التطبيع بين إسرائيل والإمارات، الذي تم الإعلان عنه في 13 أغسطس الماضي، كان متوقعا، لكن التوقيت لم يكن معلوما.
ففي الفترة الأخيرة، شهدت العلاقات العربية الإسرائيلية تطورا في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن صفقة القرن، واستقبال بعض الدول العربية لمسئولين إسرائيليين، سواء على المستوي الرسمي أو غير الرسمي.
فتواجدت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية السابقة، ميري ريجيف، في بطولة دولية للجودو في أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات، وسط احتفاء المسئولين الإماراتيين بها، وزار مسجد الشيخ زايد في العاصمة.
كما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزوجته في أكتوبر عام 2018 مع سلطان عمان الراحل قابوس في زيارة مفاجئة لسلطنة عمان استغرقت 8 ساعات.
وفي وقت لاحق، تحدث مسؤول إسرائيلي آخر عن “السلام والأمن”، خلال مؤتمر في إمارة دبي.
كما تحدث وزير النقل الإسرائيلي حينئذ في العاصمة العمانية مسقط مقترحا إنشاء خط سكة حديد بين إسرائيل والدول العربية.
وفى البحرين، عقد مؤتمرا اقتصاديا ضمن صفقة القرن، رفض الفلسطينيين الحضور، وحضره العرب.
الإمارات وإسرائيل
أعلنت حكومتا إسرائيل والإمارات أنهما اتفقتا على التطبيع الكامل للعلاقات، مقابل تعليق إسرائيل الخطط المعلنة لضم مناطق واسعة من الأراضي الفلسطينية، وأطلق على الاتفاقية” اتفاقيات إبراهيم”، وهي أول الاتفاقية منذ معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية عام 1994.
وتأتي بعد شهور من الجدل حول خطط الحكومة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، إن الاتفاقية السلام ستعرف باسم “اتفاق إبراهيم”، نسبة إلى “أب الديانات الثلاث الكبرى”، المسيحية والمسلمة واليهودية.
يذكر أن الإمارات تتبنى فكرة التسامح الديني، سواء مع الأديان السماوية أو الأرضية، وأقامت مجمعا للأديان سواء اليهودية أو المسيحية أو الديانة الأرضية كالبوذية.
وخلال الأيام المقبلة، من المقرر أن يلتقي وفد إماراتي مع نظيره الإسرائيلي لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار والسياحة والرحلات المباشرة والأمن.
وقال “نتنياهو” إن إسرائيل ستتعاون مع الإمارات على تطوير لقاح ضد فيروس كورونا، وفي مجالات الطاقة والمياه والحماية البيئية والكثير من المجالات الأخرى.
نصوص الاتفاقية والتي سيتم التوقيع عليها في البيت الأبيض خلال الشهور الثلاث المقبلة، تنص على تعليق إسرائيلي لخطتها لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، مقابل إقامة الإمارات علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، وتبادل الاستثمارات بين البلدين.
ردود الأفعال
توالت ردود الأفعال على التطبيع بين البلدين، وسط ترحيب دولي وغضب شعبي في الكثير من الدول، وتظهر استطلاعات الرأي أن نتنياهو يكتسب دعما طفيفا بعد الاتفاق مع الإمارات، وبحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أظهر الاستطلاع أن كتلة رئيس بنيامين نتنياهو ستحصل على ما بين 63 إلى 65 مقعدًا إذا أجريت الانتخابات اليوم.
وقد بدأت المفاوضات الهاتفية بين الدولتين لتطبيع العلاقات بينهما، حيث تفتتح الدولتان علاقات دبلوماسية، كجزء من صفقة توسطت فيها الولايات المتحدة تطلبت من إسرائيل تجميد خطط ضم أجزاء من الضفة الغربية.
وفي غصون ذلك، تمكن صحفيو وكالة أسوشيتد برس في إسرائيل ودبي من الاتصال ببعضهم البعض من الهواتف الأرضية والخلوية المسجلة برمز الدولة الإسرائيلي.
