مع أزمة اقتصادية، بين مظاهرها عجز الحكومة عن توفير حصيلة دولارية، وبقاء السوق السوداء، يطرح بنكا الأهلي ومصر ، بدءًا من اليوم الأربعاء، شهادت إدخار دولارية لأجل 3 سنوات بعائد يتراوح بين 7 و9% .
تستهدف الخطوة الجديدة، المتمثلة بهذه الشهادات ذات العائد المرتفع، جذب العملة الصعبة من الخارج، وأيضا استعادة الدولار من السوق السوداء. كما تستميل المستثمرين الأجانب والمغتربين المصريين وحائزي الدولار في السوق المحلية لوضعها بالقطاع المصرفي بحثا عن عائد مرتفع.
يأتي طرح الشهادات الجديدة، بعد يوم واحد من إعلان البنك المركزي نتائج ميزان المدفوعات للتسعة أشهر الأولى من العام المالي السابق (يوليو 2022ـ مارس 2023) والذي كشف تراجعا في تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة تتجاوز 26% لتبلغ 17.5 مليار دولار، مقارنة بنحو 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق.
يبيع بنك مصر بدءًا من اليوم شهادة “القمة” بعائد 9% سنويًا للمصريين والأجانب، يُصرف عائدها للثلاث سنوات بشكل تراكمي بالجنيه المصري مع إمكانية الحصول عليه مقدماً ما يعني إمكانية حصول من يشتريها على 27% مقدمًا من إجمالي المبلغ الذي اشترى به من اليوم الثاني لعملية الشراء.
أما شهادة “إيليت”، لبنك مصر أيضًا، فيبلغ عائدها 7% سنويًا ويتم الصرف بشكل ربع سنوي بالدولار ويمكن شرائها للمصريين والأجانب بفئة ألف دولار أمريكي ومضاعفاتها، على أن يبدأ تاريخ إصدار الشهادة اعتباراً من يوم العمل التالي للإيداع وهو ذات التاريخ الذي يتم عبره احتساب العائد أو الاسترداد.
ويمكن لمشتري شهادة “إيليت” الاقتراض بالجنيه المصري وحتى 50% من القيمة الاستردادية للشهادة وبحد أقصى 10 ملايين جنيه. ويتم استرداد الشهادات بالدولار الأمريكي، ولا يمكن كسرها إلا بعد مضي 6 أشهر .
ارتفاع كبير على العائد الدولاري في مصر
في السياق ذاته، طرح البنك الأهلي، اليوم، شهادتي إدخار جديدتين بالدولار الأمريكي لمدة ثلاث سنوات، أولهما “الأهلي بلس” بعائد سنوي 7٪ ويصرف بنفس العملة التي يتم الشراء بها مع إمكانية تحويل العائد بشكل ربع سنوي.
وكذلك يمكن الاقتراض بضمانها حتى 50% من قيمتها بالجنيه المصري لأغراض استثمارية بحد أقصى 10 ملايين جنيه، وبفائدة أقل 2.25% من سعر إقراض البنك المركزي.
والشهادة الدولارية الثانية هي “الأهلي فورًا ” وتبلغ مدتها 3 سنوات بسعر عائد سنوي 9% يُصرف مقدمًا بالجنيه المصري عن الفترة كلها بواقع 27% من قيمة الشهادة عن إجمالي مدتها، لكن لا يجوز الاقتراض بضمانها وتسترد الشهادة في تاريخ الاستحقاق بذات العملة أي بالدولار الأمريكي.
قروض وعروض.. إغراءات مستمرة للمصريين بالخارج
تأتي الشهادات الجديدة مع سلسلة عروض مغرية للمصريين بالخارح، أعلن عنها البنكان الحكوميان الأكبر في السوق، فـ”الأهلي” تعاون مع شركة مصر لتأمينات الحياة لإطلاق خدمة “معاش بُكرة بالجنيه” للمصريين بالخارج.
يخاطب نظام التأمين مخاوف المستقبل بتوفير دخل للعاملين بالخارج يعينهم في السن المتقدمة، ومن المقرر الإعلان عن تفاصيله في مؤتمر صحفي بالهيئة العامة للرقابة المالية الأسبوع المقبل بناءً على الموافقة الصادرة من الهيئة للشركة في مارس 2023.
البنك ذاته كشف عن قرض شخصي للمصريين بالخارج بالجنيه المصري بضمان تحويل ما يعادل قيمة القسط الشهري بالعملة الأجنبية من الخارج بحد أدنى للقرض 50 ألف جنيه و بحد أقصى ثلاثة ملايين جنيه مع إتاحته لمن هم في سن الـ21 عامًا على أن يكون آخر قسط لكبر السن قبل بلوغ الستين.
