تجددت المواجهات العسكرية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في ولاية شمال دارفور، وسط توتر متزايد بعد فترة من الهدوء النسبي الذي تلا استيلاء الدعم السريع على مواقع استراتيجية هامة خلال شهور فبراير ومارس وإبريل. شملت هذه المواقع مناطق المالحة وأم كدادة، وانتهت بسيطرة الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين، مما تسبب في مآسٍ إنسانية مروعة، تمثلت في مقتل عشرات المدنيين وتهجير المئات.
وفي 18 مايو، تمكن الجيش السوداني من استعادة السيطرة على واحة العطرون الاستراتيجية في شمال دارفور، وهو موقع محوري، يُعد مفتاحًا حيويًا لفك الحصار المفروض على مدينة الفاشر. أعاد هذا الإنجاز الأمل إلى صفوف القوات الحكومية والمدنيين، لكن الطريق إلى فك الحصار الكامل لا يزال مليئًا بالتحديات، خصوصًا مع استمرار سيطرة الدعم السريع على مدن أخرى، تُعد مفاتيح أساسية .
الدعم السريع يشعل النار في معسكر زمزم ويواصل الهجوم على معسكر أبو شوك:
في أعقاب استيلائه على معسكر زمزم في 16 إبريل، شنّت قوات الدعم السريع عمليات إحراق واسعة للمنازل والبنية التحتية داخل المعسكر، واستمر الحريق حتى 10 مايو، ما أدى إلى تهجير أعداد هائلة من النازحين، وتشريدهم في ظروف صعبة للغاية.
بالإضافة إلى ذلك، كثف الدعم السريع هجومه على معسكر أبو شوك شمال الفاشر، وهو ثاني أكبر معسكر للنازحين بعد زمزم. في 13 و14 مايو، استُخدمت مدفعية هاوتزر AH4 لقصف المطبخ الجماعي في المعسكر، مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا بينهم نساء وأطفال. وتبع ذلك قصف آخر في 18 مايو، استهدف سوق نيفاشا داخل المعسكر، وأسفر عن مقتل 18 مدنيًا.
القصف المدفعي يدمر صهريج المياه الحيوي في المستشفى السعودي، ويزيد الأزمة الإنسانية تعقيدًا:
في 13 مايو، أسفر القصف المدفعي عن تدمير صهريج مياه تابع لمنظمة اليونيسيف داخل المستشفى السعودي في الفاشر، وهو المستشفى الوحيد الذي كان لا يزال يعمل، ويقدم خدمات طبية للمدنيين. فقدان هذا الصهريج يعني انقطاع الإمدادات المائية عن أجزاء واسعة من المدينة، مما أجبر إدارة المستشفى على إخلائه من المرضى، وزاد من تفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة المحاصرة.
ولم تقتصر الهجمات على القصف المدفعي فقط، بل استخدمت قوات الدعم السريع الطائرات المسيرة لتنفيذ ضربات دقيقة داخل مدينة الفاشر، مستهدفة مواقع مدنية لتعزيز الحصار والضغط على الجيش والقوات الحكومية.
أزمة المياه في عين بسارو نموذجًا:
لم تقتصر أزمة المياه على الفاشر فقط، بل امتدت إلى مناطق مثل، عين بسارو في المالحة، حيث تعطل العديد من الآبار؛ بسبب كثافة النزوح من معسكر زمزم ومدينة أم كدادة. هذا النزوح الكبير زاد من الضغط على الموارد المحدودة، ما فاقم معاناة السكان المحليين والنازحين على حد سواء.

صورة توضح تكدسا وانتظارا جوار مصدر مياه.
وفي محاولة للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الحرجة، أعلنت الحكومة السودانية إعادة فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد، تمهيدًا لوصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق شمال دارفور والمناطق المتأثرة في كردفان. رغم ذلك، تظل التحديات الأمنية الكبيرة تعيق حركة الإغاثة والوصول إلى المناطق المحاصرة، مما يزيد من معاناة المدنيين وسط التصعيد العسكري المستمر.
على الرغم من أهمية استعادة واحة العطرون في تقديم انفراجة استراتيجية لوقف حصار الفاشر، إلا أن استمرار سيطرة قوات الدعم السريع على باقي مفاتيح فك الحصار مثل، النهود، وود بندة، وبروش، والكومة، يشكل عائقًا كبيرًا أمام الجيش السوداني لتحقيق هدفه الكامل. كما أن استمرار القصف والهجمات، وخصوصًا على معسكرات النازحين والمدنيين، يعقد الأزمة الإنسانية، ويجعل فك الحصار مسألة معقدة، تتطلب تحركًا متزامنًا على عدة محاور عسكرية وإنسانية.