تصدرت زيارة وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، لمنطقة الشرق الأوسط، تشمل دول الإمارات والبحرين وإسرائيل والسودان، عناوين الصحف المحلية والعالمية، كما طرحت العديد من التساؤلات حول أهمية الزيارة وأهدافها، إذ تأتي الزيارة على ضوء اتفاق تطبيع بين الإمارات وإسرائيل وسعي الإدارة الأمريكية لتوسيع دائرته ليشمل دولا عربية أخرى، خاصة قبيل الانتخابات الأمريكية المرتقبة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إنه يأمل في رؤية دول عربية أخرى تتبع الإمارات العربية المتحدة وتطبع العلاقات مع إسرائيل، موضحًا أن ذلك لن يؤدي إلى زيادة الاستقرار في الشرق الأوسط فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى تحسين حياة الناس.
زيارة إلى الخرطوم
ووصل “بومبيو”، اليوم الثلاثاء، العاصمة السودانية، الخرطوم، في أول رحلة رسمية مباشرة بين تل أبيب والخرطوم، ضمن جولة في الشرق الأوسط.
وأعرب الوزير الأمريكي، في تغريدة له على “تويتر”، عن سعادته بالتواجد على متن أول رحلة طيران رسمية مباشرة بدون توقف من إسرائيل إلى السودان.
وأرفق في تغريدته، صورة من داخل الطائرة التي يستقلها متجهًا إلى السودان، وتوضح الصورة مسار الرحلة من خلال خريطة تشير إلى مرور الطائرة فوق الأجواء المصرية.
ويرتقب أن يلتقي “بومبيو” كلا من رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان.
وبحسب المراقبين، فيتوقع أن يناقش وزير الخارجية الأمريكي تسريع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بجانب دعم واشنطن للسلام في السودان، إذ أكد على دعمه لتعميق العلاقات بين السودان وإسرائيل.
يذكر أن زيارة “بومبيو” للخرطوم تعتبر الزيارة الأولى لوزير خارجية أمريكي إلى السودان منذ عام 2004، وتأتي في وقت تشهد تطورًا ملحوظًا في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن بعد تشكيل الحكومة المدنية في السودان.
القدس
وقبل أن يتوجه للخرطوم، كان بومبيو قد التقى، أمس الاثنين، في القدس كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ونظيره البريطاني، دومينيك راب، في إطار رحلة تستغرق 5 أيام يزور خلالها أيضَا البحرين والإمارات.
وأشاد في تصريحات مقتضبة بالاتفاق الإسرائيلي الإماراتي وقال “متفائل للغاية بأن نرى دولا عربية أخرى تنضم إلى ذلك”.
تأتي هذه الخطوة الأمريكية لتحقيق المزيد من المكاسب لكلاً من ترامب ونتنياهو، إذ يواجه الأول انتخابات صعبة بعد شهرين، وسط تدني شعبيته، بسبب فيروس كورونا والوضع الاقتصادي المتدهور في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك موقف “نتيناهو” القضائي، بحسب المحللين .
فيما ذهبت صحيفة “يسرائيل هيوم“، الصادرة بالإنجليزية، أن جولة وزير الخارجية الأمريكي إلى الشرق الأوسط تهدف إلى محاولة صياغة توافق مبدئي من قبل دول المنطقة للمشاركة في مؤتمر سلام إقليمي يعقد تحت رعاية أمريكية، على ما يبدو خلال الأسابيع القادمة في إحدى الدول الخليجية.
ومن المرجح أن تعقد القمة في أحد دول الخليج العربي، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إذا تحاول الولايات المتحدة تأمين مشاركة البحرين وعمان، والمغرب، والسودان، وتشاد إلى جانب إسرائيل والإمارات، اذا ترغب الإدارة الإسرائيلية الي مزيد من التطبيع بعد خطوة الإمارات، بحسب الصحيفة.
ويذكر أن أعلنت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل في 13 أغسطس الجاري، أنهما ستقيمان علاقات دبلوماسية كاملة، في صفقة بوساطة أمريكية تلزم إسرائيل بوقف خطتها لضم أجزاء من الضفة الغربية.
ويعد الاتفاق انتصارًا رئيسيًا في السياسة الخارجية لـ”ترامب”، بينما يسعى لإعادة انتخابه وعكس تغييرًا في الشرق الأوسط حيث تجاوزت المخاوف المشتركة بشأن إيران إلى حد كبير الدعم العربي التقليدي للفلسطينيين.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر دبلوماسي إماراتي، قوله، إنه تم إبلاغ الفلسطينيين أن “بومبيو” سيكون مستعدً للوصول إلى مكتب الرئيس الفلسطيني في رام الله وتسليمه شخصيًا الدعوة للمشاركة في المؤتمر الإقليمي لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، لكنهم رفضوا بشكل نهائي.
دعاية انتخابية
وعلاوة على الإمارات، حصلت الإدارة الأمريكية على تعهد مبدئي من دول أخرى في المنطقة بإرسال ممثلين ذوي مناصب رفيعة إلى المؤتمر، ومن بين الدول التي استجابت لدعوة كهذه البحرين،و عمان، والمغرب، والسودان، وتشاد، بحسب الصحيفة.
وتنضم البحرين إلى قائمة الدولة التي من المقرر “بومبيو” زياراتها، خلال جولته في الشرق الأوسط.
قال النائب إبراهيم النفيعي، عضو البرلمان البحريني، إن “زيارة مايك بومبيو لمملكة البحرين ليست بالحدث المستغرب بل المتوقع، والمرحب فيه، خاصة أن العلاقات الأمريكية البحرينية هي الأقدم في المنطقة، ولها جذور تاريخية معروفة، ترتكز على تبادل المصالح المشترك وتعزيز الأمن في المنطقة”.
ويعتقُد أن البحرين ويليها السودان في ترتيب الجهازية للتطبيع مع إسرائيل، بينما تأتي سلطنة عمان في الترتيب الثالث.
فيما يري خبراء، بأن زيارة وزير الخارجية الأمريكي تقع تحت مسمي “الدعاية الانتخابية”، إذ تأتي الزيارة كتسويق للتطبيع بين إسرائيل والامارات لكسب تأييد انتخابي أكبر بين اللوبي اليهودي بالولايات المتحدة، ففي حالة خسارة ترامب للانتخابات واحتفائه من المشهد السياسي الدولي سيتغير خريطة الشرق الأوسط وموازين القوي بها، كما يضعف حليفه الأقرب “نتنياهو” .
بينما ذكرت “رويترز” أن زيارة “بومبيو” تتضمن أيضًا بحث التحديات الأمنية التي تمثلها إيران والصين في المنطقة، وتعميق العلاقات بين الخرطوم وأبوظبي.
وفي سياق متصل، انتقدت الإدارة الأمريكية كل من روسيا والصين والدول الأوروبية التي عارضت طلبها تفعيل “آلية الزناد” بغية إعادة فرض كافة العقوبات على إيران
وشدد وزير الخارجية الأمريكي على أن واشنطن ستمنع روسيا والصين من انتهاك العقوبات على إيران، معربًا عن خيبة أمله في الحلفاء الأوروبيين.