لأول مرة في تاريخ إسرائيل، يُضاء مبنى بلدية تل أبيب بألوان العلم اللبناني تضامنًا مع الشعب اللبناني عامة، وسكان بيروت خاصة في أعقاب مأساة انفجار المرفأ.

الإنسانية أولا من قلب تل أبيب سلام لبيروت” هكذا أعلن أدمن صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” تضامنه مع ضحايا تفجير مرفأ بيروت، مستعينا بكلمات من أغنية المطربة اللبنانية المشهورة فيروز لمغازلة الجمهور العربي على الصفحة الموجهة لهم.

حفلت الصفحة التابعة للكيان الصهيوني على مدار الأيام الأخيرة، بعدد لافت من الرسائل التضامنية الرسمية والشعبية مع الشعب اللبناني في الانفجار الذي خلف وراءه نحو 158 قتيلا وأكثر من 6 آلاف مصاب، وسط تعليقات متباينة من المتابعين العرب الذين حمل بعضهم إسرائيل مسؤولية الخراب في الوطن العربي، وآخرون قلة أبدوا تأييدا للمنشورات.

وحاول أدمن الصفحة استغلال الحادث في تمرير العديد من الرسائل السياسية والدينية في إطار فرض حالة التعايش مع وجود إسرائيل في المنطقة العربية، وتغيير الصورة الذهنية عن جرائم الاحتلال بحق العرب في القدس المحتلة، فكتب في معرض تعليقاته: “السواد الأعظم من الإسرائيليين هم ناس مسالمين، ينبذون التطرف، ويتمنون فقط العيش بأمان”.

وعلق أحد المتابعين للصفحة على منشور خاص بالتضامن مع الشعب اللبناني، قائلا: “هذه الدولة التي مكتوبة مع لبنان؟ لم نسمع عنها من قبل ربما هي مجرد قبيلة أو قرية أو شعب بدون هوية لا تاريخ لا أصل ولا فصل ولا أرض له تريد عطف البلدان ذات سيادة”، ليرد أدمن الصفحة مستنكرا: “صح النوم لكل من ينكر الواقع”.

إسرائيل تتكلم بالعربي
إسرائيل تتكلم بالعربي

بدأت إسرائيل الاعتماد على وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية منذ تدشينها إذاعة “صوت إسرائيل”

إسرائيل تتكلم بالعربية

“إسرائيل تتكلم بالعربية” واحدة من صفحات كثيرة تابعة للكيان الصهيوني ناطقة باللغة العربية على منصات التواصل الاجتماعي، نشطت خلال السنوات الماضية لكسر الحاجز النفسي مع الجمهور العربي للتعايش مع وضعية إسرائيل، واستقطاب الشباب العربي من جانب آخر من رسم صورة ذهنية إيجابية عن الحياة المثالية التي يحظى بها سكان إسرائيل.

وبدأت إسرائيل الاعتماد على وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية، منذ تدشينها إذاعة “صوت إسرائيل” في عام 1965، في إطار تعزيز التفاهم والسلام ما بين إسرائيل والشعوب العربية المجاورة، ثم أنشأت عدة فضائيات ومواقع إلكترونية تعمل بالأجندة نفسها.

 كان هذا سابقًا قبل اندلاع ثورات الربيع العربي من خلال المنصات الإلكترونية، وهو ما أدركته إسرائيل بمدى تأثير السوشيال ميديا على المجتمع العربي، لذا اتجهت للصفحات والمتحدثين العرب، بهدف كسر الحاجز مع الشباب العربي، من بينها صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” التي أنشأتها وزارة الخارجية الإسرائيلية في أغسطس 2011 كمصدر للمعلومات عن دولة إسرائيل باللغة العربية، ويتابعها الآن أكثر من ميلوني شخص.

 يسعى الأدمن في هذه الصفحة إلى رسم الحياة المثالية للمجتمع الإسرائيلي من الداخل ومدى تسامحه مع جميع الأديان والعيش تحت سقف واحد، فيرصد لقطات لرفع الآذان، ويعرض لقطات لاحتفال المسلمين بالأعياد وطقوس رمضان، وتتضمن أيضا رسائل مستمرة من شباب إسرائيلي يبارك ويتضامن ويتفاعل مع الأحداث بهدف إزالة المشاعر السلبية من نفوس الشباب العربي.

