بداية من منتصف يناير المقبل، سترفع هيئة قناة السويس رسوم العبور بنسبة تتراوح بين 5 و15%، في خطوة تتحدى المشروعات البديلة التي تم الحديث عنها أخيرًا، وآخرها ممر ملاحي يربط الهند والإمارات والسعودية وإسرائيل، قبل أن ينتقل إلى أوروبا، وهو المشروع الناتج عن عمليات التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج العربية.
ومن المقرر أن ترفع قناة السويس الرسوم بنسبة 15% على ناقلات البترول الخام، وناقلات المشتقات البترولية، وناقلات الغاز المسال.
بينما سترتفع رسوم المرور بنسبة 5% لكل من سفن البضائع الصب الجاف، والبضائع العامة، وسفن الدحرجة، اعتباراً من نفس التاريخ وهو 15 يناير/ كانون الثاني 2024.
على هامش قمة العشرين التي انعقدت في 11 سبتمبر الماضي بالهند، تم توقيع مذكرة تفاهم اتفق عليها القادة، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أعلن عن المشروع الذي يمتد عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات، ثم يعبر السعودية والأردن وإسرائيل، قبل أن يصل لأوروبا.
يستهدف الخط الجديد، ربط الموانى البحرية، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع، وكذلك تعزيز وتيسير نقل الطاقة، ومنها الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب.
فى القلب من أهداف الطريق الملاحي، تعزيز أمن الطاقة، وأيضا تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.
المشروع الجديدـ هو “هندي ـ أمريكي” يهدف في الأساس؛ لمواجهة طريق الحرير، الذي يربط أوروبا بآسيا وينتهي في قناة السويس، وتم التخطيط له باستحواذ الهند على ميناء حيفا، ثاني أكبر ميناء بإسرائيل، من قبل كونسورتيوم بقيادة مجموعة أداني الهندية، على أن يديره رون مالكا، مبعوث إسرائيل السابق إلى الهند.
قناة السويس تراهن على الوقت والتكلفة
لكن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، يقول إن القناة المصرية ليس لها بديل، خاصة في ظل الكثير من الخدمات التي تقدمها حاليًا للسفن العابرة، وعلى رأسها تموين الوقود، والتخلص من المخلفات السائلة والصلبة، وصيانة وإصلاح السفن، وخدمة الإسعاف وتغيير الأطقم.
بحسب خبراء اقتصاد وملاحة، فإن قرار رفع الرسوم يتسق مع توقعات بارتفاع الطلب على الوقود عالميًا؛ بسبب انخفاض درجات الحرارة في أوروبا، وتزايد الاستهلاك على التدفئة، ولذلك تم رفع رسو مرور النفط بمستوى أعلى من السفن العادية بنسبة 10%.
تقول حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية، إن رفع الرسوم في الشتاء يتماشى مع ارتفاع الطلب، فضلاً عن توقف طريق بحر الشمال في روسيا الذي يعمل في شهور الصيف فقط.
تضيف رمسيس لـ “مصر 360″، إن القرار يتماشى مع تقديم قناة السويس ميزة سرعة الوصول، خاصة مع تنامي الطلب على الغاز المسال من أوروبا، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقف خط البترول الروسي، هذا بجانب توقعات بارتفاع الطلب من القارة العجوز بنحو 66% في 2024، وفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
الشتاء الأوروبي.. مكسب مستدام للملاحة بقناة السويس
يعمل طريق بحر الشمال بروسيا 4 أشهر في العام، وخلال فصل الشتاء، تغلق الثلوج الطريق، وحتى فى الصيف، لا يخلو الطريق من الثلوج، لكن تستخدم في عمليات الإبحار كاسحات الجليد؛ لفتح الطريق أمام كل سفينة تعبر الممر.
هذا الإجراء، يرفع درجات الخطورة والتكلفة، بينما حمولة الحاويات تكون قليلة والغاطس، لا يتعدى 9 أمتار ، أما الغاطس في قناة السويس، فهو يصل 18.5 مترا” .
