قانون إنشاء “صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة”، هو أحد أهم مشروعات القوانين التي وافق عليها البرلمان المصري بصفة نهائية، قبل أيام قليلة من انتهاء الدورة البرلمانية، وللصندوق شخصية اعتبارية عامة كما يتبع مجلس الوزراء.
الصندوق يهدف إلى تقديم الحماية والرعاية والتنمية الاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة، ونيلهم لكافة حقوقهم والتي كفلها الدستور ونص عليها القانون رقم 10 لسنة 2018، وتقديم الدعم لهم في كافة النواحي الاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها.
تشكيل الصندوق
راعى القانون أن يضم مجلس إدارة الصندوق كافة الجهات والأشخاص المعنيين بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث نصت مواده على أن يشكل المجلس من 15 عضوًا بقرار من رئيس مجلس الوزراء لمدة 4 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، برئاسته وعضوية وزير التضامن الاجتماعي، (نائب الرئيس) وممثلين عن وزارة الصحة والسكان، وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة المالية، وزارة الشباب والرياضة، وزارة القوى العاملة، أحد مستشاري مجلس الدولة، ممثل عن المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، أربعة ممثلين من ذوي الإعاقات المختلفة الرئيسية على أن يكون الممثل شخص ذي إعاقة أو الشخص القائم برعاية الشخص ذي الإعاقة، شخصان من الخبراء في مجال الإعاقة من غير أعضاء المجلس القومي للإعاقة.
كما يتم تكوين أمانة فنية للمجلس يصدر بتشكيلها، وتحديد اختصاصاتها ونظام عملها قرار من رئيس مجلس الوزراء، على أن يكون من بين أعضائها ممثل عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
موارد الصندوق
التمويل، هو أهم المعوقات التي كانت تواجه إنشاء مثل هذه الصناديق، ولقد ضمن القانون تعدد موارد تمويل “صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة”، بحيث يستطيع القيام بمهامه، وضمان استمراريته الفعلية.
وحدد القانون مصادر عدة لتمويل الصندوق، من خلال فرض رسم إضافي بقيمة 5 جنيهات على رسوم خدمات استخراج “رخصة السلاح، رخصة القيادة بجميع أنواعها، رخصة تسيير المركبات بجميع أنواعها، شهادة صحفية الحالة الجنائية، التذاكر المباعة الخاصة بحضور المباريات الرياضية، تذاكر الحفلات والمهرجانات الغنائية بجميع أنواعها، والحفلات، والمهرجانات التابعة لوزارة الثقافة أو التي تقيمها والتي تبلغ قيمتها ثلاثون جنيهًا فأكثر، وطلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية، تأشيرات الإقامة للأجانب، تصاريح العمل للمصريين العاملين لدى جهات أجنبية، سواء كانت داخل مصر أو خارجها، كراسات الشروط للمناقصات والمزايدات الحكومية، عقود المقاولات والتوريدات الحكومية، تراخيص إنشاء المدارس الخاصة أو الدولية أو تجديد التراخيص له، طلبات حجز قطعة أرض أو وحدة سكنية من الأراضي أو الوحدات التي تتيحها الدولة بالمدن العمرانية الجديدة، طلبات اشتراكات النوادي وتجديد العضوية السنوية فيها”.
مهام الصندوق
نص القانون على أن يتولى الصندوق بالتنسيق مع الجهات المعنية، ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، المساهمة في توفير أوجه الدعم والرعاية في كافة مناحي الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على توفير منح دراسية بالمدارس والمعاهد والجامعات بالداخل والخارج، وكفالة استمرار إتمام الدراسة بالتعليم الخاص للملتحقين به بالفعل، والمساهمة في تغطية تكلفة الأجهزة التعويضية.
كما يتولى الصندوق تكاليف العمليات الجراحية المتصلة بالإعاقة لغير المؤمن عليهم، والمشاركة في تغطية تكلفة الإتاحة من خلال تحسين المرافق العامة بتطبيق كود الإتاحة فيها، والمساهمة في تطوير مؤسسات ودور رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، والعمل على دعم الشمول المالي للأشخاص ذوي الإعاقة، والمشاركة في تدريبهم وتشغيلهم، وإجراء البحوث والدراسات ذات الصلة بالمبادرات التعليمية والتدريبية للأشخاص ذوي الإعاقة لرفع كفاءتهم بما يسمح بسرعة دمجهم في سوق العمل.
