في 10 أكتوبر عام 2015، تم الإعلان عن تشكيل قوة عسكرية، تُدعى “قوات سوريا الديمقراطية” في مدينة القامشلي، شمالي سوريا، وذلك في أعقاب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نيتها لتقديم أسلحة لمجموعة محددة، بهدف محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
وبالفعل تلقت “قوات سوريا الديمقراطية”، أسلحة ثقيلة من الولايات المتحدة، من بينها ناقلات جنود ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة إلى جانب الذخيرة، رغم المعارضة الشديدة من قبل تركيا التي ترى أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا ليس سوى الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني.
وأعلنت القوات، بيانًا للتعريف بنفسها جاء فيه أنها قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والكرد والسريان، وكافة المكونات الأخرى.
تبسط قوات سوريا الديمقراطية، سيطرتها على مساحات شاسعة من سوريا تتجاوز 35 ألف كيلو متر مربع من مساحة سوريا، ويبلغ تعداد هذه القوات نحو 45 ألف مُقاتل على أقل تقدير، أكثر من نصفهم من العرب حسب بيان لوزارة الدفاع الأمريكية.
تتألف قوات سوريا الديموقراطية من مجموعة من الفصائل المسلحة
الفصائل الموالية لقوات سوريا الديمقراطية
وتتألف قوات سوريا الديموقراطية، من مجموعة من الفصائل المسلحة، وتشكل “وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة”، وهي قوى مسلحة تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، العمود الفقري لها.
ومن أبرز الفصائل المنضوية تحت قوات سوريا الديموقراطية، “قسد، ووحدات حماية الشعب الكردية، والتي تنضم اليها أكثر من 15 ألف مقاتل، ووحدات حماية المرأة الكردية بأكثر من 5 آلاف مقاتل، والتحالف العربي السوري.”
كما تضم القوات، جيش الثوار، الذي يضم جبهة الأكراد، واللواء 99، والعمليات الخاصة 455، وأحرار الزاوية، ولواء السلطان سليم، ولواء شهداء أتارب.
“سنطلق ميثاقاً وطنياً أو ورقة تفاهم وطنية نحو ترسيخ الاستقرار والأمان بالمنطقة”.. إلهام أحمد، الرئيس التنفيذي لمجلس سوريا الديمقراطية
توسيع الإدارة الذاتية
دعت إلهام أحمد، الرئيس التنفيذي لمجلس سوريا الديمقراطية، إلى توسيع الإدارة الذاتية وتطويرها وتوقيع ميثاق وطني جديد، من خلال عقد مؤتمر يجمع أبناء إقليمي الجزيرة والفُرات، بحضور العشائر العربية كافة، إلى جانب شخصيات تكنوقراط والأحزاب والجهات السياسية على اختلاف انتمائها، سواء كانت موالية للنظام أو مؤيدة للائتلاف المعارض والمستقلة منها.
وذكرت أحمد، أن المجلس سيطرح على المؤتمر المُزمع عقده، وثيقة مبادئ تكون بمثابة عقد وطني، قائلة: “سنطلق ميثاقاً وطنياً أو ورقة تفاهم وطنية نحو ترسيخ الاستقرار والأمان بالمنطقة، وستشكل لجنة متابعة يتم تسميتها من الحاضرين لمتابعة تطبيق وتنفيذ التوصيات الصادرة عن الاجتماع العام”.
ولفتت إلى التوصيا، التي سيخرج بها المؤتمر، حيث ستعني بشكل خاص مناطق شمال شرقي البلاد، على أن تشمل بنودها الأساسية توصيات عامة تخص سوريا، سواء مسألة وحدة الأراضي أو رؤية القوات للحل السياسي، فهذه ستكون أساسية وعامة تخص مستقبل سوريا عمومًا، متابعة: “لدينا مشروع لحل الأزمة ونعمل مع شركائنا بالمعارضة لطرح هذا المشروع”.
