- ليزا ماكلين: هل كان الغوغاء يصرخون: “من النهر إلى البحر، فلسطين ستبقى حرة”، و”تحيا الانتفاضة” (Infetada الانفتادا كما نطقتها)، أو مثل هذه التعبيرات المعادية للسامية؟
- مينوش شفيق: عندما أسمع مثل هذه المصطلحات، أجدها مُزعِجة للغاية.
- ليزا ماكلين: هذه إجابة رائعة على سؤال لم أطرحه. أعيد عليكِ السؤال ثانيةً. هل كان الغوغاء يصرخون: “من النهر إلى البحر، فلسطين ستبقى حرة”، و”تحيا الانتفاضة” أو مثل هذه التعبيرات المعادية للسامية؟ الأمر لا يتعلق بمشاعرك الشخصية. أريد الإجابة بكلمة واحدة: نعم هي شعارات معادية للسامية أم لا؟
- مينوش شفيق: أسمعها على هذا النحو، لكن البعض الآخر لا يفعل. لقد قمنا بإرسال رسالة واضحة للمجتمع.
- ليزا ماكلين: إذن فالإجابة هي نعم. أليس كذلك؟
- مينوش شفيق: لقد أرسلنا رسالة واضحة للمجتمع.
- ليزا ماكلين: لا أتحدث عن الرسالة. هل تعتبرين تلك التعبيرات ضمن تعريف السلوك المعادي للسامية؟ نعم أم لا؟ لماذا يُعَدُ السؤال على هذه الدرجة من الصعوبة؟
- مينوش شفيق: لأنها قضية صعبة، لإنها…… (لم تُكمِل العبارة).
- ليزا ماكلين: أعلم أن القضية صعبة، وتلك هي المشكلة، حيث لا يستطيع بعض الناس الإجابة على سؤال سهل كهذا. فبينما تعريف السلوك المعادي للسامية متاحًا لدى هؤلاء الناس، إذا بهم يقدمون ردودًا من قبيل، “لست متأكدة، أو لا أعلم”. هل تقبلين بإجابة من أحد أعضاء فريق العمل التابع لك، والماثل أمامنا إلى جوارك الآن. (وَجَهت ليزا ماكلين السؤال إلى الدكتور ديفيد شيزر رئيس فريق العمل المختص بمكافحة العداء للسامية، والذي كان جالسًا إلى يسار مينوش، فكانت إجابته قاطعة شديدة الوضوح وبكلمة واحدة، “نعم”، لتعود ليزا ماكلين؛ فتسأل مينوش، هل تتفقين معه، بأن تلك التعبيرات معادية للسامية، وأن هناك عواقب لإطلاقها؟).
- مينوش شفيق: نعم (أجابت بإبتسامةٍ تَوقفتُ أمامها كثيرًا في محاولات مِني لفهم مغزاها، باءت بالفشل).
- ليزا ماكلين: شكرًا جزيلًا. لقد انتهيت من أسئلتي.
كانت لغة الجسد واضحة تَشِي، بأن مينوش، في وضع شديد البؤس، بعدما تهاوت مقاومتها على وقع ضربات ليزا ماكلين النائبة الجمهورية عن ولاية ميتشيجان، والتي حَلَ دورها في النقاش مع مينوش شفيق رئيس جامعة كولومبيا- نيويورك، بعد مضي ساعتين من الجلسة التي عَقدتها لجنة التعليم والقوى العاملة، التي يسيطر عليها الجمهوريون، يوم الأربعاء الماضي، واستمرت لأربع ساعات كاملة، تلقت فيهم مينوش ضربات كثيرة، لكن ضربات ليزا ماكلين كانت الأقوى والأكثر تأثيرًا. اعترفت مينوش، وهي من مواليد الإسكندرية، واسمها الحقيقي نِعمات شفيق، وتحمل الجنسيتين الأمريكية والبريطانية، وشغلت منصب نائب محافظ بنك إنجلترا، وتشغل منذ يوليو الماضي، منصب رئيس جامعة كولومبيا التي كان المفكر الفلسطيني الكبير المرحوم إدوارد سعيد- للمُفارقة التاريخية- واحدًا من أهم أعضاء هيئة التدريس بها. اعترفت مينوش، وهي تبتسم، بأن شعار “فلسطين ستبقى حرة”، هو واحد من الشعارات المعادية للسامية!
