تضع الحكومة المصرية خطة منذ سنوات لتوطين صناعة السيارات، وجذب الشركات العالمية؛ من أجل التحول لنافذة تصدير للأسواق الإفريقية، لكن تلك الخطط تواجه تحديات في ظل توجه شركات المركبات العالمية نحو الاستثمار في إفريقيا بشكل مباشر، ومساعي دول بالقارة؛ لأن تصبح مركزا للإنتاج والتصنيع.

تسير الرغبة المصرية في دخول صناعة السيارات بقوة بحالة من البطء الشديد، فشركة “نصر للسيارات”، أعلنت عن إنتاج أول سيارة كهربائية لها في 2021 بشراكة صينية، قبل أن تحدث خلافات مع الشريك، وتضطر لاستبداله وتأجيل حلم سيارتها  “E70” إلى 2025.

تجمع مصر حاليا نحو 16 سيارة عالمية محليًا، وأعلنت شركة جريت وول موتورز الصينية عزمها إطلاق سيارة في مصر وإقامة مصنع من مرحلتين، تبلغ الطاقة الإنتاجية لكل مرحلة 60 ألف سيارة سنويًا.

عوائق

لكن حجم الإنتاج لا يزال يتأثر بالعديد من العوائق التي يعددها أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، بالرسوم الجمركية المرتفعة على قطع غيار السيارات، وعدم وجود بيئة مناسبة للاستثمار في صناعة السيارات.

يضيف أبو المجد أن مصر وقعت على اتفاقيات تسمح باستيراد السيارات دون جمارك، بينما يتم فرض 5- 7% جمارك على قطع الغيار، مؤكدا أن الحكومة يجب عليها إزالة جميع معوقات التصنيع، فصناعة السيارات يمكن أن تكون مصدرا لتحقيق إيرادات دولارية عبر الإنتاج والتصدير مثل المغرب التي وصلت لإنتاج مليون سيارة سنويا.

بينما تستهدف المخططات الحكومية، جعل الدول الإفريقية سوقا لصادرات السيارات المصنعة أو المجمعة في مصر، تقطع دولة إفريقية أخرى خطوات أسرع مثل، رواندا التي أعلنت إنتاج أول سيارة رواندية أخيرًا من خط تجميع مصنع فولكس فاجن الجديد بكيجالي، حيث تسعى أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا لإنتاج سنوي، يبلغ 5000 سيارة بالمرحلة الأولى. وبالطبع هناك قبل رواندا جنوب إفريقيا والمغرب.

وتنتج “فولكس فاجن” من مصنعها الجديد في رواندا، الذي تبلغ قيمته 20 مليون دولار، 5 طرازات شهيرة، ويوفر 1000 فرصة عمل، وسط دعم رسمي من الدولة التي قالت، إن إفريقيا لا يجب أن تكون مكبًا للسيارات المستعملة، أو أي شيء مستعمل (معظم سيارات رواندا مستعملة واردة من اليابان).

تستهدف الشركة الألمانية التوسع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إذ تبني مصانع أيضًا في كينيا ونيجيريا وغانا، وتستهدف ربط الدول الثلاث مع جنوب إفريقيا بسوق، يبلغ حجمه نحو مليار شخص.

غانا.. تجربة رائدة في السيارات

تتبنى غانا أيضًا خطوات سريعة في صناعة السيارات عبر “رانا موتورز” التي تقوم بتجميع سيارات كيا وتويوتا وسوزوكي ونيسان وفولكس فاجن وهيونداي وبيجو وتشانجان وسينوتراك، وأصبحت مركزًا للسيارات في منطقة “دول غرب إفريقيا”

يقول ياسر شابسوج، الرئيس التنفيذي للعمليات بالمقر الإقليمي لشركة كيا في الشرق الأوسط وإفريقيا، إن مصنع كيا الذي تم تدشينه العام الماضي لا يلبي الاحتياجات الحالية للعملاء الغانيين فحسب، بل ويتوقع أيضًا متطلباتهم المستقبلية بشكل استباقي، وتلبية الطلبات ليس فقط داخل غانا، ولكن أيضًا في جميع أنحاء غرب إفريقيا، ويمضي شابسوج قائلا: نحن متحمسون للفرص التي سيجلبها هذا التوسع.

يأتي ذلك، بينما تسعى شركة “كاتانكا” الغانية للتوسع، وكاتانكا ماركة سيارات غينية صرفة، وليس صناعة تجميع بدأت في أواخر التسعينيات عبر مخترع محلي شهير يدعى الرسول سافو، والذي أطلق سيارة كروس كانتري ذات الدفع الرباعي “كانتانكا أونانتيفو 1” عام 2006، وأونانتفو 2 عام 2007، وسيارة ليموزين بطول 26 قدمًا “كانتانكا أوبريمبون” عام 2007، وتمكنت كانتانكا من إنتاج 30٪ من أجزاء السيارات بالبلاد.

