تضغط شركات الاتصالات، في اتجاه تعديل أسعار خدمات المحمول والإنترنت، وتبرر مطالباتها بارتفاع الأعباء الواقعة عليها، منذ تحرير سعر الصرف، إضافة إلى تغيُر أسعار الوقود، ما يزيد تكاليف محطات التقوية، بجانب ذلك، تُبرز الشركات رغبتها في ضخ استثمارات جديدة، وتحسين مستوى خدماتها المقدمة للمستهلكين.
المهندس أحمد يحيى، الرئيس التنفيذي لقطاع الأفراد بشركة اتصالات مصر، قال في تصريحات صحفية، إن شركات المحمول تُجري في الوقت الحالي تنسيقًا مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات؛ من أجل تعديل الأسعار، لكنه أكد، أن الزيادات لن تكون كبيرًة.
وتشكو شركات المحمول من تأثير تغيير أسعار الصرف، وهبوط قيمة الجنيه أمام العملات الصعبة، وارتفاع تكاليف الخدمات سواء أسعار الكهرباء أو السولار، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار قطع الغيار، والتي تؤثر على الأرباح بشكل كبير، بحسب قول يحيى.
شركة “اتصالات مصر”، التي تحدثت بشكل مباشر عن طلب رفع الخدمة، دون الشركات الأخرى التي تتحدث في الخفاء، حققت إيرادات بقيمة 7.5 مليارات جنيه في الربع الثاني من العام الحالي، مقابل 6.2 مليارات جنيه في الربع نفسه من العام الماضي.
ورغم زيادة الإيرادات، فإن لدى الشركة حسبة ترتبط بسعر الصرف.
وحال حساب الربحية بالدرهم الإماراتي، تتراجع إلى 894 مليون درهم بنهاية يونيو الماضي، مقابل 1.225 مليار درهم في الشهر ذاته من العام السابق.
سوق المحمول المصري.. فرصة عظيمة لتحقيق الربح
وارتفع الدرهم الإماراتي أمام الجنيه المصري من مستوى 5.08 جنيهات للشراء. و5.09 جنيهات للبيع في يونيو حزايران 2022 إلى 8.38 جنيهات للشراء، و 8.39 جنيهات للبيع في الشهر ذاته من العام الحالي، بنسبة تتجاوز 39 %، أو بمعنى آخر، فإن الجنيه فقد 39 % من قيمته أمام الدرهم خلال عام.
وخلال مايو، وافقت الهيئة العامة للرقابة المالية لوزارة المالية باعتبارها المساهم الرئيسي في الشركة على بيع 10 بالمئة من أسهم الشركة في البورصة.
وتمثل سوق المحمول بمصر فرصة للشركات، فعدد المشتركين يتزايد بوتيرة سريعة، حيث بلغ إجمالي مشتركي الهاتف المحمول 103.77 ملايين مشترك بنهاية الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بنحو 94.15 مليون مشترك، خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق البيانات الصادرة عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
تتحدث باقي الشركات عن المطالب ذاتها، لكن في الغرف المغلقة، منذ يونيو الماضي، إذ نقلت بلومبرج، أخيرا عن مسئول بإحدى الشركات، رفض ذكر اسمه، أن هامش الربح يتآكل، وأنها حاولت التحكم في هوامش الربحية من خلال تقليل النفقات.
يقول أيضا: أصبح تعديل الأسعار حتمياً على الشركات، متوقعا ألا تقل الزيادة عن 10 %، وألا تزيد عن 30 % “، على حد قوله.
الأرقام تؤكد، أن شركات المحمول تحقق ربحية جيدة، فشركة “فودافون مصر”، سجلت صافي أرباح بقيمة 5.97 مليارات جنيه، خلال عام 2022، مقارنة بنحو 7.43 مليارات جنيه في عام 2021 بتراجع 19.7 %.
لكن صافي ربح الشركة في الربع الأخير تحسن ليبلغ 2.1 ملياري جنيه، مقارنة بنحو 1.6 مليار جنيه فى الربع الثالث من 2022.
بلغ صافي الربح بعد الضرائب للشركة المصرية للاتصالات 9.2 مليارات جنيه في ٢٠٢٢ الماضي بنسبة نمو 9 %، مقارنة بعام 2021.
بينما لم تعلن أورانج عن نتائج أعمالها الجديدة، وكانت آخر النتائج المنشورة لها للنصف الأول من 2022، حينما حققت إيرادات بقيمة 9.6 مليارات جنيه، مقارنة مع 8.3 مليارات جنيه للنصف ذاته من 2021، وبنسبة نمو بلغت 11.7٪.
