أثارت الأنباء المتداولة عن فتح باب الترشح في الانتخابات البرلمانية في 20 سبتمبر المقبل وإجرائها يوم 25 أكتوبر في الداخل، جدلًا كبيرًا في الساحة السياسية بشأن عدم دستورية تلك المواعيد بحسب الدستور الذي يحدد إجراء انتخابات المجلس الجديد خلال الستين يومًا السابقة على انتهاء مدة المجلس القائم، والذي من المفترض أن ينهي مدته القانونية في 9 يناير المقبل، في الوقت الذي ذهب فيه البعض إلى أن النص الوارد في الدستور “تنظيمي” وليس ملزمًا.
عضو مجلس النواب الحالي والمقرب من دائرة القرار السياسي مصطفى بكري، أعلن قبل أيام في تصريحات عبر برنامجه “حقائق وأسرار” أنه سيتم فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب في 20 سبتمبر، على أن يبدأ إجراء الانتخابات في 25 أكتوبر.
تصريحات” بكري” والتي لاقت رواجًا كبيرا في وسائل الإعلام، أيدتها تصريحات عدد من أعضاء مجلس النواب الحاليين، كما ذكرت تقارير إعلامية أنه سيتم فتح الانتخابات في 20 سبتمبر، عقب إعلان نتيجة مجلس الشيوخ والمقررة في 16 سبتمبر المقبل، على أن يجرى الاقتراع في الجولة الأولى في منتصف نوفمبر المقبل، وجولة الإعادة في منتصف ديسمبر من العام ذاته.
“المادة 106“
المادة 106 من الدستور المصري الذي تم إقراره عام 2014، تنص على أن “مدة عضوية مجلس النواب خمس سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويجرى انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يومًا السابقة على انتهاء مدته”، وهو ما يتعارض مع مجلس النواب الحالي، والذي من المفترض أن ينهي مدته القانونية في 9 يناير المقبل.
مجلس النواب الحالي بدأ مدته القانونية متأخرا، فبعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في 29 يناير 2015 أن موعد فتح باب الترشح لانتخابات البرلمان في 8 فبراير على أن تبدأ العملية الانتخابية في الخارج في 21 و22 مارس، وتليها المرحلة الأولى في الداخل، وتنتهي المرحلة الثانية في 26 و27 أبريل 2015، جاء حكم المحكمة الإدارية العليا 11 فبراير 2015 بقبول الطعن لتعديل إجراءات الكشف الطبي المطلوبة للمترشحين، فاستجابت الهيئة الوطنية وأجرت تعديلًا على مواعيد قبول الكشف الطبي.
وفي 1 مارس 2015 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية، وذلك بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون 202 لسنة 2014 بشأن تقسيم الدوائر الانتخابية بالنظام الفردي والجداول المرفقة بالقانون، كما قضت بدستورية قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية.
أعقب حكم المحكمة الدستورية العليا، حكم آخر من محكمة القضاء الإداري في 3 مارس 2015 بوقف إجراء الانتخابات، لتصدر الهيئة الوطنية للانتخابات قرارًا بوقف العملية الانتخابية مع الاحتفاظ بأوراق المرشحين.
وفي ظل ذلك أجريت الانتخابات البرلمانية السابقة، وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات إجراء الانتخابات على مرحلتين تبدأ في 17 أكتوبر 2015، وتنتهي في 2 ديسمبر من العام ذاته، ليعقد المجلس الجديد أولى جلساته في 9 يناير عام 2016، لتنتهي مدته القانونية 9 يناير 2021.
ووفقا للنص الدستوري السابق، فإن انتخابات مجلس النواب المقبل يجب أن تبدأ إجراؤتها في 10 نوفمبر المقبل، وليس كما هو معلن ببدء إجراءاتها في 20 سبتمبر المقبل، وهو ما رأى البعض أن الموعد المعلن ليس مخالفا للدستور ولكنه تنظيمي أكثر منه إلزامي.
“مواعيد تنظيمية“
عضو مجلس النواب الحالي هيثم الحريري، أكد أن الهيئة الوطنية للانتخابات هي المعنية بشكل نهائي بمواعيد الانتخابات، مشيرا إلى أن المواعيد المقررة في الدستور المصري “تنظيمية”، وأنه لو تم تقديم موعد الانتخابات أو تأخيرها لن يكون هناك خلل دستوري.
