كتبت – دعاء عبد المنعم

دعوة مجلس القضاء الأعلى نقيب المحامين لاجتماع أمس، بغرض بحث الأزمة الناتجة عن الرسوم التي فرضها رؤساء محاكم الاستئناف، والتي استدعت احتجاجا واسع النطاق من قبل النقابة، وصل ذروته بالإضراب عن الترافع أمام محاكم الجنايات أمس وأمس الأول، هذا الدعوة وهذا الاجتماع، اعتبره مراقبون للأزمة، دليلا على أن “هناك حل يلوح في الأفق”.

فهل تنتهي قريبا الأزمة الأطول والأعنف بين السلطة القضائية ونقابة المحامين خلال السنوات العشر الماضية.

رسوم خدمات مميكنة.. خارج الأطر الدستورية والقانونية

في بداية  مارس الماضي، أصدر مجلس رؤساء محاكم الاستئناف قرارًا بزيادة الرسوم القضائية المدرجة “مقابل خدمات مُميكنة”، وتضمنت زيادة  تكلفة 33 خدمة بنسبة 10%، بواقع  60.5 جنيها على الشهادات ونقض الجنح وخدمات الاستعلام، ومبلغ 242 جنيهًا عند تذييل الأحكام المدنية والتجارية بالصيغة التنفيذية، ومبلغ 110 جنيهات لطلبات سرية الحسابات، ومبلغ 22 جنيهًا مقابل الحصول علي صورة طبق الأصل، أو صورة ضوئية من الحكم الجنائي لكل ورقة، كما شهدت بعض الرسوم زيادات وصلت من 300 % إلى 900 %، ومنها رسوم رفع الدعوى.

منذ اللحظة الأولى، أعلنت نقابة المحامين رفضها لهذه الزيادة، وأن هذه الرسوم الجديدة مخالفة للدستور والقانون، وأن أي زيادة لا بد أن تتم من خلال  تعديلات تشريعية.

 وأكدت النقابة “خروج الطريقة التي جرى بها فرض هذه الرسوم الجبرية عن الأطر الدستورية والشرعية التي رسمها الدستور والقانون، باعتبار أن الرسوم لا تفرض إلا بناءً علي قانون، وهو ما مثل خروجًا علي الالتزام الدستوري، بأن يكون التقاضي حقًا مصونًا وكفولًا لكافة”.

كما اعتبرت أن الرسوم القضائية الجديدة تمثل أعباء جديدة على المحامين والمواطنين، وقد تتحول إلى امتياز، لمن يستطيع الدفع، وصولاً لكونها محاولة لخصخصة العدالة في مصر، وقال بعض المحامين، إن هذه الرسوم تخالف جميع الشرائع السماوية.

مخالفة دستورية.. وقانونية

يرى الرافضون لهذه الرسوم أنها تتناقض والمادة 97 من الدستور المصري، والتي تنص على “التقاضي حق مصون ومكفول للكافة، وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، وتعمل على سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضية الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة”.

وكذا مع قانون رقم 90 لسنة 1944 وتعديلاته وآخرها تعديل عام 2017، وقد سبق أن رفض البرلمان زيادة الرسوم القضائية في عام 2017.

 جمعيات نقابية وبرلمانيون وأحزاب سياسية، أعلنت تضامنها مع المحامين، منها نقابة الصحفيين، بينما اعتبرت نقابة المهندسين، أن الأزمة ليست مقصورة على المحامين أو فئة بعينها، “بل قضية عامة وشأن مجتمعي، يمس جوهر العدالة وحقوق كافة المواطنين في التقاضي”، كما أعلنت نقابة الصحفيين رفضها عن هذه الزيادة، موضحة أن تحميل المواطنين أعباء مالية غير مبررة يفاقم الأزمات، بدلا من حلها، ويعمق من أزمة العدالة الاجتماعية”.

من جانبهم، قال مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، أن هذه الزيادة تأتي؛ بسبب الزيادات في مستلزمات أدائها، من أوارق وأحبار وماكينات تصوير وطابعات وغيرها.

الاجتماع…. القرارات..

اجتماعات متتالية لمجلس نقابة المحامين، ونقباء النقابات الفرعية،منذ بداية إصدار قرار زيادة الرسوم، أسفرت عن تصعيد متتالي، بدءا من الرقفات الاحتجاجية، ثم الإضراب  المؤقت، ثم الامتناع عن توريد آية مبالغ مالية إلى جميع خزائن المحاكم.

وتم الدعوة لعقد الجمعية العمومية للنقابة، على أن يظل المجلس فى حالة انعقاد دائم لاتخاذ خطوات تصعيدية أخرى، وفقًا لتطورات الأحداث ولحين انتهاء الأزمة، كما رفعت النقابة شعار “لا رسوما إلا بقانون”.

وفي يوم الأحد 13 إبريل، قام المحامون بوقفات احتجاجية داخل محاكم الابتدائية في جميع محافظات المصرية، وكانت مدة الوقفة لمدة نصف ساعة، بدأت من الثانية عشر والنصف ظهرًا تحت إشراف مجالس النقابات الفرعية من أجل إلغاء الرسوم القضائية الجديدة.

الامتناع عن توريد آية مبالغ مالية إلى جميع خزائن المحاكم لمدة 3 أيام خلال 15 حتي 17 إبريل الماضي، وتم وقف جميع الخدمات النقابية للمخالفين هذا القرار، وتوقيع عقوبة الإنذار وعدهم 61 محاميا.

الإضراب العام عن الحضور أمام محاكم الاستئناف في جميع محافظات الجمهورية بتاريخ يوم الخميس 8 مايو، ووصلت الاستجابة إلى 90%.

إضراب المحامون عن الحضور الجلسات أمام محاكم الجنايات منذ يوم الأحد 18 مايو في جميع محافظات الجمهورية، لمدة يومين، وأكدت النقابة على أنه سيتم إحالة المخالفين لقرار الإضراب للتأديب مع وقفهم عن ممارسة المهنة، ووقف كافة الخدمات النقابية لهم.

ومستقبلًا، سيتم تنظيم وقفات احتجاجية مرة أخرى أمام كافة المحاكم الابتدائية على مستوى الجمهورية بتاريخ 29 مايو و18 يونيه من الساعة الواحدة ظهرًا، ولمدة ساعة، عن طريق دعوة الجمعيات العمومية بالنقابات الفرعية.

المعركة تتخذ منحى أشد خطورة بمرور الوقت، ويبدو الطرفان متمسكين بموقفيهما، وقد يغير تدخل المجلس الأعلى للقضاء من ملامح المعادلة، لكن المؤكد أنها ستترك آثارها على المشهد القانوني في مصر لفترة طويلة قادمة.