كتبت- إيمان رشدي

بعد أن كان موعد تصريح الإقامة الخاص بي في آخر سبتمبر من العام 2025، راسلتني المفوضية لتجعله في شهر يونيو، وهي انفراجه كبيرة لي من أجل تسهيل إجراءات تسجيل الأولاد في المدارس بداية العام الدراسي القادم.


هكذا تعبر مها الشيخ، وهي لاجئة سورية في مصر عن فرحتها بخطوات جديدة للحكومة المصرية بشأن اللاجئين وأوضاعهم في مصر بعد شكاوي سابقة متعددة من ظروف اعتبرها اللاجئون تضيق عليهم وتهددهم.

لاجئون آخرون اتفقوا مع مها، فيما يخص حدوث انفراجة جديدة لأوضاعهم في مصر، بعد أن نشرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن الحكومة المصرية رفعت الطاقة الاستيعابية اليومية لإصدار تصاريح إقامة اللجوء إلى 1000 شخص بدلا من 600 شخص يوميا. كما تم مد فترة تصريح الإقامة من ستة أشهر إلى عام كامل، اعتبارًا من السبت 12 إبريل الجاري.

جاء القرار في ظل ارتفاع تدفق اللاجئين؛ بسبب ما تشهده المنطقة من نزاعات وحروب، حيث بلغت أعداد اللاجئين، بحسب آخر تصريح لرئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، نحو 9 ملايين لاجئ، بينهم 4 ملايين سوداني، ثم  1.5 مليون سوري، وفق آخر رصد قبل تفجر الحرب الأهلية في السودان بين الدعم السريع والجيش. 

وفي ضوء الوضع الحالي للأزمة السودانية، يرجح رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء زيادة العدد بنحو مليوني لاجئ إضافي.

من بين كل هؤلاء يوجد حوالي 672 ألف لاجئ وطالب لجوء فقط، مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من 62 جنسية مختلفة. 

الجنسية السودانية هي الأكثر عدداً منذ أكتوبر 2023، يليها الجنسية السورية، تليها أعداد أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق

ويشكل الرقم السابق أكبر عدد مسجل في تاريخ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي تعمل على توفير خدمات الحماية للاجئين، والتي تشمل تحديد وضع اللاجئ وعمليات إعادة التوطين والتسجيل والتوثيق.

إعادة جدولة مواعيد تصاريح الإقامة

إضافة إلى رفع الطاقة الاستيعابية اليومية لإصدار تصاريح إقامة اللجوء إلى 1000 شخص بدلا من 600 شخص يوميا، ذكرت مفوضية اللاجئين في التعليمات التي نشرتها على موقعها الرسمي، أنها ستعيد جدولة مواعيد تصاريح الإقامة، وسترسل رسائل نصية قصيرة إلى أصحاب الملفات الذين أعيدت جدولة مواعيدهم فقط.

وتتضمن الرسائل تاريخ الموعد الجديد ومعلومات أخرى ذات صلة، وستتم إعادة الجدولة على دفعات؛ نظرا للأعداد الكبيرة.

 في الوقت نفسه، تواصل المفوضية توفير مواعيد جديدة لتصاريح الإقامة في مكاتبها وعبر خط المعلومات.

تسهيلات أخرى

من بين التسهيلات الجديدة التي قدمتها الحكومة المصرية بالاشتراك مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مد فترة تصريح الإقامة من 6 أشهر إلى عام كامل، بحسب القرارات الأخيرة.

ويجب على الذين يتلقون المواعيد الجديدة للحصول على الإقامة، التوجه إلى مكتب الهجرة والجوازات في العباسية بمحافظة القاهرة.

وتتم إجراءات التقديم على الإقامة، من خلال وجود رب الأسرة فقط- صاحب الملف- لإصدار الإقامات بشرط إحضاره جميع بطاقات باقي أفراد الأسرة، وصورهم الشخصية من دون ضرورة تواجدهم شخصيا، بعد أن كان جميع أفراد الأسرة ملزمين بالحضور، وهو ما كان يشكل صعوبة للأهالي، خصوصا الأطفال؛ بسبب وقت الانتظار الطويل.

