يلقي صراع إسرائيل مع حماس الذي تجدد مع انطلاق “طوفان الأقصى”بهجمات شنتها الحركة، بظلاله على الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي الذي يعقد في المغرب، ضمن ذلك نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا، كتبه كل من آلان رابابورت، باتريشيا كوهين، الصحفيان بالجريدة.
أعلن صندوق النقد الدولي أمس، إن وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي تتباطأ، وهو تحذير جاء في الوقت الذي تهدد فيه حرب جديدة في الشرق الأوسط، بقلب الاقتصاد العالمي الذي يعاني منذ عدة سنوات من الأزمات المتداخلة.
ويواجه المسئولون الذين خططوا للتعامل مع الآثار الاقتصادية المتبقية؛ لوباء كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا الآن أزمة جديدة، مع اندلاع القتال بين إسرائيل وحماس، والذي قد يزرع بذور الاضطراب في مختلف أنحاء المنطقة، كما يعكس تحديا يواجه مهمة حماية الاقتصادات من الصدمات المتكررة، وغير المتوقعة على نحو متزايد.
وصرح أجاي بانجا، رئيس البنك الدولي، في مقابلة على هامش الاجتماعات السنوية أن: “الاقتصادات في حالة حساسة”. مضيفا: “أن خوض الحرب ليس مفيدًا للبنوك المركزية التي تحاول إيجاد طريقها إلى الهبوط الناعم”.
يشير بانجا، للجهود التي يبذلها صناع السياسة في الغرب؛ لمحاولة تهدئة التضخم السريع، دون التسبب في الركود، وقال عن ذلك: حتى الآن، تأثير الصراع في الشرق الأوسط محدود أكثر من الحرب في أوكرانيا. والتي أدت في البداية إلى ارتفاع أسعار النفط والغذاء، واضطراب الأسواق العالمية، نظرا لدور روسيا كأكبر منتج للطاقة، ووضع أوكرانيا كمصدر رئيسي للحبوب والأسمدة.
وأضاف بانجا: “لكن إذا انتشر هذا (الصراع) بأي شكل من الأشكال، فسيصبح الأمر خطيرا”، قائلا إن مثل هذا التطور سيؤدي إلى “أزمة ذات حجم لا يمكن تصوره”.
أسواق النفط
وقالت لوكريسيا رايشلين، الأستاذة في كلية لندن للأعمال، والمديرة السابقة للأبحاث في البنك المركزي الأوروبي:
“السؤال الرئيسي، هو ما الذي سيحدث لأسعار الطاقة”. تشعر السيدة رايشلين بالقلق، من أن ارتفاعًا آخر في أسعار النفط سيضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي، والبنوك المركزية الأخرى؛ لمواصلة رفع أسعار الفائدة، والتي ارتفعت كثيرًا، وأيضا بسرعة كبيرة جدًا.
في تقريره الأخير عن آفاق الاقتصاد العالمي، شدد صندوق النقد الدولي على هشاشة التعافي. وحافظ على توقعاته للنمو العالمي لهذا العام عند 3 %، وخفض قليلا توقعاته لعام 2024 إلى 2.9 % على الرغم، من أن صندوق النقد الدولي رفع توقعاته للإنتاج في الولايات المتحدة لهذا العام.
كما خفض تصنيف منطقة اليورو، والصين، في حين حذر، من أن الضائقة في قطاع العقارات في تلك الدولة آخذة في التفاقم.
بينما يشير بيير أوليفييه جورينشا، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى التقلبات الأخيرة في أسعار السلع الأساسية باعتبارها مشكلة، مشيراً إلى تعثر الاقتصاد العالمي الذي لم يبدأ في النمو بعد”.
مضيفاً، أن “الموضوع الأوسع هنا هو التجزئة الجيو اقتصادية القائمة الآن، ونحن قلقون من حدوث تباطؤ للنشاط الاقتصادي العالمي.”
بشكل خاص، إن الاقتصاد الأوروبي، عالق في وسط التوترات المتنامية. منذ غزت روسيا أوكرانيا في فبراير 2022، وهذا دفع الحكومات الأوروبية؛ لتحرير نفسها من الاعتماد المفرط على الغاز الطبيعي الروسي، ونجحوا جزئيا من خلال اللجوء إلى الموردين في الشرق الأوسط.
أوروبا
سارع الاتحاد الأوروبي إلى التعبير عن تضامنه مع إسرائيل، وأدان الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس التي تسيطر على غزة، بينما قد يكون لبعض موردي النفط وجهة نظر مختلفة. فالجزائر، على سبيل المثال، التي زادت صادراتها من الغاز الطبيعي إلى إيطاليا، انتقدت إسرائيل لردها بغارات جوية على غزة.
وحتى قبل أحداث نهاية الأسبوع “السبت الماضي”، كان لتحول الطاقة أثره السلبي على الاقتصادات الأوروبية. وفي الدول العشرين التي تستخدم اليورو، يتوقع الصندوق، أن يتباطأ النمو عن نسبة 3.3% التى شهدها خلال 2022 ، كذلك من المتوقع، أن تنكمش ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا، بنسبة 0.5%.
أما فى بريطانيا، فيتوقع الصندوق أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة، والتضخم وارتفاع أسعار الطاقة إلى تباطؤ النمو بنسبة 0.5 %، بينما سجل النمو نسبة 4.1 %، خلال 2022.
إفريقيا
أما منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، فهي تعاني من التباطؤ. وستنكمش نسبة النمو فيها، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 4%، وتعاني دولها من الديون، حيث يبلغ متوسط الدين الآن 60% من إجمالي الناتج في المنطقة ككل، وهو ضعف ما كان عليه قبل عقد من الزمن. وساهم ارتفاع أسعار الفائدة في ارتفاع تكاليف السداد.
بجانب أزمات الديون السيادية هناك المنافسات الجيو سياسية المتنامية. بجانب حاجة الدول، خلال العقد الحالى إلى تريليونات الدولارات من التمويل؛ للتخفيف من تغير المناخ المدمر.
الصين
كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في الصين مرتين هذا العام، في ظل ضغف الإنتاج الصناعي، وحذر من أن الدول التي تشكل جزءًا من سلسلة التوريد الصناعية الآسيوية، قد تتعرض لتراجع في الزخم المتعلق بهذه السلسلة.
أحد أكبر الأسئلة التي تواجه صناع السياسات، هو ما هو التأثير الذي قد يخلفه الاقتصاد الصيني الراكد على بقية العالم؟
لكن فى مقابلة أثناء رحلتها لحضور اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، أنها تعتقد، أن الصين لديها الأدوات اللازمة؛ لمعالجة التحديات الاقتصادية، وأنها لا تتوقع أن يؤثر تباطؤ الصين على الاقتصاد الأمريكي.
وقالت وزيرة الخزانة: “أعتقد أنهم يواجهون تحديات كبيرة، يتعين عليهم معالجتها”. “لم أر ولا أتوقع امتدادًا إلينا”.