حملت نتائج انتخابات مجلس الشيوخ، التي أعلنتها اللجنة الوطنية للانتخابات العديد من المفارقات “المفاجئة” و”الكارثية”، التي تشير إلى وجود خلل في العملية السياسية في مصر، لعل أبرزها ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة بصورة كبيرة جدًا، وسيطرة حزب واحد على الحياة السياسية في مصر.

مشاركة ضعيفة

رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، أعلن في المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان نتائج المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ، أن نسبة المشاركة في التصويت بالانتخابات بلغت 14.23%، بإجمالي 8 ملايين و959 ألف و35 ناخبًا، من أصل 62 مليونًا و940 ألف و165 ناخبًا، ما يمثل نسبة ضيعفة مقارنة بالانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2015.

انتخابات مجلس النواب في عام 2015 بلغت نسبة التصويت، وفقًا لبيانات الهيئة الوطنية للانتخابات، 21,7% منهم 5 ملايين صوت و544 ألف بالخارج والباقي من الداخل بعدد يصل إلى 28 مليون و 214 ألف صوت من أصل 55 مليونًا، حينها لهم حق التصويت.

“مستقبل وطن” أكثر الأحزاب تحقيقًا للمقاعد في انتخابات الفردي

وكان عدد المشاركين في انتخابات مجلس الشورى في عام 2012، في المرحلة الأولى 15.41%، والمرحلة الثانية من الانتخابات والتي جرت في 14 محافظة بلغت 12.2% ليكون إجمالي المشاركين في انتخابات مجلس الشورى 6.43 مليون بنسبة 12.9%.

"مستقبل وطن" يحشد للانتخابات
“مستقبل وطن” يحشد للانتخابات

المحلل السياسي مجدي حمدان، قال إن انتخابات مجلس الشيوخ شهدت إحجامًا من الناخبين على المشاركة في الانتخابات رغم التهديدات المتتالية بتوقيع غرامة بقيمة 500 جنيه على غير المشاركين، فضلاً عن إغراء من لهم حق التصويت بالحصول على “كرتونة”، أو 50 جنيهًا.

وأوضح “حمدان”، لـ”مصر 360″، أن نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ “ضعيفة جدًا”، و”غير عقلانية”، منوهًا بأن من المفترض أن الانتخاب تجرى في مناخ هادئ وبعيد عن أية صراعات، واستمرار الوجوه القديمة، ما دفع المواطن عن الإحجام عن المشاركة في الانتخابات، وعدم ممارسة حقوقه السياسية.

الحزب لن يستمر طويلاً في الحياة السياسية المصرية

ورأى “حمدان” أن عدم إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عدد الأصوات المشاركة في انتخابات الشيوخ في الخارج، ربما يكون لعدم فضح تدني أصوات المشاركين في الداخل بالاقتصاص منهم، لافتًا إلى أن الإسراع في إجراء الانتخابات وعدم إعطاء فرصة لإعلام المواطنين بالمجلس الجديد، كانت أسبابًا إضافية للعزوف عن المشاركة في الانتخابات.

الأصوات الباطلة

ومثلت نسبة الأصوات الباطلة في انتخابات الشيوخ، صدمة كبرى للمهتمين بالمجال السياسي، إذ كشف رئيس اللجنة العليا للانتخابات، المستشار لاشين إبراهيم، أن أعداد الأصوات الباطلة بلغت مليون و381 ألف و294 صوت بنسبة 15.42%، من إجمالي المصوتين في الانتخابات، وهو ما اعتبره البعض بسبب توسيع الدوائر الانتخابية، وعدم إدراك الكثيرين ضرورة انتخاب عددًا معينًا في دائرتهم، بدلاً من النظام القديم.

لكنّ “حمدان”، رأى أن العدد الكبير من الأصوات الباطلة، كانت إبطال عن عمد، ودليل على وجود حالة رفض من قبل المواطنين على ما يحدث في الحياة السياسية المصرية، وعدم تغير الوجوه المشاركة في الانتخابات، وعدم وجود تنافسية حقيقة، لافتًا إلى ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى تلك النسبة، وفهم الرسائل الضمنية المراد توجيهها.

مجلس الشيوخ سيهدد انتخابات مجلس النواب

وتابع: “الانتخابات في محافظة الجيزة على سبيل المثال- شهدت بطلان نحو 288 ألف صوت، مقابل 282 ألف صوت صحيح، ما ينبئ بوجود خطأ يجب الانتباه له”، مشددًا على ضرورة النظر في الأرقام التي أعلنتها الهيئة، واستخلاص معناها ودراستها بشكل مستفيض لتصحيح الأوضاع.