الاغتيالات العشائرية
أثارت الاغتيالات العشائرية الأخيرة في سوريا، وعلى الحدود مع العراق، العديد من الجدل، حول مُرتكب تلك الاغتيالات والهدف منها.
وكان اغتيال شيخ عشيرة رئيسي، في شرق سوريا، وشيخ آخر كان معه في ذلك الوقت، أثار مخاوف عدة بشأن استقرار محافظة دير الزور، وما يُعنيه ذلك لحدودها التي تشتهر بالثغرات مع غرب العراق.
وأعقبت عمليات القتل، احتجاجات واسعة في شرق سوريا، ما تسبب في إطلاق النار، وبيان تعازي من الولايات المتحدة.
لم يعلم أحد حتى الآن، من قتل الشيوخ ولماذا، وينكر الكثيرون في المنطقة أن تكون داعش هي من ارتكبت تلك الجرائم، وعادة ما يتم إلقاء اللوم عليها بشكل افتراضي.
وفي الآونة الأخيرة، أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أن مناطق شمال وشرق سوريا مُقبلة على مرحلة جديدة تتماشى مع تطلعات السوريين، مشددًا على أن عمليات الاغتيالات بريف دير الزور تستهدف استقرار المنطقة بغية إحداث فتنة دموية وتشتيت الوحدة والألفة بين مكوناتها، على حد قوله.
قوات سوريا الديمقراطية تقتل ضمير العرب الذين ينضمون إليها مقابل أجر فقط
هدف الاغتيالات
في السادس من أغسطس الجاري، أعلن أحد المصادر في دير الزور السورية، أن تنظيم داعش الإرهابي يواصل اغتيال المواطنين في المنطقة، ولكن الاغتيالات العشائرية في دير الزور تتكرر وليست على يد داعش، مؤكدًا أن عمليات القتل الأخيرة تمت على يد أشخاص مرتبطين بالنظام السوري.
وتابع: “العداء الحالي بين السكان المحليين وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، خطير للغاية، لأنه لا يبدو أن هناك أي بديل لقوات سوريا الديمقراطية في دير الزور، وهي منطقة عربية، ولكن تدار من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
ويوضح المصدر، في تصريحات صحفية لموقع “المونيتور الأمريكي”، أن قوات سوريا الديمقراطية تقتل ضمير العرب الذين ينضمون إليها مقابل أجر فقط، مما يجعلها عرضة للاستلحاق من قبل النظام أو داعش أو غيرهما.
نار قوات سوريا ولا سيطرة النظام
ورغم استمرار عمليات قوات سوريا الديمقراطية، ضد تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن السكان المحليون، يرون أن العمليات غالبًا ما تستهدف الأفراد الخطأ.
ووجدت العديد من الدراسات، أن معظم السكان يفضلون قوات سوريا الديمقراطية عن النظام أو داعش، لكنهم كانوا قلقين من أن تتوصل قوات سوريا الديمقراطية في وقت ما إلى اتفاق مع النظام للسماح لها بالعودة إلى مناطقهم، كما اشتكوا من عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاختطاف وحظر التظاهر.
ويشير تقرير البنتاجون الأخير، حول أنشطة التحالف الدولي في سوريا والعراق، إلى أن معظم عرب دير الزور قدموا “دعمًا سلبيًا” لقوات سوريا الديمقراطية، لكنهم شعروا بأنهم مستبعدون من جميع عمليات صنع القرار في منطقتهم.
استعادت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي ضد داعش مخيم الهول في مارس 2019
نفور العرب
لطالما ادعى أهالي دير الزور، أن العديد من مقاتلي داعش السابقين، تم قبولهم في قوات سوريا الديمقراطية، مما أدى إلى نفور العرب الذين قاتلوا ضد داعش، لكنهم رفضوا الانضمام إلى قوات سوريا الديمقراطية.