فيما أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي، يوعاز هندل، عن ترحيبه بالسلطات الإماراتية لإزالة حظر المكالمات.
يقول هندل في بيان: “سيتم الآن فتح العديد من الفرص الاقتصادية، وتعد خطوات بناء الثقة هذه خطوة مهمة في تعزيز مصالح البلدين”.
إشادة موريتانية
وذكرت وكالة رويترز، انضمت موريتانيا مؤخراً إلى العديد من الدول الإسلامية التي أشادت بقرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قائلة إنها تثق في أبوظبي “بحكمة”.
وكانت موريتانيا، العضو في جامعة الدول العربية، تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة اليهودية حتى قطعها في عام 2009، بسبب عملية الرصاص المصبوب في غزة.
إلهاء سياسي
قالت صحيفة لوس انجليس تايمز، في تقرير لها، يبدو أن عددًا متزايدًا من العرب يشعرون أن الصراع العربي الإسرائيلي كان بمثابة إلهاء سياسي.
بالإضافة إلى ذلك، تشترك الحكومتان الإسرائيلية والإماراتية في مجموعة واسعة من المخاوف الأمنية. كلاهما يرى إيران على أنها تهديد أمني خطير ودائم. وكلاهما معادي للإسلام السياسي، ويشككون في أن المزيد من التحول الديمقراطي في العالم العربي سيؤدي إلى نتائج أفضل. لأنهم يرون وجهاً لوجه مع العديد من الأعداء، فإنهم يشتركون في الاهتمام بمشاركة أعمق للذكاء.
ويؤدي هذا أيضًا إلى تغيير مواقف الولايات المتحدة تجاه الإمارات، في سياق دعم الحزبين لتقليص التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط، وشكوك العديد من الديمقراطيين تجاه الإمارات بسبب قرب البلاد من المملكة العربية السعودية، ودورها في اليمن، وأوضاع حقوق الإنسان في الإمارات، فإن هذه الخطوة ستعزز دعم دائم من الحزبين للعلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والإمارات.
توسط أمريكي
سلطت مجلة فورين بوليسي، الضوء على الاتفاقية، مشيرة إلى أنها الاتفاقية الثالثة فقط بين إسرائيل ودولة عربية إقليمية، والأولى من قبل مملكة خليجية. في المقابل، وافقت إسرائيل على “تعليق” خطط ضم مستوطناتها في الضفة الغربية كما كان مقررًا في البداية هذا الصيف – رغم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال إنه لا يزال ملتزمًا بالضم في المستقبل. في تحول نموذجي من صيغة “الأرض مقابل السلام” القديمة التي فرضت عقودًا من جهود السلام في الشرق الأوسط، وصف نتنياهو الصفقة الجديدة بأنها “السلام مقابل السلام، والسلام عبر القوة.
الدور السعودي
أفادت وسائل إعلام عبرية في الكيان الإسرائيلي، بأنه خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الموساد يوسي كوهِن في الإمارات، الأسبوع الماضي، وأدّى إلى إعلان الطرفين عن اتفاق سلام، حضره أيضاً ممثلون من العائلة المالكة السعودية. وأكدت أن السعودية كان لها دور مركزي في ربط الإمارات بإسرائيل.
وفقاً لوكالة أسوشتيد برس، يتطلع الكيان الإسرائيلي إلى السعودية، إلى جانب البحرين التي ترأس القائمة والتي تُقيم علاقات سرية مع الكيان الإسرائيلي ومقربة جداً من الإمارات، تليها سلطنة عُمان، والسودان، والمغرب.
ويقول خبراء لرويترز إن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات قد يمهد الطريق أمام حصول هذه الأخيرة بالمزيد من السلاح الأمريكي، ومن ذلك أسلحة نوعية أفضل من تلك التي تصدرها واشنطن لدول لم تدخل في سلام مع إسرائيل.