تزاحمت الترشيحات في بورصة التكهنات حول الأسماء المرشحة لمنصب محافظ البنك المركزي المصري، مع نهاية ولاية حسن عبد الله في 17 أغسطس الحالي.
قضى محافظ البنك المركزي عاما في منصبه، شهدت فيها مصر تخفيضات للجنيه، وارتفاعًا غير مسبوق بمعدل التضخم، وصل إلى 36.8 % في يونيو 2023.
هذا فضلا عن عجز في توفير العملة الأجنبية، وتعثر التفاوض حول الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي.
من المرشحون للمنصب؟
انضم إلى الأسماء المتداولة داخل القطاع المصرفي، فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي السابق، خاصة وأنه استقال من منصبه قبل أيام من بنك المؤسسة العربية المصرفية، ويقع مقره الرئيسي بالبحرين، وله أفرع في خمس قارات حول العالم.
بجانب العقدة، هناك هشام عز العرب رئيس البنك التجاري، وهشام عكاشة، رئيس البنك الأهلي، فضلا عن التجديد لحسن عبد الله لفترة قادمة.
العراب
يعتبر المصرفيون العقدة “عرابهم”، فمن تولوا منصب محافظ البنك المركزي بعده كلهم من تلامذته الذين عملوا تحت إدارته.
بداية من هشام رامز الذي خلف العقدة ثم طارق عامر، الذي تقدم باستقالته بعد 7 سنوات في منصبه، قبل عام و 3 أشهر تقريبا من نهاية ولايته الثانية.
وأخيراً، جاء حسن عبد الله المحافظ الحالي الذي كان عضوا بمجلس إدارة البنك المركزي تحت قيادة العقدة أيضًا.
تجربة سعر الصرف في 2003.. هل يمكن تكرارها؟
يملك فاروق العقدة العديد من المسوغات التي تؤهله للاختيار من قبل صانع القرار، ويجعله المرشح لتولي المهمة.
سابقا، استطاع العقدة ضبط سعر صرف الجنيه، عقب أول تعويم، حمل حينها توصيف “إلغاء العمل بسعر صرف البنك المركزي”، استقر سعر صرف الدولار مقابل 5.97 جنيهات، واستمر بهذا المعدل حتى اندلاع ثورة يناير 2011.
تولى العقدة منصبه بعد التعويم الأول بشهور قليلة، وكانت حينها العملة متراجعة بأكثر من % 33.5 مع وصول الدولار إلى 6.14 جنيهات مقابل 4.60 جنيهات قبل 2003.
الحد من المضاربات وتوفير الدولار
تدخل البنك المركزي ببيع الدولارات؛ لتخفيض أسعاره، والحد من المضاربات؛ لتصل أسعار الصرف إلى استقرار نسبي.
مع الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، تراجع الجنيه أمام الدولار بنحو 40 قرشا، ووصل سعر صرف الدولار نحو 5.70 جنيهات، جاء هذا التغيير مع ضغوط تخارج المستثمرين الأجانب من السوق المحلية.
قام العقدة بضخ الدولار في السوق، واتخذ قرارات؛ لمنع انهيار العملة المحلية.
تجدد الأزمات الاقتصادية
تواجه مصر الآن، ظروفا شبيهة بالأزمة الاقتصادية العالمية، منها تداعيات الحرب “الروسية ـ الأوكرانية”، ورفع الفيدرالي الأمريكي “البنك المركزي الأمريكي” الفائدة التي أدت لخروج أكثر من 22 مليار دولار، أموال ساخنة من مصر في 21 يومًا فقط.
بعد ثورة 25 يناير، وقبل تعطيل العمل بالبنوك لأسبوع، خرجت من مصر 8 مليارات دولار، حينها تدخل البنك المركزي في سوق الإنتربنك؛ ليعود سعر الدولار إلى مستوى 5.88 جنيهات بعد كسره حاجز الـ 6 جنيهات.
