عمقت الإمارات تواجدها بقطاع الطاقة المصري بعد الموافقة على استحواذها على حصص في 3 شركات مصرية متخصصة بقطاع النفط ومشتقاته، جنبا إلى جنب مع عقود للاستكشاف عن البترول والغاز الطبيعي، وإنشاء منطقة لوجستية جديدة للتداول بمنطقة البحر المتوسط عن طريق ضخ استثمارات، قد تصل إلى 3 مليارات دولار قابلة للزيادة.

تضمنت الصفقات، التي وافق عليها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، استحواذ شركة أبوظبي التنموية القابضة “إيه دي كيو” على نسبة 25% من أسهم شركة الحفر المصرية، و30% من أسهم شركة “المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته” (إيثيدكو)، و35% من أسهم الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي (إيلاب).

الألكيل بنزين الخطي: هو مركب كيميائي ينتج من الكربون، ويعمل كوسيط لإنتاج مركبات كيميائية مهمة أخرى من بينها، استخدامات كبيرة في الغسيل سواء المنزلي أو الصناعي، بينما الإيثيلين: هو أحد المواد الخام الأساسية لصناعة البتروكيماويات.

لماذا الشركات الثلاث مهمة؟

تأسست شركة الحفر الوطنية، في سبتمبر 1981، وحققت خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي (ينايرـ سبتمبر) أرباحا، بلغت 4.92 ملايين دولار، ما يعادل 242.3 مليون جنيه مصري تقريبا، وتعمل في مجالات الحفر البري وإصلاح الآبار والاستكشاف والتقييم والتطوير والإنتاج للبترول.

كما تقدم الشركة أيضًا الدعم الفني ومعدات الكشف وخدمات الإعاشة والخدمات عالية الكفاءة لشركات التشغيل، وصيانة آبار النفط والمضخات والضواغط ومنع التسريب واحتوائه؛ لتقليل التأثير البيئي الضار.

قبل الاستحواذ الإماراتي الأخير، كان هيكل ملكية الشركة يتوزع بين فيرتو هولدنج، بإجمالي 4.5 ملايين سهم بنسبة 90%، بينما تمثل الـ 10% المتبقية أسهم حرة التداول بإجمالي 500 ألف سهم، وبالتالي فإن النسبة التي اشتراها الإماراتيون، تمثل جزءا من حصة “فيرتو” التي اشترتها في 2021 بنحو 21 مليون دولار فقط.

بالنسبة للشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو)، فتم تأسيسها عام 2011، وهي أكبر مجمع للبتروكيماويات في مصر وإفريقيا، وبلغ إنتاجها من الإيثيلين 324 ألف طن عام 2022 بزيادة 50 ألف طن عن العام الماضي، بينما بلغ إنتاجها من البولي إيثيلين 331 ألف طن بزيادة 50 ألف طن عن عام 2021.

يتوزع هيكل ملكية الشركة بين: 20% للشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، و20% لشركة سيدي كرير للبتروكيماويات، و10% لبنك ناصر، و14% لبنك الاستثمار القومي، و21% لمجموعة الأهلي القابضة، و11% للشركة المصرية للغازات الطبيعية.

وتأسست الشـركة المصـرية لإنتاج الألكيـل بنزين الخطـي (إيـلاب) عام 2003، وهي أكبر الشركات في الشرق الأوســط وإفريقيا لإنتاج مادة الألكيـل بنزين الخطـي، وتتوزع ملكيتها بين الشـركة المصرية القابضة للبتروكيماويات 21.02%، الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية 21.02%، ووزارة المــــاليـــة 13.11%، وبنك الاستثمار القومي 34.17%، الهيئة المصرية العامة للبترول 10.51%، وشـركة رويــال للكيمــاويـــات 0.17%.

نشاط إماراتي في التنقيب والحفر بمصر

تسعى الإمارات أيضاً إلى تعزيز وجودها في أنشطة التنقيب عن النفط والغاز، أو الطاقة المتجددة، فشركة مبادلة الإماراتية أعلنت أخيرًا، اهتمامها بالمشاركة في مزايدة التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط والدلتا في حوالي 12 منطقة.

