ظلت الأندية متنفسًا عائليًا لطبقات المجتمع المختلفة ، قبل أن تنجرف غالبيتها نحو استهداف الفئات الاقتصادية العليا “upper class” التي لديها الملاءة المالية، ويتحول النادي من حاضنة اجتماعية رياضية ترفيهية إلى “كارنيه”، يعطي لحامله تصنيفا اقتصاديًا.

في بعض الأندية لم يعد دفع المقابل المالي الضخم للعضوية هو المشكلة، لكن يجب لحصول على توصية من عضو عامل موجود في النادي لمدة زمنية محددة، مع إجراء مقابلة، يتم فيها تقييم الوضع الاجتماعي للعائلة بالكامل لمعرفة، ما إذا كانت تستحق شرف حمل الكارنيه.

يبدو الوضع مغايرًا تمامًا لأعرق الأندية الأوروبية، فنادي ويمبلدون الشهير تتراوح رسوم العضوية به بين 230 و510 جنيهات إسترليني لرياضيات التنس والهوكي والإسكواش،  أما نادي ليفربول الإنجليزي؛ فتبلغ تكلفة العضوية الكاملة الرسمية 46 جنيهًا إسترلينيًا.

في ألمانيا، يبلغ عدد الأندية الرياضية حوالي 90 ألف نادي، وتم تسجيل ما مجموعه حوالي 27 مليون عضوية، ما يعادل حوالي ثلث سكان ألمانيا، وتقدم تلك الأندية الرياضات التنافسية التقليدية، بجانب الرياضات الصحية، وبرامج إعادة التأهيل والبرامج الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة والأمراض المزمنة.

تمثل رسوم العضوية 55.4% من إجمالي إيرادات الأندية الألمانية، أي أن أكثر من نصف إيرادات الأندية، تأتي من رسوم العضوية، وهذا يجعل رسوم العضوية أهم، وأكبر مصدر للإيرادات بالنسبة للأندية الرياضي.

وتفرض نصف الأندية رسومًا شهرية للأطفال، تصل إلى 3 يوروهات، وللمراهقين بحد أقصى 4 يوروهات، وللبالغين بحد أقصى 8 يوروهات، وتحرص الأندية على تقديم برنامج رياضي منخفض التكلفة، يمكن تحمله لشريحة واسعة من السكان.

رسوم عضوية تتجاوز مليوني جنيه

في المقابل، تبلغ رسوم العضوية في نادي الجزيرة 2 مليون جنيه، أما نادي الصيد بالدقي فتصل رسوم عضويته لـ 600 ألف جنيه، يُضاف عليها 14% ضريبة القيمة المضافة، تشمل العضوية زوج وزوجة حاصلين على مؤهلات عليا، و3 أبناء أقل من سن 20 عامًا، وفى حالة وجود أكثر من زوجة أو أكثر من ثلاثة أبناء تضاف مبالغ أخرى.

وتصل العضوية في النادي الأهلي على سبيل المثال إلى 855 ألف جنيه، (13,2 ألف جنيه إسترليني) شامل ضريبة القيمة المضافة لحملة المؤهلات العليا، ولغير المؤهلات العليا 1.14 مليون جنيه (17.6ألف جنيهًا إسترلينيًا) شاملة ضريبة القيمة المضافة، ولا يتم بيع أو التنازل بأي شكل من الأشكال عن العضوية التي تسقط بعد ثلاث سنوات متتالية من عدم الدفع.

في 2020، كانت عضوية الزمالك 60 ألف جنيه فقط، قبل أن ترتفع إلى 180 ألف جنيه للمؤهل العالي، وللمؤهل المتوسط 210 آلاف جنيه، وبدون المؤهل بـ 240 ألف جنيه، وتردد أن مجلس الإدارة الحالي رفعها إلى نصف مليون جنيه.

في أندية وادي دجلة، تم رفع سعر الاشتراك للأعضاء الجدد 350 ألف جنيه، وبررت الزيادة سعر العضوية بالحفاظ على جودة مستوى الخدمات المقدمة للأعضاء الحاليين، وهو ما فعله فرج عامر، أثناء رئاسته نادي سموحة، حينما قرر رفع رسوم العضوية إلى مليون جنيه.

الأمر لم يعد قاصرًا على أندية القاهرة الكبيرة، إذ رفع نادي طنطا رسوم عضويته 100 ألف جنيه قبل سنوات، بينما تبلغ اشتراكات أندية النادي، التابعة لوزارة الشباب والرياضية، في بعض الأماكن مثل شيراتون 114 ألف جنيه، شاملة الضريبة حال تسديدها دفعة واحدة كاش.

هل حد رفع سعر العضوية من الإقبال؟

رغم رفع العضوية، يشهد الأهلي إقبالًا كبيرًا على عضويته في فروعه الثلاثة بخلاف مقر الجزيرة، والتي توجد في مدينة نصر والشيخ زايد والتجمع الخامس، وكلها أحياء معروف عنها الملاءة المالية للقاطنين فيها، ليرتفع عدد أعضاء النادي إلى قرابة المليون عضو.

تتزايد معدلات الإقبال على عضوية أندية الكومبوندات المغلقة شكل ضخم، دفع بعض المطورين العقاريين للتخصص في تلك النوعية من الاستثمارات، وعقد شراكات مع أندية عالمية؛ بهدف جذب المزيد من العملاء المستهدفين.

استهداف الأندية لطبقات بعينها حاليًا، يعود بتجربتها لعقود إلى الخلف، فأول نادي تم افتتاحه بمصر، كان “الجزيرة” حالياً برئاسة اللورد كرومر، واقتصرت عضويته على الأجانب والإقطاعيين، قبل أن يفتح الباب لطبقات الأرستقراطية المصرية.

