البداية لم تكن فيديو “حنان شرشر” القيادية بحزب “حماة وطن“، الذي انتشر و”فيرل” على منصات التواصل الاجتماعي، والذي ادعت فيه، أنه تم استبعادها من الترشح على قوائم الحزب لصالح القادمين بـ”البراشوت”، وفي إطار سياسة بيع كراسي البرلمان المصري.

وقالت إنها عملت لصالح الحزب، وقدمت الكثير، لتفاجأ عند الترشح بسؤال “هتدفع كام؟ أنت داخل المزاد؟”.

واستخدمت لفظا متداولا مقتبسا من أحد الأفلام “هتشخلل هتعدي”، في إشارة لطلب الأحزاب “تبرعات ضخمة” من الراغبين في الترشح على قوائمها، محذرة من أنه في اللحظة الحاسمة لن تجد “من يحب الرئيس السيسي بجد ومن قلبه”.

البداية سبقت فيديو حنان ربما بسنوات، حيث تناثرت الشائعات عن بيع كراسي البرلمان، من خلال التواجد في قائمة الحزب الوطني الديمقراطي، وهو ما لم يتأكد بشكل حاسم من خلال شهادات موثوقة أو تقارير مثبتة.

وفي تصريحات أدلى بها عبد الناصر قنديل، الأمين العام المساعد لحزب التجمع، ومدير المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية، لموقع “الموقع” قال عن ” مزاعم شراء المقاعد الانتخابية”، أن هذه الظاهرة برزت منذ انتخابات 2020، وتفاقمت بسبب “هندسة المشهد” من خلال القوائم المغلقة المطلقة، موضحًا أن بعض الأطراف قد تلجأ إلى هذا السلوك لضمان الوصول إلى البرلمان، وتقتصر على عدد محدود من الأحزاب، وكشف أن حزب التجمع رفض عرضًا ماليًا من هذا النوع بشكل قاطع.

وفي أكتوبر 2020، تم القبض على المحامي طارق جميل سعيد، وتوجيه تهم تكدير السلم العام، ونشر شائعات وأكاذيب، عقب بثه فيديو قال فيه، إن “من يدفع أكثر يضمن مقعده النيابي بغض النظر كون المرشح كفؤا للمنصب أم لا”، وتم حذف الفيديو لاحقا والإفراج عن طارق.

بالعودة إلى الانتخابات البرلمانية المرتقبة، سنجد أن أقوال شرشر، تلتها شهادات مماثلة أو مقاربة، حيث أعلن رئيس قطاع جنوب الجيزة بالحزب نفسه “حماة الوطن” محمد سعودي، وجميع أعضاء أمانة مركز البدرشين، استقالاتهم بعد الوصول إلى قناعة راسخة، بأن “الاستمرار في الحزب لم يعد ممكناً، ولا يخدم العمل السياسي، إثر تجاهل إرادة القواعد الحزبية في اختيار المرشحين، واعتماد معايير المال والنفوذ عند الاختيار، بعيداً عن الكفاءة والالتزام”، حسب بيان الاستقالة الذي نشره سعودي على منصة فيس بوك.

النائب المستقل، أحمد الشرقاوي، قال إنه لا توجد انتخابات من دون توظيف للمال السياسي، لكن المشكلة تكمن في ظاهرة شراء المقاعد بشكل مؤسسي ومنظم.

وأعاد الكاتب والمحلل السياسي د. عمرو هاشم ربيع طرح الظاهرة عبر منصة مصر 360، قائلا: “نظام القائمة المطلقة أتى وأنتج أسوأ ما فيه… كراسي للبيع. البيع هنا ليس بألف أو عشرين ألفا، بل البيع بالملايين”.

د. عمرو وضع يده هنا على إشكالية الظاهرة، والمتعلقة بـ”القائمة المطلقة”، حيث بات التواجد في “القائمة الوطنية من أجل مصر” بمثابة ضمانة مطلقة للتواجد تحت قبة البرلمان.

“القائمة الوطنية” تتوزع مقاعدها المضمونة على 12 حزبا، بالإضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب، والأحزاب هي “مستقبل وطن، حزب حماة الوطن، الجبهة الوطنية، الشعب الجمهوري، المؤتمر، إرادة جيل، الحرية المصري، الحزب المصري الديمقراطي، العدل والإصلاح والتنمية، الوفد، التجمع”.

 مقاعد القائمة توزعت في انتخابات مجلس الشيوخ بواقع 44 مقعدا لمستقبل وطن، و19 لحماة الوطن، و12 للجبهة الوطنية، وتحصل بقية الأحزاب على أعداد محدودة، تتراوح بين مقعد واحد إلى خمسة مقاعد.

تقارير أخرى، اعتمدت على مصادر مجهلةــ نظرا لطبيعة الموضوع ــ ادعت أن “المشاركة في القوائم البرلمانية باتت تتطلب مساهمات مالية ضخمة، تُدفع لصندوق تحيا مصر، حيث يدفع المرشح في قائمة مجلس الشورى، ما يقارب 30 مليون جنيه، بينما ترتفع القيمة إلى 70 مليون جنيه للمرشح ضمن قائمة مجلس النواب، في حين يدفع المُعيّنون نحو 50 مليون جنيه”.

القائمة الوطنية من أجل مصر، ظهرت كتحالف انتخابي بأسماء وصيغ مختلفة في انتخابات 2020، و2025، وتتم “هندسة مقاعدها” عبر تفاهمات حزبية، يستضيفها وينسقها حزب مستقبل وطن، تحت لافتة “التمسك بوحدة الصف والعمل المشترك لخدمة الدولة المصرية وشعبها، مع الحفاظ على التباين الديمقراطي في الآراء بين الأحزاب داخل الإطار المؤسسي”.