محكمة جنح مستأنف اقتصادية الإسكندرية رفضت الاستئناف المقدم من محامي المبادرة المصرية للحقوق المصرية، على الحكم الصادر بتاريخ 27 فبراير 2020، كما أيدت حبس أنس حسن، الناشط والمدون، لمدة ثلاث سنوات وغرامة 300 ألف جنيه، بتهمة نشر أفكار إلحادية وانتقادات للأديان السماوية.
جاءت تلك الخطوة ضمن ملاحقات أمنية عدة منذ صدور قانون 175 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات عام 2018، فقد أصبحت مواده أساسا لمحاكمات العديد من المدونين وصناع المحتوى على الإنترنت، خاصة المادة 25 التي تعاقب بالحبس والغرامة “كل من اعتدى على المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع المصري” عبر النشر على شبكة المعلومات، وفق نص المادة.
حنين حسام ومودة الأدهم
شهدت الفترة الماضية تطور لحملات الدولة الأخلاقية ضد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وأصدرت لمحكمة الاقتصادية في مصر، حكمًا يقضي بمعاقبة حنين حسام، ومودة الأدهم، وثلاث فتيات أخريات، بالحبس لمدة عامان، وغرامة 300 ألف جنيه لكل منهن، لإدانتهن بالتعدي على “القيم والمبادئ” الأسرية.
أحيلت الفتيات المذكورات السابقة إلى المحاكمة الجنائية بتهم الاعتداء على قيم ومبادئ الأسرة المصرية والمجتمع بالإضافة إلى نشر فيديوهات تحرض على الفسق والفجور، فضلًا عن الهروب من العدالة ومحاولة التخفي وتشفير هواتفهن وحساباتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
مقيدة للحريات
استنكرت المنظمات الحقوقية التهم الموجه لفتيات التيك توك وغيرهم بحجة التعدي على القيم والمبادئ الأسرية، ويري المحامي بالنقض والدستورية العليا، صلاح بخيت، إن رقابة الحسابات الإلكترونية الشخصية ووضع أصحابها في السجون تحت مسمى التعدي على مبادئ السرية ماهي إلا اتهامات فضفاضة ليس لها تعريف قانوني.
ويضيف أنه لطالما لم يثبت تورطهم في جرائم الحض على العنف أو الكراهية، كاستثناء وحيد يقره الدستور على حق الأفراد في ممارسة حرية التعبير والإبداع، وأنه يجب على مواد القانون أن تكون واضحة أكثر من ذلك.
واختتم المحامي بالنقض والدستورية العليا قائلًا إن تلك التهمة أصبحت تتوجه لكل من تغضب عليه مواقع التواصل الاجتماعي، ويعتبر كل من يغضب المصريين على مواقع التواصل يتعدى على قيم الأسرة المصرية.
تعريف قيم الأسر المصرية
بالبحث عن تعريف واضح وصريح للقيم المصرية، أو حصرها، لا تجد ذلك في القانون المصري، طه أبو الحسن، أستاذ علم الاجتماع، يقول إنه لا يوجد تعريف لمبادئ وقيم الأسرة المصرية، مؤكدًا أنه لا يمكن تحديدها في مجتمع به شرائح مختلفة اقتصاديًا واجتماعيًا ودينيًا.
ويضيف أستاذ علم الاجتماع ” أنه يمكن وضع ما يعرف بالقيم الإنسانية مثل حسن الخلق، عدم الاستهزاء، عدم السخرية، وغيرها من المعني التي تغطي كل متطلبات العوار في القيم المصرية، والتي لا يمكن الاختلاف عليها”.
ويكمل ” لا يمكن لأي إنسان أن يعترض على قيم إنسانية على أن تكون مظلة شاملة، وأن تكون غير منقوصة أي لا تستثني أي من بني الإنسان على الرغم من توجهه الثقافي، للمحافظة على ترابط المجتمع”.
وأكد أنه لا يوجد تعريف أو كتيب به قيم الأمة، أو ما يعرف بقيم الأسرة المصرية، لأنه يطلق على الدولة هنا الأسرة، لكن لا يوجد أي اهتمام بوضع خطوط عريضة لقيم الأسرة المصرية، ولطالما نادى علماء الاجتماع بضرورة وضع تعريف معيين أو حدود لتلك القيم. مشيرا إلى أن تلك القيم تتغير بتغير الزمان والمكان، خاصة بمجتمع مثل المجتمع المصري، شديد التنوع متعدد الأعراق والطوائف والأديان والثقافات، لذا تعتبر تلك المصطلحات فضفاضة تفتح الباب أمام التأويلات.
القوانين الجنائية
القوانين المصرية خاصة الجنائية منها تحتاج إلى مراجعة شاملة في احتوائها علي عبارات لا يوجد قياس موضح لها ويمكن استغلالها في العديد من الأمور التي لم يقصدها المشرع، وهو الأمر الذي لا يمكن التعايش مع خاصة في دولة ذات تحتوي علي تراث ضخم من القوانين والتي تطورت عبر السنوات.بحسب دراسة أجراها مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان.
وأضافت الدراسة أن المواطنين المصريين كفلهم الدستور حماية قانونية للحقوق والحريات يجب أن ينظر لها بشكل أكثر جدية، وأن التصرفات التي لا تتضمن مخالفة للقانون لا يجب أن يتبعها إجراءات قانونية وقائية بحجة القيم المجتمعية، لكونها تمثل المزيد من القمع ضد النساء التي يتم التعامل معهم كممتلكات يجب حمايتهن على الرغم من عدم وجود ما يستدعي تلك الحماية.
وعدد المركز مجموعة من القوانين التي تفرض فيها الدولة سلطتها الأخلاقية، ومنها العقوبات التي تجرم نشر صور ومقاطع فيديو خادشة للحياء، والدعوة بالإغراء للدعارة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنشاء حساب وإدارته على الإنترنت للتحريض على الفجور.
بعد إذن الأسرة المصرية
شارك عدد كبير فى حملة بعد إذن الأسرة المصرية، التي تهدف إلى توفير دعم قانوني للمرأة، خاصة النساء اللائي يستخدمن “التيك توك” و” اللايكي” وغيرها من التطبيقات، والإفراج عن المحتجزات ومنهم منه عبد العزيز وغيره، نظرًا لأنها حملة مستمرة لم يغلق فيها القوس بعد.
تمييز على أساس طبقي
المحامية الحقوقية انتصار السعيد، رئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، تقول إن المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، قيد جديد للنساء، فبالنظر لمن تم تطبيقها عليهم تجد أغلبهم من النساء، ما يعني ترسيخ لمبدأ السلطة الأبوية.
وتضيف أن مبادئ وقيم الأسرة المصرية تتغير بتغير المجتمعات، ولا يمكن توحيدها أو تحديد تعريف لها، وتؤكد أنه هناك تمييز على أساس الطبقة الاجتماعية، فعلى الرغم من أن هناك الكثير من السيدات المشهورات يرتدين نفس الملابس ويفعلون نفس التصرفات لكن لا يتم محاكمتهن على ذلك.
وأكدت أن رواد منصات التواصل الاجتماعي وبعض المحامين هم من أصبحوا يوضحون ويحددون قيم الأسرة المصرية رغبة في تحقيق شهرة، وأنهم يشبهون شيوخ حقبة في التسعينات بفرض نفسهم أوصياء على المجتمع وخاصًة الفتيات.