الأمر ذاته، نطبق على نادي السكة الذي تم تأسيسه عام 1903، وتم إنشاؤه عن طريق مجموعة المهندسين الأجانب العاملين بعنابر السكة الحديد الموجودة بالسبتية، وتم تأسيسه في منطقة شبرا.

تضع بعض الأندية ضوابط للتفرقة بين الأعضاء، ليس فقط وفق الدرجات العلمية، ولكن نوع العضوية، ما إذا كانت عاملة أم تابعة أم زائر، حتى أن البعض، يمنع دخول مربيات الأطفال، حتى لو كن يحملن عضوية تابعة لأماكن بعينها ومنها حمامات السباحة، والبعض يمنع العضويات التابعة من الدخول بسيارة خاصة.

توجد العديد من أنماط العضوية بالأندية بداية من العضو العامل، وهو أحد العاملين بالجهة التي أنشأت النادي، والعضو الزائر، ويحق له المشاركة في أنشطة النادي، وفروعه المشترك عليها واستخدام منـشآته ومرافقه، ولا يكون له حق حضور الجمعية العمومية أو الترشح لمجلس الإدارة.

كما يوجد العضو التابع الذي يكون اشتراكه في النادي تابعًا للعضو العامل مثل، الزوجة، أو الزائر مثل الأبناء، وتتـوفر بشأنه شروط العضوية العاملة أو الزائرة عدا شرط الـسن ويحـق لـه المـشاركة في أنشطة النادي واستخدام منشآته ومرافقه، ولا يكون لـه حـق حـضور الجمعيـة العمومية أو الترشح لمجلس الإدارة والعضو المنتسب، وهو من يطلب العضو ضمه على العضوية، لكونه العائل الوحيد له مثل والدي العضو وشقيقات العـضو غيـر المتزوجـات أو الأرامـل أو المطلقات.

الأندية الرياضية.. استثمار في المقام الأول

تبيع الأندية الرياضية منفعة لعملائها، وليس منتجًا ولذلك، فإن العضوية حاليًا تستهدف طبقات بعينها، هي التي لديها قدرة على الدفع، بجانب رفع أسعار العضوية، يضمن عددا قليلا من الأعضاء واختيار “صفوة الصفوة”.

شهدت الفترة الأخيرة دخول استثمارات بمجال الأندية مثل CITY CLUB الذي ركزت أكثر على الأقاليم باشتراكات، تتراوح بين 35 و65 ألف جنيه، فيما دشنت وزارة الشباب والرياضة تجربة لها في نادي النادي بمقابل 75 ألف جنيه، بالإضافة إلى 14% ضريبة القيمة المضافة؛ ليصل إجمالي العضوية، لما يقرب من 100 ألف جنيه.

لكن مسئول بوزارة الشباب والرياضة، يقول إن الأندية في مصر لها وضع مختلف عن الخارج فهي اجتماعية ورياضية، على عكس أندية الخارج التي تتسم، بأنها متخصصة في الرياضة فقط، بدون أدوار اجتماعية.

يقول المسئول، إن الأندية بمصر تراعي جميع الطبقات فمراكز الشباب تتماشي مع الطبقات المتوسطة مثل، مركز شباب الجزيرة الذي تتراوح رسوم العضوية الجديدة به بين 25 و35 ألف جنيه، كما توجد مراكز شباب المدن، والقرى التي تتسم بأنها مجانية ومتاحة للجميع.

نشأ مركز “شباب الجزيرة” بعد ثورة يوليو 1952، حينما اقتطع الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، جزءًا من أرض ناد الجزيرة الخاص بالصفوة وحولها لمركز شباب، حتى يمكن للطبقات الفقيرة، أن تجد متنفسا لها.

بحسب وزارة الشباب والرياضة، فإنه يوجد لديها 6430 منشأة شبابية ورياضية، تمتلكها الوزارة، وهي مراكز للشباب والأندية الرياضية والأندية الخاصة وأندية الشركات ومراكز ووحدات الطب الرياضي، والمدن الشبابية والرياضية، ومراكز التنمية الرياضية والاستادات وحمامات السباحة وصالات الأنشطة والصالات المغطاة.

دعم مستمر من الدولة لأندية الشعبية

يتحفظ البعض على رسوم اشتراكات الأندية، نظرًا لوجود دعم، فيما يتعلق باستهلاك الكهرباء والمياه بجانب دعم مادي، يختلف من نادى لآخر للصرف على الأنشطة الرياضية غير كرة القدم.

ودعمت وزارة الشباب والرياضة الأندية الشعبية خلال العام الماضي بمبلغ 50 مليون جنيه بدعوى، أنها تحظى بأهمية كبيرة من قبل الدولة، ولها مكانة كبيرة الشعب المصري في المحافظات.

لكن ذلك الدعم لم يكن كافيًا، إذ طلب طارق قنديل، عضو مجلس إدارة النادي الأهلي، دعمًا إضافيًا في مايو من العام الماضي، بحجة أن النادي ينفق مصروفات باهظة على النشاط الرياضي والخدمي.

في 2022، دعمت وزارة الشباب النادي الأهلي في ملف الحصول على قرض من البنك بقيمة 300 مليون جنيه، ونفس الأمر حدث مع لجنة إدارة الزمالك برئاسة حسين لبيب، في قرض بقيمة 70 مليون جنيه، وقامت اللجنة بسداد القرض قبل رحيلها.