بحسب خبراء، فإن سوق الاتصالات المصرية يحقق ربحية جيدة للشركات، حتى أن شركة أورنج الفرنسية حينما تراجعت الإيرادات في أوروبا؛ نتيجة المنافسة المتزايدة في مجال الاتصالات، خلال النصف الأول من العام الماضي، كان النمو جيدا في مصر وإفريقيا.
نواب البرلمان يخشون ارتفاع جديد للتضخم
يقول الخبير الاقتصادي نادي عزام، إن شركات المحمول يمكنها امتصاص قدر من ارتفاع الأعباء في ظل الظروف الاستثنائية الحالية، خاصة في ظل المكاسب التي حققتها في مصر على مدار السنوات الماضية، والتي تظهرها نتائج أعمالها، فضلاً عن أن السوق المصري واعد ويمتاز بالنمو.
يضيف عزام، أن شركات المحمول تستفيد أيضًا من اهتمام الحكومة بالشمول المالي، ونمو المحافظ الإلكترونية ودخول الرقمنة في جميع جوانب الحياة، والتحول نحو مجتمع رقمي.
ويشير إلى ارتفاع إجمالي عدد محافظ الهاتف المحمول بنحو 20 %؛ لتبلغ 34 مليون محفظة بنهاية يونيو الماضي.
ودخل مجلس النواب على الخط، وطالب نواب بوقف أي زيادات جديدة في أسعار المحمول والإنترنت؛ لتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين، وإحكام الرقابة على خدمات المحمول والإنترنت المقدمة من شركات الاتصالات للمواطنين.
وبحسب بيانات التضخم العام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لشهر أغسطس الماضي، سجل قسم الاتصالات السلكية واللاسلكية ارتفاعاً قدره 1.6 % على صعيد سنوي، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة خدمات البريد بنسبة 16. %، خلال أغسطس الماضي عن الشهر ذاته من العام السابق.
وطالب النائب أحمد عبد السلام قورة، عضو مجلس النواب، وزارة الاتصالات في طلب إحاطة بإجبار شركات المحمول على تحسين خدمات المحمول والإنترنت، ومنع إجبار المواطنين على الحصول على خدمات من شركات الاتصالات بمقابل مادي، وهم ليس لديهم الرغبة في الحصول عليها.
شكاوى المستهلكين
وتعج صفحات التواصل الاجتماعي بشكاوى لعملاء الإنترنت من بطء الخدمة، وسرعة نفاذ الباقات؛ حتى حال عدم الاستهلاك، بجانب إدخالهم في خدمات مدفوعة الأجر، لا يرغبون بها، ذلك رغم إلزام جهاز “حماية المستهلك” شركات الاتصالات بعدم تقديم خدمات للعملاء، وخصم المقابل، دون موافقتهم، كما أعلن إمكانية تقديم شكاوى، ضد سوء الخدمة.
يشكو المستهلكون من الخدمات، لكن الشركات تشكو أيضا من التكاليف، وتغيُر سعر الصرف، ومستلزمات ومصاريف التشغيل.
تشير الشركات إلى قرار جهاز تنظيم مرفق الكهرباء 2019، بمحاسبة أبراج محطات المحمول “لا يوجد بها عداد كهرباء” بواقع 3500 كيلو وات ساعة شهريًا، وبالنسبة للمشتركة 6500 كيلو وات ساعة شهريًا، ويتم حساب قيمة الاستهلاك وفقًا لأسعار المشتركين على الجهد المنخفض 380 فولت.
ويقول النائب محمود قاسم، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، في طلب إحاطة، إن الحكومة تدخلت؛ لتأجيل رفع أسعار فواتير الكهرباء؛ لتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين، فكيف تصمت على محاولات شركات المحمول؛ لزيادة ورفع أسعار خدمات المحمول، والإنترنت خلال الوقت الراهن.
يشير قاسم، إلى توقيت طلب الشركات رفع أسعار خدماتها، والذى يتزامن مع ارتفاع الأعباء المعيشية بصورة كبيرة، وارتفاع معدلات التضخم والأسعار.
وطالب النائب الحكومة، بأن تجبر شركات المحمول على تحسين خدمات المحمول والانترنت التي أصبحت سيئة للغاية، خاصة في المناطق الحدودية والنائية والقرى والريف المصرى، وشدد على ضرورة عدم الاستجابة نهائيًا لمطلب شركات المحمول برفع أسعار خدمات المحمول والإنترنت، خاصة في هذا التوقيت.