يمتد الطريق البحري الشمالي الذي يبلغ طوله 13000 كيلومتر، من مورمانسك بروسيا بالقرب من حدودها مع النرويج شرقًا إلى مضيق بيرنج بالقرب من ألاسكا الأمريكية.
ويعتبر الطلب الصيني المحرك الأهم؛ لاستخدامه باعتباره بالنسبة لها أقصر من مسار قناة السويس بين أوروبا، وآسيا الذي يبلغ طوله 21000 كيلومتر.
وتقول رمسيس، لـ”مصر 360″، إن قناة السويس حاليًا لديها مشروعات كبيرة؛ لتحقيق ازدواج بشكل كامل؛ لمنح نفسها مزايا إضافية، فيما يتعلق بالسرعة، فضلًا عن مشروعات جديدة، تتعلق بالنقل بالسكك الحديدية وغيرها، ما يعطيها قدرة عالية على المنافسة، مهما تعددت المشروعات التي تقدم نفسها كبديلة.
ويؤكد أسامة ربيع، إن ازدواج قناة السويس يقضي على المشروعات البديلة، وحتى مسار الهند أوروبا، قائلاً: ” نقل البضاعة 3 مرات فى الممر الجديد، يزيد من التكلفة والوقت.. كما أن الطاقة الاستيعابية له 100 ألف حاوية في السنة تمثل 1%، مما نحققه في القناة”.
يتدفق نحو 10% من التجارة العالمية، بما في ذلك 7% من النفط العالمي، عبر قناة السويس، وفي العام الماضي مرت 20649 سفينة، بزيادة 10% مقارنة بـ 18830 سفينة في عام 2020، كما بلغت الإيرادات السنوية للقناة 6.3 مليارات دولار عام 2021، وهي الأعلى في تاريخها.
ارتفاع أسعار النفط.. فرصة سانحة للقناة
يربط خبراء الملاحة الزيادة بارتفاع أسعار البترول التي تزيد حاليًا عن 90 دولارا للبرميل، خاصة مع استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويتوقع ارتفاعه لما فوق 100 دولار، وهو ما يصب في صالح حركة التجارة بقناة السويس.
هذا بجانب توقعات دولية، تشير إلى ارتفاع حجم التجارة الدولية من 2.8 إلى 3%، خلال عام 2024.
يقول مروان السماك، نائب رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية لـ”مصر 360″، إن قناة السويس ستظل المسار الأفضل، والأوفر والأسرع حال التفكير في اتخاذ مقارنة بالمسارات البديلة، وفي مقدمتها رأس الرجاء الصالح، وبالتالي الزيادة، لن يكون لها تأثير على حركة العبور من القناة.
وتستهلك الباخرة المتجهة من أنتورب ببلجيكا إلي الهند الرحلة في 36 يوما، و تستهلك 2.65 طنين من الوقود عبر طريق رأس الرجاء الصالح. بينما تقطع المسافة في 20 يومًا، و تستهلك فقط 790 كيلو من الوقود عبر قناة السويس.
وزاد الإقبال على قناة السويس؛ بسبب مشكلات قناة بنما التي قيدت الملاحة لمدة عام كامل؛ بسبب نقص مياه الأمطار اللازمة للحركة داخلها، والموازنة بين مستوى ارتفاع منسوب المحيطين الهادي والأطلنطي الذي تربط بينهما.
يضيف السماك، أن مشروعات تطوير القناة قللت زمن عبور السفن، وكذلك تكلفة نولون (مصاريف) الشحن.
ويرجع السماك تقليل الجدوى الاقتصادية للمشروع الجديد إلى ارتفاع حجم السفن البحرية، فسفن الحاويات حاليا، تستوعب حتى 24 ألف حاوية، وبالتالي سفينة واحدة تحتاج إلى 100 قطار؛ لنقل محتوياتها، ما يزيد تكلفة شحن البضائع عبر ممر الهند مقارنة بالعبور المباشر من قناة السويس.