مرحلة جديدة بالغة الحرج.. وصلت إليها وصلت سياسات مصر المائية لمرحلة جديدة، وبالغة الحرج بنجاح إثيوبيا في حشد المواقف الإقليمية خلفها في مبادرة “الاتفاقية الإطارية لحوض النيل” Cooperative Framework Agreement (CFA) بتصديق برلمان جنوب السودان على هذه الاتفاقية (يوليو 2024).

وواصل الموقف تأزمه بتصريحات وزير الخارجية الإثيوبي تايي أتسكي سيلاسي عن أن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ خلال أسبوعينـ وتحديدا في 13 أكتوبر الجاري وعقب مرور شهر من إيداع وثائق التصديق في الاتحاد الإفريقي من قبل 6 دول من دول حوض النيل.

في ورقة بحثية متعمقة، يرصد الباحث د. محمد عبد الكريم، الحراك المصري في مواجهة محاولات الإقصاء التي مارستها إثيوبيا على مدى سنوات، انطلاقا من محطة توقيع دولة جنوب السودان على الاتفاقية الإطارية، و”المكايدة السياسية” التي مارستها إثيوبيا بإعلانها إيداع التصديق للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، على الاتفاقية، والبدء في خطوات تكوين مفوضية حوض النيل.

يرصد الباحث في ورقته الصادرة عن مركز التنمية والدعم والإعلام “دام”، مسار الإقصاء المنهجي الذي مارسته إثيوبيا؛ بادئا بحساسية ملف العلاقات مع دول حوض النيل، كونها جزءا من سياسة؛ تهدف لمنع أي اضطرابات في حاجات مصر المائية.

ويتتبع مسار الاتفاقية الإطارية، منذ مسودتها الأولى التي أعدتها لجنة خبراء مستقلة، ثم كيف تبلورت مطالب ومقترحات “الحصص العادلة” في مياه النيل في إعلان مبادرة حوض النيل 1999، والتي ضمت جميع الدول المعنية، وكانت تهدف بالأساس إلى “تحقيق تنمية سوسيو- اقتصادية مستدامة عبر الاستخدام العادل من الموارد المائية في حوض النيل والاستفادة بها. على أن تكون المبادرة اتفاقية بين دول الحوض، وترك مساحة للدول الأعضاء للتوصل لاتفاق أكثر رسمية.

ويتوقف عند خطوة اثيوبيا الإقصائية الأولى بإعلانها عزمها بناء أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية، وأكثرها تكلفة في إفريقيا؛ دالًا على توجه الاتفاقية لإقصاء مصر (والسودان) عمليًا من ترتيبات التعاون في حوض النيل، وفرض أمر واقع عليها.

وكيف رفضت مصر والسودان على الفور الخطوة الإثيوبية، ودعت مصر الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة إلى التدخل في المسألة.

ثم ينتقل الباحث إلى “التوازنات الصعبة” بين مصر ودول الحوض، وكيف بذلت مصر في الأعوام السابقة جهودا متقطعة لتوطيد العلاقات مع دول حوض النيل، ظلت في الغالب من باب الاتفاقات الأمنية مع دول مثل، أوغندا وجنوب السودان وبورندي، وتقديم حزم استثمارات زراعية محدودة في عدد من دول الإقليم.

وكيف لم تنجح الدبلوماسية المصرية الرئاسية في التقارب مع نظام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في ملف سد النهضة و تحقيق اختراقات تذكر لاعتبارات متنوعة؛

ثم كيف وصل  الصدام المصري الإثيوبي  مرحلة جديدة مطلع سبتمبر 2024 بإرسال مصر خطابًا لمجلس الأمن تؤكد فيه رفضها التصرفات الإثيوبية الأحادية بخصوص سد النهضة الإثيوبي الكبير.

وتنتقل الورقة لرصد شواهد اضطراب الدبلوماسية المصرية، تجاه دول حوض النيل، في سنوات سابقة، لاعتبارات عدة منها، الاعتماد على نهج المصالح التكتيكية قصيرة المدى مع دول الحوض مثل، التقارب مع إريتريا قبيل حرب التيجراي.

وتراجع حيوية القرار السياسي المصري وارتباطه في المقام الأول برؤية الإمارات والسعودية في ترتيبات الأمن في القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

وعقب تدقيق مسارات وتقاطعات المواقف تخلص الورقة، إلى فإنه ثمة حاجة ملحة لدمج المسارات الإعلامية والاقتصادية والقوى الناعمة المصرية؛ لتقديم مقاربات شعبية لصيقة وسط شعوب دول الحوض؛ لتفنيد سرديات مناهضة للمصالح المصرية مثل، فكرة “استئثار مصر بنصيب الأسد من مياه النيل”.

وكذا تقوية المسار الاقتصادي بتأكيد ضرورة ربط مصالح مصر مع مصالح دول حوض النيل، وهو أمر مهم قائم على تبادل المنافع.

مع تفعيل استخدام القوى الناعمة (البرلمان/ الأزهر/ الكنيسة/ والدبلوماسية الشعبية)؛ لتقديم رواية مغايرة، تعزز سياسات مصر المائية في حوض النيل.

لقراءة الورقة كاملة: