هل تستطيع السوق المصرية استيعاب العمالة العائدة من الدول العربية؟، وكيف يمكن إعادة دمجها في حركة النشاط الاقتصادي؟، وما الأخطار التي تهدد العمالة المحلية جراء عودة الأولى؟.. تسيطر تلك التساؤلات على عقول الاقتصاديين بمصر، سواء على الصعيد الرسمي في الحكومة، أو الخبراء المستقلين، في ظل ضخامة الأعداد المتوقع عودتها، والتي قد تتجاوز 6 ملايين شخص.
يؤكد وزير القوى العاملة، محمد سعفان، أن الوزارة أعدت خطة ـ لم يتم إعلانها ــ من أجل استيعاب العمالة التي عادت إلى البلاد بسبب تداعيات كورونا، تتضمن استمرار أعمال التنسيق مع شركات القطاع الخاص لتوفير فرص العمل للشباب ومن قام بالعودة النهائية من الخارج وبأجور مناسبة، وبما يتناسب مع مجالاتهم واحتياجات أصحاب العمل للمهن المختلفة.
تبدو الخطة التي أعدتها الحكومة قائمة على شركات القطاع الخاص في المقام الأول أو توجه العائدين ذاتهم نحو إعادة تكرار تجاربهم الخاصة في الخارج في مجالات مهنية تتعلق بالخدمات كالأطباء أو الاتجاه نحو المشروعات المتوسطة والصغيرة، خاصة مع ارتفاع معدل البطالة إلى 9.2% من نهاية مارس إلى أبريل الماضي، في آخر إحصاء رسمي.، لكنها تخشى في الوقت ذاته من انخفاض إيراداتها الدولارية بصورة مفاجئة.. تحويلات المصريين بالخارج.. كيف تعوض الحكومة فقدان مليارات الدولارات؟
وأكدت الحكومة، في بيانات صحفية، أنها تدرس الأحوال الاقتصادية والمعيشية للعائدين، من حيث مؤهلاتهم ووظائفهم والمجالات التي يتمتعون بخبرات فيها، من واقع استمارات البيانات التي ملأوها خلال فترة إقامتهم في الحجر الصحي، من أجل مساعدتهم على التأقلم مع المتطلبات المعيشية بعد العودة.
ويبدو أن الحكومة تخطط لتوظيف عدد قليل من العمالة العائدة عن المشروعات القومية الكبرى التي تتبناها حاليًا حماية لمئات الآلاف من العمالة المحلية التي تعمل بها، فالعائدون لدى غالبيتهم ملاءة مالية كبرى تؤهلهم لانتظار أشهر حتى يتم إعادة توظيفهم أو اتخاذ قرار بمشروعات خاصة على عكس المحليين الذين لا يملكون إلا قوت يومهم فقط.
ويؤكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في آخر إحصاء له (قبل عامين)، أن عدد المغتربين المصريين في الخارج يناهز 9.5 مليون شخص، تحظى الدول العربية بحصة الأسد منها بنحو 6.2 مليون شخص بنسبة 65.8%، وتحتل السعودية المرتبة الأولى في عدد المصريين العاملين بها بنحو 2.9 مليون شخص بنسبة 46.9%، يليها الأردن بنحو 1.15 مليون بنسبة 18.4%، ثم الإمارات بنحو 765 ألفًا بنسبة 12.3%، ورغم الواقع المعقد لتلك العمالة لكن غالبيتها لا يفضل البقاء بمصر ويسعى للعودة من جديد للخارج.. العائدون من الخارج: مصر محطة ترانزيت.. ودوامة الحاجة لا تعرف وطنًا.
لا يمكن اعتبار عودة العمالة المصرية مشكلة اقتصادية بصفة عامة فهي تحمل الخير والشر معًا، فمن ناحية تمثل ضغطًا على موارد الدولة من العملة الصعبة في ظل ارتفاع تحويلاتهم إلى 26.8 مليار دولار العام الماضي، لكن في الوقت ذاته تُشكل فرصة لنقل خبرات اكتسبتها بالاحتكاك بالخبرات الأجنبية في بلدان عملها، وتسد عجزًا في بعض قطاعات العمالة المدربة والوظائف المهنية الذي تشكو منه السوق المصرية..العائدون من الخليج.. فرص واعدة لإنعاش الاقتصاد.