بينما سيكون سعر الفائدة أقل عن البنك المركزي المصري بنحو 2.25٪، بجانب السداد بمدد تصل إلى ٤ سنوات، مع تطبيق كافة الشروط والضمانات وبدون أية مصاريف إدارية مع منح العميل تأمين مجاني على الحياة،
في نفس السياق، أتاح بنك مصر قرضين للمصريين بالخارج أولهما القرض الشخصي والثاني التمويل العقاري، وتصل قيمة القرض الشخصي 3 ملايين جنيه وتصل فترة السداد إلى 4 سنوات، بينما يمنحهم القرض العقاري تمويلاً لشراء وحدات سكنية داخل مصر بمبلغ يصل إلى 80% من قيمة الوحدة السكنية، وبأطول فترة سداد “تصل إلى 15 عامًا”.
من أين لك هذا؟.. سؤال إلى زوال
لا ينكر يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي، بأن الهدف من طرح الشهادات الجديدة هو توفير العملة الصعبة من الدولار، مضيفًا أن هناك أكثر من 4 مليارات دولار خارج القطاع المصرفي وبعض العملاء يحتفظون بالعملة الأجنبية في منازلهم، لذلك تم طرح شهادات دولارية بعائد أعلى لجذبهم.
بحسب أبو الفتوح فإنه يمكن لجميع المصريين شراء الشهادات الإدخارية بالدولار، دون سؤال العميل عن كيفية الحصول على هذه الأموال، قائلاً نصًا في مداخلة تلفزيونية: «لو معاك مليون دولار ادخل البنك واعمل الشهادة.. ومحدش هيقولك أنت جايب الفلوس منين».
تراهن البنوك على تحقيق حصيلة جيدة من الشهادات الجديدة بعد تجميع 3.5 مليار دولار من الشهادات الإدخارية الدولارية ذات العائد الشهري 5.25% التي تم طرحها خلال الفترة الماضية والتي جاءت مع ارتفاع نسبة الودائع في البنوك من 6 تريليون إلى 9.5 تريليون جنيه.
خطوة متأخرة
يقول الدكتور رمزي الجرم، الخبير المصرفي، إن الشهادات الجديدة جاءت متاخرة لكن طرحها أمر جيد، وكان من الممكن زيادة العائد بنسبة أكبر، من أجل جذب شريحة أكبر من أصحاب الأرصدة الدولارية، مضيفًا أنه طالب بتلك الشهادات وقتما طرحت الدولة صكوكًا سيادية بمبلغ 1.6 مليار دولار في إبريل الماضي، وكان العائد حينها 11%.
يلعب البنك المركزي المصري دورا كبيرا في الشهادات الجديدة إذ يضمن لمالكي الشهادات الحق في تحويل مبالغ الاستردادات والعائد تبعاً للقواعد المنظمة للشهادات إلى حساب العميل خارج مصر، إذا طلب ذلك وبدون حد أقصى للتحويل مع الاعفاء من بعض الرسوم الخاصة.
أضاف الجرم أن طَرح شهادات دولارية ثلاثية بعائد 7٪ بدورية صرف ربع سنوي، وأخرى بعائد 27٪ عائد مُتجمع بالمصري، يُصرف مُقدما على أساس قيمة الشهادة بالجنيه المصري، يُعد تطورًا نوعيًا في مواكبة رغبات العملاء؛ ولكن كان من الأفضل أن يكون العائد على الشهادة الأولى لا يقل عن 9٪ والأخرى لا يقل عن 11٪.
يحيى أبو الفتوح أكد في مداخلة أخرى أنه يمكن الحصول على قروض بضمان الشهادة الدولارية ويمكن إعادة إستثمارها في الشهادة الاستثمارية بالعملة المحلية التي تبلغ فائدتها 19%، حتى لو بلغ القرض أقصى حد أي 10 مليون جنيه”،.
تعني تصريحات أبو الفتوح أن تودع مليون دولار وتحصل علي 270 ألف دولار فائدة إجمالية للثلاث سنوات أو ما يعادلها بالمصري مقدم من اليوم الثاني بنحو 8.3 مليون جنيه مع إمكانية إعادة استثمار العائد في شهادات بالعملة المحلية بفائدة 19%.
الشهادات ذات العائد 7%، فبجانب الفائدة عليها في الثلاث سنوات التي تصل إلى 210 آلاف دولار يمكن الاقتراض بما يعادل نصفها، وإعادة استثمار المبلغ الذي تم اقتراضه في شهادات محلية خاصة مع وجود فرق في سعر الاقتراض بهذا الحالة 2.25% عن سعر البنك المركزي.
تأثيرات على الصناعة
يخشى البعض من تأثير تلك الودائع على مناخ الاستثمار وجذب الأموال للقطاع المصرفي بدلاً من الأنشطة الإنتاجية لكن سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، ترى أن تلك الخطوة تشجع على الاستثمار والصناعة.
تدلل على ذلك فتقول: العودة بتحويلات المصريين بالخارج لـ 30 مليار دولار مع ضبط سعر الصرف من شأنه أن يعزز موارد الدولة الدولارية والسماح بدخول المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.
تضيف الدماطي أن توافر العملة الصعبة ينعكس على الدورة الإنتاجية بشكل عام إذ تنعش حركة الإنتاج والتوسع في الاستثمار، ما يزيد الطلب على العمالة وهو أمر في النهاية يساهم في خفض أسعار السلع، ومستوى التضخم.