كارثة “مستقبل وطن”

ووفقًا للبيانات التي أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات، فإن 74 مرشحًا تمكنوا من حسم فوزهم بالجولة الأولى للانتخابات عقب تحقيقهم الأغلبية المطلقة، في حين يتبقى 26 مقعدًا سيتم حسمهم في جولة الإعادة يومي 6 و7 سبتمبر المقبل في الخارج، ويومي 8 و9 سبتمبر المقبل في الداخل، على أن تعلن النتيجة النهائية في موعد أقصاه 16 سبتمبر المقبل.

“مستقبل وطن”، كان أكثر الأحزاب تحقيقًا للمقاعد في انتخابات الفردي بإجمالي 68 مقعدًا، من إجمالي 100 مقعد مخصصين للنظام الفردي، يليه حزب الشعب الجمهوري بـ5 مقاعد، فيما لم تحصل أية أحزاب أخرى على مقاعد في الفردي، رغم تقديمها عدد كبير من المرشحين، فمثلاً قدم حزب “حماة وطن” 74 مرشحًا والوفد 24 مرشحًا، والمؤتمر 18 مرشحًا، لم يفز أيًا من مرشحيهم في الجولة الأولى، فضلاً عن فوز مرشح واحد مستقل هو هادي لويس مرجان.

الملفت للتظر في انتخابات مجلس الشيوخ، كان النجاح منقطع النظير لحزب “مستقبل وطن”، فالحزب “حديث العهد بالحياة السياسية” والذي دفع بـ93 مرشحًا على مقاعد الفردي، حقق إنجازًا فرديًا حتى الآن، إذ نجح منهم 59 مرشحًا في الجولة الأولى، وخوض 25 منهم جولة الإعادة، ما يعني احتمالية فوزهم جميعًا في الانتخابات ليكون أول حزب يحقق نجاحًا بنسبة 100%.

محافظة الجيزة شهدت بطلان نحو 288 ألف صوت

وفي تعليقه على نتائج حزب “مستقبل وطن”، أوضح المحلل السياسي أن النتائج السابقة لم يحصل عليها أي حزب في تاريخ مصر، قائلاً: “النتائج السابقة لم يحصل عليها الحزب الوطني في عز مجده، مشيرًا إلى أن ذلك لا يشير إلى وجود حياة سياسية، ولكن إلى “وجود حزب واحد، وصوت واحد فقط”.

وشدّد “حمدان” على أن حزب “مستقبل وطن” لن يستمر طويلاً في الحياة السياسية المصرية كونه حزبًا “هش” لا يمتلك قواعد حزبية، لا توجد لديه أيديولوجية فكرية واضحة، مشيرًا إلى أن الأمور في الحزب تتنافى تمامًا مع اللوائح الحزبية في أي حزب في العالم، قائلاً: “فيه حاجة اسمها تعيين رئيس حزب، مستقبل وطن لم يعقد مؤتمرًا عامًا، أو ينتخب هيئته العليا أو مكتبه السياسي ما يجعله يتنافي مع مواصفات الحياة السياسية”.

انتخابات مجلس الشيوخ
انتخابات مجلس الشيوخ

مفاجأة القائمة

أبرز المفاجأت التي أعلنّها رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار لاشين إبراهيم؛ تمثلت في فوز القائمة الوطنية في حب مصر، والتي يتزعمها حزب “مستقبل وطن”، بعد نجاحها في حصد أصوات أكثر من 5% من إجمالي أصوات الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات.

النواب سيكون، مثل: الشيوح

ورغم عدم وجود قائمة منافسة لقائمة “مستقبل وطن”، إلا أن مرشحي القائمة، ظهروا في حالة ترقب لإعلان النتيجة، وتسابقوا فور إعلان المستشار لاشين إبراهيم، فوزهم إلى إطلاق تصريحات صحفية سواء في بيانات رسمية أو عبر صفحاتهم المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متهللين بفوزهم، وحسمهم لمقعد مجلس الشيوخ، ومطلقين وعودًا بخدمة المواطنين، ودعم الدولة في خطتها.

انتخابات البرلمان

مجدي حمدان، شدّد على أن تكرار نفس المشاهد الواردة في انتخابات مجلس الشيوخ سيهدد انتخابات مجلس النواب المقرر فتح باب الترشح بها في 20 سبتمبر المقبل، وعقدها في 25 أكتوبر المقبل، سيؤدي إلى أن النواب سيكون، مثل: الشيوح، وأنه لن توجد حياة سياسية في مصر.

وذكر المحلل السياسي، أن لا بد من اتخاذ خطوات جادة من أجل خلق منافسة حقيقية في انتخابات مجلس النواب خلال الفترة المقبلة، في مقدمتها أن تتضمن الانتخابات وجود قائمة منافسة لأحزاب الموالاة الموجودة، مشيرًا إلى أن ذلك سيخلق تغييرًا كاملاً في الانتخابات وأنه سيكون هناك أصوات كثيرة ستسعى إلى إنجاح القائمة المنافسة في ظل سياسة أحزاب الموالاة التي لا تعبر عن الشارع.