كينيا.. محاولات مستمرة

شهد تجميع المركبات في كينيا نموًا بنسبة 32% تقريبًا من عام 2013 إلى 2015، كما تم تسجيل نمو مرتفع بنسبة 54.4% و43.7% و20.8% في إنتاج الشاحنات الصغيرة والشاحنات والحافلات على التوالي.

حددت الحكومة الكينية صناعة السيارات وقطع غيار السيارات كمحرك اقتصادي رئيسي في إطار سياسة التصنيع الوطنية الصادرة عام 2010، التي تتضمن توفير الحوافز؛ لتشجيع المركبات المجمعة محلياً وإنتاج قطع غيار السيارات؛ من أجل استبدال المركبات المجمعة محلياً بالمركبات المستعملة المستوردة.

كما تم إنشاء لجنة وطنية لصناعة السيارات مهمتها تطوير قيمة مضافة للسيارات، والاعتماد على 30٪ من المدخلات المحلية، وفرض تعريفات جمركية عالية على مكونات السيارات المستوردة التي يمكن تصنيعها محليًا.

كما شكلت كينيا مجلسًا وطنيًا لصناعة السيارات، وإنشاء صندوق ابتكار السيارات لدعم البحث والتطوير في القطاع وإدراجه ضمن المناطق الاقتصادية الخاصة، ووضع إعفاءات ضريبية لمدة عشر سنوات، مع دعم لأسعار المرافق المنخفضة

خطة طموحة بتنزانيا

وضعت صناعة السيارات في تنزانيا خطة لإنتاج 5 ملايين مركبة بحلول عام 2035، وذلك عبر الشراكات مع الصين، إذ قالت شركة سينوتراك الصينية لتصنيع المركبات الثقيلة والمملوكة للدولة، إنها تخطط لإنشاء مصنع لتجميع أجزاء الشاحنات في تنزانيا بقيمة 20 مليون دولار، كما يوفر المشروع 500 فرصة عمل جديدة.

كما تدرس شركة يوتونج الصينية لتصنيع المركبات التجارية إنشاء مصنع تجميع في تنزانيا، في أعقاب اتجاهات السوق الإيجابية منذ دخولها إلى البلاد.

في 3 إبريل (2022)، تم الكشف عن أول سيارة كهربائية محلية الصنع في تنزانيا، وتحمل اسم “كايبي موتور“، وتتطلب 6 ساعات من الشحن، ورغم بساطة تصميمها، لكنها تلائم الاحتياجات المحلية الخاصة بنقل البضائع.

وتستهدف الدولة الواقعة في شرق إفريقيا خفضَ الانبعاثات الكربونية بنسبة 30% إلى 35% بحلول عام 2030، عبر تقليص الاعتماد على الديزل والفحم في توليد الكهرباء، بحسب بيانات اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة.

جنوب إفريقيا تتصدر

يعود باكورة إنتاج السيارات بجنوب إفريقيا لعام 1924، عندما تم تجميع أول سيارة من طراز «فورت تي»، قبل أن تنجح الدولة في اجتذاب المزيد من الماركات؛ لتشمل 12 شركة عالمية، ترتفع إلى 13 مع تدشين مجموعة (Stellantis) بناء وحدة جديد لبدء الإنتاج عام 2025.

من ضمن العوامل التي جعلت جنوب إفريقيا، تتربع على عرش القارة في إنتاج السيارات، وجود كم كبير من المصانع التي توفر الصناعات المغذية (الكراسي والإطارات والزجاج وغيرها)، والتي يصل عددها لحوالي 430 مُوردًا ومُصنعًا، بينما بلغ إنتاج البلاد 633.332 سيارة عام 2023.

المغرب.. تستحق الدراسة

 تتربع المغرب على عرش سيارات الركوب في إفريقيا حاليًا، بعدما خصصت صادرات في 2023 بنحو 141.7 مليار درهم (13.9 مليار دولار)، مقابل 111.2 مليار درهم (11 مليار دولار) في 2022 بزيادة 27%.

ويوجه المغرب 80% من صادراته من المركبات إلى سوق الاتحاد الأوروبي، وتضع الدولة خططًا للتوسع بالوصول إلى إنتاج سنوي قدره مليون سيارة بحلول عام 2025، وزيادة نسبة المكون المحلي في صناعة السيارات بالبلاد إلى 80% بحلول عام 2030.

وتمكن المغرب من إنتاج أول سيارة محلية الصنع في مايو 2023، تحت اسم “نيو موتورز”، ويتراوح سعرها ما بين 170 ألف درهم (16.83 ألف دولار)، و190 ألف درهم (18.81 ألف دولار)، إلى جانب الكشف عن نموذج أولي لمركبة تعمل بالهيدروجين، وذلك في إطار تعزيز علامة “صنع بالمغرب”.