وذكرت مفوضية اللاجئين أيضا، أنه سيتم إصدار بطاقة إقامة لرب الأسرة فقط، في حين سيتم توفير تصاريح الإقامة لباقي أفراد الأسرة من خلال ملصق رسمي من الحكومة المصرية على بطاقات المفوضية الخاصة بهم.

أسباب وآثار

كانت المواعيد المتأخرة لتصاريح الإقامة تعطل تقنين وجود أعداد كبيرة من اللاجئين في البلاد، وتثير في نفوسهم الخوف من الترحيل، وتلقت منصة اللاجئين في مصر العديد من البلاغات عن التوقيف والاحتجاز في مناطق متفرقة من القاهرة الكبرى والإسكندرية وأسوان، كما وثقت عددا كبيرا من حالات التوقيف والاحتجاز التي شملت العديد من اللاجئين وملتمسي اللجوء.

إضافة إلى أنها تجعلهم يعجزون عن التعامل مع أي مصلحة حكومية، أو بنوك أو حتى إدخال أطفالهم المدارس لعدم وجود إقامة سارية للطالب أثناء التسجيل.

كما أن التغييرات في عملية الدخول والإقامة، وما يترتب علية من الحرمان من الخدمات عبر قرارات إدارية مختلفة، كان يثير حالة عدم الإحساس بالأمان، وشعورا بانعدام الاستقرار لكافة اللاجئين، وهو ما كان يخالف الالتزامات الدولية المفروضة.

وعلية أبدت المفوضية ترحيبها بهذا القرار كونه يعمل على تعزيز استقرار هؤلاء اللاجئين، إضافة الي تخفيف الأعباء الإدارية، فضلًا عن تسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم وتحسين وسرعة الوصول إلى فرص العمل، بالإضافة إلى الحصول على شهادات الميلاد، وغيرها من الأوراق.  

وقالت مارتي روميرو– نائب ممثل المفوضية السامية لشؤون حماية اللاجئين في مصر: “تمثل هذه الخطوة تطورًا مهمًا في حياة اللاجئين في مصر”.

تطورات متلاحقة

تأتي تلك القرارات بعد مرور نحو خمسة أشهر على صدور قانون اللجوء المصري رقم 164 لسنة 2024، المعتمد في 19 نوفمبر 2024، والذي نقل مسئولية تسجيل وتوثيق طالبي اللجوء وتحديد وضعهم كلاجئين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى الحكومة المصرية عبر لجنة دائمة لشؤون اللاجئين.

وبعد الاجتماع الذي أجراه رئيس مجلس الوزراء  في السادس عشر من مارس السابق لاستعراض تفاصيل حصر التكلفة الاقتصادية لأعداد اللاجئين والوافدين المقيمين في مصر، بما تشمله من خدمات مقدمة لهم في مختلف القطاعات، وكذا تكلفة دعم البنية التحتية الصحية اللازمة لتقديم الخدمات الطبية والتعليمية، وغيرها من الخدمات.  

كما تأتي القرارات بعد ساعات من استضافة القاهرة الاجتماع الوزاري الثاني لعملية الخرطوم، المعني بمكافحة تهريب المهاجرين والإتجار في البشر الأربعاء الماضي، والذي يهدف إلى تنسيق الجهود الدولية والتعامل مع قضايا الهجرة بين البحر المتوسط ومنطقة القرن الإفريقي، وحث الدول الأوروبية على تحمل مسئوليتها في دعم مصر في ملف اللاجئين.

وكان وزير الخارجية المصري- الدكتور بدر عبد العاطي- انتقد ضعف حجم الدعم الدولي الذي تتلقاه مصر، وعدم تناسبه مع الأعباء المتزايدة التي تتحملها، نظراً لاستقبالها لأكثر من 10 ملايين من اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء، مشيرا إلى أن مصر تعد موطنا لأكثر من 10 مليون أجنبي، من المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من دول مختلفة.