تواجه أسواق المال والعملات والبورصات الرقمية أزمة، حاليًا، مع سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحمائية، واتباعه نهج فرض الرسوم الجمركية التي قال إنه لن توجد دولة في العالم مستثناة منها.
مع دفاع ترامب عن تلك السياسات وتحديد جدول توقيتات لفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، وكذلك دول أوروبا، انخفضت أسهم الشركات المصنعة الآسيوية وكذلك شركات صناعة السيارات الأوروبية، بسبب المخاوف من تعطل سلاسل التوريد العالمية.
في تعاملات الاثنين، انخفض مؤشر نيكاي 225 الياباني ومؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة تزيد عن 2.5%، ومؤشر بورصة تايوان بنسبة 3.5%، كما تراجع مؤشر يورو ستوكس 50 للأسهم الأوروبية الذي يتألف من أكبر شركات المنطقة، بنسبة 2%، وكذلك مؤشر FTSE 100 في بريطانيا بنسبة 1.3%.
صدمة كبيرة لأسواق المال
وقال جيم ريد، المحلل الاستراتيجي في دويتشه بنك، إن الرسوم الجمركية بمثابة صدمة شديدة، لكن لم تستجب لها الأسواق بشكل كامل حتى الآن، إذ لا يزال البعض لا ينظر لتهديدات الرئيس الأمريكي على محمل الجد، ويقلّل من قيمة المخاطر تمامًا.
كانت بعض أكبر الانخفاضات في أسعار الأسهم من نصيب شركات تصنيع السيارات، خاصة اليابانية التي ضخت مليارات الدولارات في سلاسل التوريد في كندا والمكسيك، والتي قد تتأثر بالضرائب الجديدة.
وهبطت “تويوتا موتور” و”نيسان موتورز” اليابانيتان بنحو 5% بتعاملات الاثنين، وكان أداء “هوندا موتورز” أسوأ بنسبة هبوط 7%، فيما انخفضت أسهم السيارات الأوروبية، مثل “فولكس فاجن” و”دايملر” بأكثر من 6%، و”بي إم دابليو” بنحو 4%.
ومع تأكيد ترامب، أنه يدرس فرض رسوم جمركية على الرقائق وكذلك النفط والغاز في وقت لاحق من هذا الشهر، هبطت شركة تايوان العملاقة لتصنيع أشباه الموصلات بنسبة 5%، كما انخفضت غالبية الشركات الأوروبية التي لديها استثمارات بكندا والمكسيك.
تراجع أسواق العملات الرقمية
كانت العملات الرقمية الأكثر تأثًرا بالحرب التجارية الحالية، بعدما ردت الصين على فرض واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع السلع الصينية، عبر الإعلان عن تعريفات جديدة على بعض الواردات الأمريكية، بجانب بدء تحقيق ضد شركة “جوجل” بتهمة الاحتكار.
وسحب المستثمرون الأمريكيون 235 مليون دولار من 12 صندوقاً متداولاً، يستثمر بالعملة الرقمية الأكبر “بتكوين”، كما تراجع الإقبال على العقود المستقبلية لها بنسبة 4% لتهوى إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع، منخفضةً بنسبة 6.5% إلى 93417.32 دولارا.
كما انخفضت إيثر بنسبة 20% إلى 2483.69 دولارا، وهو أدنى مستوى لها منذ أوائل سبتمبر، وتراجعت إكس آر بي (XRP) بنحو 23% مسجلةً 2.2 دولار، وكذلك دوجكوين (DOGE) بنسبة 24% إلى 0.23 دولارا، و”سولانا” 194.43 دولارا، بنسبة 7.5%.
البورصة الأمريكية تكتوي بالنار ذاتها
البورصة الأمريكية ذاتها تضررت بشدة من سياسات ترامب، وسط تشكك المتعاملين بـ”وول ستريت” بشأن المدة التي قد تستمر فيها تلك الحرب التجارية، خاصة بالنظر إلى مقدار الاهتمام الذي يوليه ترامب لسوق الأسهم.
وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 45.96 نقطة إلى 5994.57 نقطة، وكذلك مؤشر داو جونز 122.75 نقطة إلى 44421.91 نقطة، كما هبط مؤشر ناسداك المركب 235.49 نقطة إلى 19391.96 نقطة.
قالت سوليتا مارسيلي، كبير مسئولي الاستثمار في بنك UBS Global Wealth Management، إن الحرب التجارية المتصاعدة يمكن أن تؤدي إلى انزلاق الأسهم، كما أظهر صباح الاثنين بسرعة، لكن قد تؤدي التقلبات الكبيرة في سوق الأسهم إلى تغيير في نهجه، على حد قولها.
بدلاً من الأسهم والعملات المشفرة، التي انخفضت أسعارها أيضًا في خضم الاضطرابات، انتقل المستثمرون بدلاً من ذلك إلى سندات الحكومة الأمريكية الأطول أجلاً، والتي يُنظر إليها على أنها من أكثر السندات أمانًا.
الدولار المستفيد الأول
مع تصاعد سياسات ترامب، كان الدولار المستفيد الأول إذ ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي ــ الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسيةــ بنسبة 0.15% ليصل إلى 108.6 نقطة الثلاثاء.
وانخفض اليوان الصيني بنسبة 0.35% إلى 7.3207 مقابل الدولار في التعاملات الخارجية، كما انخفض الدولار الأسترالي بنسبة 0.35% إلى 0.6206 دولار، في أدنى مستوى منذ إبريل 2020، كما انخفض اليورو بنسبة 0.15% إلى 1.03 دولار، كما تراجع الدولار الكندي 0.15% ليصل الدولار الأمريكي إلى 1.44 دولار كندي، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2003.
قال جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث النقد الأجنبي في “دويتشه بنك”: إذا استمرت المخاطر التجارية تحت إدارة ترمب الأولى، فقد تؤدي إلى تحركات حادة ليتساوى اليورو والدولار، وقد يهبط اليورو إلى مستويات تتراوح بين 0.98 و0.99 دولارا.
التضخم.. العودة لنقطة الصفر
عادت المخاوف إزاء ارتفاع مستوى التضخم العالمي مجددًا مع سياسات ترامب الحمائية، خاصة استهداف قناة بنما ورغبته في ضمها لأمريكا، ما يرفع من أسعار السلع العالمية، وقد يدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتأخير سياساته الرامية لخفض مستمر بالفائدة.
وقال محافظ بنك فرنسا المركزي فرانسو فيلروي دي جالها إن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستزيد من عدم اليقين الاقتصادي، واصفًا إياها بأنها “تطور مقلق للغاية”.
في الولايات المتحدة ذاتها من المتوقع ارتفاع الأسعار بنفس النسبة التي سيفرضها ترامب على السلع المستوردة، ففي حالة البضائع الكندية والمكسيكية سترتفع بنحو 25% على المواطن الأمريكي، وفي حالة الصين سترتفع بنسبة 10% على منتجات الصين.
وهاجم ترامب أخيرًا مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي)، وقال إنه “فشل في وقف مشكلة التضخم التي صنعها”، وقام “بعمل مروع، فيما يتعلق بتنظيم البنوك”، وذلك بعد الإبقاء على معدلات الفائدة بين 4.25 و4.50%.
وعن سياسات ترامب التجارية، قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إنه من السابق لأوانه الحديث عن نتائج سياسات الرئيس دونالد ترامب، لكن البنك سيأخذ وقته في تقييم، ما ستسفر عنه من نتائج على الأرض.
توقع بانهيار
ويتوقع رجل الأعمال الأمريكي روبرت كيوساكي، انهيار الأسواق المالية خلال فبراير الحالي، قائلاً في تغريدة على منصة إكس: حذرت من انهيار سوق الأوراق المالية، وبشكل كارثي يتجاوز كل السوابق التاريخية، سيحدث هذا في فبراير 2025.
ونصح “كيوساكي” بالتخلص من العملات القانونية التابعة للبنوك المركزية، داعيًا إلى حيازة الذهب والفضة والعملات المشفرة، معتبرا أن تراجع العملات المشفرة فرصة لشراء الأصول بأسعار منخفضة.