سنوات من المعاناة
يمثل الأشخاص ذوو الإعاقة في مصر، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نحو 11% من إجمالي عدد السكان، بدءًا من سن 5 سنوات فأكثر، وعانى الأشخاص ذوو الإعاقة، لسنوات طويلة من غياب جهة متخصصة تتولى دعمهم.
يقول سعيد حسين، من ذوي الإعاقة، ومؤسس إحدى جمعيات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة: “هناك بعض القوانين التي راعت الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنها كانت مبعثرة، فما بين قانون يجبر المؤسسات على أن يشغل نسبة من وظائفها أشخاص من ذوي الإعاقة، إلى لجان متخصصة صحية وتعليمية واجتماعية داخل الوزارات لرعايتهم، وما إلى ذلك، لكن ذلك كان يتم بعناء شديد وفي ظل نقص في الموارد المخصصة لدعم ذوي الإعاقة”.
دور المجتمع المدني
ويضيف حسين: “الصندوق المزمع إنشاؤه بموجب القانون الجديد، وتخصيص موارد دائمة له من شأنه أن يُنهي معاناة ذوي الإعاقة، وتوفير الدعم المالي والتدريبي الذي يمكنهم من أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي، فلطالما أحسسنا نحن ذوي الإعاقة أننا نعيش على هامش الحياة في مصر”، مشيرًا إلى أن الجهد الأكبر في الماضي كان ملقى على عاتق منظمات المجتمع المدني المعنية بذوي الإعاقة، والتي كانت إمكاناتها التمويلية لا تساعدها على القيام بمهامه التنموية.
ويستكمل “حسين”: “ليس معنى هذا، انتهاء دور المجتمع المدني، فعلى العكس لقد نص القانون على ضرورة، إشراك الصندوق لمنظمات المجتمع المدني، في عمليات دعم ذوي الإعاقة”.
ويعتقد “حسين” أن دور المجتمع المدني سيكون في غاية الأهمية خلال الفترة المقبلة، في تنظيم ذوي الإعاقة وحصر مشكلاتهم، وتنظيم التدريبات النظرية والمهنية التي تؤهلهم لسوق العمل بالتعاون مع “صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة”.
رفع الأعباء عن كاهل الأسر
إسلام مراد، الطالب بالسنة الثانية، بكلية الحاسبات والمعلومات، بإحدى الجامعات الخاصة بمحافظة بني سويف، وأحد ذوي الإعاقة، يقول: “إن نص القانون الجديد على دعم الصندوق للطلاب ذوي الإعاقة، في الجامعات الحكومية والخاصة، وحرصه على استكمال دراستهم بدعمهم ماليًا، سيرفع عن كاهل الأسر عبئًا كبيرًا، فأنا مثلًا اضطررت لدخول جامعة خاصة نظرًا لمجموعي بالثانوية العامة، الذي جعل التنسيق يُلقي بيَّ في جامعات بعيدة عن محافظتي، لكن والدي يعاني من أجل توفير أقساط الجامعة”.
ويضيف “إسلام”: “لو ساهم الصندوق ولو بالنصف في نفقات دراستي سيمثل ذلك توفيرًا كبيرًا لأسرتي، وتخفيضًا للنفقات، فلدي ثلاثة إخوة في مراحل تعليمية مختلفة، منهم أخ بالثانوية العامة”.
إدارة الموارد المالية.. مفتاح النجاح
إنشاء “صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة” بالتشكيل المنصوص عليه، والموارد المالية المتعددة التي حددها القانون، خطوة كبيرة في طريق رفع المعاناة عن الملايين من الأشخاص ذوي الإعاقة والذين يمثلون نسبة مهمة من سكان مصر، وتأهيلهم ودمجهم في سوق العمل، وحصولهم على كافة حقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون، كأشخاص طبيعيين وعدم وقوف الإعاقة أمام تحقيق ذواتهم في المجالات العملية والعلمية والثقافية والسياسية.
لكن ذلك كله مرهون بقدرة مجلس إدارة “صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة” وأمانته، على إدارة موارد الصندوق المالية، وعدم إهدارها، وتوجيهها إلى الاتجاهات التي حددها القانون، والتي تصب في تنمية ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة، كتنمية طويلة الأجل تتمثل في الاستثمار في ذواتهم وتنمية قدراتهم الفكرية والعلمية والعملية.