موارد دولارية كبيرة.. كيف يمكن استثمارها؟
استطاع العقدة استثمار عائدات السياحة التي تحسنت في أعقاب التعويم، ووقف سياسة عاطف عبيد رئيس الوزراء حينها الذي تعهد بسعر صرف مرن للجنيه.
وصلت حصيلة السياحة إلى5.47 مليارات دولار، بينما صافي حصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 700.6 مليون دولار، مدفوعا بالموارد الدولارية من عوائد الخصخصة.
إعادة الخطة المجربة سابقا.. خصخصة وعوائد السياحة
يبدو أن التجربة تعيد ذاتها بعد عقدين بالتمام والكمال، فالدولة تعتزم التخلي عن المزيد من الأصول؛ لتعزيز الموارد الدولارية في سياسة شبيهة بالخصخصة.
وتسعى إلى زيادة عائدات السياحة في خطوات، تشبه ما جرى تنفيذه بداية ديسمبر 2003.
السياحة والاستثمار الأجنبي
بلغت الإيرادات السياحية خلال الـ 9 أشهر الأولى من العام المالي 2022/2023، نحو 10.3 مليارات دولار بزيادة 25.7 % عن إيرادات الفترة ذاتها من العام المالي 2021/2022، والتي بلغت 8.2 مليارات دولار.
كما وصل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من يوليو 2022 إلى مارس 2023 إلى نحو 7 مليارات، و945.4 مليون دولار مقابل 7 مليارات، و348.5 مليون دولار ذلك بزيادة 596.6 مليون دولار.
مشكلات متكررة.. هل الحلول واحدة؟
في 2003، كان الاقتصاد يعاني حالة من الركود مع ندرة السيولة، وزيادة حجم القروض المتعثرة، وانخفاض الملاءة المالية.
لمعالجة الأزمة على مستوى السياسات النقدية، اتخذ العقدة خطتين للإصلاح المصرفي، تضمنتا إعادة هيكلة البنوك ودمج البنوك الصغيرة المتعثرة.
تقلص عدد البنوك من 57 بنكا إلى 39، بضم وحدات مصرفية مثل، «مصر الدولي» و «النيل» و «المصرف الإسلامي للتنمية» و «العربي المتحد» و «المهندس» و «التجاريين» «والمصري الأمريكي».
مع نجاح العقدة مصرفيا، كانت هناك مشكلة واحدة تتمثل في معدل التضخم الذي ارتفع من 2.9 % في 2003 إلى 17.3 % بنهاية 2004.
تراجع التضخم في الأعوام التالية؛ ليسجل في السنة المالية 2006/2007 نحو 9. 10 %، وانخفض إلى 9.5 % في 2007/2008.
تكامل السياسات
تكاملت في وقت العقدة السياسة النقدية مع السياسة المالية التي تولى مسئوليتها بطرس غالي، وزير المالية حينها، والأخير ركز على التصدير لأسواق دول شرق آسيا، وشرق أوروبا والهند والصين ودول الخليج.
حققت الصادرات معدلات نمو عالية، وأسهمت في مواجهة تداعيات الأزمة المالية، وخاصة المتعلقة بالتصدير إلى السوق الأوروبي والأمريكي.
فرص التجديد لحسن عبد الله
رئيس مجلس إدارة أحد البنوك الحكومية الكبرى، يقول لـ “مصر 360″، إن العقدة إضافة لأي مؤسسة مالية يعمل بها، بما يملكه من خبرات كبيرة.
لكن يرى أيضا احتمالية المد لحسن عبد الله لفترة مؤقتة جديدة، قد تمتد إلى نهاية عام 2023.
يرجح هذا الخيار بدء تدفق الموارد الدولارية من السياحة، وبيع الأصول علاوة على الشهادات الدولارية التي أعلن عنها بنكا الأهلي ومصر أخيرًا.
بحسب المسئول المصرفي، فإن سياسة ضبط سعر الصرف عبر الشهادات الدولارية بدأت تؤتي ثمارها في سحب السيولة من السوق السوداء للقطاع المصرفي.
