن الحكومة أجَّلت خطوة التعويم مؤقتًا ولم تلغِها، وأنها ستقوم بتخفيض سعر الصرف بحلول سبتمبر/أيلول القادم بعد تجميع حصيلة دولارية كافية، تواجه بها زيادة الطلب المتوقع على العملة الخضراء.
وتسعى الحكومة إلى إعادة بناء جزء من الاحتياطي الأجنبي، من خلال بيع الأصول إلى جانب عوائد المصريين القادمين من الخارج؛ أثناء الإجازات الصيفية، وعوائد السياحة التي ارتفعت بنسبة 26% خلال الـ 11 شهرًا الأولى من العام المالي الحالي (2023/2022)، برفقة إيرادات قناة السويس.
ووفقًا للوضع الحالي، فإن مصر تتمهل في الاستجابة لبعض شروط الصندوق، بينما تواجه صعوبات عملية في تنفيذ البعض الآخر، الأمر الذي قد يدفع الصندوق إلى إدخال تعديلات على قيمة فائدة سداد القرض الحالي كلما طال أمد البرنامج عن المخطط له. قد تغلق تصريحات الرئيس الباب مؤقتًا أمام التعويم، ولكن حجم الفجوة التمويلية الكبيرة تحتِّم التعويم في نهاية المطاف، بتعبير مركز حلول للسياسات البديلة.
يقول هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، إن الحكومة قد تسمح بتراجع سعر العملة المحلية ما بين 5 و10% خلال الربع الثالث من العام الجاري، لتقليل الفجوة بين السعرين.
بينما يؤمن خبراء آخرون بأن تأجيل خطوات المراجعة الدورية للإجراءات المصرية مع صندوق النقد جرى بالتفاهم بين الطرفين، وأن البُعد السياسي أصبح عاملًا هامًّا في معادلة لا ترغب خلالها الحكومة بإلقاء مزيد من الأعباء التضخمية على كاهل المواطنين، الأمر الذي قد يهدد الأمن الاجتماعي للبلاد، قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024، وهو ما أشارت إليه، مديرة صندوق النقد بخيار “الاقتصاد السياسي”.
الصندوق يُبدي مرونة في استراتيجياته
أظهر صندوق النقد خلال الفترة الماضية تغيرًا في بعض تصوراته، ومرونةً واضحةً مع عدة دول مثل باكستان والأرجنتين.
وأجرى الصندوق صفقتين مؤخرًا، شملتا تنازلات لافتة في إجراءاته، الأولى تتعلق بباكستان، وهي متعطلة منذ ثمانية أشهر، بسبب خلافات حول تطبيق سياسات الصندوق مع الحصول على قرض بقيمة 2.5 ملياري دولار. وبالفعل استجابت الحكومة الباكستانية للشروط، لكن بوتيرة أبطأ وبحدة أقل مما كان مطلوبًا منها في البداية، وحصلت على ثلاثة مليارات دولار بدلًا من 2.5 ملياري دولار.
والثانية: هي صفقة الأرجنتين، حيث سمح الصندوق بدفع ديونه باليوان الصيني من خط ائتمان البنك المركزي الصيني الموفر للمركزي الأرجنتيني، ودفعت الأرجنتين ما يُعادل مليار دولار باليوان وما يُعادل 1.7 مليار دولار بعُملة الصندوق (SDR)، وهي حقوق السحب.
وتشير تقارير، إلى أن منح صندوق النقد التمويلات للأرجنتين وباكستان، لا يعني رضوخه لمطالب الدول التي تعتبر توصياته مجحفة، وتهدد الأمن الاجتماعي، وإنما يعكس حرصًا على انتهاج سياسة مرنة جديدة، تقوم على تحرير القروض مقابل منح الدول وقتًا أطول لتنفيذ تلك التوصيات.
وفي أحدث النصائح للحكومة، قالت نائبة مديرة صندوق النقد الدولي، أنطوانيت ساييه، إن “الضغط على الأسعار الذي يأتي من التنفيذ القوي لمشاريع كبيرة للغاية، يتم احتواؤهم من خلال تقليل وتيرة تنفيذ تلك المشاريع أيضًا”. وأضافت، إن تلك المشروعات تستهلك جزءًا كبيرًا من النقد الأجنبي، ومن الطلب حتى على السلع المحلية، وبتلك الطريقة فهي تسهم في وضع ضغوط سعرية.
