خرج نادي ريال مدريد الإسباني بطل القارة العجوز التاريخي بـ 13 لقبًا من دوري أبطال أوروبا، أمام غريمه مانشستر سيتي الإنجليزي، بمجموع المباراتين 4-2، نتيجة لم تكن مفاجأة، خاصة مع خسارة لقاء الذهاب على أرضه ووسط جماهيره بملعب سانتياجو برنابيو بهدف لهدفين، ولكن جاءت كل المفاجأة في الأداء الدفاعي المتواضع للغاية والأخطاء الفادحة من قبل مدافعه الدولي الفرنسي رافائيل فاران بطل كأس العالم مع الديوك بروسيا 2018.
فقدم “فاران” واحدة من أسوء مبارياته عبر تاريخه الكروي تمامًا، حيث أعطى مهاجمي السيتي كرتين سهلتين أمام المرمى منفردين تمامًا بالحارس البلجيكي تيبو كورتوا أحرزوها أهداف، ساهمت بشكل كبير في إنهاء المباراة لصالح مان سيتي، والقضاء على فرص الريال في تلك المواجهة الصعبة.
ولكن رغم أخطائه الساذجة تلك، خرج زين الدين زيدان مدرب الفريق الملكي للدفاع عنه عقب اللقاء، وقال إنه أخطأ وهذا أمر طبيعي في كرة القدم، ولكنه قدم مباريات وموسم كبير لن ننساه في مقابل تلك الأخطاء، ولن نذبحه فهو أحد أعمدة الفريق الأساسية، رسالة دعم خرجت سريعًا من المدرب للدفاع عن لاعبه الذي أخرج فريقه من بطولته المحببة بسذاجة كبيرة، كانت في وقتها في ظل هجوم ضاري من كل جماهير الميرينجي حول العالم على المدافع الفرنسي.
ومع خروج الريال بهذا الشكل المخجل من بطولته الأقرب لقلبه قاريًا، نستعرض في العوامل الآتية أسباب ذلك الخروج وهل لفاران وحده تحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الوداع غير العاطفي لأكبر عاشق للكأس ذات الأذنين عبر التاريخ.
نسبة كبيرة من الخسارة وروح مفقودة
بلا شك يتحمل فاران مسؤولية كبيرة للغاية من هذا الخروج وتلك الهزيمة، خاصة أن توقيت أخطائه كان مدمرًا لحظوظ فريقه تمامًا في العودة وتحقيق الريمونتادا، فجاء خطأه الأول بعد حوالي ربع ساعة من بداية المباراة وهو كفيل أن يقضي معنويًا على باقي زملائه، ولكن عاد الريال بهدف أعطى له كل الآمال مجددًا حتى بالفوز بهدفين لهدف والذهاب للأوقات الإضافية، ولكن مع محاولة الريال ثانيًا التقدم دمرهم فاران ثانية بخطئه في الشوط الثاني وقتل المباراة تمامًا بالنسبة لفريقه.
بجانب أخطاء المدافع الفرنسي تلك القاتلة، جاء انعدام الروح القتالية لنجوم الريال بشكل واضح في الرغبة في الفوز وإحراز مزيد من الأهداف، فلعب الأغلب بنصف مستواه ربما للإرهاق البدني جراء لعب المباريات المتبقية من الليجا في وقت قصير بعد التوقف، ولكن لم يظهر أغلب نجوم الملكي الروح القتالية المنتظرة لتحقيق العودة في النتيجة، ربما أثر في ذلك كثيرًا غياب القائد والمقاتل سيرجيو راموس للإيقاف عن تلك المباراة المصيرية.
زيدان فقد سحره
لم يبدأ زيزو بالتشكيل الأنسب لتلك المباراة، ما ساهم في ظهور الريال بشكل خارج تمامًا عن أجواء المباراة، حتى عاد بنزيمة بهدف التعادل لفريق، بدأ النادي يدخل في أجواء المباراة، وكان أكثر من 6 أو 7 لاعبين من الأساسين خارج الفورمة تمامًا ما أدى لذلك التفوق الكبير من قبل السيتي، الذي كان لاعبوه مستعدون جيدًا لتلك المواجهة عكس الريال ولديهم الدوافع الأكبر ولذلك كانت لهم الغلبة.
ولكن زيدان لم يستطع بتأثيره الكبير والمعروف أن يعدل من كفة فريقه المائلة بتلك المباراة، خاصة بعد تلقيه الهدف الثاني، جاءت تغييراته متأخرة جدًا وساهمت بشكل كبير في خروج المباراة من يده، وذهابها لفريق المدرب بيب جوارديولا الذي كان أفضل حالاً من الريال في أغلب فترات اللقاء، ولكن زيزو فشل بسحره المعروف في قلب المباراة والتأثير عليها من خارج الخطوط حتى يعطي الغلبة لفريقه وكان هو الآخر بعيدًا عن الفورمة مثل أغلب لاعبيه في مباراة ملعب لاتحاد.
بدنيًا الوضع أختلف
الجانب البدني كان له الغلبة كذلك خاصة في الشوط الثاني من المباراة، فالسيتي كان أكثر انتعاشًا، خاصة أنه خسر الدوري مبكرًا لصالح ليفربول، وبدأ يداور بين لاعبيه طوال الفترة الماضية في المباريات حتى يكونوا على أتم الجاهزية البدنية والفنية لتلك المباراة الحاسمة، وقد كان له ما أراد وتفوق بدنيًا بشكل كبير على الريال لاسيما في الشوط الثاني والذي حسم المواجهة تمامًا خلاله لصالح فريقه.
على عكس الوضع للريال الذي استمر في خوض المباريات بشكل متتالي في الدوري الإسباني عقب العودة بكل قوة، حتى الجولة الأخيرة لحسم اللقب بعد صراع مع غريمه التقليدي برشلونة على اللقب لأخر رمق، وهو ما جعله منهكًا كثيرًا من الناحية البدنية قبل تلك المباراة، وهو ما ظهر جليًا في الشوط الثاني ومحاولات الريال العودة في النتيجة بعد التأخر من أخطاء فاران الكارثية باللقاء.
مان سيتي استغل الظروف
بلا شك بدهائه الكبير والمعروف نجح جوارديولا مدرب السيتي، في استغلال كافة الظروف السيئة لخصمه ريال مدريد لصالح فريقه هو، فقسم المباراة تكتيكيًا بالشكل الذي يستنزف طاقات الملكي أكثر حتى يحصل على مراده، ولعب بأكثر من توظيف للاعبيه منذ بداية المباراة ومع تحولاتها بالشوط الثاني وكذلك أثناء اللعب في بعض فترات الشوط الأول، فقدم الضغط العال من كل الجهات بقوة كبيرة وأسهم في أخطاء فاران ودفاع الريال ومن ثم أحرز الهدفين وعبر بفريقه للدور ربع النهائي من البطولة القارية الأكبر بالعالم للأندية.