صدمة جديدة تلقتها إدارة ترامب من موقف حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين برفض فرض مزيد من العقوبات على طهران بعدما أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي، الأمم المتحدة بمطلبها إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، مستخدما آلية “سنابّاك”، مشيرة إلى الانتهاكات الإيرانية الكبيرة للاتفاق النووي لعام 2015.
آلية “سنابّاك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015 تتيح إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران إذا ما طلبت دولة طرف في الاتفاق ذلك بدعوى انتهاك طهران للتعهّدات المنصوص عليها في الاتفاق.
ومن جانبها، أعلنت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، أنها لا تؤيد مبادرة الولايات المتحدة لاستئناف العقوبات الدولية على إيران. وجاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الفرنسية، “تشير فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى أن الولايات المتحدة لم تعد طرفا في خطة العمل الشاملة المشتركة بعد انسحابها من الاتفاق في 8 مايو عام 2018”.
وتابع البيان: “إن موقفنا من مبررات خطاب الولايات المتحدة تم نقله وبوضوح تام إلى قيادة مجلس الأمن الدولي وجميع أعضائه، بالتوافق مع قرار 2231. لذا فلا يمكننا أن نؤيد هذه المبادرة التي لا تنسجم مع جهودنا المستمرة لدعم خطة العمل الشاملة المشتركة”.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي فرض حظر الأسلحة على إيران عام 2007. ومن المقرر أن ينقضي أجل هذا الحظر في منتصف أكتوبر بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. ويمنع الاتفاق طهران من تطوير أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات عنها. وتم إدراج الاتفاق في قرار لمجلس الأمن عام 2015.
انسحاب أمريكى
وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما، واصفا إياه بأنه “أسوأ اتفاق على الإطلاق”. وأخفقت الولايات المتحدة، الجمعة، في محاولة تمديد الحظر المفروض على إيران في مجلس الأمن.
وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فرضت واشنطن عقوبات قوية من جانب واحد، وردا على ذلك خرقت إيران أجزاء من الاتفاق. مما دفع إيران إلى استئناف بعض أنشطتها النووية، وذلك بعد مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020، وأعلنت إيران عن خطط لوقف معظم التزاماتها بالاتفاق.
ونقلت صحيفة زوديتشه تسايتونج اليومية الألمانية عن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت قولها “هذا مخيب جدا “للآمال، لا يمكننا أن ننتظر لحين انتهاء أجل حظر الأسلحة في 18 أكتوبر. لا يمكننا أن ننتظر إلى أن يدرك العالم في 18 أكتوبر أن باستطاعة روسيا والصين توفير أسلحة وباستطاعة إيران شراؤها وتوصيلها لميليشيات وجماعات إرهابية أخرى تحركها طهران في أنحاء العالم“.
من جانبه قال المرشح عن الحزب الديمقراطي للرئاسة الامريكية جو بايدن إن واشنطن ستنضم مرة أخرى إلى الاتفاقية إذا عادت إيران إلى الالتزام الصارم بالاتفاق النووي.
ومن شأن عودة عقوبات الأمم المتحدة أن تُلزم إيران بتعليق جميع الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة، بما في ذلك البحث والتطوير، وحظر استيراد أي شيء يمكن أن يساهم في تلك الأنشطة أو في تطوير أنظمة إطلاق الأسلحة النووية.
وستشمل كذلك معاودة فرض حظر الأسلحة على إيران ومنعها من تطوير صواريخ باليستية قادرة على إطلاق أسلحة نووية واستئناف فرض عقوبات محددة على عشرات الأفراد والكيانات. كما سيتم حث الدول على فحص الشحنات من إيران وإليها والسماح لها بمصادرة أي شحنة محظورة.
وبموجب الاتفاقية النووية، المعروفة رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة فككت إيران الكثير من برنامجها النووي ومنحت المفتشين الدوليين وصولاً واسع النطاق إلى منشآتها مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
اتفاقية إيران النووية
الاتفاقية تقيد تخصيب اليورانيوم في مفاعلات نطنز وفورد، حيث تخشى دول أن منتجها الثانوي من البلوتونيوم قد تمت إعادة معالجته إلى مواد صالحة لصنع الأسلحة، وإعادة توظيف هذه المرافق لأغراض البحث أو الصناعة أو الطبية، وتخضع لعمليات التفتيش من قبل مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وتفرض الاتفاقية قيودًا على عدد وأنواع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران تشغيلها، فضلاً عن حجم مخابئها لليورانيوم.
ويستخدم اليورانيوم المخصب بنسبة 5 في المائة في محطات الطاقة النووية، ويمكن استخدامه بنسبة 20 في المائة في مفاعلات الأبحاث أو للأغراض الطبية. ويستخدم اليورانيوم عالي التخصيب، بنسبة 90٪، في صنع الأسلحة النووية. يهدف نظام التفتيش في خطة العمل الشاملة المشتركة أيضًا إلى الحماية من احتمال أن تطور إيران أسلحة نووية سراً في مواقع غير معلنة.
كانت الصفقة الإيرانية المعروفة رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة واحدة من الإنجازات الدبلوماسية التي تتويج عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لكنها ظلت قضية خلافية في واشنطن منذ أن بدأت تؤتي ثمارها في عام 2015.
ومنذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، تصاعدت التوترات بين واشنطن وطهران بشكل مطرد ووصلت إلى نقطة الغليان.
استغلال إيراني
تقول سمية عسلة، خبيرة في الشأن الإيراني، إن إيران ستستغل قرار مجلس الأمن بعدم تمديد حظر الأسلحة على إيران، مشيرة إلى أن إيران لم تلتزم في البداية بالاتفاق.
وتضيف إن إيران ستواصل وتستمر في توريد الأسلحة للمليشيات الإرهابية التابعة لها في المنطقة، مشيرة إلى أن قرار مجلس الأمن، برفض المبادرة الأمريكية، سيكون له صدى واسع لإيران وذلك عن طريق زيادة إمدادات الميلشيات التابعة لها بالعناصر الأولية لصناعة الأسلحة، مثل نترات الأمونيوم والتي تسببت في انفجار مرفأ بيروت.
وترى عسلة إلى أن الاوضاع الاقتصادية في إيران لن تؤهلها لتصدير الأسلحة الايرانية، لكنها ستصدر خلال الفترة المقبلة صناعة المواد الأولية للأسلحة كنوع من أنواع تقليل النفقات، مما يزيد من التحالف بين إيران وقطر، حيث كانت قطر من الدول التي رفضت حظر تمديد الأسلحة الإيرانية.