أغلق منذ ثلاثة أيام باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، إذ على الرغم من أن باب الترشح يغلق رسميا مساء يوم السبت 14 أكتوبر الحالي، إلا أنه عمليًا أغلق الأربعاء 11 أكتوبر، بموجب القرار رقم 9 للهيئة الوطنية للانتخابات، الخاص بقواعد وإجراءات توقيع الكشف الطبي على المترشحين لمنصب رئيس الجمهورية. وينص القرار في البند ثانيا من الشق التنفيذي له، أنه “يكون تقديم الطلب المشار إليه (يقصد طلب توقيع الكشف الطبي على المترشح) في موعد أقصاه الأربعاء 11/10/2023؛ لاتاحة الفرصة لمن يرغب من طالبي الترشح؛ للتظلم من القرار الخاص بنتيجة الكشف الطبي عليه أمام لجنة التظلمات المختصة؛ لإعادة الفحص، وإعداد تقريرها النهائي في موعد أقصاه يوم الجمعة الموافق 13/10/2012، وقبل موعد غلق باب تلقي طلبات الترشح في اليوم التالي”.
على هذا الأساس حصرت المنافسة بين أربعة مترشحين هم: عبد الفتاح السيسي، وعبد السند يمامة، وحازم عمر، وفريد زهران. الأول حصل على توكيلات شعبية، ذكر مدير الحملة الرئاسية للرئيس، أن عددها هو مليون و130 ألف توكيل إضافة إلى تأييد 424 نائبا من نواب البرلمان، أي بقدر يكفي، ويزيد عن العدد المطلوب، والثاني حصل على تأييد نواب من البرلمان قدره 20 نائبًا، وحصل الثالث على 44 تأييد من نواب البرلمان، وقد سعى كذلك للحصول على بعض التوكيلات الشعبية. أما المرشح الرابع، والأخير فقد حصل على تأييد 30 من نواب البرلمان. وعلى الرغم، من أن المرشح الأول قد حصل على تأييد أغلبية نواب مستقبل وطن، وهو الحزب المؤيد للسلطة والداعم لها، وأن الثاني، والثالث حصل على التأييد من نواب أحزابهما في مجلس النواب، إلا أن المدهش يبدو في المرشح الرابع الذي حصل رغم وجود 18 نائبًا معارضًا مؤيدًا له من حزبه، وخارج حزبه (حصل على) دعم وتأييد 12 نائبا آخر. هنا تبدو علامة الاستفهام، إذ بالرغم، من أنه كان، يقال إن المرشح سيحصل بالكاد على توقيع، ودعم عدد اثنين من النواب، ليكمل العدد إلى 20 تأييدًا، إذ به يفاجأ الجميع بوجود 12 نائبًا فوق الـ 18 نائبا يدعمونه!!!
المهم اليوم، وحتى تسير مركب الانتخابات بشكل طبيعي، على الهيئة الوطنية للانتخابات، أن تستجمع نتائج كل مرحلة من مراحل الانتخاب.
يبدو للبعض، أن تلك المرحلة قد حصلت الهيئة فيها بالكاد على ثلاث درجات من عشرة في إدارة تلك العملية، وسبب ذلك يرجع لما يلي: –
أولا: رفضت الهيئة جمعيات تقليدية؛ لمتابعة الانتخابات المصرية، ومن ذلك جمعية السادات، مقابل قبول جمعيات، لم يسبق لها العمل في هذا المجال، وقد ذكرت الجمعية، أن هذا الرفض أتى بقرار من خارج الهيئة.
ثانيا: كرست الهيئة 217 مكتب شهر عقاري من إجمالي نحو 650 مكتبا على مستوى الجمهرية، بنسبة الثلث تقريبا؛ لجمع التوكيلات الشعبية، وكان عليها، أن تزيد تلك المكاتب إلى النصف على الأقل. صحيح أن الغرض كان ألا تتعطل مصالح المواطنين الأخرى، لكن أمام هذا الاستحقاق الدستوري الكبير، كان من المهم أيضا، أن تسير عملية جمع التوكيلات بسلاسة أكبر، فتزيد الهيئة من عدد المكاتب، حتى يلاقي المواطنين تيسيرًا من الدولة في التعاطي مع هذا الاستحقاق، لا سيما، وأن عملية التوكيل للانتخابات، تستمر حتى وقت متأخر من اليوم على عكس توقيت العمل في الأوقات العادية.