وبالتزامن، وافقت الحكومة على مشروع قانون يلغي الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، حيث كانت الجهات والشركات الحكومية تحصل على مزايا، طالما اشتكى منها القطاع الخاص، فيما يتعلق بإعفاءات كلية أو جزئية؛ سواء على الرسوم أو الجمارك أو الضرائب، وإن واجه بعض الانتقادات؛ لأنه استثنى الشركات التابعة للقوات المسلحة تحت مصطلح “الأمن القومي”.
النائب مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أشار إلى، أن الأثر المالي على الموازنة بعد تطبيق هذا القانون طبقًا للدراسة التي تم إعدادها بمعرفة وزارة المالية، سوف يبلغ 100 مليار جنيه تقريبًا خلال الخمس سنوات القادمة.
واعتبر الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، أنه بعد تصريحات السيسي بخصوص سعر الصرف، يعد مشروع القانون الحكومي “رسالة لصندوق النقد الدولي، بأن مصر ماضية في تطبيق تعهداتها، لكن طبقًا للظروف، فهي تواجه مشكلات في بعض التعهدات، لكن تعمل على الوفاء بجوانب أخرى، وتؤجل أشياء أخرى مثل سعر الفائدة والصرف”.
وقد أشادت مديرة صندوق النقد، كريستالينا جورجييفا، بالقرارات التي اتخذتها الدولة، مؤكدةً أنه يمكن للحكومة المصرية أن تفعل أفضل. وأوضحت أن الصندوق منفتح أمام مواصلة المحادثات مع مصر لاتخاذ القرارات الصائبة.
تجارب دولية مع عدم الامتثال لشروط الصندوق
لم تنعدم بعد الخيارات المتاحة أمام مصر، لكن الكثير في المستقبل القريب يعتمد على صندوق النقد، الذي لم يضع مدة زمنية ثابتة؛ لإجراء المراجعة الأولى لمدى التزام مصر بتنفيذ الشروط المتفق عليها، نظرًا إلى أن المذكرة التقنية الملحقة بالاتفاق مع مصر لم تحدّد مهلة لذلك.
لكن المشكلة، وفق ما يذهب الباحث يزيد صايغ، هي أن مصر لن تحصل على الشريحة الثانية من القرض البالغة قيمتها 354 مليون دولار قبل أن يتم الصندوق مراجعته. “وقد كان هذا التأخير مكلفًا لمصر بالفعل، ليس بسبب المبلغ المالي المرتقب، بل بسبب الرسالة السلبية التي يوجّهها ذلك إلى الأسواق العالمية، ما يؤدّي إلى إثباط عزيمة الدائنين والمستثمرين”.
ويرى -في تحليله المنشور على مركز “كارنيجي”- أنه باستطاعة فريق عمل الصندوق، أن ينسب ذلك التأخير إلى أسباب تقنية؛ أو يمكنه أن يقيّم أن مصر أحرزت تقدّمًا كافيًا في تنفيذ البرنامج، ما يبرّر توصيته للمجلس بالموافقة على صرف الشريحة الثانية من القرض.
“ونظرًا إلى، أن المذكرة التقنية مع مصر لا تنص على مهل زمنية لازمة، أو تحدّد إجراءات عقابية نتيجة؛ عدم تطبيق النقاط المرجعية المتّفَق عليها، من غير المرجّح إبطال اتفاق القرض في وقتٍ قريب”، يشير صايغ.
الاستمرار ضرورة
واقع الحال أن الحكومة تنوي تأمين نحو نصف موازنة 2023-2024 عن طريق الاقتراض، لذلك هي بحاجة ماسّة إلى موافقة الصندوق. وبما أن خدمة الدين تستحوذ على 56% من الموازنة، فضلًا عن تجاوز مصروفات خدمة الدين العام 116% من إجمالي إيرادات الدولة، فإن مصر بحاجة لاستمرار الاتفاق مع الصندوق، والذي يفتح في المقام الأول الباب أمام دعم “الشركاء الإقليميين” وأمام أسواق التمويل الدولية، حيث تواجه مصر صعوبة في جمع المبالغ التي تريدها من بيع السندات.
وعلى الجانب الآخر، فإن الصندوق الذي يواجه اتهامات بفشل خططه الاقتصادية مع العديد من الدول، ويظل بحاجة لاستمرار الاتفاق مع مصر حتى لا يصبح إعلانًا رسميًا عن فشله في تحقيق أهدافه.
يقول مركز حلول للسياسات البديلة، إن الأبحاث تشير إلى، أنه غالبًا ما تتفاوض الحكومات المقترِضة على شروط أكثر تيسيرًا بعد بدء برامج الصندوق، من خلال القول، بأن وصفات مالية معينة لصندوق النقد الدولي ستكون “غير مجدية سياسيًّا”، مشيرة إلى الاضطرابات الاجتماعية كخطرٍ محتمل.
