بدأت العلاقات الأمريكية- التركية في العام 1831، بعد تدشين العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والإمبراطورية العثمانية.
ترى أمريكا أنّه من المصلحة ارتباط أنقرة بالمجتمع الأوروبي الأطلسي، باعتبارها شريكًا إقليميًا مهمًا، وعضوًا في حلف الناتو.
وبين الحين والآخر تذكر الولايات المتحدة، الحكومة التركية بـ”السياسيات والإجراءات التي تبني ثقة الجمهور في المؤسسات الديمقراطية، وسيادة القانون”، إضافة إلى التزامات حقوق الإنسان.
التعاون الأمني
انضمت أنقرة إلى منظمة شمال الأطلسي “الناتو” في العام 1952.
وتعتبر تركيا رائدة في مهمة الدعم الحازم التابعة للحلف في أفغانستان، وهي بمثابة المرساة الشرقية الحيوية لـ”الناتو”، إذ تتحكم في مضيق البوسفور، و الدردنيل التي تربط البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط.
العلاقات الاقتصادية الثنائية
قفزت التجارة الأمريكية- التركية الإجمالية من 10.8 مليار دولار في عام 2009 إلى 20.7 مليار دولار في عام 2019 .
واتفق الرئيسان الأمريكي والتركي، 2019 على العمل لزيادة التجارة الثنائية السنوية إلى 100 مليار دولار سنويًا.
في عام 2018، احتلت تركيا المرتبة 28 في قائمة أكبر سوق، لتصدير السلع في الولايات المتحدة، والمرتبة 33 من أكبر مورديها لواردات السلع.
توترات متصاعدة
تستخدم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دبلوماسية “360 درجة” مع جميع الأطراف، خلال هذه الفترة للمساعدة في إنهاء الحرب في ليبيا
ووفقًا لصحيفة “المونيتور” الأمريكية: “قد يدعو البيت الأبيض إلى وقف إطلاق النار في الوقت الذي امتد التنافس بين مصر وتركيا إلى شرق البحر المتوسط”.
وقال خبير العلاقات الأمريكية- التركية، علي سينار: “بقدر ما يبدو أن الولايات المتحدة وتركيا تبدأن مرحلة جديدة بشأن ليبيا، فإن دولًا أخرى في المنطقة تبذل كل ما في وسعها، لمنع التعاون التركي- الأمريكي في طرابلس”.
ويشير المحلل إلى أن “البنتاجون” نشط استخدام القواعد والمنشآت العسكرية في مدينة أليكساندروبولي الساحلية شمال اليونان، وسط التوترات المتزايدة في شرق البحر الأبيض المتوسط، خاصة بعد أن أصدرت أنقرة Navtex ، لإجراء عمليات مسح زلزالية في منطقة بحرية بين قبرص وكريت.
وتابع قائلاً: “كما أنه يحيط علمًا بتصريحات سفير الولايات المتحدة في أثينا جيفري بيات الذي وقف إلى جانب اليونان بشأن اتفاقية الحدود البحرية المثيرة للجدل الموقعة بين تركيا وليبيا بالقول إن جميع الجزر اليونانية، بغض النظر عن حجمها ، يحق لها الجرف القاري”.
ويواصل “سينار”: “تحتاج الولايات المتحدة إلى أن تكون أكثر شفافية وانفتاحًا في كل مناورة تجري مع اليونان”، محذرًا الولايات المتحدة من “توسيع العلاقات مع تركيا بشكل أكبر”.
تنص الاتفاقية على زيادة النشاط المشترك بين الولايات المتحدة واليونان وحلف شمال الأطلسي في لاريسا، وستيفانوفيكيو، وألكساندروبولي، بالإضافة إلى البنية التحتية والتحسينات الأخرى، في قاعدة خليج سودا البحرية.
ويرى السفير التركي السابق لدى قطر، ميثات ريندي، والذي يعمل الآن مستشارًا للطاقة يغطي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ”أمريكا وتركيا تظهران على نفس الصفحة في ليبيا”.
وتقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أنقرة، إلهان أوزجيل، إن “تركيا تخوض حاليًا عملية عسكرية في شمال العراق، ومن 3 إلى 4 عمليات عسكرية في سوريا، وشرق البحر المتوسط وليبيا”، لافتة إلى أنها تحتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وليست روسيا.
اتهامات متبادلة
وبحسب تقرير لشبكة “فويس أوف أمريكا”، اتهم مسؤولون أتراك كبار واشنطن بالتورط ضمنيًا على الأقل في الانقلاب الفاشل، وهي تهمة نفتها الولايات المتحدة بشدة.
وفي عام 2019، حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا من شراء منظومة إس-400 الروسية، وتم التهديد بالانسحاب من “الناتو”.