كما يسلط أدمن الصفحة الضوء على سلبيات العرب أنفسهم، من وجهة نظره، فيرد على أحد التعليقات بقوله: “احنا سبب الصراع السني-الشيعي الذي بدأ قبل 1400 سنة، نحن سبب النصوص الداعشية لابن تيمية، نحن نقوم بفرسنه الدول العربية.. باختصار، نحن الشماعة التي تعلقون عليها كل مشاكلكم، بدلا من مواجهتها بجرأة”.

ويقول في منشور آخر: “الذاكرة تؤكد أننا كنا في هذه البقعة من الأرض، لكنكم كعادتكم تقومون بتعريب التاريخ وكأنه ملكاً لكم، وجودنا على هذه الأرض هو بمثابة عودة الحقوق إلى نصابها”.

بجانب صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية”، يمتلك كبار المسؤولين مثل بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأوفير جندلمان، المتحدث الرسمي باسمه، حسابات عربية، تنشر من خلالها الأخبار الرسمية والخطابات الموجهة إلى الجمهور العربي.

“إسرائيل في مصر” هي صفحة فيسبوك مكرسة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والنمو الاقتصادي والصداقة بين الدولتين

إسرائيل تتكلم بالعربي
إسرائيل تتكلم بالعربي

إسرائيل في مصر

كما أنشأت إسرائيل صفحات عربية لبعض سفاراتها في البلدان العربية من أجل الأهداف المرصودة سابقا، وخلق حالة من التنوع وتكثيف الحضور في حياة المواطنين العرب.

“إسرائيل في مصر” هي صفحة فيسبوك مكرسة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والنمو الاقتصادي والصداقة بين الدولتين، هكذا تعرف الصفحة التي تهتم بنشر الأخبار الرسمية الصادرة عن حكومتهم، وبعض أنشطة السياح الإسرائيليين في مصر.

ويتبع القائمون على الصفحة منهجية الترويج للتعايش السلمي بين العرب وإسرائيل، ويستخدم الأدمن باستمرار لفظ “الحياة المشتركة بين اليهود والعرب”، وهي الرسالة الأساسية التي تبرزها تلك الصفحات.

وعلى غرار صفحة السفارة الإسرائيلية في مصر، أنشأت وزارة الخارجية صفحة مماثلة للسفارة في الأردن الشقيق، لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والنمو الاقتصادي والصداقة بين الدولتين، لكنها تكتفي بالمنشورات الرسمية وبعض الأنشطة في القاهرة وعمان، مثل وفود السياحة الإسرائيلية في الدولتين.

يتابع عرب كثر الحساب الرسمي لأفيخاي بسبب التعبيرات العربية التي يستخدمها في التواصل مع الجمهور

أفيخاي أدرعي

بين الصفحات المختلفة يبرز اسم صفحة أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي، التي تبقى شاهدة على مدى قدرة الكيان على مغازلة الجمهور العربي منذ صعود نجم السوشيال ميديا في أعقاب ثورات الربيع العربي.

يتابع عرب كثر الحساب الرسمي لأفيخاي بسبب التعبيرات العربية التي يستخدمها في التواصل مع الجمهور، فهو يستخدم اللغة العامية المصرية أحيانا في محاولة لاستفزاز الجمهوري المصري للمشاركة على منشوراته.

عين على العدو

التواجد الإسرائيلي على المنصات الرقمية في السنوات الأخيرة حفز الصحفي المصري أحمد بلال لإنشاء صفحة “عين على العدو” لرصد التحولات في المجتمع الإسرائيلي وتسليط الضوء على رسائله الإعلامية.

 يسعى “بلال” من خلال صفحته كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل التي تضخم من قدراتها العسكرية، وتصدر نفسها على أنها بلد ديمقراطي كبير يستوعب جميع الآراء ويعيش حالة من التسامح الديني، محذرا من خطورة الصفحات الإسرائيلية الناطقة بالعربية في التأثير على عقول الشباب العربي الصغير وإيهامه بأن إسرائيل ليست عدوا للعرب.