وزعم المصدر، أن العديد من العراقيين لا يزالون في شرق سوريا حتى خارج مخيم الهول المعروف الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية، خاصة حول الحسكة ومركدة والصور والشدادي والدشيشة في الحسكة وشمال دير الزور، ومن المعروف أن المهربين يدخلون هؤلاء الأشخاص إلى العراق مقابل ما بين 500 و 1000 دولار.
استعادت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي ضد داعش، مخيم الهول في مارس 2019، ومنذ ذلك الوقت انتشرت اتهامات بالفساد فيما يتعلق بالمخيم منذ سنوات.
حرب المياه.. والابتزاز التركي
تأتي حرب المياه في سوريا، في إطار الضغط المتكرر على السكان في مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية”، وذلك للمرة الثامنة منذ سيطرة القوات التركية على المحطة الواقعة بريف الحسكة الشمالي.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، إن تركيا وفصائل موالية تعطش نحو مليون نسمة في الحسكة.
وفي منتصف أكتوبر 2019، تمكنت القوات التركية بمساندة فصائل المعارضة السورية الموالية لها، من السيطرة على مدينة رأس العين وعلى محطة “علوك” بشكل كامل، ومنذ ذلك التاريخ، بدأت مدينة الحسكة تعاني كل فترة وأخرى، أزمة تأمين مياه الشرب، وانقطاع متكرر للمياه بسبب تحكم فصائل تركيا بمحطة “علوك” التي تعد المصدر الوحيد لمياه الشرب لحوالي 800 ألف شخص في المنطقة.
وتسعى الفصائل الموالية لأنقرة، لإرغام قوات سوريا الديمقراطية على مد مناطقها بالكهرباء مقابل إعادة تزويد مناطق “سوريا الديمقراطية” بالمياه، وهو أمر لم يحصل إلى الآن رغم كافة الوساطات الروسية بين الطرفين.
“تحظى قوات سوريا الديمقراطية بثقة المجتمع المحلي لأنها خلاصه من داعش”.. فادي عاكوم، المحلل سياسي المتخصص في الشأن العربي
الحرب على داعش
ويعتبر فادي عاكوم، المحلل سياسي المتخصص في الشأن العربي، أن قوات سوريا الديمقراطية محلية في شمال شرق سوريا، وأنشئت لمحاربة تنظيم داعش، وقدمت بالفعل مئات الضحايا خلال عملية التحرير التي نجحت بها فعلاً، لافتًا إلى أنها مستمرة في عملها ضد التنظيم الإرهابي حتى الآن، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
ويقول عاكوم، إن قوات سوريا الديمقراطية تحظى بدعم من أهالي المنطقة، لأنها تضم كافة المكونات العرقية، فبها عرب وسريان وأكراد، فضلاً عن اعتمادها على نظام ديمقراط إن صح القول، فهو نظام مرتبط بالادارة الذاتية وتعتبر الجناح العسكري والقوى العسكرية للإدارة الذاتية، والتي تدير المنطقة .
وتحظى هذه القوات، بثقة المجتمع المحلي، لأنها خلاصه من داعش، حيث تقوم قوات سوريا الديمقراطية في الوقت الحالي على ترتيب البيت الداخلي في سوريا، كما تستعد لتجربة جديدة نسبياً في منطقة اعتادت على القمع والتهويش.
ويشير عاكوم، إلى أن حركات الاغتيالات الأخيرة، أفعلا مشبوهة، ويبدو أن القوة التي لا تستفيد من وجود قوات سويريا الديمقراطية، هي من تقوم بالتحريض لذلك عن طريق المخابرات للنظام السوري، بل ربما تقوم بإستغلالها لقلب التطاول على قوات قسد.
ويرى عاكوم، أن وسائل الاعلام تشن حملات تحريضية منظمة، من خلال وسائل الإعلام التركية والإخوانية، التي تحاول التحريض ضد قوات سوريا الديمقراطية، وتصويرها بأنها جماعات إرهابية.