وأشار تقرير لصحيفة “المونيتور” الأمريكية، إلى أن أنقرة أدانت اتفاقية نفطية جديدة بين شركة مقرها الولايات المتحدة، والأكراد لشمال وشرق سوريا .
وترفض تركيا الاتفاق، وأصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا وصفت فيه الاتفاق بـ”غير القانوني”، واتهمت الاتفاق بـ”سرقة النفط الخام السوري”.
وقالت مصادر مطلعة على الصفقة، إن الاتفاق تم “بمعرفة وتشجيع البيت الأبيض”.
وأعلنت تركيا عن إدانتها للاتفاق بعد أيام فقط من حديث السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام، الذي أكد أن الصفقة قد تمت.
وأشار “جراهام”، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى صفقة النفط خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في 30 يوليو.
سيناريوهات
دعت وسائل الإعلام الأمريكية، للتصدي للعدوان التركي المتزايد، وقالت مجلة نيوزويك، إن تركيا الحليف الرسميّ لحلف شمال الأطلسي تستغلب فيروس كورونا، لتوسيع نفوذها عبر شرق البحر الأبيض المتوسط.
ويوضح التقرير أن افتقار واشنطن إلى التركيز على المنطقة ساعد على عدوانية أنقرة، والتي بدورها تزيد من التوترات في قلب التحالف عبر الأطلسي، وتقوض قدرة أمريكا على تعزيز تنمية الطاقة السلمية.
ويتابع أن اعتناق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لقومية تدخلية ذات طابع إسلاميّ أدى إلى مواجهات مع كل دولة أخرى تقريبًا في شرق البحر الأبيض المتوسط، من أجل استكشاف رواسب الغاز الطبيعي الهائلة المحتملة في المنطقة، ومدفوعًا إلى حد كبير برد الفعل على السياسة التركية، حتى قبل انتشار فيروس كورونا، بدأ العديد من الشركاء الأمريكيين في الشرق الأوسط وجنوب أوروبا – بما في ذلك حلفاء الناتو فرنسا واليونان – في تطوير علاقات دفاع، وطاقة أوثق فيما بينهم.
وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن انتشار الوباء إلى زيادة عدم الاستقرار والتوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط ، مدفوعة في المقام الأول بمزيد من الاستفزازات من تركيا.
وتنظر أنقرة إلى الوضع في أوروبا وأمريكا كمؤشر على أنها سوف تكون منشغلة داخليًا، وقد لا تمتلك ما يكفي لمواجهة التحركات التركية في شرق البحر الأبيض المتوسط.
خيبة أمل مريرة
وكانت التصريحات الأخيرة للمسئولين الأمريكيين، هي علامة واضحة على استياء واشنطن من الأنشطة التركية المشكوك فيها والتي تهدد وحدة الناتو نفسها، على الرغم من أن تركيا جزءًا مهمًا من الحلف، إلا أن مستقبلها كدولة عضو يعتمد على رغبة أنقرة في أن تكون عضوًا في هيكل الأمن الجماعي.
وقد اقترب صبر الولايات المتحدة الأمريكية على النفاذ، حسبما أكدت مجلة مودر دبلوماسي الأمريكية، في تقرير لها خلال الآونة الأخيرة، بسبب مشروعات الرئيس التركي التوسعية في المتوسط.
وحاولت الإدارة الأمريكية، منذ فترة طويلة تفكيك التدخل العسكري التركي غير الشرعي والعدواني التركي في دول الشرق الاوسط. .
واستشهدت المجلة، بالتقرير الفصلي حول عملية مكافحة الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا، من المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية.
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، نشرت تركيا عددًا غير معروف من قواتها، وأرسلت ما بين 3500 و 3800 مقاتلاً سوريًا إلى ليبيا حسب تقييم المفتش العام.
ومن الصعب وصف هذه التطورات بأي شيء سوى خيبة أمل مريرة لواشنطن، خاصة بالنظر إلى موقعها المتماسك في حلف شمال الأطلسي، مع عدوان تركيا في المنطقة، إذ تواجه الولايات المتحدة ما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على نحو ملائم بأنه “موت دماغي” للناتو.
قلق أمريكي من إرهاب تركيا في سوريا
وبين المونيتور القلق أمريكي ودولي من إرهاب ميشليات إردوغان في شمال سوريا، وترويع المدنيين.
وأن الخارجية الأمريكية نددت الانتهاكات التركية، في شمال سوريا إثر الاعتقالات التعسفية، والقتل دون محاكمة أو بشكل عشوائي.
وقالت وزارة الخارجية: “لقد كررنا توقعاتنا بأن تركيا والميليشيات المعارضة تحقق في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة، وتعزز المحاسبة عند الاقتضاء”.
ويتابع أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرس خلال هذه الفترة معاقبة تركيا على الانتهاكات، رغم عدم استيفائها المعايير المطلوبة .