سجلت صادرات مصر الزراعية خلال الربع الأول من 2024، نحو 2.2 مليوني طن بقيمة 1.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 300 مليون دولار عن الفترة ذاتها من العام السابق.
تثير الزيادة في حجم الصادرات المصرية تساؤلات عن نوعية المنتجات المصدرة، في ظل مستوى تضخم المرتفع للمواد الغذائية محليا، وخريطة الإنتاج الزراعي المحلي، والعائد الاقتصادي في ظل تراجع سعر صرف الدولار أخيرا.
وزير الزراعة السيد القصير، اعتبر تحقيق مصر تلك الأرقام “طفرة”، موضحًا أن مصر فتحًا 95 سوقا خلال العشر سنوات الماضية، وصدّرت أكثر من 400 سلعة زراعية لـ 160دولة.
وسجلت مصر عام 2013، صادرات زراعية طازجة ومصنعة بقيمة بلغت نحو 9 مليارات دولار، موزعة بين 5.1 مليارات دولار قيمة صادرات زراعية مُصنعة، و3.7 مليارات دولار حاصلات طازجة، جاءت من تصدير نحو 7.4 ملايين طن، بزيادة تقارب مليون طن عن عام 2022.
لكن في المقابل، يمثل الغذاء 21% من إجمالي الواردات المصرية من الخارج بقيمة نحو 17 مليار دولار، بينها 5 مليارات دولار للقمح المستورد، و2.4 ملياري دولار للزيوت والشحوم الحيوانية والنباتية والزيوت المكررة.
كما تستورد مصر سنويًا من العدس، ما يقرب عن 130 ألف طن، تعادل 95% من الاستهلاك من الخارج، بينما يتم استيراد 500 ألف طن من الفول، تعادل 84% من حجم الاستهلاك المحلي الذي يتراوح بين 600 و700 ألف طن.
ماذا تصدر مصر؟
احتلت المركز الأول عالميًا في صادرات البرتقال والفراولة المجمدة للعام الثالث على التوالي، وكان من بين أهم المنتجات الزراعية الطازجة التي تم تصديرها للخارج، هي الموالح بنحو 2 مليوني طن يليها البطاطس بنحو 950 ألف طن، ثم جاء البصل في المرتبة الثالثة بنحو 412 ألف طن، ثم بعض أصناف الخضر والفاكهة الأخرى.
تحتل مصر المركز الثالث عشر بين أهم الدول المصدرة للعنب في العالم، وتساهم بحوالي 2.2% من إجمالي قيمة صادرات العالم، كمتوسط للفترة 2012ـ 2016.
بحسب وزير الزراعة، فإن ما يتم تصديره هو الفائض عن احتياج السوق المحلي، والسلع والمنتجات التي يكون للدولة المصرية فيها ميزة تنافسية مثل، الموالح وغيرها من المنتجات.
وقال إن التصدير يستهدف زيادة العائد الاقتصادي، ودعم المزارع والمُنتج المصري وذلك عن طريق إيجاد آلية لتسويق الفائض من الإنتاج للحفاظ على توازن الأسعار، وتحقيق قدر من العائد يحقق للمزارع المصري ربحية مناسبة، تضمن له الاستدامة.
لكن في المقابل، أثار التصدير العام الماضي أزمة في منتج مثل البصل الذي ارتفع؛ بسبب التصدير واضطر الوزارة إلى إصدار قرارين وزاريين رقم 349 و501 لسنة 2023 بشأن حظر التصدير، والذي انتهى العمل بهما في 31 مارس الماضي.
هل تتكرر تجربة يوسف والي؟
طالب الخبير الزراعي نادر نور الدين الحكومة بعدم تكرار تجربة وزير الزراعة الدكتور يوسف والي، بالتوسع في زراعة الفاكهة من أجل التصدير، على أن نستورد بالعائد قمحًا من الخارج؛ لأنها فشلت فشلا زريعا، وستفشل، بحسب قوله.
أوضح نور الدين، أن التصدير ليس قرارنا، ولكنه قرار الدول المستوردة، وهى التي تحدد المواصفات، وترفض وتقبل كما تشاء، فضلاً عن أن تصدير المنتجات الزراعية ليس له أمان ويمكن للدول غلق حدودها؛ بسبب انتشار وباء أو بسبب قيام حرب بين بلدين نقوم بالتصدير إليهما، مثلما حدث بجميع دول أوروبا وقت انتشار كورونا، وأوقفت جميع وارداتها، وتسببت بخسائر فادحة للدول التي تصدر اليهما الخضروات الطازجة، وبالطبع لم تستطع هذه الدول، أن تستخدم هذه المنتجات التصديرية في عمل الخبز أو السكر أو الزيوت أو البقول.
الطقس السيئ يهدد القمح
تخشى العديد من الدول المستوردة للقمح، حاليا، تأثير الطقس السيئ على الإنتاج، قبل موسم الحصاد في نصف الكرة الشمالي، ما بين الأمطار بأوروبا والجفاف في أستراليا وتأخر إمدادات إمدادات أوكرانيا؛ نتيجة الحرب، ما يعني أن المخزونات العالمية ستظل الأصغر حجماً منذ نحو عقد.
وأشار نور الدين إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا وإغلاق البحر الأسود، وتوقف الصادرات إلى روسيا، حين حظرت دول أوروبا استيراد ١٤٨ منتجًا زراعيا من مصر؛ بسبب تصدير منتج ملوث وقتها، واتهمونا وإسبانيا فيه، ثم تم تبرئة إسبانيا وإدانة مصر، بما يوضح أن حاصلات التصدير ليس لها أمان، وقد تصيبنا بنكبة، بحسب توصيفه.
أوضح أن المستوردين يشترطون تصدير المنتجات الزراعية والدواء وفقًا للأسعار المحلية، وأن الدولار يرتفع مقابل الجنيه، وبالتالي سنصدر بسعر منخفض مساوي للسعر المحلي؛ فيكون المواطن أولى، ولذلك فلا عجب أن تكون السلع المصرية بالخارج، أرخص من سعرها بمصر، فضلاً عن دفع الحكومة دعمًا بالمليارات لدعم المصدرين.
أبان أزمة البصل بالسوق المصرية العام الماضي، كان سعر الكيلو بصل المصري المستورد من مصر بالإمارات بـ 14 جنيهًا للكيلو، بينما سعره في السوق المصري 33 جنيهًا، دون احتساب تكلفة النقل والاستيراد وغيرها من المصروفات اللازمة.
وخصصت الحكومة 23 مليار جنيه لمساندة المصدرين في العام المالي الجديد 2025/2024 ضمن خطة؛ لتحفيز الصادرات وتحقيق الوصول إلى 100 مليار دولار سنويا بحلول 2023.
تابع: إلى أن يستقر العالم وينتهي الركود الاقتصادي العالمي، يفضل أن نوفر دولارات نستورد بها، بدلا من أن نحصل على دولارات من التصدير، وأمامنا إمكانية توفير كبير في السكر والفول والعدس والقمح والذرة والأعلاف وزيوت الطعام والألبان المجفف، وهو إنجاز مضمون بلا مخاطر من ركود الصادرات. ومنافسة دول كثيرة تصدر نفس المنتج.