ومع الشهادات، تراجع سعر الدولار في السوق السوداء من مستوى (38 و40) جنيها إلى مستوى 36 جنيها في المتوسط.
يضيف الخبير المصرفي، سيتضح الأمر مع إعلان البنكين حصيلتهما من الشهادات الدولارية الثلاثية ذات عائد 7 و9 % قريبًا.
يعزز من خيارات بقاء حسن عبد الله الإجازة الصيفية لمجلس النواب، فالأخير يجب أن يوافق على تعيين محافظ البنك المركزي لمدة كاملة.
علاوة على إمكانية إجراء المراجعة الثانية لصندوق النقد للقرض المصري التي كانت يفترض إجراؤها قبل 5 أشهر، بعد موافقة الصندوق على القرض منتصف ديسمبر 2022.
ووفق المادة الـ 115 من الدستور، تبدأ الإجازة البرلمانية رسميًا من يوم قرار رئيس الجمهورية، بفض دور الانعقاد، لحين تاريخ دعوته لانعقاد الدور التالي.
وإذا لم تتم الدعوة للانعقاد يجتمع المجلس بحكم الدستور في يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر 2023.
تبقى قدرة لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في مواجهة معدلات التضخم التي ارتفعت من 14.7 % في يونيو 2022 إلى 36.8 % لنفس الشهر للعام 2023، هي أحد التحديات الضخمة، والتي يحدد ضمنها قرارات تعيين محافظ جديد للبنك المركزي.
قائمة مرشحين تقليدية.. وأسماء متكررة
يظل هشام عز العرب، رئيس البنك التجاري الدولي، أحد المرشحين التقليديين لمنصب محافظ المركزي.
فرص هشام عزب العرب
يظل هشام عز العرب، رئيس البنك التجاري الدولي ومستشار حسن عبد الله السابق، حيث استقال عز العرب من منصبه في وقت سابق، أحد المرشحين التقليديين للمنصب محافظ المركزي منذ عقدين تقريبا لكن لم يصب سهم الاختيار عز العرب، إلا في مرة واحدة بعد ثورة 25 يناير وحينها اعتذر ورشح نائبه هشام رامز بدلاً منه.
وعمل عز العرب في بنوك خارجية مثل جي بي مورجان تشيس، ودويتشه بنك.
كما استطاع تحويل التجاري الدولي إلى أكبر بنك قطاع خاص في مصر، وصاحب أكبر وزن نسبي بالبورصة المصرية، حتى أنه جعل هبوط أسهم البنك يؤثر على البورصة، مهما كان أداء باقي الأسهم مرتفعًا.
هشام عكاشة
من بين المرشحين أيضًا، هشام عكاشة، رئيس البنك الأهلي، وهو من تلامذة العقدة أيضًا، إذ التحق بالبنك المركزي المصري أكتوبر 2007، في إطار برنامج إصلاح وتطوير الجهاز المصرفي كوكيل محافظ مساعد.
تولى عكاشة حينها مراقبة أداء، واستقرار البنوك العاملة بالجهار المصرفي، وتحليل نقاط الضعف والقوة بها تحوطاً للمخاطر، أو أي تهديدات لضمان استقرارها ومراكزها المالية.
مع الأزمة المالية العالمية، تم تكليف عكاشة بمنصب نائب رئيس مجلس الإدارة بالبنك الأهلي المصري، ذلك ضمن خطة تفعيل إعادة هيكلة وإصلاح البنك.
وخلال فترة تولي عكاشة المنصب، كان بين مسئولياته، تسوية المديونيات المتعثرة التي بلغت 23 مليار جنيه، وتم تخفيضها إلى 6.5 مليارات في 30/6/. 2012، وتم تحقيق متحصلات 6.5 مليارات، وتسوية حوالي 18 مليار جنيه منها.
وفي فبراير 2013، تم تكليفه بالقيام بأعمال رئيس مجلس الإدارة، حتى صدر قرار تكليفه بمنصب رئيس مجلس الإدارة للبنك الأهلي المصري خلال يوليو 2013.