وقد تستخدمها كورقة ضغط؛ لتبرير عدم الامتثال للشروط، مثلما حدث في الأرجنتين والبرازيل سابقًا، عندما وصلت المفاوضات مع مسئولي الصندوق إلى طريق مسدود.
إذ واجهت الكثير من البلاد النامية مشاكل في الامتثال لشروط الصندوق؛ أثناء تطبيق برنامج القرض، كتأجيلهم أو امتناعهم عن تعويم العملة المحلية. وتشير دراسة أجريت على 763 برنامجًا لصندوق النقد بين عامي 1980 و2015، إلى تعليق أو إيقاف 67% منها (512 برنامجًا)، منها 291 برنامجًا (38%) لم يتم استئنافها.
ومن أهم أسباب فشل تلك البرامج، كان الإصرار على تنفيذ السياسات الخاصة بالخصخصة، وتحرير الأسعار وخروج القطاع العام من بعض القطاعات الاقتصادية. واستبعدت الدراسة عوامل مثل، الأزمات المالية الداخلية، والعالمية كأسباب لفشل التنفيذ.
وعلق صندوق النقد الدولي المساعدة؛ بسبب عدم الامتثال في بعض الأحيان، إلا أنه كان دائمًا ما يتفاوض بسرعة على اتفاقية جديدة مع الطرف المخالف. على سبيل المثال، تفاوض الصندوق على 8 اتفاقيات منفصلة مع البرازيل بين عامي 1965 و1972، و17 اتفاقية منفصلة مع بيرو بين عامي 1971 و 1977.
ومع عدم امتثال الأرجنتين لشروط البرنامج الموسع لصندوق النقد بعد الركود الذي شهدته البلاد في 1998، قرر الصندوق تعليق مدفوعات القرض في نهاية 2001؛ بسبب عدم الامتثال وتخلفها عن الوفاء بالتزامات دولية أخرى.
ثم عادت الأرجنتين إلى اتفاقية قرض آخر مع الصندوق في يناير/كانون الثاني 2003، حتى تقوم القروض الجديدة بسداد قروض صندوق النقد الدولي القديمة، وخدمة ديون السندات الأوروبية، وأصبحت الأرجنتين الآن أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي عالميًّا.
مصر “مشكلة الصندوق”
ما من حل سهل في هذه المرحلة، فالوضع الذي تعيشه في مصر محفوف بالمخاطر، وفق ما يراه الباحث البارز، إسحاق ديوان، الذي يقول، إن الاتفاق السابق مع صندوق النقد الدولي في العام 2016 لم يسهم بتاتًا في تحسين مناخ الاستثمار، بل أدّى في الواقع إلى تدهوره بشكل غير مباشر.
ويضيف في تحليله، “يسود الآن فهم أعمق في أوساط المجتمع الدولي، مفاده أن على القطاع الخاص أن يكون أكثر ديناميكيةً، لتحقيق نمو اقتصادي أكبر. وبالتالي، ينبغي على أي أجندة إصلاحية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي؟، أن تزوّد القطاع الخاص المحلّي بالحوافز، وبالقدرة على الاستثمار في مستقبل البلاد”.
ثمة أيضًا فهم، بأن هذا الأمر يتطلب الحدّ من دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد؛ لتقليل المنافسة، بحسب ديوان. وبالإضافة إلى إرساء تكافؤ الفرص، يجب أن يشمل ذلك الوصول إلى التمويل بشكل أكبر.
ثمة مقولة شائعة في الدوائر المالية، مفادها: “إذا كنت مدينًا للبنك بمبلغ 100 دولار، فهذه مشكلتك، ولكن إذا كنت مدينًا للبنك بمبلغ 100 مليون دولار، فهذه مشكلة البنك”. ونظرًا إلى أن مصر هي بالفعل ثاني أكبر دول العالم استدانةً من صندوق النقد الدولي، فثمة خطر أن تصبح، على غرار الأرجنتين، “مشكلة الصندوق”.
لكن الاستمرار في التأجيل -والحديث لا يزال لديوان- من خلال هذا القرض، سيترك مصر مع برنامج يعاني من نقص كبير في التمويل وغير مستدام. وفي مطلق الأحوال، لن يتطور البرنامج بطريقة مرضية، وستُضطر مصر إلى إعادة النظر به عاجلًا وليس آجلًا. “في الواقع، ما لم تحدث صدمة إيجابية خارجية غير مرجَّحة، فسيتعين خوض عملية إعادة النظر هذه في سياق إعادة هيكلة واسعة النطاق لديون مصر”.