ثالثا: أن المدة التي خصصت لجمع التوكيلات كانت غير كافية، إذ كانت تلك الفترة 17يومًا. صحيح أن الجدول الانتخابي حدد لها 20 يومًا، منذ الإعلان عن دعوة الناخبين للانتخاب يوم الاثنين 25 سبتمبر، حتى يوم السبت 14 أكتوبر، إلا أنه عمليا انتقص من تلك المدة 3 أيام، كما ذكر أنفًا؛ بسبب غلق باب أخذ تصريح الكشف الطبي من الهيئة الوطنية في موعد أقصاه الأربعاء 11أكتوبر. البعض يرى أن المدة كافية؛ لمن استعد، لكن لكل شيء بيئته، وبيئة الانتخابات المصرية صعبة، بسبب هشاشة البنى الحزبية، وعدم تواجد الأحزاب في الشارع بشكل كاف. لذلك كان من المهم للغاية، أن تسرع الهيئة الوطنية للانتخابات بمد مهلة جمع التوكيلات، وهو أمر كان من الممكن فعله، دون المساس بجدول الانتخاب. إذا لدينا 19 يوما للحملة الانتخابية؛ لجولة الإعادة، كان ممكن إنقاصها إلى 10 أيام فقط؛ لصالح مد فترة جمع التوكيلات الشعبية، بحيث ترحل الـ9 أيام الأخرى؛ لتضاف لفترة جمع التوكيلات. خاصة وأن القاصي والداني يعلم جيدًا، أنه لن يكون هناك جولة إعادة.
رابعا: أن الفترة التي خصصت لجمع التوكيلات الشعبية واجهت بآلاف الشكاوى من وجود قيود كثيرة للغاية بشرية وإدارية؛ لمنع الاستجابة لبعض المرشحين. إذ وُجهت المعارضة بضغوط من أشخاص، تمنعهم لعمل توكيلات لمرشح معارض بعينه، قيل إن هؤلاء مأجورين من بعض القوى السياسية المنافسة، ومدعومين بقوة من جهات رسمية، لمضايقة المواطنين من أنصار المرشح المنافس أحمد الطنطاوي، وهؤلاء تم توزيعهم على غالبية مكاتب التسجيل، وكانوا يعملون بمرونة شديدة، بمعنى أنهم لو علموا، أن هناك زبائن قفزت لمكتب خاو منهم، ونجحوا في عمل توكيلات، تواجهوا هؤلاء بسرعة إليه؛ لإجهاض المهمة. (انظر شهادات شخصيات عامة أمثال د. مصطفى كامل السيد، وكمال زايد، وعبد الخالق فاروق).
إضافة إلى ذلك، شكى الناس من حجة سقوط السيستم؛ لمنع توكيل أحمد الطنطاوي، وهو تبرير يبدو منطقي في مكتب أو اثنين، لكنه غريب لو أصبح ظاهرة عامة، بمعنى وجوده في غالبية المكاتب التي يتوافد إليها أنصار أحمد الطنطاوي، وهو أمر لم يصادفه أنصار المرشح الرئاسي الذين قام بعضهم بعمل توكيلات في مكاتب، ذهبوا إليها، ونجحوا بسهولة في ذلك، بل أن بعضهم شهد، بأنه لم يوقع على التوكيل الذي ذهب لعمله بخط يده!!.
لذلك كله كان على الهيئة، أن تقوم بالتدخل الفوري؛ لتذليل تلك العقبات، لكنها لم تحرك ساكنًا، وظلت تعتبر تلك الشكاوى فردية، وكان عليها أن تحث منظمات المجتمع المدني التي رخصت لها متابعة (حسب التعبير الذي يفضله القانون المصري مقابل مفهوم الرقابة المتعارف عليه دوليا)، أن تقوم بمهمة المتابعة فورا، ولا تنتظر الحملة الانتخابية أو الاقتراع؛ كي تمارس مهمتها، وبذلك تساعدها في رصد الأحداث على الأرض. كما كان على الهيئة من خلال مقرها ذاته، (وكما تفعل عديد الهيئات القومية التي تقدم خدمات للمواطنين، فتوفر مكتب؛ لتقديم ذات الخدمة بمقر الهيئة) أن توفير مكتب أو مكتبين؛ لتسجيل توكيلات المرشحين داخل مقرها، بحيث تتابع عن كثب؛ ودون المرور بالضرورة على مكاتب الشهر الأخرى، كي تتأكد وجود مسهلات، أو تعقيدات أمام الناس بأم عينها.
على أي حال أغلق باب قبول الترشح، والذي سيبدأ عقبه إجراءات إدارية داخلية، تقوم بها الهيئة لا علاقة مباشرة لها بالناخبين، عقبها ستعلن الهيئة القائمة النهائية للمترشحين، وذلك يوم 9 نوفمبر القادم، وهو الموعد المخصص للعودة للناخبين، حيث تبدأ الحملة الانتخابية بين المترشحين الأربعة.