كانت «مبادلة» الإماراتية قد شاركت في مناطق بالبحر المتوسط متمثلة في منطقة امتياز حقل «ظهر» بنسبة 10%، ومنطقة امتياز «حقل نور» بنسبة 20% علاوة على «قطاع رقم 4» بالبحر الأحمر بنسبة 27%.

وفي أغسطس 2024، أعلنت شركة مصدر الإماراتية قيادة تحالف لإنشاء مشروع عملاق جديد في مصر، لزيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة بإنشاء محطة إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة خليج السويس، بقدرة 200 ميجاواط، والذي من المتوقّع أن يبدأ تشغيله التجاري في شهر أكتوبر عام 2026.

كما وقعت مصر والإمارات أيضًا مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة لوجستية جديدة للتداول بمنطقة البحر المتوسط باستثمارات، قد تصل إلى 3 مليارات دولار قابلة للزيادة، بميناء الحمراء البترولي على ساحل البحر المتوسط؛ لتعظيم دور مصر كمركز إقليمي لتداول البترول الخام والمنتجات البترولية، واستغلال البنية التحتية والتسهيلات الخاصة بالموانئ والسعات التخزينية، والأرصفة البحرية لاستقبال وتداول البترول الخام والمنتجات البترولية.

تطوير الحقول من بين الأنشطة الإماراتية أيضًا

كما أعلنت شركة دراجون أويل، المملوكة بالكامل لحكومة دبي، أخيرا عن مشروع لتطوير حقلي المرجان، وبدري في خليج السويس بمصر باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؛ لتعزيز الإنتاجية وتمديد عمر حقلي “المرجان” و”بدري” بشكل فاعل.

وتعتزم دراجون أويل” استثمار 500 مليون دولار، في مصر خلال هذا العام لحفر آبار جديدة والحفاظ على معدل الإنتاج بواقع 61 ألف برميل نفط يومياً، بحسب تصريحات لـ “علي الجروان”، الرئيس التنفيذي للشركة.

استحوذت “دراجون أويل” على 100% من حقوق شركة “بي بي مصر” في صفقة قيمتها 850 مليون دولار خلال 2020، لتصبح شريك الهيئة المصرية العامة للبترول، بدلاً من شركة “بي بي” البريطانية في كافة امتيازات إنتاج واكتشاف النفط في خليج السويس.

ويقول مصدر مسئول بوزارة البترول، لـ “مصر 360″، إن جميع الصفقات التي تم توقيعها مع الإمارات تأتي في إطار وثيقة ملكية الدولة، وتستهدف في المقام الأول جذب رأس المال الأجنبي، وتنمية الإنتاج عبر ضخ المزيد من الاستثمارات التي ستصب في النهاية في تحقيق مستهدفين: هما توفير الطاقة لمصر، وتحويلها لمركز إقليمي لتداولها.

تمثل الشركات الثلاث التي اشترت الإمارات حصة بها المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي، وشركة الحفر المصرية، والشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته من بين الشركات التي تضمها وثيقة ملكية الدولة التي تتضمن تخارج الدولة من العديد من الأنشطة بالبيع لمستثمر استراتيجي أو الطرح بالبورصة.

 من بين الشركات الموجودة بالوثيقة في قطاع البترول أيضًا الشركة الوطنية للمنتجات البترولية التي تأسست عام 1993، ولديها نحو 255 محطة خدمة ووقود سيارات، وتلقت الدولة 7 عروض عالمية ومحلية للاستحواذ على أسهمها، لكن لم يتم حسمها حتى الآن.

يضيف المصدر، أن أولويات الوزارة حاليا الوفاء باحتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية والبتروكيماوية والثروات المعدنية، وتحقيق معدلات النمو المستهدفة للاقتصاد القومي، وتأمين إمدادات البترول والغاز الطبيعي من خلال التوسع في أنشطة البحث والاستكشاف، وتنويع المصادر والعمل على تعديل مزيج الطاقة، وتحويل مصر لمركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز والبترول، وهذا المحاور الثلاثة، هي الأساس لجذب الاستثمارات الأجنبية لمصر.