وعن إجراء الانتخابات في غضون حوالي 35 يومًا، وما أن سيصعب من مهمة المرشحين، أضاف: “كل ما يتم توسيع المدة الزمنية يكون هناك فرصة لطرفي العملية الانتخابية (المرشح والناخب)، ليتمكن النائب من تقديم برنامجه وعرضه على جميع المناطق في دائرته، وفي نفس الوقت يستطيع الناخب تكوين رؤية صحيحة حول المرشح الذي ينوي انتخابه، خاصة في ظل اتساع الدوائر بشكل كبير، ما جعل هناك عبء على المرشح للوصول إلى كل الناخبين في دائرته، وعبء أيضا على الناخب لمعرفة كل المرشحين وخاصة أن هناك مرشحين من دوائر أخرى لديه“.
وذكر أن توسيع الدوائر الانتخابية جعل هناك صعوبة كبيرة بالنسبة للمرشحين الذين لا يمتلكون تمويل كافي لتغطية الدائرة للدعاية، ليكون المستفيد دائما الأقوى من حيث التنظيم والتمويل، ما يمكنه من تغطية الدائرة بالدعاية، موضحا أنه من المفترض أن يحجم ذلك الهيئة الوطنية للانتخابات، سواء بالنسبة للرشاوي الانتخابية، أو في الدعاية الانتخابية المبالغ فيها جدا، التي تسبب عدم توازن أو مساواة بين المرشحين، فضلا عن إقرار القائمة المطلقة، ما يشير إلى أن الأقرب أن مجلس النواب المقبل لن يشهد تكتل معارضة على غرار تكتل “25/30“،
“مخالفة دستورية“
وأكد أستاذ القانون الدستوري، الدكتور محمد الذهبي، أن نص المادة 106 في الدستور واضح في تلك الجزئية، وأنه ليس تنظيمي، وأنه يجب الالتزام بالموعد المقرر في الدستور، خصوصا أنه يتعلق بأحد سلطات الدولة الثلاثة، مشيرا إلى أنه يجب أن تبدأ الانتخابات في نوفمبر، وليس 20 سبتمبر كما هو معلن.
وأضاف “الذهبي” أن المجلس الجديد إن تم إجراء الانتخابات في موعد آخر غير المقرر بالدستور سيواجه شبهة “عدم الدستورية”، ومن ثم نواجه الأزمة التي تعرض لها المجلس الحالي قبل بدء انتخاباته والتي أجلت الانتخابات حوالي 9 أشهر، ومن ثم عقد أولى جلساته في يناير وليس في أكتوبر كما كان مقررا.
وتابع: “نص المادة 106 يتضمن قواعد دستورية جازمة جزائها البطلان، فلا يجوز ونحن نتحدث عن السلطة التشريعية ونقول إن النص الوارد في الدستور (تنظيمي)، فضلا عن وجود أعراف وتقاليد برلمانية نسير عليها منذ 150 عاما، ومحددات لبدء الدورة التشريعية يجب الالتزام بها“.
رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناجي الشهابي، قال إن إجراء الانتخابات يجب أن يكون خلال 60 يوما على نهاية المجلس الحالي وليس قبلها بيوم، وأن بدء إجراء الانتخابات في 20 سبتمبر “مخالف للدستور”، مؤكدا أنه لا توجد جهة في مصر تملك تغيير الوضع والنص الدستوري الموجود في هذا الشأن، مكملا: “من حدد ميعاد 20 سبتمبر لم يقرأ الدستور“.
وذكر “الشهابي” أن ما أثير بشأن أن المواعيد الموجودة في الدستورية “تنظيمية” غير صحيح إطلاقا، ويضع المجلس الجديد في ورطة وشبهة المخالفة الدستورية، ومن ثم نواجه الأزمة التي تعرض لها المجلس الحالي قبل بدء انتخاباته والتي أجلت الانتخابات حوالي 9 أشهر، ومن ثم عقد أولى جلساته في يناير وليس في أكتوبر كما كان مقررا.