كان الطلاب في جامعة كولومبيا، الذين وصفتهم النائبة ماكلين بالغوغاء، قد نصبوا خيامًا بحَرَمِ الجامعة، وبدأوا في ترديد شعارات للتضامن مع أهل غزة، وتداولوا منشورات، تصف ما تمارسه حكومة سفاح تل أبيب من جرائم، بما يليق بها كونها جرائم إبادة جماعية. كان من أهم ما قالته مينوش بجلسة الشهادة أمام لجنة التعليم بالكونجرس، إنها قد أوقفت عن الدراسة مجموعتين من الطلاب هما، مجموعة “طلبة من أجل العدالة بفلسطين”، ومجموعة “الصوت اليهودي من أجل السلام”، كما أعلنت عن الإجراءات التأديبية التي اتخذتها بطرد، وفصل بعض الأساتذة الذين أبدوا تضامنهم مع الحق الفلسطيني، وأشارت إلى أن تحقيقًا يجرى حاليًا مع الدكتور جوزيف مسعد الفلسطيني الأصل، وأستاذ السياسة وتاريخ الفكر العربي الحديث، الذي وصف هجوم المقاومة في 7 أكتوبر، بأنه حدث رائع، لتُعَقِب نَصًا، بعدما سُئلَت، عما إذا كان سيتم فصله، بأن قالت- وهي تتلعثَم- مُستَبِقَةً نتائج التحقيق في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجامعات الأمريكية: ” أعتقد أن ذلك سيكون… أعتقد، سأفعل، نعم”.
منذ نحو شهرين، قامت إحدى طالبات الدكتور جوزيف مسعد، والتي عملت سابقًا كمجندة ضمن جيش الدولة الصهيونية، بتقديم عريضة لإدارة الجامعة مُذَيّلة بتوقيع 80 ألف مواطن أمريكي؛ للمطالبة بفصل الدكتور جوزيف من الجامعة؛ بدعوى أنه يدعم الإرهاب، وأنه يرفض إدانة المقاومة، ثم قالت، إنها والعديد من زملائها الطلاب لا يشعرون بالأمان، حين يتلقون العلم على يدي شخص مثل الدكتور جوزيف، الذي يدعم قتل المدنيين! وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي يكفل حرية التعبير في المجتمع، بما يشمله ذلك من ضمانات، تتعلق بذات الشأن في الجامعات “الحكومية” فقط، إلا أن لحرية التعبير في الجامعات الأمريكية “الخاصة”- كجامعة كولومبيا- شأن آخر، حيث لا ضمانات لها، وإن توافرت الضمانات لحرية البحث العلمي فقط بنصوص تشريعية واضحة.
وعلى هذا النحو، أتوقع أن تشهد المحاكم الأمريكية سجالًا بشأن مدى قانونية قيام الدكتور جوزيف مسعد بممارسة حقه في التعبير عن رأيه، فيما حدث في السابع من أكتوبر 2023، وما تقترفه حكومة سفاح تل أبيب من جرائم الإبادة الجماعية، فإن ثبت قيامه بوصف هجوم المقاومة، بأنه حدث رائع “داخل أروقة الجامعة”، فإن الكفالة الدستورية لن تنطبق، وسيمكن للجمهوريين أن يمارسوا ضغوطًا على إدارة جامعة كولومبيا لفصله؛ باعتبار أن ذلك الوصف بمثابة معاداة للسامية وفقًا للتعريف الذي أشارت إليه النائبة ليزا ماكلين، بالإضافة إلى إجراءات ستكون أقل حِدة بِحق المتظاهرين من الطلاب، وستستقيل نِعمات/ مينوش شفيق؛ تجنبًا لاتهامها بالتقصير والرعونة في أداء واجباتها، وهو أمر لن يصعب إثباته، رغم شهادتها بأن شعار “فلسطين ستبقى حرة” هو واحد من الشعارات المعادية للسامية!